أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدين عناية - الأديان الإبراهيمية: قضايا الراهن















المزيد.....

الأديان الإبراهيمية: قضايا الراهن


عزالدين عناية

الحوار المتمدن-العدد: 4395 - 2014 / 3 / 16 - 15:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأديان الإبراهيمية: قضايا الراهن
كتاب في سوسيولوجيا التدافع بين اليهودية والمسيحية والإسلام

حين كتبت هذا الكتاب أردته متابعة علمية لواقع التدافع المحمود والمذموم بين الأديان الثلاثة، بعيدا عن الخطاب الإيديولوجي المخاتل والمداهن. مقرّا أنه لم يتسنّ للأديان الإبراهيمية، حتى عصرنا الراهن، رسم خطّة مشتركة في التعايش والاحتضان بين بعضها البعض. تتواضع بمقتضاها على حضور أتباع الدين الآخر بين ظهرانيها، دون أن يلحقهم أذى أو ترهقهم ذلّة. وإن كانت حصلت معالجات منفردة لهذه المسألة، اختلفت تفاصيلها من دين إلى آخر، دون بلوغ أسس جامعة. فمن الأديان الثلاثة من يملك تشريعات في الشأن، غير أنها تقادمت، أو هُجرت، أو داهمتها التبدلات الاجتماعية الهائلة، دون أن يتعهدها أهلها بالتهذيب والتنقيح، على غرار مؤسسة أهل الذمة، أو مفهوم أهل الكتاب في الإسلام؛ ومن تلك الأديان من لا يزال في طور تخليق منظومة لاستيعاب الآخر، لم يحصل بشأنها إجماع داخل المواقع النافذة في المؤسسة الدينية، على غرار "لاهوت الأديان" في المسيحية.
ذلك أن مفهوم الأديان الإبراهيمية حمّال ذو وجوه، كلّ له دلالته وكلّ له تأويله؛ وما نشهده من إيلاف في الراهن داخل المجتمعات، يأتي بفعل الإطار التشريعي للدولة المدنية الحديثة لا بموجب تحريض تلك الأديان. رغم ما يلوح جليا من قواسم مشتركة، ومن تقارب عقائدي بين اليهودية والمسيحية والإسلام. وبالتالي يبقى التحدي يواجه الجميع، وهو كيف تعيش تلك الأديان شراكة الأوطان؟ وكيف تغدو حاضنة لبعضها البعض ولا تكون طاردة؟ إذْ ما برحت اليهودية والمسيحية والإسلام دون مفهوم "أهل الكتاب" الضامن للعيش المشترك، ودون مفهوم "الأديان الإبراهيمية" الجامع للتنوع المفترق، وينطبق عليها مفهوم "الأديان الثلاثة" المتجاورة والمتباعدة في الآن نفسه.
فهذا المؤلَّف لا يرنو إلى صياغة مفاضَلة بين تلك الديانات، على غرار، أيها أرحب صدرا في احتضان الآخر؟ ولا ينظر إلى المسألة ضمن معادلة "نحن النعيم والآخرون هم الجحيم-;-"، لأن الحدود بين الأنا والآخر باتت متحولة متداخلة. ذلك أن المفاضلة في عصرنا أمست منهجا متقادما فاقد الصلاحية، وأن كل عملية احتضان، مفاهيمي أو مؤسساتي، هي وليدة جدل اجتماعي مركب.
شئتُ أن تكون فصول هذا المؤلّف دانية من المعيش اليومي، ومُتابِعة للواقع الراهن بين أتباع الأديان الثلاثة، في هواجسهم وفي تعايشهم، في تآلفهم وفي تنافرهم، داخل الوطن الواحد وفي ظل الحضارة الواحدة؛ لذلك تشغل محاور هذا الكتاب أوضاع ذلك الآخر، الذي يمثله دين القلّة، وبالمثل تمثله الذات، حين تتبدل المواقع وتتغير الحواضن، فتغدو الذات -ضمن انزلاق دلالي- هي الآخر. يأتي هذا النص تأمّلا في أوضاع الأديان في الراهن، وإن أملت الضرورة العودة إلى الأصول، أو إلى سالف التجارب، لفهم مجريات الواقع المستنفر، فأحيانا تكون أُطر استيعاب الآخر المؤسساتية أو المفاهيمية مضلّلة، لا تفصح عما يتخلّلها من تناقضات، ولا يتسنى رصد مظاهر الدونية والحيف من خلالها، فتضيع مكابدات العيش المشترك في طياتها.
وليس غرض هذا النص أن يكون دعوة أخلاقية، يحض على فضائل تعايش الأديان والحوار بينها -وإن كان صاحبه يجل ذلك الدور-، ولكنه حديث عن الأديان حين تنزل معترك الاجتماع، وحين يتحكم بعضها بمصائر بعض. حيث ينأى المؤلَّف عن المطارحات الشائعة في حوارات المجاملة، التي طالما تتناول المنشود وتغفل عما هو موجود، ليقف على نقيض تلك المقاربة، واضعا القارئ أمام واقع التدافع الديني، بشكليه، المحمود والمذموم.
فالأديان الثلاثة تبدو مقبلة على مواسم تفوق قدراتها الهرمنوطيقية التقليدية، يفرضهما التعايش والتداخل بين المؤمنين، ما عادت المدونات الفقهية واللاهوتية الكلاسيكية كفيلة بحلها. كما أن هناك قضايا تواجه تلك الأديان تتخطى إمكانيات دين بعينه، وتتطلب تضافر الجهود، مثل إشكاليات البيئة والمناخ والفاقة والأمية، وغيرها من المشاكل العويصة. فالعالم اليوم يتغير من تحت أقدام الأديان الثلاثة -إن صح التعبير- بوتيرة متسارعة، غالبا ما توفّق التشريعات المدنية في التأقلم معها، وتتعثر الديانات الإبراهيمية عن مواكبتها، في وقت يُفترض فيه أن تكون الأقدر والأجدر لما بينها من رؤى أنطولوجية جامعة.
كان علماء الاجتماع الديني الأمريكان، أمثال رودناي ستارك ولورانس إياناكوني وروبار توليسون، من أوائل الذين نبهوا إلى أن الفضاء الديني الغربي، أو كما يطلقون عليه "السوق الدينية"، محكوم بالاحتكار من طرف متعهّد قوي يمسك بمقدرات الفضاء، يضيّق على غيره التواجد، ويحدد مقاييس الحضور وفق مراده. ومن المفارقات الكبرى في عصرنا، أن الدين المستضعَف المهاجر، بات يستجير بالعلمانية وبالدولة المدنية طلبا للمقام الآمن، ولا يجد ذلك المأمن وتلك النُّصرة عند رفيقه في رحلة الإيمان، وهو حال الإسلام الأوروبي. فهو ليس في استضافة الكاثوليكية "التقليدية" ولا البروتستانتية "التقدمية"، ولكن هو في كنف العلمانية. فقد وفقت المجتمعات الحديثة في ما خابت فيه الأديان الثلاثة، من حيث إتاحة فرص الحضور للآخر. في وقت يُفترض فيه أن يكون المؤمن "الإبراهيمي"، بين أهله وملّته، حين يكون في الحاضنة الحضارية لدين من الأديان الثلاثة، لكنه في الحقيقة لا يجد تلك السكينة، وغالبا ما يلقى حرجا، ويأخذ صورة الخصم والمنازع والمهدّد القادم من وراء البحار، ولذلك أمام دعاة الحوار اليهودي المسيحي الإسلامي، ثمة ضرورة ملحة لطرح سؤال: هل هناك فعلا أمة إبراهيمية أو تراث إبراهيمي جامع؟

الأديان الإبراهيمية: قضايا الراهن
المؤلف: عزالدين عناية
الناشر: دار توبقال المغرب 2014
أستاذ تونسي بجامعة روما-إيطاليا

نبذة عن المؤلّف
عزالدّين عناية أستاذ تونسي بجامعة روما-إيطاليا متخصص في علم الأديان. نشر مجموعة من الأعمال تناولت الدراسات العلمية للأديان، منها: "الاستهواد العربي في مقاربة التراث العبري"، منشورات الجمل، ألمانيا؛ "نحن والمسيحية في العالم العربي وفي العالم"، توبقال، المغرب؛ "العقل الإسلامي"، دار الطليعة، بيروت. ومن ترجماته: "علم الأديان" للفرنسي ميشال مسلان، لبنان؛ "علم الاجتماع الديني" للإيطالي إنزو باتشي، الإمارات العربية؛ "السوق الدينية في الغرب" لمجموعة من الباحثين الأمريكان، سورية.



#عزالدين_عناية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرقابة والترجمة
- البابا فرانشيسكو ولاهوت التحرّر: عفا الله عما سلف
- عزالدين عناية في حوار بشأن الحوار الإسلامي المسيحي
- شخصية التونسي الدينية من خلال أمثاله
- المسيحية في بلاد العرب وعلامات الزمن الجديد
- مجلة -أديان- في عدد خاص عن البيئة
- حوار مع د. عزالدين عناية بشأن الإسلام السياسي في كل من تونس ...
- التعليم الديني السقيم: نهضة مؤجَّلة حتى يلج الجمل في سمّ الخ ...
- حركة النهضة وابتلاء السلطة
- عمارة لخوص والرّواية الأنثروبولوجية
- -جمل وسط قطعان الكنغر- رواية في أدب الرحلة موجّهة إلى الناشئ ...
- حاضرة الفاتيكان والإعلام الديني
- ما بعد البابا جوزيف راتسينغر
- مع البابا فرانسيس الأول: -طوبى للمحرومين- تتردّد في أرجاء ال ...
- حكاية الدّهان
- راتسينغر.. الكاثوليكي الأخير
- احتفاء في جامعة -الأورِيِنْتالي- في نابولي بأيقونة الثورة ال ...
- قراءة سوسيولوجية في أوضاع الغرب الدينية
- مخاطر تحوّل المشاركة السياسية إلى مشاهدة سياسية
- الفكر الجمهوري: حول سبل الحدّ من الفساد السياسي


المزيد.....




- رفع الأذان للمرة الأولى في مقر إقامة رئيس وزراء اسكتلندا.. و ...
- رفح.. صلاة الجمعة على ركام المساجد
- المسجد الأقصى.. الجمعة الثالثة من رمضان
- “من غير زن وصداع مع” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على نا ...
- فيديو خاص:كيف تسير رحلة أهالي الضفة إلى المسجد الأقصى؟
- الشريعة والحياة في رمضان- سمات المنافقين ودورهم الهدّام من ع ...
- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدين عناية - الأديان الإبراهيمية: قضايا الراهن