أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق الحاح - فت عدس















المزيد.....

فت عدس


توفيق الحاح

الحوار المتمدن-العدد: 1249 - 2005 / 7 / 5 - 07:46
المحور: كتابات ساخرة
    



في الليلة قبل الماضية دعاني أحد الأصدقاء النص نص إلى خلوةٍ شرعية مع كنافة نابلسية رائعة الجمال وكاملة الدسم بصحبة تقاسيم شجية دافئة من الشاي والقهوة التركية ... عدت إلى البيت متأخرا أضرب أخماس في أسداس من استجواب محتمل من أم العيال ،ولكني وجدتها في حالة طوارئ.. فقد كان المطبخ أشبه بساحة معركة العلمين وهي ولا" منتوجمري " في زمانه!! ، وعندما استفسرت بأدب جم عن الأحوال عرفت أنها أقدمت بروح سلام الشجعان على ذبح آخر فرختين عندنا بعد مسلسل طويل وممل من العدس والفول تمشياً مع الخطة الأبدية في ربط الأحزمة على البطون خاصة منذ أن تراكمت على العبد الفقير الطلبات والديون .
ورغم أنني لم أكن في حاجةٍ إلى المزيد بعد خلوة الكنافة إلا أنني آثرتُ السلامة وبدأتُ في تناول ما تبقى من إحدى الضحيتين بعد هجوم الأولاد الصاعق ... مترحماً عليهما في سري .
شربت الشاي ... وتسحبت إلى الفراش بعد أن لسعني برد ليل كانون ... فلا فحم ولا يحزنون .. لم أفكر مطلقاً في رياضةٍ أو رشاقة في ظل وصلة التثاؤب المستمرة والنعاس الساحر .
طاردتني أم العيال بأسئلتها الاستخبارية الكثيرة المعتادة ... هذا ليس أكلك !! ... لا بد أنك أكلت في الخارج ..ماذا ؟ ومع من ؟ وكيف ؟....
غرقت في سباتٍ عميق رغم هزاتها المستمرة فتركتني مرغمة لأنها تعرف أن زلزالاً لا يستطيع إيقاظي من هوايتي الأولى المفضلة .
في لحظة لا يستطيع الإنسان فيها أن يفرِّق بين الحلم والحقيقة ... بين الكابوس والمصيبة .. استيقظت على طرقٍ عنيف ... ينخلع قلبي .. ... رجلان فظان غليظان لهما قسمات حجرية ... وأيدي "ستانلس ستيل " طويلان كلاعبي كرة السلة الأمريكان ... صرخت . ماذا ؟ يا إلهي ناكر ونكير ... هل جاء الموت؟! لا حول ولا قوة إلا بالله ... لفت نظري رغم الهلع خازوق الطاسة الفولاذية .. الملابس الغريبة... أشياء كلها توحي بأن أولئك ربما حراس سلطنة قديمة ... آه .. أتذكر أني شاهدت في التلفزيون فيلماً روائياً عن المماليك قريب الشبه مما أرى ..
شدّني الرجلان من الفراش وقشروا عني " الجلابية " كأصبع موز وجروني خلف حصانيهما .. نعم حصانيهما بعد أن عصبوا عيني بكوفيتي الحمراء التي غالبا ما تثير غيظ الثيران !.! لم أعد أستطع اللهاث فقد كانا مسرعين ... إلى أين ؟ الله اعلم .. بعد فترة خلتها دهراً توقفا بي .. حاولت استراق نظرة من تحت العصابة، فإذ بقلعةٍ فخمةٍ مهيبة يخيل لي أني رأيتها من قبل وقد عفا عليها الزمن … سمعت صوت مزلاج خشبي . باباً ضخماً يفتح … أحسست بالكرابيج والأقدام تدفعني إلى الداخل .. تدحرجت إلى ممر ضيق وشعرت بمن يرفع العصابة عن عيني ويغلق الباب بقوة … ظلامٌ دامس صمتٌ مريب … تحسست ما حولي أشياء لزجة … برودة .. روائح قاتلة … صخر رطب … لا أحد معي سوى قلبي الذي يدق بعنف .. نعم أنا خائف و "اللي ما بيخاف ما بيخوف "
ماذا فعلت ؟ من هؤلاء ؟ ماذا يريدون من غلبان مثلي ..صح لساني طويل و "متبري مني "..!!لكن والله العظيم غلبان ..غلبااااان..
ناديت .. زعقت .. غنيت "توبة " لعبد الحليم حافظ...واتبعتها بوصلة ياظالمني لأم كلثوم.. ولا أحد يرد ، لم أدر كم مر علي من الوقت وأنا على هذا الحال غير أني لاحظت أن ذقني الحليقة قد تحولت إلى لحيةٍ كثّة .. وبدأت أسمع بوضوح صراخاً واستغاثات تقشعر لها الأبدان ، فجأة شعرت بالباب يفتح ورفسة قوية في مؤخرتي تتلوها رفسات أخرى موجهة مع غمغمة تركية فيما يبدو ...
اندفعت بقوة النار المشتعلة في قفاي إلى مستطيل الضوء ومن خلفي نباح آدمي يقترب إلى درجة السعار .
دلفت إلى مستطيل نور آخر ... فوجدت نفسي أمام رجل يلبس نفس الملابس الغريبة التي لا تنتمي إلى عصرنا... تحيط به القناديل والحراس... الطاسة ذاتها ولكن بخازوقٍ أكبر... تأملت وجه الرجل غمرتني المفاجأة... يا إلهي "حلم واللا علم " أنه يشبه صديقي فلان الذي تفضل عليّ بالكنافة النابلسية والذي يوافقني في كل شيء ما عدا لوني السياسي المفضل... تمتمت أنه لا يشبهه فقط أنه هو بشحمه ولحمه .
ـ من أنت ؟! صرخ بشراسة .
ـ أنا ... ألا تعرفني يا ...... سمعت صوتاً حاداً وشيئاً صلباً أشبه باللكمة ... سائل دافئ ينساب من أنفي.. لحظة صمت .
ـ نحن عسس السلطان " برقوق " نستضيفك في قلعته العظيمة ... ألا يعجبك ذلك .
ـ شكراً على الضيافة سيدي .. لكن بربك ماذا فعلت ..؟!!
ـ "سوس " يا صعلوك ..أنت متهم بشتم الملوك ... وطول اللسان ... ماذا فعلت ليلة أمس ؟!
ـ ليلة أمس .. لم افعل شيئاً سوى اني سهرت معكم سيدي ..!!
-اخرس..طاااخ..!!
- آسف مع صديق يشبه حضرتكم تماماً (الخالق الناطق) وأكلت بعد ذلك مرغماً بقايا دجاجة بأمر "الحكومة" أعني حرمنا المصون ثم.. النوم العميق
ـ يا مواطن ..ألم تأكل كنافة نابلسية..!!
- هيه ..هل هي من الممنوعات ..؟!! والله لا أعلم
- طاااخ.. ألم تذكر ياخرسيس..!! أن الكنافة النابلسية حلوة ..ولذيذة مثل ال… ...
ـ نعم سيدي .. تقصد " الديمقراطية " وهل في ذلك ما يزعج ؟
ـ هذه التي تقولها ياخلبوص كلمة فرنجية غريبة على تقاليدنا المملوكية الشاهنشاهية .. وتبعث على الشك .. عدا أن معدة مولانا السلطان "برقوق" عظمه الله وأبقاه لا تهضم ألفاظاً كهذه…" يحك قفاه ويصمت قليلاً ثم يستأنف": لا بد أنك من عسس أوعيون أو جواسيس البلاد الرومية جئت لكي تفسد النظام والمزاج وتؤلب العامة على مولانا ابن عم خالة الحجاج…لذا بأمر حضرة السلطان ننفذ فيك الحكم البهيج وهوالضرب بالكرابيج ومن ثم تجلس على الخازوق الأعظم لكي تكون عبرة لمن لايتعلم.. خذوه..
صرخت فزعاً ... بكيت .. توسلت وهم يجرونني إلى مصيري ...
أنقذتني هزة أم العيال بصوتها المميز كأفضل ساعة منبه ... "إصحى يا زلمة .. الساعة سبعة ونص .. راحت علينا نومة ..تأخرت على مدرستك مش كفاية طول الليل بتهلوس "
قفزت مسرعاً.. وفي دقيقة حشرت نفسي في ملابسي .. وخرجت وأنا أحمد الله على نجاتي من الخازوق الأعظم ماسكاً أذني " حرمت .. توبة بعد هاالنوبة .. لن آكل الكنافة النابلسية ولاالفراخ المحشية .." وزعقت على أم العيال بلهجة آمرة بأن تعد لنا اليوم طعام الصابرين " فت عدس "



#توفيق_الحاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انهم يسرقون الوطن ..وفي وضح النهار..!!
- أقنعة..
- أيها التابع..من المبتدأ
- البراقشيون..
- حقيقة..
- الفاعل والمفعول به
- دروس في حلب التيوس..
- حرام..حرام..يافرات..
- تدنيس..!!
- كفاية..!!
- ما فوق الكلام
- بين البينين
- من سنغافورة..الى البندورة..!!
- ..!!أنا اسمي عبد الصمد
- أهربي مني..!!
- أغنية للمقتول عشقا..!!
- صعلوك بين الملوك
- بين الحداثة والعبث..!!
- حوار العشق والممنوع
- أحببتها ..ولازلت..


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق الحاح - فت عدس