أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - خطورة البعد الرمزي حينما يرتدي حُلة الوعظ والإرشاد في - فستان - عبد الله حسن أحمد















المزيد.....

خطورة البعد الرمزي حينما يرتدي حُلة الوعظ والإرشاد في - فستان - عبد الله حسن أحمد


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1249 - 2005 / 7 / 5 - 10:40
المحور: الادب والفن
    


في الدورة الخامسة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام اشتركت تسعة أفلام في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة. وقد فاز فيلم " الأسانسير " للمخرجة المصرية هديل نظمي بجائزة الصقر الذهبي، بينما تناصف جائزة الصقر الفضي فيلما " يوم الاثنين " للمصري تامر السعيد، و " لا هنا ولا لهيه " للمغربي رشيد بوتونس. ومن بين الأفلام الأخر التي تفز في هذا المهرجان لكنها سبق أن فازت في مهرجانات عربية مهمة مثل فيلم " تأشيرة " الذي نال جائزة التانيت الذهبي في مهرجان قرطاج العام الماضي، و " الفستان " الذي حصل على جائزة أفضل فيلم روائي قصير في مسابقة أفلام من الإمارات، وهو موضوع بحثنا ودراستنا النقدية. يعتمد المخرج الإماراتي عبد الله حسن أحمد في أفلامه التسجيلية على " سينما الحقيقة " كما في فيلمه المعروف " سمو الفعل " ( 23 دق ) حيث عقد مقارنة دقيقة بين مدينة دبي في الماضي بأسواقها، وبيوتها، وأزقتها القديمة، وبين مدينة دبي الحديثة بأبراجها، وعماراتها الشاهقة، وشوارعها الفسيحة الآن ليشير إلى حجم التطور الكبير، والنقلة النوعية التي شهدتها واحدة من أجمل الإمارات السبع المتحدة. وقد حاز هذا العمل الفني على جائزة أفضل تسجيلي عام 2004 في مسابقة أفلام من الإمارات، لأنه لم يقفز على الحقائق، وإنما رصدها بأمانة، وصوّرها بمشاعر حميمة، وقدّمها إلى المتلقي من دون رتوش. أما في فيلمه الروائي القصير " آمين " والذي تدور أحداثه في سبعينات القرن الماضي فقد اعتمد على المنحى الرمزي البعيد عن المباشرة والإسفاف والسطحية، واختار أنموذجاً لجزار دواجن يجلس خلف طاولة ملطخة بالدماء، وملوّثة بالريش، وبقايا اللحم. حيث بدأ الفيلم بداية دموية، إذ ذبح هذا الجزار ديكاً محتضراً من دون أن ترتسم على وجهه أية علامة تعبيرية. وفي بيت مجاور نرى فتاة ضريرة تعيش مع أختها التي تربطها بالجار قصة حب تعتقد أن أختها لا تعرف شيئاً عن هذه العلاقة غير البريئة. ثم تجمع لغة الحدوس الداخلية بين الشاب المختل عقلياً والفتاة الضريرة اللذين يشكلان علامة الطهر، والنقاء في الفيلم. ثم ينتهي الفيلم نهاية رمزية مؤثرة عندما نرى مشهد الرجل وهو يحمل ديكه المذبوح، منزوع الريش، في أزقة المدينة الفقيرة. هذا الفيلم محمّل بدلالات رمزية كبيرة تخدم الثيمة التي اعتمدها مخرج الفيلم، وتكشف عن رؤيته الفنية والفكرية بوصفه مخرجاً سينمائياً جاداً لا يقل أهمية عن مخرجين إماراتيين يبشرون بمستقبل سينمائي واعد أمثال وليد الشحي، وهاني الشيباني، ومسعود أمر الله، ونواف الجناحي، ونجوم الغانم، ولمياء حسين قرقاش، وفاضل سعيد المهيري، وخالد سالم المرزوق، وسالم فيصل القاسمي، وآخرين لا يسع المجال لذكرهم الآن. لقد أردت من خلال هذه المقدمة التمهيد للحديث عن المنحى الرمزي في الأفلام الروائية القصيرة للمخرج عبد الله حسن أحمد، وسنتخذ من فيلمه الجديد " الفستان " أنموذجاً تطبيقياً لهذه الدراسة النقدية.

" الفستان " الأبيض بين هاجس العنوسة، وبصيص الأمل المتواري
تتمحور ثيمة الفيلم الروائي القصير " الفستان " ( 28 دق، ميني دي في، 2005 ) للمخرج الإماراتي عبد الله حسن أحمد حول العنوسة، وانطفاء أحلام الزواج الوردية، وما ينجم عن هذه العنوسة من انكسارات متلاحقة، ويأس لا حدود له. يسلط هذا الفيلم الضوء على أسرة فقيرة، قد تبدو معدمة قياساً لتصوراتنا عن الترف الخليجي المعروف. تتألف هذه الأسرة من أم ليست طاعنة في السن " نورة البادي " وابنتين، الكبرى جاوزت الثلاثين عاماً، أو فاتها قطار الزواج على وفق مفهومنا الشرقي، أدت الدور الفنانة " أشجان " والصغرى ما تزال في شابة صغيرة يافعة مسحورة بصور المطربات، ونجوم السينما العالمية، وهي لا تنفك تقطّع هذه الصور الجميلة، وتلصقها على جدران المنزل المتواضع الذي لا تتخيله ذاكرة المشاهد العربي غير الخليجي تحديداً، وقد جسدت هذا الدور الممثلة " حياة " لقد لامس السينارست يوسف إبراهيم مشكلة حساسة، وطافية على السطح في المجتمعات الخليجية التي تفكر بالترف الفاضح، والخارج عن الحد. فهذه الفتاة التي جاوزت الثلاثين عاماً، ولم تقتنع هي أو بتحفيز أمها بالزواج من كل الذين تقدموا إليها لأنها تطمح بالزواج من شخص صاحب منصب أو جاه أو ثراء، بينما تعمل هذه الفتاة العانس خيّاطة لا غير، أي أنها ليست ثرية، لكنها صاحبة شهادة جامعية، غير أن المفارقة أنها لم تعمل في اختصاصها، ومع ذلك فإنها تتطلع بعينين طامحتين إلى الزواج من رجل ثري في حين أنها تجد صعوبة في دفع إيجار المنزل المتواضع الذين تسكن فيه العائلة المؤلفة من نساء ثلاث فقدن معيلهن. ذات يوم تأتي امرأة تطلب منها خياطة فستان عرس لقريبتها، وتعطيها مقاسات العروس، ثم تكتب الفتاة رقم هاتفها على صفحة من صفحات إحدى المجلات التي لا تسلم من مقص البنت الصغرى المولعة بقص صور النجوم والمشاهير. وعندما تنتهي البنت الكبرى من خياطة فستان العرس، وهي الفتاة العانس التي تحلم بالزواج ليل نهار، تتخيل أنها تشهد ليلة زفافها، وعرسها من فتى الأحلام الثري حتماً، وتتجول به في أروقة المنزل المتواضع، وسط النظرات الدهشة للأم والأخت الصغرى اللواتي كنَّ السبب في عنوستها أيضاً. في هذه اللحظة تحلم العانس، كما تحلم الأم أيضاً، وربما الأخت الصغرى بأن ثمن خياطة هذا الفستان سيكون كافياً لتسديد الديون المترتبة عليهن سواء من إيجار المنزل البسيط أو سواه من متطلبات الحياة اليومية. وسط هذه الوحدة القاتلة التي تعاني منها الأخت الكبرى التي تحلم بعريس ثري، أو ميسور الحال في الأقل، يبدد وحشتها، ويعيد لها أنوثتها المفقودة أو المهجورة، يبرز لنا جارها، السائق، المتزوج من اثنتين، ويريدها أن تكون الثالثة، وهو الرجل الأمي الذي لا يكف عن ترديد جملة مؤثرة مفادها أن الأمية هي موضة هذا الزمان، لكي يبرر أميته، وجهله، ونهمه الإيروسي لزوجات متعددات، متنوعات. حينما تنتهي الأخت الكبرى من خياطة الفستان، وترتديه بتشجيع من أمها، فتكتشف وكأنه مصنوع لها خصيصاً، لكنها حينما تبحث عن رقم الهاتف الذي دوّنته على إحدى المجلات تجد أن مقص الأخت الصغرى قد ذهب بالرقم إلى غير رجعة. فتعلقه على واحدة من شماعات المنزل المتداعي. وفي منتصف الليل تهب عاصفة هوجاء، وتقلع سقف المنزل المصنوع من الصفيح المضلّع، فتطير الملابس كلها بما فيها فستان العروس الذي استغرقها وقتاً وجهداً كبيرين. في الصباح تستفيق العائلة لتجد الفساتين والملابس قد طارت من الشماعات والخزانات، وتعلقت على الأشجار، وأعمدة النور، وأسيجة السطوح، وفي الفناء الداخلي للمنزل. لا بد من الإشارة إلى أن الثيمة التي طوّرها السينارست يوسف إبراهيم قد ساهمت في إقناع المتلقي لأنها مبنية بناءً درامياً قائماً على الحس الاجتماعي المحلي الموجود على أرض الواقع، فما أكثر الشروط التي فرضتها الأم أو البنت على الشباب الذين تقدموا لطلب يدها للزواج، غير أن هذه المبالغة في الشروط والطلبات هي التي أبعدت عنها العرسان، فتقدّم بها العمر بحيث أنها اضطرت للتنازل عن أغلب شروطها التعجيزية القاسية إلى أن هبت تلك العاصفة المشؤومة الهوجاء التي تلقفت فستان العرس من الخزانة، وقذفت به إلى زوايا المجهول في إشارة رمزية إلى ضياع الحلم. ينطوي هذا الفيلم الروائي القصير على رسالة اجتماعية وأخلاقية واضحة مفادها أن على الآباء والأمهات ألا يبالغوا في وضع الشروط المادية التي تثقل كاهل الشباب الذين يرومون الزواج، كالمهور الغالية، والمبالغة في نفقات حفلات الأعراس بحيث تصبح الفتاة ضحية سهلة لتقادم السنوات، ولا تجد في نهاية المطاف حتى إصبع الندم لكي تعضه، وتبكي عنوستها، وأيامها الحلوة التي اندثرت. ومما يميز أسلوب المخرج عبد الله حسن أحمد هو تركيزه على أداء الممثلين السلس، والمنساب من دون السقوط في التقنيات المبهرة على حد تعبيره، لأن الإبهار من وجهة نظره قد يسرق انتباه المتلقي من طبيعة الحدث، والموضوع الاجتماعي الذي يعالجه. نخلص إلى القول، إن فيلم " الفستان " لم ينجح تماماً في أن يكون فيلماً ذا طابع رمزي قلباً وقالباً، لأن رنّة الوعظ والإرشاد كانت أكثر هيمنة من الإيحاءات الرمزية التي تعتمد على التلميح العميق، وتتفادى التصريح الفج. ومع ذلك فإن هذا الفيلم يعد إضافة جدية إلى السينما الإماراتية الوليدة. وجدير ذكره بأن المخرج السينمائي عبد الله حسن أحمد قد أنجز ثمانية أفلام تسجيلية وروائية قصيرة منذ عام 2002 وحتى الآن، وهذه الأفلام هي: " الظفر "، " المريحانه " الأرجوحة "، " سمو الفعل "، " مشجّع كليب "، " 03 01 "، " يا هو "، " آمين "، و " الفستان ". كما عمل في عدّة أفلام قصيرة بصفة مخرج مساعد، ومصوّر، وتقني إضاءة، وممثل. وهو مخرج ومؤلف مسرحي أيضاً ومن أبرز أعماله "آه، يا عيسى"، و " إنسان المطر". فاز "سمو الفعل" بجائزة أفضل فيلم تسجيلي، وحصل " الفستان " على جائزة أفضل فيلم روائي قصير، ونال فيلم " الأرجوحة " شهادة تقدير، وكل هذه الجوائز مُسندة من مهرجان أفلام من الإمارات. شارك في تمثيل فيلم " الفستان " كل من سعيد عبيد، أشجان، نورا البادي، حياة، أماني وحمد سلطان وآخرين، وقد كشف هؤلاء الممثلين عن طاقاتهم الأدائية التي تبين حسن إدارة المخرج لهم من جهة، وتمكنهم من فن التمثيل من جهة أخرى.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروائي العراقي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: بوصلة ال ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: بعد وفاة غائب قي ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: وضعت حياتي كلها ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: نحن الكتاب عائلة ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: استقبلت -حب في م ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: أشعر أن الكون كل ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: لا أميّز بين لغة ...
- المخرج رسول الصغير لـ - الحوار المتمدن -: أنا مغرم بالحكايات ...
- - الذاكرة المعتقلة - للمخرج المغربي جيلالي فرحاتي: من يرّد ل ...
- التشكيلي حسام الدين كاكاي لـ - الحوار المتمدن -:البكتوغرافي ...
- المخرج أحمد رشوان في شريطه التسجيلي القصير - العراق، أبداً ل ...
- في مسابقة الدورة الخامسة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام: أ ...
- الشاعر موفق السواد لـ - الحوار المتمدن-: الكتابة في المتاهة ...
- اختتام فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الفيلم العربي في روترد ...
- مهرجان روتردام للفيلم العربي في دورته الخامسة: خمسون فيلماً ...
- ( 4 ) سلسلة أغلى اللوحات في العالم: سوسنات فان كوخ الجذلى وع ...
- مخاوف هولندية من تداعيات الرفض الشعبي للتصويت على الدستور ال ...
- المخرج المغربي حكيم نوري ل ( الحوار المتمدن ): أعوّل كثيراً ...
- الفنان السوري صخر فرزات لـ ( الحوار المتمدن ): في المتاحف قل ...
- الذائقة النقدية للصوص فان خوخ، ولماذا سرقوا لوحتي ( منظر للب ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - خطورة البعد الرمزي حينما يرتدي حُلة الوعظ والإرشاد في - فستان - عبد الله حسن أحمد