أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - السلفادور وثورة صندوق الإقتراع















المزيد.....

السلفادور وثورة صندوق الإقتراع


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4394 - 2014 / 3 / 15 - 15:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في الوقت الذي كنت أتابع نتائج الانتخابات في السلفادور بكل شغف ورغبة في المعرفة، تلقيت رسالة تهنئة باختياري عضواً في مجلس أمناء العلاقات العربية مع أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، ولعلّ علاقتي مع أمريكا اللاتينية، كنت قد ضمّنتها في كتابي الموسوم ” كوبا- الحلم الغامض” لاسيّما زيارة تشيلي للاطلاع على تجربته للعدالة الانتقالية، حيث قُتل فيها أكثر من ثلاثة آلاف إنسان خارج القضاء، وكان سجل الضحايا الذين تعرّضوا للتعذيب يربو على 38 ألفا، وكذلك زيارات إلى الأكوادور لحضور مؤتمر دولي، وأخرى إلى البرازيل، ثم إلى كوبا، وقد حاولت متابعة صعود اليسار في دول أمريكا اللاتينية مجدّداً، في حين وقفت حائراً أمام استمرار تراجعه وانكفائه عندنا.
وأتذكّر علاقات متميّزة مع أصدقاء كوبيين وآخرين من كولومبيا والبيرو وغيرها جمعتني بهم أيام الدراسة في أوربا، إضافة إلى عدد من الفاعليات والأنشطة في حينها في السبعينيات، خصوصاً التضامن مع تشيلي، وكم كنت مغتبطاً عند مطالبة السلطات الإسبانية (في أواخر التسعينيات) إلقاء القبض على بينوشيه وذلك خلال زيارته إلى لندن وهو قائد الانقلاب العسكري على الشرعية الدستورية بقيادة الرئيس سلفادور أليندي الذي أطيح به في العام 1973.
إن فوز اليسار السلفادوري ممثلاً بالرئيس شانسيز سيرين في الانتخابات الرئاسية في السلفادور هو فوز للمرّة الثانية، فقد سبق له أن أحرز النجاح في صندوق الاقتراع في انتخابات العام 2009، وقد جدّد له الشعب السلفادوري الذي يبلغ عدد نفوسه 6.2 نسمة الثقة بإعادة انتخابه. وكانت المرحلة الأولى للانتخابات قد أظهرت فوزه بفارق 10 بالمئة على خصمه نورمان كويخانو مرشح التحالف القومي المعارض والمعادي للشيوعية. وقد عانت السلفادور من حروب أهلية وأعمال عنف زادت على عقدين من السنين. لكنها توصلّت وإنْ بعد حين إلى قناعة، أن تحقيق أهداف اليسار لن تتم بالكفاح المسلح والعنف والعمل العسكري، بل يمكن أن تحصل عبر صندوق الاقتراع وإرادة الناخبين وبالسلم وقناعة الناس. هكذا تم استبدال الوسيلة من العنف وجعجعة السلاح إلى صوت الناخب وعقله وعبر خدمات تقدّم للشعب، في حين ظلّت العدالة الاجتماعية هدفاً لليسار يعلنه دون مواربة ويسعى لتحقيقه بالوسائل المختلفة.
ينتمي الرئيس الحالي سيرين إلى جبهة فارابوندو مارتي للتحرر الوطني، وهي جبهة يسارية سبق لها أن خاضت كفاحاً مسلحاً، وذلك تيمّناً بالتجربة الكوبية من جهة، ومن جهة ثانية تتعلق بالصراع آنذاك، لتحقيق الأهداف ضد الدكتاتورية السلفادورية المدعومة من واشنطن، حيث كان الكفاح المسلح في أمريكا اللاتينية أو الفيتنام أو فلسطين أحد الأساليب السائدة آنذاك.
تولى سيرين منصب نائب للرئيس منذ العام 2009 بصفته ممثلاً للجبهة اليسارية التي حكمت السلفادور منذ ذلك التاريخ، حين فازت بالانتخابات، وكانت بدايات عمله السياسي في المنظمات الطلابية ضد سياسات الولايات المتحدة في الفيتنام وضد تدخلاتها في كوبا، إضافة إلى انخراطه في الكفاح من أجل تخليص السلفادور من الدكتاتورية.
قدّر لي أن ألتقي سلف الرئيس الحالي الزعيم الشيوعي السلفادوري الكبير شفيق جورج حنظل في العام 1981، وذلك بصفتي ممثلاً عن الحزب الشيوعي العراقي، وقد عرفت منه أنه يتحدّر من أب ينتمي إلى المهاجرين الفلسطينيين من بيت لحم (توفي العام 2006)، وفي حينها أعجبت بقدرته للتعبير عن آرائه، فضلاً عن تكتيكات الحزب وقدرته على المرونة، فقد أخبرني أن الحزب ينتمي إلى ثلاث جبهات وطنية في آن واحد، الأولى التي ضمّت عدداً من المنظمات اليسارية ذات ميول ماركسية- لينينية حينها، والثانية جبهة تضم اليسار والوسط، والثالثة جبهة تضم جميع القوى المناهضة للدكتاتورية، مثلما هي “جبهة فارابوندومارتي للتحرّر الوطني” التي كانت الأكثر شهرة.
وأتذكّر أنني كتبت إلى المكتب السياسي عن هذه التجربة الفريدة التي قلت أنه يمكن الإفادة منها وليس استنساخها أو تقليدها تبعاً لاختلاف الظروف، خصوصاً فيما يتعلق بجبهتي “جوقد” (الجبهة الوطنية والقومية الديمقراطية) التي تأسست في سوريا (تشرين الثاني – 1981) “وجود” (الجبهة الوطنية الديمقراطية) التي تأسست في كردستان بعد أسبوعين من تأسيس جوقد، وهما الجبهتان اللتان انتمينا إليهما وأحدث ذلك ارتباكاً وتوتراً في علاقاتنا، وكان هدفي من الكتابة، هو التقريب وليس زيادة التباعد كما حصل حينها.
كانت جبهة فرابوندو مارتي تضم الجماعة الماركسية (الجبهة اليسارية) المتحالفة مع كوبا ونيكاراغوا والمكسيك في تحالف سياسي يساري وجبهة الوسط والجبهة العريضة، وبرز حينها اسم غونزاليس وهو الاسم المستعار لسيرين الذي أصبح قائداً عاماً للجبهة في العام 1984 واستمر حتى إنهاء الحرب الأهلية بتوقيع اتفاقية سلام في العام 1992، حيث تحوّلت الجبهة الى حزب سياسي وأسدل الستار على الكفاح المسلح، لاسيّما بتسليم جميع الأسلحة إلى الدولة، ودخلت الجبهة اللعبة البرلمانية الانتخابية، وفاز عدد من النواب بينهم سيرين منذ العام 2000، وبفوز الجبهة في العام 2009 أنهي حكم المحافظين السلفادوريين، وحلّ اليسار محلهم، وشكّلوا أول حكومة يسارية عبر صندوق الاقتراع.
ومن برنامج جبهة فرابوندو مارتي حالياً: كوب حليب يومياً للأطفال وزي مدرسي مجاني وأحذية مدرسية بالمجان، مثلما تعهدت الجبهة بمحاربة الجريمة وتعزيز جهاز الشرطة وتوفير فرص عمل ومحاربة الفقر، وإذ أتفحّص هذا البرنامج كم أبدي حسرة إزاء برامج لا لون لها ولا طعم ولا رائحة، ولاسيّما التي تصحبها خصومات مع قوى تكاد تكون متشابهة مع بعضها البعض عندنا.جدير بالذكر إن برنامج الجبهة حين كانت تخوض الكفاح المسلح وحسب لقائي مع حنظل كما أستعيده الآن، كان يعتمد على: إقامة نظام اشتراكي على أساس ديمقراطي ووفقاً لآيديولوجية الطبقة العاملة الماركسية- اللينينية، لكن اليسار السلفادوري اليوم أكثر واقعية بعد التخلص من ثقل السلاح والشعارات الكبيرة، فبدأ ببرامج بسيطة، لكنها كبيرة في معناها ومغزاها، فعسى أن تتنافس الكتل الانتخابية عندنا، المتصارعة على المقاعد الانتخابية لا على قيم السماء أو المدن الفاضلة أو الشعارات الرنانة، بل على رغيف الخبز والأمن والأمان وشيء من الحريات وتوفير فرص عمل وتعليم وتطبيب مجانيين وفرص للشباب ودور حقيقي للمرأة!!
إنه درس السلفادور المدهش، وهو درس لعدد من تجارب أمريكا اللاتينية الذي يحتاج إلى قراءة دقيقة ومعمّقة، ولاسيّما لجهة اصطفاف القوى والاستقطابات والتحالفات الجديدة وأساليب الكفاح، ثم لماذا نجح اليسار عندهم ولماذا فشل عندنا؟ حتى وإن كان الفشل عالمياً، لكن اليسار الاسكندنافي نجح في التعبير عن مطامح الناس، لذلك استمر في الحكم لعقود من السنين، وإن انحسر في السويد والدانيمارك وألمانيا مؤخراً!.
لاحظوا إن اليسار فاز في تشيلي وكذلك في فنزويلا وفي الأكوادور وفي بوليفيا وفي الباراغوي والبرازيل، ولعلّ تجربة نيكاراغوا مثيرة للجدل، فقد فاز دانيال أورتيغا قائد الكفاح المسلح سابقا، الذي وصل إلى السلطة بالقوة، ثم خسرها، لكنه عاد إليها بصندوق الاقتراع بعد 15 عاماً ، وها هو اليسار ممثلاً بجبهة فرباندو مارتي يفوز بالانتخابات في السلفادور مجدداً.
لماذا تراجعت الحركات التي سمّت نفسها بالثورية في عالمنا العربي ولماذا اكتسبت أفقاً جديداً في دول أمريكا اللاتينية محققة نجاحات كبرى.!؟
قد يبدو السؤال محرجاً، ولكننا بكل تأكيد ما زلنا بحاجة إلى ضوء كاشف ونقد ناشف!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المفكّر وحيداً .. لكنه جامع!
- جولات كيري المكوكية وحق تقرير المصير
- الهوتو والتوتسي ورسائل العدالة !
- مدينة تتعدّى المكان وتتجاوز الزمان
- من أوراق الجنادرية
- بعد 40 عاماً ...حين يتجدد السؤال
- عبد الحسين شعبان يسلّط الضوء على فصل ساخن من فصول الحركة الش ...
- مقتدى الصدر والعزلة المجيدة
- الجنادرية والمواطنة الافتراضية
- مصر تحتاج إلى مشاركة المهزوم لا الانتقام منه
- استمرار الصراع في سوريا هو مصارعة على الطريقة الرومانية
- نتنياهو وتصريحات كيري!
- الحزين الذي لم تفارقه الإبتسامة
- التباس مفهوم -الأقليات-
- الأنبار . . الإرهاب والأسماك الخبيثة
- دستور تونس والعقدة الدينية
- من أين ظهر هذا التنين؟
- المعايير الدولية للمحاكمة العادلة: قراءة في الفقه القانوني ا ...
- رحل العروبي -الأبيض- !
- “الوجه الآخر” لتركيا


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - السلفادور وثورة صندوق الإقتراع