أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رشيد لزرق - الاتحاد الاشتراكي و البناء المتجدد















المزيد.....

الاتحاد الاشتراكي و البناء المتجدد


رشيد لزرق

الحوار المتمدن-العدد: 4392 - 2014 / 3 / 13 - 18:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد شكل التصويت الايجابي على التعاقد الدستوري منعطفا جديدا في مسار الحركة الاتحادية فتح صفحة جديدة من النضال من دمقرطة الدولة إلى دمقرطة المجتمع. من خلال تعاقد يمكن من بناء الملكية البرلمانية، ويمكن الشعب المغربي من امتلاك إرادته ومصيره، وفتح أبواب الأمل أمام الجيل الجديد لبناء وطن المستقبل.هذا المنعطف التاريخي فرض على الذات الاتحادية تحولا مفصليا يقوم على أساس تبني الاختيار الحداثي الشعبي ، بشكل يصون الخيار الديمقراطي و يمكن الجيل الجديد من تقوية المؤسسات عبر النضال الجماعي من اجل تأويل حداثي للدستور.

كما إن فوز حزب العدالة و التنمية في انتخابات 25 نونبر2011 و تعيين أمينه العام لرئاسة الحكومة، شكل رجة حسم فيها الاتحاديات والاتحاديون بالرجوع للمعارضة.هذا الرجوع يقتضي تسليم المشعل للجيل الجديد، القادر على إبداع وسائل نضالية جديدة تمكن الاتحاد من مواصلة نضاله لتحقيق التقدم و الحداثة و العدالة الاجتماعية، إلا إن عسر المرحلة جعل البعض يتخوف بمبرر انشطار الذات الاتحادية، هذا التخوف من تفعيل الديمقراطية الداخلية جعل الاختلافات تقوم على أساس شخصي مع إهمال تام للإيديولوجية و الهوية. فظهر ذلك جليا في المناظرة التلفزية التي عقدت بين المرشحين للكتابة الأولى و التي تمت على أساس تسويات قبلية بين المرشحين الأربعة، لا على النقد ذاتي للتجربة الماضية، كل مرشح حاول بناء حملته على أساس مميزاته الشخصية. فهناك من ركز على مصالح العائلات الاتحادية للرفع من رصيده الشخصي، مع استعمال الرموز التاريخية، وهناك من ركز على قوة الأعيان و حشد الفريق البرلماني الاتحادي، وهناك من روج لانتمائه الفئوي في قاع المجتمع و قدرته على التنظيم وضمان تحالفات في الانتخابات المحلية. لم يقدم أي مرشح مشروعه العملي حول طبيعة المعارضة و الأسس العلمية للالتحام بالجماهير الشعبية التي تجسد تجدد المشروع الاتحادي المرتبط بعمقه الشعبي، و القاسم المشترك بين المرشحين الأربعة يكمن في عدم القدرة على فهم الجيل الجديد بثقافته الحداثية التي تقوم على ما هو واقعي ملموس و ليس باستحضار نوستالجيا الماضي.

في ظل هذا العقم المشاريعي، أضحى التنظيم شغل الجميع، و تحول الحزب من حزب طاقة إلى حزب بطاقة ، الكل يتحدث لغة القبيلة و الغنيمة في ظل إهمال للخط السياسي.وبالتالي تحول الصراع التنظيمي إلى صراع لمن يتقن دهاليزه، و قدرته على التموقع وفهم قواعد اللعبة، و لم يعد من مجال للحديث عن بناء حزب المؤسسات رغم رفع شعار " معا من أجل بناء مغرب الديمقراطية والحداثة ".إن الممارسة شابتها ثقافة ما قبل حداثية، فتميز سلوك الأغلبية بالحذر وعدم الحسم في اختيارهم، الكل أبدى هوسا بلعبة التنقل و التموقع من اجل ضمان استمراره، اعتمادا على شبكة العائلة أو وحدة المصالح،ومن تجليات ذلك أن نفس المجموعة تكون داعمة لهذا المرشح ثم تنتقل إلى مرشح آخر، والكل بات يتوجس من التسويات الأخيرة، الهاجس هو التموقع والتكهن بأنصار اليوم و مخالفي الغد. ظهر اختلاف حول نمط الاقتراع الذي يجب اعتماده ، هل الفردي او اللائحة ؟ فلم يتم الحسم حول تبني نظام الاقتراع باللائحة لتأجيل مسألة التحالفات. ثم بات اختيار الكاتب الأول عملية رهينة بالحرب التنظيمية التي تميزت بعنف مستمر بين الدورتين.

كل هذا أنتج تشوهات، و بدل الحديث عن المشاريع المجتمعية من خلال المقارعة الفكرية، تحول كل الحديث عن التبعية لأشخاص معينين: (تابعين لفلان، مع فلان، أصحاب فلان). في ظل هذا الجو الموبوء، قضت التسويات الداخلية الفوقية بالتواطؤ من أجل خنق مبادرة أولاد الشعب كتيار فكري داخل المنظومة الاتحادية والتي كانت مبادرة حرة وجريئة، تقوم على الوضوح و الشجاعة و القناعة ، مع مناهضتها لكل الممارسات ما قبل حداثية، وتبني الاختيار الحداثي الشعبي كأساس لبناء قطب حداثي يتجاوز ما هو جامد. فعوض التفاعل مع المشروع و تمكين تيار الاختيار الحداثي الشعبي من إمكانيات الحزب لشرح مشروعهم الفكري عبر المقارعة الفكرية ، عمد الجيل القديم الممسك بكل مقاليد الأمور إلى شن معارك تسفيهية ضد الشباب لإدراكه أنهم يحملون مخرجا حقيقيا من الأزمة.

فتم تجييش كل الوسائل لقتل المشروع الشبابي الطموح الذي يحمل أفكارا اجتماعية وسياسية متميزة، متحررة من عقد الصراع و متطلعة لمغرب حداثي متضامن. على عكس رغبات محترفي التنظيم الذين لا يهتمون بالإيديولوجيات الكبرى، ولا يستوعبون فلسفة النظريات السياسية الكبرى، ولا يتطلعون للتغيير الذي يسعى إليه المثقف والمناضل. فتم توظيف جيش من الأتباع هدفهم الوحيد هو توليد الشعور باليأس و التيئيس لدى الشباب، قوتهم تتمثل في الريع السياسي مقابل الولاء والطاعة . فنهجوا أسلوب العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة ، وطبيعي ان هذا الجو الموبوء سمح لمحترفي التنظيم من التخلص من المناضلين أصحاب الرأي ، عبر رفع شعار "نحن التنظيم"، الأمر الذي أدى إلى تراجع الاهتمام بالخط السياسي أو المبادئ أو الأفكار أو المشروع السياسي والمجتمعي الذي يقتضي أن يتبناه الحزب ويدافع عنه، وبات الانشغال السائد هو الروابط و التحالفات و توسيع العلاقات للحفاظ على الامتيازات، أو تحقيق مكاسب مادية و معنوية جديدة لنفسها وأحيانا لأتباعها، و البحث الدؤوب عن استقطاب الأعيان لربح انتخابات 2015، مع تصوير ذلك كانبعاث للاتحاد الاشتراكي، و إن كان بمكانيزمات طالما حاربتها الحركة الاتحادية،.فالتغيير الديمقراطي و ترسيخ الحداثة لن يحدث دون البدء بمراجعة ما حدث لأن التغيير البناء يجب أن يعيد للمغاربة كرامتهم عبر تطهير الذات و محاربة الفساد بكسر شوكته.

إن تحول حزب القوات الشعبية من فضيلة صراع الأفكار و التقدم و التغيير إلى رذيلة الهوس بعدد المنخرطين و استقطاب التابعيين الذين تقتصر معرفتهم للحزب على الاسم و بعض المعلومات البسيطة التي تكون خاطئة في أغلب الأحيان، هذا التشوه الخلقي للتنظيم كرس ثقافة الأقدمية عوض الفعالية و بروز مقولات من قبل "ولد الاتحاد تدرج في المسالك التنظيمية"، من دون الإحالة لمدى إدراكه للمشروع الاتحادي، و أضحى الحزب" مجرد مظلة يستظل بها من أجل قضاء أغراضه الشخصية". كما أن تغلغل هذه الممارسات في البنية الحزبية فاقم تحكم القوى العائلية، فيكفي النظر للأسماء التي افرزها المؤتمر ليظهر جليا هيمنة قوى عائلية على جميع الأجهزة التقريرية بل حتى أن عملية اندماج الحزب الاشتراكي والحزب العمالي داخل الاتحاد تم توصيفها بتجميع "العائلة الاتحادية" عوض "الحركة الاتحادية " و هي تسمية مناقضة لإيديولوجية الحزب و شعار الحداثة التي تنتصر للتعاقد و "ليس روابط الدم".

إن الاتحاد كحاجة مجتمعية لمواجهة استبداد و فساد التدين السياسي يحتم التحيين و التجدد والمكاشفة لمسايرة الزمن الدستوري الذي أسس للديمقراطية التشاركية وحقوق الأقلية، هذا التحول يفرض خلخلة المدارك القديمة و التخلص من الوهم وعقدة المؤامرة. عبر طرح رؤية واضحة ومحددة للتغيير الحداثي في المغرب، بجعل الاتحاد حاملا لتطلعات بنات و أبناء الشعب ومن دونه ستظل الطبقات الشعبية محاصرة بين نزعة وصولية ذات رؤية ضيقة ونزعة خرافية باهتة ونزعة ظلامية ونزعة عدمية، والقواسم المشتركة بين هذه النزعات هي افتقادها روح الإبداع إزاء المشاكل الداخلية والتغييرات العالمية.



#رشيد_لزرق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاختيار الحداثي الشعبي و التجدد الفقهي
- رسالة الى شيوخ التكفير الرد الفصيح لتهذيب أبي اللسان القبيح
- من أجل تحالف استراتجي بين الاتحاد والبام
- النخب العائلية و خطر المؤسساتي
- المخطط التشريعي والتأويل الأبوي للدستور
- البديل الحداثي في مواجهة الانتحار السياسي
- من اجل بديل حداثي .... لا للوصاية باسم الدين أو باسم العائلة
- المؤتمر التاسع من أجل اتحاد اشتراكي اجل المشروعية التاريخية ...
- من أجل ثورة ثقافية في المغرب على الحداثين أن يتحدوا ...
- الاتحاد الاشتراكي و مسؤولياته الحالية
- التنافي بين صفة النيابة و الوزارة بالمغرب على ضوء التجارب ال ...
- دعوة لعقد مناظرة حول موضوع الحرية، جواب الجيل الجديد حول الد ...
- مسار التحول الديمقراطي في المغرب و ليبيا على ضوء التجارب الد ...
- الحداثة الشعبية
- التأويل الحداثي للدستورالجديد من اجل تحقيق الأفضل.. بل من اج ...
- الحركة الاتحادية مسار نضالي الاختيار الثوري .. الخيار الديمق ...
- الازدواج القيمي و الدستور المغربي أي إصلاح؟
- مسار العلاقات المغربية الموريتانية
- من أجل تأصيل نظري لمفهوم الثورة
- مساهمة في دراسة الجهوية بالمقرب و فق المقاربة السوسيولوجية


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رشيد لزرق - الاتحاد الاشتراكي و البناء المتجدد