أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد حسام الرشدي - الإسلاميين والعلمانيين ومستقبل العراق السياسي















المزيد.....

الإسلاميين والعلمانيين ومستقبل العراق السياسي


محمد حسام الرشدي

الحوار المتمدن-العدد: 4391 - 2014 / 3 / 12 - 17:53
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ما من شك إنّ الساحة السياسية العراقية تشهد -في هذهِ الفترة- صراعاً -ستزيد حدته مع مرور الأيام- بين التيارات الدينية -على اختلافها- من جهة، وبين العلمانيين من جهة أخرى، حيث سيتحدد على أساسه المستقبل السياسي للعراق. وهذا الصراع يضاف إلى الصراعات الأخرى بين التيارات الدينية نفسها -سواء كان طائفياً أو فكرياً أو صراعاً من أجل المصالح- هو السمة البارزة بالسياسة العراقية اليوم.

وقبل أن نحلل طبيعة هذا الصراع، وعمَّ سيتمخض، علينا أن نسلط الضوء -بشكلٍ موجز- على هذين التيارين، ونقاط ضعف وقوة كلٍ منهما، ليكون تحليلنا واقعياً وبعيداً عن العواطف والآمال الكاذبة.

التيار الاسلامي
هناك مجوعة من الخصائص التي تميز الاسلام السياسي في العراق، وهذهِ الخصائص شاملة – أي تشمل جميع الاحزاب والحركات الإسلامية في العراق، وهي ما يمكن اعتبرها الأسس السياسية للاسلام، ونحن هنا سنركز على أهمها:
1- الحاكمية لله.
حيث تتبنى جميع الحركات والأحزاب الإسلامية شعار الحاكمية لله (أو توحيد الحاكمية) والتي تعني إفراد الله وحده في الحكم والتشريع.

2- غياب المشروع الوطني.
إن الفكر السياسي الإسلامي ينظر إلى الأمة الاسلامية كوحدة واحدة، وإن ما يربط الإسلاميين العراقيين -مثلاً- بالاسلاميين السعوديين هو الإسلام، بالمقابل إن ما يربط الإسلاميين العراقيين بالمسيحيين العراقيين هو الوطن، والوطن يأتي بمرتبة أقل من الإسلام، لهذا يكون المشروع الوطني معارضاً للمشروع الاسلامي. وقد عبر عراب الإسلام السياسي -سيد قطب- عن هذهِ الفكرة بقولهِ: "الوطن وثن والعلم صنم الوطن سكن وحفنة عفنة من التراب والولاء للجماعة فقط".

3- غياب الديمقراطية داخل الإسلام السياسي.
بعيداً عن الشواهد التاريخية التي تثبت أن الديمقراطية مفهوم غريب عن الاسلام السياسي، فإن ما يؤكد هذهِ الفكرة مفهوم "الحاكمية لله" السابق الذكر والذي يتعارض مع الديمقراطية التي تعني حكم الشعب لنفسه (1).

4- الاعتماد على عاطفة الناس.
أسهل طريق لتمرير ما تريد على الناس هو إيهامهم بقدسية ما تريد. وقد أثبتت التجارب -خصوصاً في عراق ما بعد صدام حسين- إن التيارات الدينية تعتمد بشكل كبير على عاطفة الناس، فمما أذكره بهذا الصدد إن الإسلاميين الشيعة في العراق أشاعوا بين أنصارهم ورجالهم -بغية تمرير الدستور- إن من يصوت بنعم على الدستور كأنما بايع الإمام علي بن أبي طالب في بيعة الغدير (2)، فكان أن صوت الناس بنعم على دستورٍ يعتبر الأسوأ بتاريخ العراق منذ حمرابي إلى اليوم.

هذهِ برأيي أهم خصائص الإسلام السياسي، وقد توجد الكثير غيرها، مما ليس له علاقة بموضوعنا. كما إن هناك بعض الخصائص للإسلام السياسي الشيعي ، وبعض الخصائص للإسلام السياسي السني، وكلا الأمرين لا يعنينا بحديثنا عن الصراع بين الإسلام السياسي والعلمانية.

التيارات العلمانية
هناك تشويه متعمد -من قبل الإسلاميين- لمفهوم العلمانية، فقد دأب الإسلاميون على نشر مفاهيم مغلوطة بين البسطاء -وحسب قاعدة الاعتماد على عاطفة الناس- مثل إن العلمانية "ضد الدين"، أو إنها كفر، أو إن العلمانية مفهوم غربي -ماسوني- هدفه القضاء على الإسلام ونشر الإباحية والتهتك بالمجتمع. لذا أرى من الضروري إعطاء نبذة مختصرة عن العلمانية.

العَلمانية -بفتح العين- هي مفهوم سياسي نشأ خلال عصر التنوير على يد عدد من المفكرين أمثال توماس جيفرسون (في أميركا) وفولتير (في فرنسا) وجون لوك (في إنكلترا) وسواهم، وهي -ببساطة- طريقة لتنظيم العلاقات بين الأفراد والجماعات والمؤسسات ، فيما بينها وبين الدولة على أساس مبادئ وقوانين مستمدة من الواقع الاجتماعي، فهي تشترط على السلطة السياسية موقفاً محايداً من الدين، كما تشترط جملةً من الحريات -كحرية الاعتقاد، وحرية نشر الأفكار وتعلمها.

تعرف دائرة المعارف البريطانية العلمانية بكونها: "حركة اجتماعية تتجه نحو الاهتمام بالشؤون الدنيوية بدلاً من الاهتمام بالشؤون الآخروية. وهي تعتبر جزءًا من النزعة الإنسانية التي سادت منذ عصر النهضة الداعية لإعلاء شأن الإنسان والأمور المرتبطة به بدلاً من إفراط الاهتمام بالعزوف عن شؤون الحياة والتأمل في الله واليوم الأخير. وقد كانت الإنجازات الثقافية البشرية المختلفة في عصر النهضة أحد أبرز منطلقاتها، فبدلاً من تحقيق غايات الإنسان من سعادة ورفاه في الحياة الآخرة، سعت العلمانية في أحد جوانبها إلى تحقيق ذلك في الحياة الحالية" (3).

وتتسم العلمانية بالمرونة فهي تختلف من دولة لأخرى، ومرجع هذا الاختلاف يعود إلى اختلاف دول العالم من حيث ظروفها الإجتماعية والتاريخية والثقافية والاقتصادية، فمثلاً العلمانية في فرنسا تختلف عن العلمانية في إنكلترا، وتلك تختلف عن العلمانية أميركا.
على ضوء ما تقدم يمكننا تحديد أهم خصائص التيارات العلمانية:

1- التركيز على مشروع وطني:
إن الهدف من العلمانية هو تنظيم الحياة السياسية للدولة، وهذا يتطلب مشروعاً وطنياً، يسعى إلى المساواة بين الناس وتحقيق العدالة الاجتماعية، وبغياب هذا المشروع لن تكون هناك علمانية.

2- الحرية الفكرية
العلمانية ليست فكراً أو أيديولوجيا، وهي ليست ديناً أو معتقداً، هي طريقة لإدارة البلد لذا هي لا تفرض أي قيود فكرية على معتنقيها، فقد يكون العلماني متديناً، أو لا دينياً، مسلماً أو مسيحياً، سنياً أو شيعياً، ليس المهم في العلمانية ما تحمل من أفكار أو معتقدات، المهم عدم أدلجة الدولة بما تؤمن بهِ.

3- الديمقراطية كشرط أساسي.
بغياب الديمقراطية، لن تكون هناك علمانية، لأن التعددية والاعتراف بالآخر شرط أساس من شروط العلمانية.

هذهِ كانت أهم الخصائص للتيارات العلمانية في العراق، وقد يشذ البعض، أو قد يدعي العلمانية دون الأعتراف بهذهِ الخصائص، وهذا يخرجه من العلمانية وإن كان يدعو لها ويتبنها في خطابه.

وبالعودة إلى موضوعنا الرئيسي، وهو الصراع بين التيار الديني والتيار العلماني، علينا أن نسجل تفوق التيارات الدينية بعدة نقاط، فمثلاً السلطة اليوم بيد التيارات الدينية، الثروات بيدهم، الغالبية الساحقة من الناس مؤيدين لهم، بالإضافة إلى الدعم الخارجي -إيران بدعمها للإسلام السياسي الشيعي، والسعودية بدعمها للإسلام السياسي السني. كل هذا وغيره يجعل الكفة تميل لصالح الإسلام السياسي -بشطريه السني والشيعي، ولكن هناك ما يؤكد إن المستقبل السياسي للعراق سيكون لصالح التيارات العلمانية، وهنا سأذكر بعض ما يدعم هذا الرأي:

1- الصراعات داخل التيار الإسلامي نفسه، من صراع طائفي، إلى صراع على السلطة، إلى صراعاتٍ فكرية.

2- غياب الرؤية السياسية للإسلام السياسي، وهذا واضح لكل متتبع لما يدور داخل البرلمان العراقي، أو الحكومة العراقية.

3- زيادة الوعي الثقافي للشباب العراقيين، وهذا بفضل التكنلوجيا الحديثة التي ساهمت كثيراً بنشر مفاهيم كانت غائبة عن المجتمع العراقي.

4- خسارة الإسلام السياسي في سوريا، حيث ستكون سوريا للإسلاميين كما كانت النكسة للتيار القومي.

5- الانفتاح على الغرب، فكلما زاد الانفتاح العراقي على الغرب العلماني، كلما زاد بريق العلمانية بنظر العراقيين.

6- تحسن الوضع الأمني في العراق، والذي سيؤدي إلى عودة الكثير من العراقيين ممن عاشوا التجربة العلمانية في الدول المتقدمة.

7- نتيجة الفشل المتكرر للإسلاميين في إدارة العراق، ستتولد في نفوس بعض المؤيدين للتيار الديني، ردة فعل تجعلهم معادين للإسلام السياسي.

8- التعددية الدينية في العراق، والتي تحتم إيجاد بديل من خارج الوسط الديني، وهنا سيكون التيار العلماني هو البديل الأوحد.

هذهِ برأيي أهم الأسباب التي ستجعل كفة العلمانيين هي الراجحة في العراق، أما متى سيكون هذا، فأعتقد أن الوقت قد يطول للعشرة سنوات قادمة أو ربما أكثر.






الهوامش:
(1) مصطلح ديمقراطية مشتق من اليونانية وقد تمت صاغته من شقين ( ديموس ) " الشعب" و ( كراتوس ) "السلطة" أو " الحكم " في القرن الخامس قبل الميلاد للدلالة على النظام السياسي في دول المدن اليونانية.
(2) بيعة الغدير، وهي البيعة التي تمت في غدير خم -قرب مكة- حيث بايع المسلمون علي بن أبي طالب خليفة بأمرٍ من النبي محمد، وقد أختلف المسلمين حول دلالة هذهِ البيعة، للتوسع مراجع: عبد الحسين الأميني "الغدير بين الكتاب والسنة والأدب"، الجزء الأول.
(3) نقلاً عن موقع ويكي بيديا.



#محمد_حسام_الرشدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاوست يبيع نفسه من جديد..
- يوتيوبيا حمودي
- الغريب: نبيٌ وملعون


المزيد.....




- شاهد.. فلسطينيون يتوجهون إلى شمال غزة.. والجيش الإسرائيلي مح ...
- الإمارات.. أمطار غزيرة وسيول والداخلية تحذر المواطنين (فيديو ...
- شاهد: توثيق الوصفات الشعبية في المطبخ الإيطالي لمدينة سانسيب ...
- هل الهجوم الإيراني على إسرائيل كان مجرد عرض عضلات؟
- عبر خمسة طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- حماس تؤكد نوايا إسرائيل في استئناف الحرب على غزة بعد اتفاق ت ...
- أردوغان يبحث مع الحكومة التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران
- واشنطن وسعّت التحالفات المناهضة للصين في آسيا
- -إن بي سي-: بايدن يحذر نتنياهو من مهاجمة إيران ويؤكد عدم مشا ...
- رحيل أسطورة الطيران السوفيتي والروسي أناتولي كوفتشور


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد حسام الرشدي - الإسلاميين والعلمانيين ومستقبل العراق السياسي