أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - دولة الاستبداد - دولة الحرية















المزيد.....

دولة الاستبداد - دولة الحرية


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1248 - 2005 / 7 / 4 - 07:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف يمكن ان تحقق المجتمعات البشرية عنصري التقدم والانتقال من تصور او اطار معرفي علمي ثقافي الى تصور اخر مختلف مع الاول ويمثل نفيا له او تبديلا لصور وافكار لم تعد تتلائم مع الازمنة الجديدة والمعاصرة التي تعيشها هذه المجتمعات ؟ ان التقدم مرهون بطبيعة الادراك المباشر بقيمة الحقيقة غير النسقية او تلك الحقيقة التي لاتشكل يقينا ثابتا من شأنه ان يعمل على تعطيل مكامن الابداع والخلق والابتكار والتجديد ..الخ
من المؤكد ان هذا التقدم المنشود لابد ان يرتبط بدولة لا تشتغل على خلق بؤر ومراكز عنف وسيطرة شمولية ، ومن ثم هي دولة تحمل التناقضات المتداخلة ضمن نسقية المجتمعات البشرية القائمة على المصالح الفردية والجمعية ، فكل دولة تسعى الى بناء ذاتها لابد ان تحتاج الى ايديولوجية معينة من خلالها تبث لدى افرادها التأثير ، ومن ثم ولادة دولة لها علائقيتها مع الاخرين داخل المجتمع وخارجه اي مع الدول الاخرى من خلال الانفتاح عليها وتمثل قيمة الاخر في التواصل والاستمرار والانتقال الى حالة مجتمعية اخرى تؤسس الجديد والمغاير عن ماهو سابق لها .
ماتزال الدولة العربية تعمل ضمن انساق وبنى تقليدية جدا حيث يقول الباحث هشام جعيط عن هذه الدولة " مازالت لا عقلانية ، واهنة ، وبالتالي عنيفة ، مرتكزة على العصبيات والعلاقات العشائرية ، على بنى عتيقة للشخصية " ( مفهوم الدولة / عبد الله العروي / المركز الثقافي العربي / الطبعة السابعة 2001/ ص 146 ) هذه الدولة هي نتاج طبيعي لتاريخ من الاستبداد الدولتي في الشرق العربي والاسلامي ، اذ تحتوي على كم هائل من التضييق لحرية الفرد ، ومن ثم ماهي الا وحدة استبدادية يتحكم بها الافراد او الزعامات الذين عادة ما تعطى لهم الكثير من الكرامات والهيبة الاسطورية سواء كانت حقيقية من خلال الوعي المجتمعي او من خلال الزيف الحاصل لدى طبقة مستفيدة من الجهاز السلطوي لدى هذه الدولة كما كان عليه الحال في في نظام الدكتاتورية في العراق .
ان دولة الدكتاتور في العراق لم تكن دولة قوية إلا في مجال الاستخدام المطلق للعنف إتجاه الاطراف والجماعات البشرية المعارضة لها ، فهي دولة معادية للداخل والخارج في آن واحد ، ومن ثم هي دولة ضعيفة في تواصلها الانساني تعيش عزلة اقتصادية ومعرفية وعلمية الامر الذي ادى الى سرعة عطبها وانهيارها الكبير والمفاجئ من قبل قوى فوقية لديها السلطة والقوة تحاول ان تزعزع جميع الكيانات التي لاتنساق ضمن برامجها ومصالحها وطبيعة المشاريع التي تريد ان تتشكل في البلدان الضعيفة والعاجزة عن الدخول في مجال التحديث والصناعة . حيث لم تتأسس الدولة في مجتمعاتنا العربية الاسلامية إلا من خلال " طوبى " كبيرة سواء كانت هذه الطوبى قومية او دينية ، تشكل في حد ذاتها رغبة جارفة لذات فاقدة لكل مكامن التطور ومواصلة اللحاق بالاخر ، هذه الطوبى تبرر العنف والاستبداد ضد الاخرين الذين لديهم التصور المغاير والمختلف لنفس الطوبى ولكن بشكل مختلف قد يكون ليبرالي قائم على تأسيس مجال كبير من الحريات لدى الافراد داخل المجتمع ، فالدولة الاستعمارية كما تعبر عنها روزا لوكسمبورغ عملت على تدمير النظام الاجتماعي في الهند وقامت بسرقة جميع القوى الانتاجية للشعب على عكس القوى ومراكز الهيمنة القديمة والمتمثلة باحتلال القوي للضعيف طيلة التاريخ لم تعمل على انتهاك الحياة الاجتماعية للجماهير وهيكلها التقليدي ، ومن ثم لم يكن الرأسمال الصناعي البريطاني يهدف الى تقديم الدعم الاقتصادي الى المجتمعات الواقعة تحت نير الاحتلال وانما على النقيض من ذلك كان يهدف الى تدميره وحرمانه من قواه الانتاجية ( العولمة نقيض التنمية / ادريانو بينايون / بغداد / 2002 / ص 146-147) فهل سيمارس رديفه الحالي نفس الاساليب والاسس في جعل البلدان المحتلة تعيش السياقات ذاتها من تدمير لبنية الانتاج والمعرفة والتطور والازدهار ، ومن ثم تبقى تدور في فلك الاخر الاكثر قوة وهيمنة .
من المؤكد ان صورة الاخر المحتل والمهيمن ماتزال تشكل حضورا راسخا لدى مجتمعاتنا وذلك من خلال طبيعة الادراك المباشر بأن الاخر لديه ذاته اولا بعيدا عن اي محتوى انساني في تعامله مع الذوات الواقعة تحت مظلته المهيمنة بحيث لا يمكن ان ينشأ قرار سياسي واقتصادي مستقل بعيدا عن تأ ثير هذا الاخر السلطوي ، وهنا الاخر من الممكن ان يكون مرتبطا بالذات المستبدة التي تعمل على حصر كل ما من شأنه ان يضفي على الوجود قيمة انسانية ، وتاريخنا العربي الاسلامي دليل واقعي على نشوء هذه الذات المعطلة للاستمرار والتطور الى الوقت الحاضر، حيث مايزال علم السياسيات الذي يبحث في اجتماعيات الدولة مهجور في البلاد العربية الامر الذي يؤدي الى وجود نقص هائل وضعف كبير في تطور مسألة الحرية لدى مجتمعاتنا كما يقول المفكر عبدالله العروي ، فالحرية لا تتحقق ضمن مجتمع يعاني من قهر الدولة ويعاني من قهر ذاته اي انه محمل بعدة ايديولوجيات اقصائية فيما بينها ، هذه الحرية بحاجة الى ان تتأصل في اطار قانوني مجتمعي متمدن ومعترف به على انه اساس هام وحيوي في مواصلة بناء الذات العراقية وفق نموذج يشكل قطيعة مع الماقبل الاستبدادي الغارق في عقلية اقصائية مهيمنة على فضاء الوجود بأكمله سواء كان اجتماعي سياسي او اقتصادي ثقافي ، ان مشكلة الدولة في مجتمعاتنا تكمن في الانا الفرد الذي يضفي يوتوبياه الهائلة على الاخرين افراد ومجتمعات ، ومن ثم يغدو امر تجاوز سلطة الفرد القائد ضرورة مطلقة من اجل مجتمع خال من الاضطهاد والتعسف بجميع اشكاله السياسة والاقتصادية والثقافية ..الخ
ان بناء الدولة في العراق بحاجة الى تفاعل عدة عوامل فيما بينها من اهمها
1- وجود وعي اجتماعي مؤسس على التضاد والاختلاف الفكري والعقائدي والمؤتلف ضمن نسق الدولة الواحدة التي تؤمن بقيمة الانسان وحريته بلا اي تفضيلات معينة تقصي الاخر ذكرا او انثى او اي تمييزات تخص الجنس او العرق او الطائفة داخل الكيانات الاجتماعية المختلفة والمؤتلفة فيما بينها
2- تأسيس منظومة معرفية تتلائم مع التطورات والتغيرات التي حدثت في العراق من خلال الادراك بأن عهود الاستبداد تشكل ماض قاتم يجب محاكمته ثقافيا ومعرفيا ومن ثم جلاء كل العقد والترددات العنفية التي وجدت في بنية المجتمع العراقي
3- - ان تكون الدولة منفتحة على جميع قوى الداخل الذين يختلفون مع توجهها وبرامجها المراد تفعيلها داخل نسق المجتمع اضافة الى الانفتاح على الخارج من الدول الاخرى وفق مبدأ الاحترام المتبادل وتحقيق التطابق الثقافي وعنصري المشاركة في التطور والنمو والتقدم لا ان يتم ذلك وفق مبدأ الاستعلاء والنظرة الى الاخر على انه محصلة دائمة للتراجع والفشل المستمرين
4- ان تتشكل الدولة على تجليات لايكون فيها اي اثر للعرق او الطائفة او محاول تأسيس قوموية زائفة لامة مختارة او عرق مختار ومن ثم ينزع الى السيطرة على الاخرين سواء داخل نسقها الاجتماعي اي الدولة او من خلال تصدير السيطرة على الدول الاخرى
5- ان لا تتشكل الدولة على ايديولوجيات زائفة ومن ثم تؤسس الدعاية الكاذبة والاعلام المخادع بحيث يترك امر بناء الدولة يندرج ضمن الواقع القادم الذي يخضع بدوره للدراسة والتطور من خلال كافة الاطياف والتشكيلات الاجتماعية للدولة الناشئة
6- ان تكون خالية من كل المفاهيم التي تغدق على الاخرين صيغ البطولة والنرجسية الهائلة لدى الذوات التي تحمل كاريزما مخلصة او احلام انقاذية للمجتمع .



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبول الاخر
- الدولة الديمقراطية


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - دولة الاستبداد - دولة الحرية