أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - مها فهد الحجيلان - لماذا لا تُسند المراكز الصيفيّة إلى مؤسسات أهليّة؟















المزيد.....

لماذا لا تُسند المراكز الصيفيّة إلى مؤسسات أهليّة؟


مها فهد الحجيلان

الحوار المتمدن-العدد: 1247 - 2005 / 7 / 3 - 12:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


أشرتُ في مقالة سابقة إلى ابتعاد أهداف المراكز الصيفية -التي ترعاها وزارة التربية والتعليم- عن الأسس العلميّة، ووفقاً لتلك الأهداف فإن الأنشطة المرتبطة بها غير واضحة لأولياء أمور الطلاب وخاضعة لاجتهادات المشرفين في تلك المراكز؛ ومن الممكن أن تحوي بعض المراكز الصيفية على برامج مفيدة كتعليم الكمبيوتر أو الألعاب ولكنها تعدّ اجتهاداً ذاتياً من المركز تُقدّم من "متطوّعين" وليس ضمن خطّة مرسومة من الوزارة. وقد أوضحتُ أنّ تلك الأهداف المعلنة تتّسم بالغموض الذي يتيح المجال لتأويلات قد تجلب سلبيات سلوكيّة يمكن أن يكتسبها المُلتحق بتلك المراكز. وسوف تُناقش هذه المقالة جدوى إنشاء مراكز أهلية تُعنى بالأنشطة التي تُمارس خارج المدرسة. لا شك أن وزارة التربية والتعليم تبذل جهوداً في سبيل تطوير تلك المراكز وتسخيرها لخدمة الطالب؛ ولكن يُلاحظ أنّ المشرفين على تلك المراكز هم من المعلمين "المتطوعين". ومن الواضح أنّ هناك أسباباً معينة دعتهم للعمل متطوّعين في تلك المراكز، ورغم أهميّة الحديث عن تلك الدوافع إلا أنّ هذه المقالة لا تسعى إلى مناقشة سبب التطوُّع في تقديم تلك الأعمال لاسيما إذا لوحظ فيها سيطرة مجموعة معينة تنتمي إلى فكر بذاته؛ إذ يبدو أن ثمّة تنافساً في سبيل الاستحواذ على تلك المراكز في صورة إقصائية لمن لا ينتمي إلى فكر تلك المجموعة المسيطرة. لكن السؤال يبقى مفتوحاً حول الغايات التي يسعى إلى تحقيقها أولئك المتطوعون. فقد تكون غايات أخلاقية جميلة وقد تبطّن تحتها أهدافاً أيديولوجية أخرى. ولابد من الإشارة إلى أنّ الاعتماد في تشغيل تلك المراكز على "متطوعين" ينفذون أهدافاً ليست واضحة، معتمدين في ذلك غالباً على إشراك فئة معينة في عملهم وإقصاء سواها- يحمل سلبيات لعلّ أبرزها وضع نمط غير واقعي لشخصيّة المعلم التي تُقدَّم على أنّها مُميّزة أمام الطالب لمحاكاتها. فحينما يكون جميع العاملين في المركز الصيفي هم من فئة واحدة ذات نمط متشابه في المظهر وفي اللغة وفي السلوك؛ فإن ذلك يحمل إيحاء بأنّ هذا هو النمط الصحيح للشخصية المفترضة. وبهذا يكون المركز قد دعم بشكل مكثّف بناء فكرة نفسية وذهنية لدى الطلاب لتصنيف الناس؛ بل ووهب صنفاً معيناً هالة فرديّة من خلال إعطاء ذلك الصنف مقاليد الأمور. وبالتالي فإن ما سيترتب على ذلك في ذهن الطالب هو الاعتقاد بصحة نمط معين من الشخصيات نتيجة تسخير ذهنه للنظر إلى الشخص الماثل أمامه في المركز الصيفي على أنه القدوة "الحسنة". وهنا نجد أن هذا المسلك الأيديولوجي المدعوم بتلك الأهداف غير العلميّة للمراكز يُقدّم لطلابنا صورة غير واقعية وربما غير صحيحة عن حال الناس؛ فيعتقد الطالب/المتلقّي أنّ طريقة التحدّث وطريقة اللباس وطريقة التعامل تسير على نمط واحد هو ذلك النمط المتمثل في المشرفين أمامه. وعليه فليس مُستبعداً أن يُقلّد هذا الطالب تلك الفئة من المشرفين باعتبار سلوكهم هو السلوك المثالي. وهذا أمر غير خطير بحد ذاته، لكن الخطر يظهر حينما ينتقل عقل الطالب بشكل طبيعي إلى اعتبار أنّ أي سلوك آخر عدا ذلك السلوك هو خاطئ بالضرورة؛ وعندما يصل إلى هذه النقطة من التفكير فإنه سيتحوّل إلى المستوى الذي تُحاول فيه الفكرة أن تجد لها طريقاً للتنفيذ على أرض الواقع، وهو الانتقال إلى درجة تصحيح ما يعتقده خطأ، وهنا ندخل في دائرة العنف. ولعلّ تجارب الذين تورّطوا في العنف ثم تابوا تُبيّن منطقية هذا التحوّل لديهم؛ لأنّ الطالب يشعر بانتمائه إلى "فئة" معينة وليس إلى "مجتمعه" وهذه نتيجة حتميّة لتعريضه إلى مجموعة من الخبرات المتراكمة التي تدور كلّها داخل نمط ذي سمات أحاديّة. وسنجد أن هذا الطالب يكرس وقته وجهده للتقرّب إلى تلك "الفئة" الملتزمة بإجراءات وسلوك معيّن ويحاول محاكاتها في سلوكها وربما يُغالي في التصرف لكي يكسب ثقتهم، من جهة؛ وقد تجنح شخصيته إلى تجاوز الحدّ في التقليد ليكسب تميّزاً داخل تلك "الفئة"، من جهة أخرى. وسواء أراد الطالب أم لم يرد فإنه سيجد نفسه في عزلة عن "المجتمع"؛ وربما تدفعه هذه العزلة إلى الغضب على المجتمع مبرراً لنفسه ذلك الغضب أو التوتر ضد مجتمعه بأنهم على خطأ وقد يصل الأمر إلى تكفيرهم؛ ومعلوم أن العلاقة بين التكفير والتفجير مترابطة ومتداخلة. ولكي تتحوّل الأهداف الأيديولوجيّة التي يصعب السيطرة على مدّها وأبعادها في المراكز الصيفيّة إلى أهداف عمليّة مُقنّنة، ويتغيّر العمل في المراكز الصيفية من كونه "تطوعياً" إلى "وظيفة"؛ فإنه يحسن بوزارة التربية والتعليم أن تُسند مُهمّة تلك المراكز إلى مؤسسات أهلية تربويّة على أن تتوّلى الوزارةُ الإشراف عليها وتقييمها. ولابد أن يكون لتلك المؤسسات الأهلية خطة شاملة تضعها وزارة التربية والتعليم بحيث تتضمّن أهدافاً عمليّة محدّدة وبرامج مدروسة تُركّز على الجوانب المهمّة التي يحتاجها الطلاب من مهارات ومعلومات. ومن الأنشطة الأساسية التي يُفضّل أن يحويها المركز برامج الكمبيوتر والإنترنت والرسم والخط والرياضة والإسعافات الأوليّة وتعلّم لغات أجنبيّة، وتُقدّم هذه البرامج من قبل مختصين؛ أما برنامج القراءة الثقافية فلابد من إعلان أسماء الكتب والمقالات والمحاضرات التي ستُقدم في المركز وأسماء المحاضرين أو الزائرين. كل ذلك يكون في دليل خاص للنشاط خارج المدرسة -سواء في الصيف أو بقية العام- يوزَّع على الطلاب وأولياء أمورهم. ويمكن لهذه المؤسسات أن تطلب رسوماً مالية من الطلاب للالتحاق بها؛ وبدورها ستدفع للمدرّبين لديها. ولكي تكون الرسوم في متناول الجميع فيمكن أن تُدعم هذه المؤسسات مادياً من وزارة التربية والتعليم كما هو الحال في دعم المدارس الأهلية. وبذلك يحق لأولياء الأمور وللمسؤولين في الوزارة متابعة البرامج بشكل منتظم ومحاسبة المؤسسة المقصّرة. وربما تُحلّ مشكلة الأماكن عن طريق تأجير مقارّ بعض المدارس الكبيرة الواقعة في مكان ملائم للحي. هنا تستطيع المؤسسات الأهليّة التربوية التي تريد الدخول في المنافسة الحصولَ على عقد سنوي لمركز نشاط أو أكثر بعد أن تتوافر فيها الشروط التي تُريدها الوزارة من وجود فنيّين ومدربين وأجهزة ملائمة للنشاط. وبهذا فإنّ التنافس بين المراكز سيكون مُحفّزاً للتميّز في العرض والأداء؛ فالمركز الضعيف سوف يخسر حينما يتركه الطلاب إلى المركز الأفضل. وفي هذه الحال فليس ثمة حاجة للمدرسين للعمل متطوعين في المراكز الصيفية؛ وبهذا نكسب أموراً كثيرة منها، أولاً: جلب وظائف أكثر للشباب السعودي المؤهل من المتخصصين في الكمبيوتر أو الرياضة أو الرسم والفنون الجميلة أو العلوم الطبيّة أو اللغات ليعملوا في هذه المراكز في الصيف أو طوال العام إن قرر المركز فتح أبوابه للطلاب في المساء. ويمكن التعرّف على المكسب الاقتصادي للبلد إذا علمنا أن عدد المراكز الصيفية المعلنة هذا العام لثماني مناطق في المملكة يتجاوز مئتين وعشرة مراكز استناداً إلى ما ذكره موقع المراكز الصيفية الذي أنشأته وزارة التربية والتعليم مؤخراً. ولو وفّر كل مركز ما معدله عشر وظائف مثلا؛ فستجد هناك أكثر من ألفي وظيفة تنتظر الخريجين. وليس خافياً مقدار النفع الاقتصادي للبلد من تدويل العملة وحركتها المصرفيّة الجارية؛ إضافة إلى النفع الاجتماعي لهؤلاء الذين توفرت لهم وظائف مما يتيح لهم ولأسرهم حياة كريمة. ثانياً: السيطرة على وضع تلك المراكز وتحسين أدائها؛ فهناك مؤسسة مسؤولة عن هذا المركز ولديها خطة عمل وبرنامج متكامل، ويسهل متابعة عملها وتقييمه؛ وهذا سيكون أكثر دقة من المتابعة الحاصلة الآن. ثالثاً: التقليل قدر الإمكان من نشر أفكار أيديولوجيّة سلبية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لدى الطلاب من خلال حصر العلاقة بين الطالب والمشرف في "المعرفة" وليس في "الأيديولوجيا" المتلبسة في السلوك أو المظهر. ولابد من الإشارة إلى صعوبة عزل أيديولوجيا المعلم من التأثير على المتلقين، إلا أنه يمكن الحدّ منها عن طريق الالتزام ببرنامج عملي واضح بحيث يستنفد الوقت في المادة العلميّة وليس في توجيه الطلاب لاعتناق أفكار معينة تُقدّم بصيغ ذات شعارات مألوفة كالوعظ أو النصح أو التبليغ أو الحماية أو غير ذلك من المسوغات التي ينتهجها المتطرفون في نشر أفكارهم لدى الناس. رابعاً: إعطاء المعلمين المتطوعين فرصة للراحة في الصيف أو بعد الدوام. لأن انشغال بعض المعلمين والمعلمات في الأنشطة والأعمال التي قد لا تتصل بالمادة الدراسية وطرق تدريسها ربما يؤثر سلباً على أدائهم في موادهم من حيث التحضير الذهني لأداء الدرس بما يتطلبه ذلك من استحضار أو ابتكار الطرق المناسبة لشرح الدرس بشكل مبسط. ولابد من الإشارة هنا إلى أنّ المعلم والمعلمة بحاجة ماسّة -أكثر من سواهما- إلى إجازة أطول بسبب الجهد العقلي والنفسي وكذا البدني المبذول طوال عام دراسي. وتشير بعض الأبحاث التربوية التي أجريت على العاملين في الحقل التعليمي من معلمين ومدربين إلى أن الذين تكون إجازتهم شهراً واحداً في نهاية العام يقل عطاؤهم في السنة القادمة عن الذين يتمتعون بإجازة شهرين أو أكثر. وسوف تستعرض المقالة القادمة هذه الأبحاث بشيء من التفصيل. وإذا أُُسند النشاط خارج المدرسة إلى طاقم مُدرّب ومؤهل فإن ذلك يعطي هذا النشاط حقه من الاهتمام والعناية الأكاديمية، من جانب؛ ومن جانب آخر، يُفرّغ المعلمين والمعلمات من الانشغال بمثل هذه الأنشطة عن وظيفتهم الأساسيّة. وبهذا يمكن القول إنّ وجود مراكز صيفية تابعة لمؤسسات أهلية سيُساهم في جعل النشاط خارج المدرسة مُنظّماً ومنضبطاً وفق معايير مُعلنة ومعروفة يمكن متابعتها والتحقق منها؛ وهذا من شأنه أن يُوفّر وسطاً أكثر علميّة يتيح فرصة أكبر للاستفادة من هذه المراكز ويُقلل قدر الإمكان من السلبيات.



#مها_فهد_الحجيلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعدّي على الخصوصيّة الفرديّة في المجتمع السعودي
- أسلوب التعبير عن الاختلاف في الرأي عند الإسلاميين
- العنف وثقافة الموت في مدارس البنات
- كيف يدعم الإنترنت الإرهاب في السعودية؟


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - مها فهد الحجيلان - لماذا لا تُسند المراكز الصيفيّة إلى مؤسسات أهليّة؟