أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - اوجاع قريتي 7 (بوسحابة )















المزيد.....

اوجاع قريتي 7 (بوسحابة )


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 4383 - 2014 / 3 / 4 - 17:37
المحور: الادب والفن
    


وجاع قريتي
الجزء السابع ....

بو سحابة سحابة

يحدث العجب العجاب و تزهرالحكايات الغريبة بين الناس لاجل تأويل ظواهر تحدث امام اعينهم ولا تقبلها عقولهم العادية والبسيطة تستعصي تفاصيلها على التفكيك و التحليل والافهام سواء بين خاصتهم او عامتهم..على حد سواء.. ويزيد من غرابة هذه الظواهر تلك الاشاعات المحيرة وتلك التفاصيل الدقيقة الزائدة عن النص الاصلي و الصادرة حسب مزاج الراوي وخياله الخصب المتعطش للمزيد من الغرابة والعجب العجب...يغرق الرواية بتفصيل التفصيل فينتفخ النص ليختلط بالخرافات التي ينأى عن سردها كل ذي عقل ينور له طريقه ..تلك الرويات تترك الفجوات عنوة لملآها بالمزيد من الاضافات المبهرة وغير المألوفة ..كما يفعل عمرعندما يترك الحبل على غارب البغل ..فيدهب بها الروي بعيدا حيث يشاء ويشاء له مزاجه ..صحيح الشخصيات تبدلت احوالها راسا على عقب لكنه تبدل جرى في نطاق الملموس والمعقول والصواب كما يقولون ..لم يعد عمر مول البغل يتردد على السوق وتعطل عن طيب خاطره عن العمل من الصباح الى المساء ...تاركا موضعه في السوق لاصحابه في الحرفة ومنهم ذلك المعتوه المسمى عيسى البهلول الذي سنحكي بعضا من شطحاته ..اما الاصحاب فكانوا يتبادلون الحديث فيما بينهم عن انجاب مول البغل هذا الانجاب الذي مرغ اشاعاتهم عن عقمه في الوحل ولم يعد في اعينهم عقيما كبغله ...يتقاسمون فيما بينهم الاستفهامات ويمرغون اسئلتهم على ارضية السوق المتسخة المملوءة بروث البهائم وبصيحات الباعة وغمزات النساء..اسئلتهم بقيت معلقة لان لا احد منهم يعرف كنه الحقيقة ...حقيقةما جرى في تلك الليلة الرهيبة التي لم يرمش فيها القمر ..ليلة موت البغل والعثور على المال الدفين في موضعه .ونجاة زنوبة من الموت المحقق....منهم من يردد على مسامع سكان القرية ان روح البغل صعدت الى السماء فتحولت الى سحابة من الضياء كالناموس المشع تتنقل من ركن لاخر في البيت ..بيت عمر تحمي سكانه وتنشر الخير والثراء على المحتاجين والمستضعفين منهم .وكل من سولت له نفسه او دفعه فضوله لمعرفة سرها ..تصعقه او ترميه بالجنون .ويتحول الى مجرد درويش في دروب القرية وازقتها ...وكثير من الناس اختفوا مرة واحدة عندما حاولوا ترصد السحابة ومعرفة اسرارها ..معظمهم.يعتقدون ان بغل السي عمر ترك من يخلفه في القيام بتلك الاعمال الجليلة.التي كان يعرف بها ..وفي لحظة تحول لقب عمر من مول البغل الى مول السحابة ..بوسحابة ...
كان بوسحابة حزينا على موت بغله الوفي وهو اليوم في قرارة نفسه مسرورا بما يراه ويتداوله الناس حوله و حول تلك السحابة ..وفي نفسه فخورا بحمل اللقب الجديد ...(بوسحابة)على الاقل الناس اصبحت تهابه وكذلك رجال السلطةالذين اصبحوايقيمون له الف حساب .. منهم من يتوجسون منه ويعتبرونه يتحكم في تحركات السحابة فيبالغون في تقديره ولا يجرؤن كما كانوا في السابق على تجنب السلام عليه في الطريق واهماله ..من المؤكد ان الاحداث الجديدة كلها في صالح عمر واسرته وكذلك المهدي الذي اصبح كذلك محل وقار واحترام شديد ين من طرف الغراب الاسود الذي توقف عن حبك الدسائس ضده ...تغير طعم العيش و الحياة باتت جميلة في اعين عمر ..لا ينغصها من حين لاخر سوى ما قاله المهدي عند العثور على الكنز :
لقد فتح لك البغل مؤخرة الدنيا ياعمر ؟
المال الذي لا يزال مدفونا في ارضية الغرفة لا زال يشغل تفكيره كلما حل المساء ووضع راسه على الوسادة الرثة جنب زنزبة .. كان يؤرقه التفكير في طرق صرف هذا المال الملعون ..تضايقة احاديث الناس حول تلك السحابة البيضاء ..التي تجوب الاماكن وتسيطر على الاجواء في القرية ..جعلت منه دلك البطل الخرافي الذي يبرز في اخر لحظة على ساحة المعركة بغثة في افلام هولييود مع فارق حمولته الدينية و الكرامات الغريبة التي الصقت به ..تلفها من كل الجوانب روائح خراء بغله التي تكمم انفاسه ولا تغادر اماكن بيته المتواضع الصغير ..على هوامشه وقرب البئر المعلوم ..كان يطيل التفكير كيف يحقق احلامه في التغيير بعد حصوله على الذرية التي كان يؤرقه حصولها ...لقد اصبح في استطاعته ان يشتري اسطولا من سيارات نقل البضائع ...ويحتكر النقل في السوق والاسواق المحادية ...بل في استطاعته ان يخصص حافلتين او اكثر للنقل المدرسي لقرية بدون مدرسة ...لكن فيما هده الاعمال لا طائل وراءها والسطة البئيسة جاتمة على انفاس الناس تمتص مواردهم وارزاقهم من خلال مضاعفة الضرائب المزاجية طبعا... لن يكون مغفلا حتى يظهر ثروته تلك الخيالية دفعة واحدة فهو يعرف ان الامور الناجحة تحدث بالتدريج ..وان الغيث لا ياتي دفعة واحدة بل قطرة قطرة ..هكدا سيتصرف كالماء ...وجهوده في المستقبل ستتحول احجارالفقرو المنع وجور السلطة الى ذرات تراب او حبات رمل دقيقة لا تقوى قوى الظلم على مقاومتها ..لن يمنح لهؤلاء اللصوص فرصة الانقضاض عليه وعلى ماله وارجاعه الى دائرة الفقر والحاجة مرة اخرى..حتى لو كان المهدي لا يوافقه في الراي مطلقا .ولا يريد ان يسايره في منقطقه....لم تكن للمهدي نية واضحة في تناول حصته من المال .فهو.يعشق الفاقة والضيق ذات اليد .. ويتوجس شرا من ثروة جاءته صدفة او صدقة,, لم يحققها بسواعده ولم يدرف لاجلها قطرة من عرق جينه.....يقنع براتبه الشهري الذي يجهد نفسه لاستحقاقه كرزق حلال ,,جهوده كلها موجهة الى تدريس اطفال القرية وتربيتهم بتفان واخلاص تامين ..يرسل قسط من راتبه الى والدته المريضة بالمدينة وقسط يعيش به ويوفر للكتب و للمجهول قسط اخر ..,, زوجته,زنوبة بدورها لا ترغب حتى في التفكير في ذلك المال فهو يحيلها الى مصدره اي البغل ودفنه في تلك الحفرة المبللة ببوله والتي كان يرقد سعيدا يحدث السماء والنجوم والقمر . ,,فالمال المحصل عليه ليس الا امتدادا لحياة البغل الذي تكرهه دون اظهار ذلك للسي عمر لحبها الكبير له ,,,لكن الاقدار غيبت دلك البغل بموته ثم عوضته بالمال اللعين و تناسل الاشاعات المحبوكة حول موته البغيض ,,,فهي تحمد الله وتشكره على منحها التوأمين ,,,وامد في عمرها ...ولذلك لا تهتم باي شيء اخر ... كان خالص تفكيرها في اعداد حفل كبير للتؤمان ..وتسميتهما لا اكثر ولا اقل ..
لقد كان جود السماء كبيرا على عمر واسرته وعلى المهدي الذي يراقب التطورات من بعيد كانه يتوجس من المستقبل القريب والبعيد معا ...يخشى من افات اجتماعية قد تحدث بسبب المال وتلك السحابة التي اسرت عقول الناس في القرية..يخشى ان يكون عمر نسي ايام الكد والعمل الدؤوب على ظهرتلك العربة المهترئة التي كان يجرها بغله المسن ...يحمل الامتعة من مكان لاخر في القرية ويقدم خدماته بالمجان لتلاميذ القرية صباح مساء .. كان عمر تغمره الفرحة والسعادة عند عودته الى المنزل قرب زنوبة التي تقاسمه الحر والقر ومرارة العيش ..كان تسكنه هواجس العقم واستحالة الانجاب و الرغبة في تحدي اشاعة العقم حوله من طرف الاعداء والاصدقاء معا .... لكنه كان يومها قانعا بالرزق القليل و كانت السعادة التي تغمر بيته الصغير .
زنوبة تسكنها الشكوك حول في نوايا عمر بعد الحصول على المال تراه مشغولا به عن الاهتمام بطفليها فلا يعيرهما اي اهتمام يفكر ليل نهار في صرف المال والتخلص منه ...قد يكون نسي بسرعة تلك الايام الجميلة التي قضاها على العربة ..و نسي ترديده للاناشيد مع الاطفال في الصباحات الجميلة خلال فصول السنة ..يرددها وان كان لا يفهمها ..وهو يقودهم الى القسم الوحيد بالقرية ...
سرعان ما تركت تلك الافكار والوساوس فاستغفرت ربها وبادرته بالقول :
- السي عمرمتى سنقيم الحفل ونفرح بالتوأمين ؟
- في القريب العاجل حبيبتي ...سنحتفل ...وساترك لك امر تسميتهما معا .
- يبدو لي انك نسيت ..
- لا شيء ينسيني الاحتفال بطفليي كم كنت احلم بهما .لن انسى ما كابدته من مرارة الحرمان من الانجاب لمدة طويلة ساعدني الصبر ووفائك عليها ...انت تعرفين ذلك ؟
صمتت زنوبة قليلا من الوقت واستأنفت الحديث :
اظنك موافق على تسميتهما : الاول بالهادي ...والثاني بالمهدي ...
- نعم تتبسم عمر إشارة الى رضاه ...واردف :على الاقل الاول ياخد منى الصبر والكد والثاني ياخد من المهدي العلم والحكمة ... تعرفين ,,..اسعد ما في الدنيا ان تتجمع هذه الصفاة في الذرية .. لتكون صالحة ......
- في الامس كنا نخشى على انفسنا من العقم ..واليوم بعد الانجاب ..اصبحت بصراحة اخشى عليك من المال الملعون ...يقولون ان المال يفسد العلاقات بين الناس ..ويهدم البيوت على سكانها ...فهل فكرت في إرجاعه الى مكانه ...ونستمر في حياتنا وعاداتنا الجميلة ...اني اخاف من المال فهو مفسدة ..
- اعرف انك مثل المعلم المهدي ..تكرهين البغل وتبعاته ..فاطمئني حبيبتي لن استعمل منه الا القليل الذي يكفيني لتغيير نمط عيشنا ..نقاوم به متطلبات الزمن الصعب وننطلق كما يعمل كل الناس ...
- لاداعي للحديث اكثر في الامر ..المهم اننا سنقيم حفلا باهرا للسكان نستدعي اليه جميع الجيران والاحباب ...نكرمهم جميعا ..بلا تمييز ...
- اكيد حبيتي ..سنستدعي حتى اعيان البلد كذلك ..لفقئ عيون البعض منهم ..خاصة الغراب الاسود ......
ظهرت بوادر الفرح على وجه زنوبة وعادت لتطمئن على نوايا عمر فهي تعرف جيدا انه لن يكون من السهل عليه ان يتبدل في يوم من الايام..ولن يفعل شيئا دون اخد مشورتها ...كانت تحمل هموم الدنيا لما كانت حبلى ..وهي تجد اليوم نفسها تحمل هموم جديدة رعاية التوامان ..والبحث عن طرق التخلص من المال الذي اصبح يشغل تفكير زوجها ...و اصبح موضع الاشاعات التي تصلها من الجيران ونساء الحي ..اللواتي يتداولن بينهن عنه انه هو المتصرف في امر تلك السحابة ..وعوض تسميته بمول البغل اصبحوا يكنون عليه مول السحابة (بوسحابة )...في بعض الاحيان يسرها هذا الاسم الجديد واحيان اخرى تتوجس من تلك التسمية الجديدة وعواقبها على مستقبلها مع عمروالتوامين ..
تعرف ان تلك الاشاعات الغريبة لن تتوقف ..ستغيض أعيان في القرية وستؤلب السلطة على عمر المسكين الذي سيجد نفسه مضطرا الى الرد و المواجهة..وبذلك ستدخل الاسرة في دوامة من المشاكل التي هي في عنى عنها ...لابد اذن من الحدر في المستقبل وتعد حفلا متواضعا لايكشف عن ثروة عمر الجديدة ..كما يلزم ان تخفي تلك النعم التي هبطت عليهم من السماء ...عليها التغلب على اغراءات شيطان المال ...الذي يتربص بهما ..
والعودة بالتدريج الى تلك الحياة السعيدة التي كانت تنعم بها في ظل عمر الحمال الفقير المتواضع ...

يتبع



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلف النوافذ
- حكاية كرسي
- في مسالة الاخلاق
- ققجات : ربيع اخر
- في سياق منتظم
- البطالة وغلاء المعيشة والنقابات
- أذنى من ديمومة الثلج
- أوجاع قريتي ..5
- أوجاع قريتي-4
- رسالة العيد
- مجتمع يتغير ..ومدارس ثابتة
- زفة في مراكش
- هو......انا
- حيث لا ينتهي الزمان ابدا....
- ربيع الفايس ..قادم
- وعلى الفايس ...السلام
- مطر ..ملوث
- رياح اكتوبر...
- رياح اكتوبر.
- ماذا حل بي


المزيد.....




- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - اوجاع قريتي 7 (بوسحابة )