أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بوسف علوان - استحالة السؤال وعبثية الجواب في رواية -اللاسؤال واللاجواب- لفؤاد التكرلي














المزيد.....

استحالة السؤال وعبثية الجواب في رواية -اللاسؤال واللاجواب- لفؤاد التكرلي


بوسف علوان

الحوار المتمدن-العدد: 4383 - 2014 / 3 / 4 - 16:46
المحور: الادب والفن
    


"اللاسؤال واللاجواب" آخر اعمال الكاتب الكبير فؤاد التكرلي وهو عمل روائي قصير نشره عام 2007، الذي كشف فيه ضياع المجتمع العراقي وتناقضاته التي ورثها عن سنوات الحصار التي فرضت على العراق بعد احتلاله الكويت، والمتغيرات التي حصلت في العراق بسبب هذه المغامرة العبثية، الذي تحمل الشعب العراقي نتائجها.. وقد حاول التكرلي من خلال شخوص روايته تلك تصوير الحياة العامة، وأشر ما كان واضحاً، وما كان مستورا، من سلوكيات سادت في تلك المرحلة الصعبة التي مر بها العراق، وأدى ذلك الحصار إلى نتائج مخيفة في جميع مجالات الحياة العامة. وتعمقت مظاهر التردي والترهل إلى الحد الذي أفقد المجتمع العراقي؛ سمات المجتمع المتحضر المتماسك الذي كان عليه قبل غزو الكويت. ونظراً لعدم قدرة الحكومة على تأمين الوظائف الحكومية في القطاعات الصناعية؛ التي توقفت نتيجة الحصار، فقد تم تسريح ما يقارب ثلثي القوى العاملة مما ساهم في زيادة معدلات البطالة وتمزق الحياة العائلية نتيجة ارتفاع معدلات الجريمة، والعنف الاجتماعي، وظواهر اجتماعية أخرى تؤكد الخلل الخطير في بنية المجتمع العراقي.
وقد أجاد الكاتب في تصوير الظرف الاقتصادي الصعب الذي عاشه افراد الشعب من جراء الحصار الاقتصادي الذي فرضه العالم على حكام العراق آنذاك، من خلال متابعة يومية لحياة عائلة عراقية تتكون من اربعة افراد (أب وام وابنتان) وما تعانيه هذه العائلة التي يعيلها موظف حكومي (معلم) بسبب ظروف عمله الاقتصادية السيئة فيضطر للعمل مساءا كسائق سيارة اجرة تبدأ نوبة عمله من السادسة مساءا حتى منتصف الليل. مصورا لنا ما يمر به أثناء عمله من نماذج من المجتمع العراقي آنذاك، ولم يؤثر هذا الحصار في المتسلطين على رقاب ابناء الشعب المسكين، بل اوغل هؤلاء الحكام في بطشهم بهذا الشعب المبتلي بهم، وزادت سنوات الحصار من ثرائهم، وبناء قصورهم، كان ذلك خير دليل ان الحصار كان يؤذي الشعب العراقي وليس حكامه، جراء سرقة ثروات الشعب الجائع. "كنا منذ بداية هذه السنة 1994، قد وصلنا القاع في عوزنا المادي، مثلنا مثل الجميع، وكنا قبل ذلك بسنتين قد بدأنا، بعد ان عجزنا عن الاستدانة، ببيع ما اعتبرناه، في وقته، زائدا عن الحاجة.. هذا هو الاحباط الذي يلازم كل عراقي هذه الايام، والانغلاق التام للآفاق أمام شعب بأكمله، ولا، بالأحرى، نوع المستقبل الأسود الذي ينتظرنا" (ص8).

الزمن المحكي للرواية يستغرق خمسة ايام من ايام شهر كانون الاول من عام 1994 لم يحددها الكاتب بشكل دقيق بل اطلق عليها اسماء ايام الاسبوع تبدأ من ايام الأحد حتى الخميس، وكأنه اراد بها الاشارة لكل أيام الحصار التي استمرت لاكثر من 12 سنة.. وتلك السنين ما أطولها وما أقساها، تحول فيها الفرد العراقي الى سجين ليس له من أمل في الخروج من هذه المعاناة إلا بموته: "ولعلها طريقة حياتنا بالغة التعقيد التي نعيشها هذه الأيام. الحرب، الحصار، الجوع، الفقر، المستقبل الاسود، الوقوف منفرداً أمام العاصفة"(34).

واستطاع التكرلي ان يصور الحالة النفسية التي يمر بها عبدالستار (الاب) الذي يرمز له بالشعب العراقي: "وعبدالستار حميد زهدي، ذلك الحشرة الصغيرة المنزوية في ركن من العالم، يجلس الآن مفكرا فيما هو مطلوب منه ان يقرره. لندع الجوع والتعري والمهانة والمعاناة والحرمان والذل وانتظار المجهول المخيف وقتل العواطف. كل هذه الامور لا تهم العالم. هي تخص الشعب العراقي فحسب. فليتحمل هؤلاء التعساء اذن. لا خيانة مطلوبة منهم. كلا. لا خيانة لا طعنات في الظهر ولا سرقات ولا غش ولا تعصب مطلوب الموت جوعا بسلام. من الجميع. الموت جوعا بهدوء وسلام" ص86.

"اللاسؤال واللاجواب": رسمت صورة لحالة الاستلاب التي كان يعيشها الفرد العراقي في سنوات الحصار. فمقابل ما كان يعانيه من ظروف معيشية صعبة بسبب جرائم النظام بحق جيرانه (ايران – الكويت) وممارساته القمعية التي شملت ابناء شعبه. وعجز افراد الشعب من الاتيان باي عمل احتجاجي، على سلوك هذا النظام، الذي اذاق الشعب قبل دول الجوار، أشد ويلات العذاب، بقبضته الحديدية التي فرضها على العراقيون بعد ثلاثة قرون من هيمنته على السلطة. لذلك جاء عنوان الرواية "اللاسؤال واللاجواب" معبرا عن الظروف التي كان يعيشها اغلبية الشعب، واستحالة السؤال عن سبب هذه المأساة التي عاشها العراقيون. وقد اجاد الكاتب في تصويرها، ففي حوار بين عبدالستار وأحد الذين ينقلهم في سيارته يذكر له الرجل ردا على وصف عبدالستار بما يمر به العراقيون من حصار ومعاناة بأنها:
"- الله كريم، عمي هذا امتحان للعراقيين
- أمتحان؟! ممن؟ من يمتحنهم يا اخي؟
- من الله سبحانه وتعالى
- ولِمَ العراقيون فقط، من دون خلق الله جميعاً، هم الذين يمتحنون بمثل هذا الامتحان العسير، يا أخي؟
- إرادة الله.
- كلا، لا تقل مثل هذا الكلام يا أخي. لا تضع على كاهل الرب ما عمله شخص احد مفرد. تأمل نفسك يا اخي ماذا يمكنك ان تعمل بعد ان داسك العالم بحذائه داسك وداسنا العالم عن قصد وبإصرار ودون رأفة او رحمة. العالم كله يجتمع ليقتل شعبا بأكمله، يقتله جوعا وحرمانا. هذا ما يجب ان تتأمل فيه"92.



#بوسف_علوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بوسف علوان - استحالة السؤال وعبثية الجواب في رواية -اللاسؤال واللاجواب- لفؤاد التكرلي