أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 4















المزيد.....


كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 4


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 4382 - 2014 / 3 / 3 - 04:06
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إمتدت الفترة التي إرتضى خلالها رَسْل أن يجند نفسه بوقاً مخابراتياً في فرقة الجوقة الإمبريالية المعادية للماركسية و للشيوعية من عام 1932 - و هو تاريخ إشتغاله في : " جمعية الكومنويلث الجديدة " برئاسة تشرتشل - و لغاية عام 1961؛ و هو تاريخ نشره لكتابه الموسوم " الحقيقة و الخيال " ( Fact and Fiction ) و الذي تضمن العنوانين - ماهي الحرية ؟ - و - ما هي الديمقراطية ؟ - المعاديين للشيوعية ، و المنشورَين سابقاً بتمويل سري من وزارة الخارجية البريطانية ، و المكتوبَين بالضبط حسب توجيهاتها مثلما سنرى . و قد جمع في خدمته المخابراتية هذه – و التي لم ينهها إلا بعد أن أمضى فيها على الأقل 31 سنة متواصلة – بين العمالة المدفوعة الثمن لأجهزة الإستخبارات البريطانية زائداً عمالته للسي آيْ أيْ الأمريكية .
الوقائع التي سأوردها هنا سبق و أن افتضحت منذ عام 1967 ، و أصبحت معلومات عامة لا يشكك فيها أي مطّلع منصف لكون كاشفيها أنفسهم هم ممن تسنموا أرقى المناصب في قيادة نفس تلك الأجهزة التي جندت رَسْل و دفعت له ثمن عمالته كاملاً غير منقوص . ليس هذا فحسب ، و إنما لأن الأرشيف الشخصي لرَسْل نفسه قد تكفّل بتقديم الأدلة الدامغة المكتوبة بخط يده عليها . و يمكن لأي قارئ كريم مهتم بالتحقق من هذا الموضوع أن يبحث عبر محرك الـگوگل عن العنوان الإنجليزي (Bertrand Russell and the Cold War ) لكي يكتشف بنفسه خلال ثوان ما لا يقل عن 15900000عنوان ( خمسة عشر مليوناً و تسعمائة ألف عنوان ) ، و التي تشتمل على العدد العديد من المقالات الدسمة المحكَّمة و الدامغة و التي لا تقبل الدحض قط بهذا الخصوص . علماً بأن رَسْل نفسه كان دائم التبجح أمام معارفه ، بل و حتى في مذكراته الشخصية التي نشرها في حياته ، بكونه يعمل لحساب وزارة الخارجية البريطانية التي ترتبط بها أجهزة المخابرات السرية البريطانية ؛ أي أنه كان فخوراً بلعبه لهذا الدور غير المشرف . و لهذا ، فلا موجب للغَيْر – كائناً من كان – أن يجشم نفسه عناء إدعاء " الغيرة " عليه ، و المزايدة عليها ، ما دام صاحب الشأن كان فخوراً بعمالته و مستمرئاً لها . و من المعلوم ، أن صاحب الشأن أولى بشأنه من الأغيار ، قدر تعلق الأمر بالحرص على " الغيرة " على سمعته . هذه المعلومات أصبحت ملكاً عاماً للناس ، و وقائعاً يحفظها التاريخ الذي لم يعد يكتفي بالألسن و العيون و الأقلام ، بل و لقد أصبحت له أقمار و شبكات .
سأكتفي في هذه الحلقة بترجمة عدة فقرات كاملة من مقال الكاتب " أندرو بون " (Andrew G. Bone) المعنون : " بيرتراند رَسْل مروِّجاً للحرب الباردة " (BERTRAND RUSSELL AS COLD WAR PROPAGANDIST ) و المنشور على الموقع :
http://www.lehman.edu/deanhum/philosophy/BRSQ/05feb/bone.htm
و الذي يمكن للقارئ الكريم مراجعته للثبت منه . و السبب في إختياري لهذا المقال بالذات يعود إلى حقيقة أن كاتبه يتولى بنفسه توثيق كل الحقائق الواردة في مؤلفات غيره عن عمالة رَسْل بمقارنتها مع مصادرها الأصلية الموجودة في أرشيف بيرتراند رَسْل بالذات . هذا يعني أننا هنا إزاء نص تأصيلي من الوثائق الثابتة ، و ليس كلاماً مجانياً يصدر عن الهوى و عن الغرض المسبق مثلما تصر أن تفعله دائماً جوقة المهرجين ممن دأبوا على محاربة الشيوعية على صفحات " الحوار المتمدن " متبعين بالضبط نفس الأسلوب غير المشرف لرَسْل الذي سبق و أن أملاه عليه مجندوه في المخابرات البريطانية و الأمريكية مثلما سنرى هنا ، و ذلك كما لو كانت الحرب الباردة لم تنته منذ ربع قرن خلى . و الهدف المزدوج من كل عمليات التلفيق و التزوير هذه ضد الماركسية و ضد حقائق التاريخ هو نفسه الهدف المعلن للحرب الباردة الذي جُنِّدت في سبيل تحقيقه بثمن مدفوع أبواق الرأسمالية من أمثال رَسْل و أورويل و كوئيستلر و سبندر و نابوكوف و بوبر و أشروود و شلزنجر و توينبي وووو . الهدف هو تحقير الفكر الشيوعي لمنع الثوريين من إتباعه ؛ و تحقير الكتّاب الشيوعيين بكل وسيلة ممكنة – و بضمنها ستراتيجية : " حرق السمعة " عبر إساءة الأدب ضدهم و تشويه سمعتهم الشخصية و التشكيك بقدراتهم الإدراكية – لمنع قراء الحوار المتمدن من الثقة بهم ، وصولاً إلى تدمير الفكر الماركسي برمته . مثل هؤلاء يحفرون في أسس الصرح الإنساني الشامخ لماركس و إنجلز بالإبر الصدئة ليل نهار ، و يسكتون عن جرائم القتل الجماعي طوال قرنين لأشنع نظام يعادي الإنسانية عرفته البشرية ؛ و آخر مبتكراته هو تخويله لدوائر المخابرات فيه صلاحية إصدار أحكام الإعدام الكيفية بالجملة يومياً على حاملي بطاقات الهواتف النقالة المشكوك فيهم بقصفهم ، هم و كل مَنْ يتواجد معهم أو بقربهم من الناس الأبرياء بالصواريخ الفتاكة التي تطلقها الطائرات الموجهة عن بعد ، كائناً من كانوا : شيوخاً ، أو أطفالاً ، أو شباناً . لا أحد منهم يكتب عن ملايين الأبرياء من ضحايا جرائم الأمبريالية الماثلة للعيان يومياً في جنوب شرق آسيا أو أفريقيا أو أمريكا اللاتينية أو إندونيسيا أو فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو سوريا أو لبنان أو السودان أو ليبيا ؛ في حين أننا نراهم يتراجفون إستنكاراً عند نشر الحقائق عن بوق إمبريالي مثل رَسْل حرَّض على ضرب موسكو بالقنابل الذرية مثلما هو ثابت ضده بالوثائق الدامغة و التي لا تقبل الدحض حسبما سبق و أن تبين لنا في هذه السلسلة من المقالات ، بحيث أن مجلة " ترود " السوفيتية قد اضطرت في حينه إلى تسميته بـ : " الفيلسوف القذّاف للقنابل " (Philosopher Bomb-Thrower ) . هؤلاء النفر من المعادين للشيوعية بكل السبل يقارنون فكر هذا المتخلف رَسْل - المنادي بأخصاء 99% من كل البشر و بضرب موسكو بالقنابل الذرية قبل إمتلاكها لها - بالفكر التقدمي لماركس و إنجلز اللصيق بكل ما هو إنساني . و لكن التاريخ لم و لن ينسى من هم أعداء البشرية ، و لا من هم أصدقاؤها ؛ لن ينسى من نادى بإخصائها ، و من نادى بإسعادها ببناء جنتها على هذه الأرض على الأسس العلمية ؛ من أملى عليه الضابط الإستخباراتي النكرة خطط كتيباته الرثة مثلما سنرى هنا ، و من أملى عليه ضميره الناصع البياض و عقله الجبار خطط أرقى فكر بشري عرفه العالم .

نص أجزاء من مقالة أندرو بون [ الأقواس الكبيرة مني ] :

" تتضمن المقالة النقدية لـ " جاك كلونتز " في عدد آب ، 2004 من " المجلة الفصلية " (BRS Quarterly ) حكماً قاسياً على النشاطات الترويجية التي إضطلع بها بيرتراند رَسْل في أوج الحرب الباردة . يدين كلونتز تأليف رَسْل لسلسلة من المطبوعات من دار " باكغراوند بُكْسْ " (Background Books) الممولة سرياً من طرف " : قسم بحوث المعلومات " (Information Research Department (IRD)) (الآي آر دي) ، و هو الفرع التضليلي لوزارة الخارجية البريطانية الموكلة إليه منذ عام 1948 مهمة النشر في الخفاء للدعاية المعادية للشيوعية داخل بريطانيا و خارجها . يقول كلونتز أن رَسْل في إعداده لتلك المطبوعات " قد فضح نفسه في أمرين مهمين " :
" أولهما أنه قد خرق أيمانه الشخصي بالأهمية الأعظم في أن يكون الإنسان قادراً على إصدار أحكامه إستناداً إلى حيثيات تلك الأحكام من دون أي ضغط إجتماعي أو سياسي ، و ذلك تحت الأضواء الكاشفة للأدلة التي يجب أن تكون متاحة لكل الناس . لذا فإن رَسْل عندما أخفى حقيقة ضلوعه في الدعاية الإستخباراتية ، فإنه قد فضح ذاته على نحو عميق . كما أنه فضح ذاته أيضاً عندما قدم نفسه بإعتباره مراقباً حيادياً مستقلاً للتيارات السياسية ، أي كشخصية لا تحمل أي مصالح شخصية مخفية أو خاصة . إذن ، فأن رَسْل قد كذب في الواقع على قرائه عندما أخفى عنهم المصدر لكتابته لتلك المطبوعات " .
هذه هي إتهامات خطيرة و التي – إن أمكن ذلك – تستدعي إسنادها لقراء " المجلة الفصلية " بالأدلة من أرشيفات رَسْل ، و هذا ما سنقدمه في الجزئين الأولين من هذه المقالة . سيحاول الجزء الأول تسليط بعض الضوء على تورط رَسْل في مشروع باكغراوند بُكْسْ ، فيما سينقب الجزء الثاني أعمق في ارتباطاته بقسم بحوث المعلومات . مع ذلك ، فلم تكن كل نشاطات رَسْل المعادية للشيوعية منفذة نوعاً ما بأسلوب العباءة و الخنجر المعهود لدى جماعة الإستخبارات و الأمن . ففي سيرته الذاتية , كان رَسْل تام الصراحة حول تسنمه المنصب غير الرسمي كناطق بإسم وزارة الخارجية البريطانية في أواخر الأربعينات و أوائل الخمسينات [ من القرن الماضي ] . هذا الجانب الأكثر شفافية من رَسْل كمروج للحرب الباردة سيتم فحصه في الجزء الثالث من المقالة . أما الجزء الأخير ، فسيراجع علاقة رَسْل الإشكالية بمشروع آخر سري التمويل للحرب الباردة ، ألا و هو مؤتمر الحرية الثقافية (Congress for Cultural Freedom ) ( CCF ) . و سوف يلغي هذا الجزء أي صورة معكوسة يمكن أن تكون قد ظهرت عن رَسْل كشخص مغفل أو كعميل مضطر للعمل لحساب قوى طاغية ، و ذلك بتوضيح أنه كان أبعد ما يكون عن صفة رئيس المجلس الفخري المنقاد ، أو الذي قبل على مضض ترؤس هذه المنظمة التي تقف خلفها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية و الخاصة باليسار العالمي المعادي للشيوعية .
1. كُتُب رَسْل من دار " باكغراوند بُكْسْ "
وفقاَ لكلونتز ، فإن الخطأ الأكبر لرَسْل لا يعود إلى جدالاته المعادية للشيوعية الحادة أحياناً و التي إستخدمها في مساهماته لباغراوند بُكْسْ ، و أنما لفشله في الكشف عن كون هذه المطبوعات ممولة من طرف ذراع الدعاية السرية للحكومة البريطانية . كما أن رَسْل لم يحاول حتى تصحيح هذا الوضع عندما سنحت له فرصة مثالية لذلك حين قرر إعادة طبع كتابين منهما ، و هما : " ما هي الحرية ؟ " و " ما هي الديمقراطية ؟ " ضمن مجموعة رسائله لعام 1961 بعنوان : "الحقيقة و الخيال" . و لكن ما مدى معرفة رَسْل بارتباط باغراوند بُكْسْ بقسم بحوث المعلومات ؟ يستشهد كلونتز بالبراهين النصية التي إستخدمها " تموثي غارتن آش " ( Timothy Garton Ash ) لكي يوضح بأن رَسْل كان على معرفة تامة بمصادر التمويل لسلسلة كتب " باكغراوند بُكْسْ " [ هذه البراهين لا تقبل النقاش لكونها إما مكتوبة بخط يد رَسْل أو أنها مؤرشفة من قبله ضمن مراسلاته في أرشيفه الشخصي الذي باع كل محتوياته ( الكتب ، المراسلات ، المسودات ، الصور ، الميداليات ، الأفلام ، الأشرطة ، و حتى منضدة الكتابة ) بنفسه إلى جامعة " ماكماستر " في أونتاريو بكندا عام 1968 ، و محتويات هذا الأرشيف متاحة لكل الباحثين ].

كانت المراسلات [ مع رَسْل ] بخصوص الكتيبين " ما هي الحرية ؟ " و " ما هي الديمقراطية ؟ " و غيرهما من مساهمات رَسْل في مطبوعات باكغراوند بُكْسْ لا تتم من خلال الآي آر دي ( و ليس هذا بالأمر المدهش ) ، و إنما من خلال : " الوكيل الصحفي و الأدبي " ( هذا الوصف هو العنوان المطبوع على رأس قرطاسية ورق المراسلات ) ، و هو " كولن ونتل " ( Colin Wintle ) . عمل كولن ونتل خلال الحرب العالمية الثانية ضابطاً في " المكتب البريطاني التنفيذي لإدارة العمليات الخاصة " المتخصص بشن الحرب السياسية في أوربا المحتلة من طرف النازيين . و بعد إنتهاء الحرب ، أسس ونتل شركة للعلاقات العامة عام 1946 يستخدمها جهاز المخابرات الخارجية البريطاني " أم آي سكس " (MI6) للقيام بعمليات إعلامية سرية . و في نفس الوقت ، كان محرر باغراوند بُكْسْ ، و هو ستيفن وطس (Stephen Watts) ، يمتلك هو الآخر خلفية تجسسية و أمنية ، حيث خدم في جهاز الإستخبارات البريطاني " أم آي فايف " (MI5) [ المكتب الخامس ؛ أو القسم الخامس للمخابرات الحربية ؛ و هو جزء من آلة الاستخبارات البريطانية ، بجانب كل من جهاز الاستخبارات السرية و إدارة الاتصالات الحكومية و إدارة مخابرات الدفاع ] خلال الحرب العالمية الثانية .
في رسالة المفاتحة التي أرَسْلها ونتل لرَسْل ، و المؤرخة في 12 كانون الأول ، 1951 ، يُبلَغ ونتل رَسْل بأن وطس " مهتم بالحصول على مساهمة مكتوبة من طرف متخصص لكتيب بعنوان : " ما هي الحرية ؟ " . و لا يوجد شيء غريب في هذه الرسالة ، لكون رَسْل كان يتسلم عدة طلبات من هذا النوع ، حيث كان يقبل بعضها ، و يعتذر عن غيرها . كما أن مكافئة التأليف [ المعروضة عليه ] ، و البالغة 262 باون و عشرة بنسات ( أي : 734 دولار أمريكي بأسعار الصرف وقتذاك ) ، لا شك في أن لها بعض التحفيز للقيام بهذه المهمة الخاصة . أما الغريب ، فهي هذه المذكرة التي أرفقها ونتل مع نفس الرسالة [ و التي يقرأ نصها ] :

" صُلب النقاشات ستكون الأضداد بين الحريات المستمتع بها خارج العالم الشيوعي و الحريات المستمتع بها داخل العالم الشيوعي . و في الوقت الذي يتوجب فيه على الكاتب أن لا يفترض بأن قراءه يمتلكون أكثر من معلومات رجل الشارع عن السياسة و الفلسفة ، سيكون طبعاً من غير المناسب معالجة الموضوع بالأسود و الأبيض غير الملمع ، و لا بالمنهج العاطفي . يجب السماح التام لذكر عدم الكمال في العالم غير الشيوعي ، و لكن يجب إتخاذ موقف ثابت تجاه المعايير المطلقة للحرية الشخصية – و في هذه النقطة يمكن للمرء تماماً أن يسمح لنفسه بالجمود العقائدي (dogmatise ) . و يمكن للتعليم أن يقدم أفضل الأضداد بين العالَمَين . فمهما كانت نوعية التعليم بائسة في أماكن واسعه من العالم غير الشيوعي ، إلا أن هذا التعليم بإمكانه الإدعاء بكونه حراً من الهدف المعلن للنظام السوفيتي بحبس العقل داخل حدود عقيدة لا يمكن الدفاع عنها فلسفياً . باختصار ، في ذهن المحرر الرسالة الذي ترضى بفكرة أن آفاق الحرية البشرية هي أفضل خارج الماركسية-اللينينية-الستالينية ، و أن هذه الرسالة ستطور الحجج لإثبات أسباب ذلك . "
[ الرقم المرجعي لهذه الرسالة بين رَسْل و ونتل و لمثلها في أرشيف رَسْل بجامعة " ماكماستر " باونتاريو ، كندا ، هو : (RA1 410 (Wintle) ]

و رغم أن رَسْل كان كثيراً ما يُطلب منه أن يكتب في مواضيع معينة ، إلا أنه ما كان قد إعتاد على إتباع مثل هذه الإملاءات التحريرية و الآيديولوجية . و بعد قيام رَسْل بتسليم مسودة " ما هي الحرية ؟ " في بداية عام 1952 ، أرَسْل ونتل لرَسْل رسالة طويلة و مفصلة يطلب فيها منه أن يخفف من إنتقاداته للسياسة الأمريكية في معاداة الشيوعية . صحيح أنه قد أسبغ على طلبه هذا شيئاً من اللايقين ، و لكنه أشار أيضاً إلى رأي : " قارئ عالي الذكاء لدار النشر " و الذي يرى : " أن كلاً من التأثير و القبول التجاري للكتيب عند بعض الأوساط سيزدادان عند إجراء تلك التعديلات الطفيفة " ( 12 آذار ، 1952) . أما هوامش رَسْل على تلك الرسالة فتبين إنصياعه لكل التعديلات التي طلبها منه ونتل .
الرسالة اللاحقة من ونتل لرَسْل و الموجودة في أرشيف رَسْل هي تلك المؤرخة في 17 شباط ، 1953 ، و التي تتضمن عرضاً له بتأليف كتيب مرافق للكتيب السابق المعنون " ما هي الحرية ؟ " ، بعنوان " ما هي الديمقراطية ؟ " . و كانت توجيهات التحرير بصدده أقل تفصيلاً من سابقه ، رغم أن ستيفن وطس ( محرر الباكغراوند بُكْسْ ) قد طلب منه إقتراح "شيئين" :

" 1. يمكن البدء من نقطة أن هناك نظامان يسميان بنفس الإسم [ أي بالديمقراطية ] – و أن ذلك هو أحد الأمثلة المتطرفة للإستخدام الفاسد للكلمات – بحيث أنه في سياقات خاصة ( مثال " الديمقراطية الشعبية " في أوربا الشرقية ) يعني عكس معناه في الغرب . و يمكن لهذه النقطة أن تفسح المجال لشرح أن المعنيين كليهما ليسا هما المعنى الأصلي للكلمة – و من ثم يتم تقديم المراجعة التاريخية لهذه الكلمة و لهذه الفكرة .
2. الإستنتاج يمكن أن يكون ، في الواقع : أنه مهما كانت الديمقراطية الغربية ناقصة ، إلا أنها في التطبيق ليست على الأقل النفي لكل شيء نعنيه من هذه الكلمة ، مثلما هو حاصل في نسختها الشيوعية " ...

بعد فترة قصيرة من تنفيذ الترتيبات الخاصة بالكتيب " ما معنى الديمقراطية ؟ " ، طلب ونتل من رَسْل كتابة مقال قوامه 1250 كلمة يستخدم فيه رَسْل " نقطة الإنطلاق للموضوع " المحاكمة الصورية التي ستقيمها موسكو للأطباء اليهود المتهمين بمؤامرة ملفقة ضد السوفيت . " أنت ، بالطبع ، ستعرف الكيفية الفضلى للإستزادة في الموضوع " ، يواصل ونتل القول في رسالته المؤرخة في 24 شباط ، 1953 ، " و لكنك إن رغبت في ذلك ، فإنني أريد منك أن تستخدم : " نبرة عالية " ، و أن تصب أكبر التحقير الذي يطيب لك صبه على النظام السياسي و الاجتماعي و الفلسفي الذي ينتج مثل هذه الظواهر البربرية ، و ذلك في نفس الوقت الذي يتوقع فيه [ هذا النظام ] من المجتمعات الغربية أن تُعجَبَ به و أن تُقلده . " "
و يبين الهامش المعتاد لرَسْل على متن صفحة هذه الرسالة و الذي ينص على : " الجواب . نعم " ، و المحرر على زاويتها اليسرى العليا ، قبوله لطلب ونتل هذا . " ...
آخر واجب معروف لرَسْل لحساب باكغراوند بُكْسْ ظهر في ندوة أخرى بعنوان : " لماذا أنا أعارض الشيوعية ؟ " . و من بين المشاركين فيها يجب ذكر أسم المؤرخ " هيو ترفر-روبر " ، و الشاعر " ستيفن سبندر " – الشيوعي السابق ، و المحرر بالمشاركة لمجلة " إنكاونتر " (Encounter ) [ الممولة من السي آي إي ] و الذي سرد قصة إرتداده [ ضد الشيوعية ] في القصة الكلاسية العائدة للحرب الباردة و المعنونة : " الإله الذي فشل " (1950) (The God That Failed ) . و كان ونتل قد طلب من رَسْل : " أن يكتب بصفة " الأممي" " ، في حين أن مقالته قد طُبعت له بصفته : " الفيلسوف " ( تاريخ الرسالة : 26آذار ، 1954 ) . و لقد تأخر طبع الكتيب الخاص بهذه الندوة لسنتين . في غضون ذلك ، و بالتزامن معه تقريباً ، فقد ظهرت نفس مقالة رَسْل بعنوان آخر هو : " الإحتيال الماركسي " ( The Marxist Fraud ) في مجلة : "نيوز كرونكل" (News Chronicle ) . و لاحقاً ، في نفس العام 1956 ، فقد قام رَسْل بإعادة نشر نفس المقالة بعنوان : " لماذا أنا لست شيوعياً " ( Why I Am Not a Communist) ضمن أجزاء كتابه : " صور من الذاكرة " (1956) ( Portraits from Memory) ...
و خلال السنوات الخمس من بدء سلسلة كتب باكغراوند بُكْسْ عام 1951، فقد تم طبع ما يقارب الأربعين كتاباً ، و بلغ عدد نسخها باللغة الإنجليزية في التداول حوالي 300000 كتاب [ ثلثمائة ألف كتاب ] . كما تم طبع نسخ مترجمة لها باللغات الأجنبية . و كانت الكتب المهيأة للتصدير تُرسل إلى البعثات الدبلوماسية البريطانية ، و يتم تشجيع إرسالها للقنصليات و المؤسسات الرسمية للبلدان الأخرى بغض النظر عن التكاليف . كما تم تجنيد دور النشر المحلية في الخارج للمساعدة في مهمة التوزيع . و يمكن أن تكون النسخة الهندية من كتاب : " لماذا يجب أن تفشل الشيوعية ؟ " (Why Communism Must Fail ? ) قد جرى طبعها بهذه الكيفية .
دشنت باكغراوند بُكْسْ منشوراتها بالكتاب المعنون : "ما هي الشيوعية ؟" What is Communism ? ) ) المنشور خالياً من ذكر إسم مؤلفه ، و الذي أرسى دعائم النغمة التأليفية للعديد من كتبها اللاحقة . و كانت العديد من مطبوعاتها – بضمنها الكتيبين اللذين كان رَسْل المؤلف الوحيد لهما – تقدم موجهاً مكثفاً لرجل الشارع بخصوص موضوعات كبيرة أو مختلف عليها . و من بين تلك الموضوعات التي تزامنت مع كتاب رَسْل : ( لماذا أنا أعارض الشيوعية ؟ ) خلال عام 1956 كانت العناوين : " كم هي قوة الشيوعية ؟ " : ( How Strong is Communism ? ) لـ " لنرد شابيرو " ، و " ماهي الإمبريالية ؟ " ( What is Imperialism ?) لإدورد عطية ، و " ماذا حصل للتشيكين ؟ " (What happened to the Czecks ? ) لروبرت بروس لوكهارت . و كانت هذه الأدبيات موجهة للمتلقين على نطاق جماهيري واسع ، و ليس للنخبة .. و كانت تلك الكتب ترزم و تباع بسعر رخيص ، إذ أن أغلبها لم يكن حجمه يتجاوز الأربعين صفحة ، و يجري عرضها للبيع بسعر شلن واحد ، أو شلن واحد و ستة بنسات ( أي 14 سنتاً ، و 21 سنتاً ) ، رغم أن الدراسات التي تستغرق عدداً أقل من الصفحات كانت تباع بأسعار تفوق الأسعار الزهيدة أعلاه بخمسة أو عشرة أضعاف .
كما رتب قسم " الآي آر دي " عملية نشر عدد قليل من الكتب الموجودة سابقاً و المؤلفة بشكل مستقل ، مثل كتاب كْيْرُو-هَنْت الموسوم : " النظرية و الممارسة الشيوعية " ، و كتابي جورج أورويل : " حقل الحيوان " و " 1984 " ... "
يتبع ، لطفاً .



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية الكلب المثقف :- سربوت -
- قصة قدموس مثالاً للملحمة التاريخية / 1
- كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 3
- كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 2
- كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 1
- هيجل و رَسْل : الأسد يُعرف من فكيه
- عودة إلى خرافات يعقوب إبراهامي بشأن قوانين الديالكتيك / 2 و ...
- حكاية الطَّبْر و الهَبْر
- الفتى صالح و السبحة الكهرب
- عودة إلى خرافات يعقوب إبراهامي بشأن قوانين الديالكتيك /1
- الحمار و عبد الكريم
- قوانين الديالكتيك و ظواهر فيزياء علم الكم / 7 - الأخيرة
- قوانين الديالكتيك و ظواهر فيزياء علم الكم / 6
- قوانين الديالكتيك و تخريفات أبراهامي بصدد عدم وجود الصراع دا ...
- قوانين الديالكتيك و تخريفات أبراهامي بصدد عدم وجود الصراع دا ...
- ألحمار المناضل
- طبيعة قوانين الديالكتيك و طريقة إستنباطها و فحصها و علاقتها ...
- قصة البغل المتهوِّر
- قصة العيد
- رفسة إسطنبول


المزيد.....




- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 4