أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - السردين














المزيد.....

السردين


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 4377 - 2014 / 2 / 26 - 21:17
المحور: كتابات ساخرة
    


يعود عشقي لسمك السردين إلى سنين طويلة خلت. وبالرغم من انحداري من بيئة بحرية أعيش على شواطئها منذ ما يزيد على النصف قرن، إلا أنني لم أشبع السردين طيلة هذه المدة لأسبابٍ عديدة؛ أولها الفقر المدقع الذي عشته، ويبدو أنني سأغادر إلى دار البقاء وأنا مسربلٌ بتلك الصفة. وثانيها أنني جرّبت مراراً صيد السمك ولم أفلح إلا لماماً، بسبب افتقار الشاطئ السوري للثروة السمكية نتيجة الصيد الجائر من جهة. وبسبب سرعة نفاد صبري من الانتظار لدى استجداء السمكة التعلق بصنّارتي من جهة أخرى. ولذلك فقد أصبح هاجسي الدائم هو كيفية تلبية رغبتي من ذلك الطعام الفردوسي. وإن نسيت فلن أنسى عندما كنت طالباً في المرحلة الابتدائية، وسألت معلم الصف بينما كان يشرح جمالية الحياة في الملكوت الأعلى: ((أستاذ هل يوجد سمك في الجنّة؟)) وكيف أثار سؤالي البريء ذاك عاصفة من الضحك بين الطلاب..
وكبرت، وكبر معي تعلّقي بالسمك، لدرجة إذا أراد أحدهم دعوتي إلى وليمة غداء أو عشاء، فلا أُسأل عن الطبق الذي أفضّله، فقد بات شغفي بالسمك معروفاً للجميع.
حتى أن أحد الفاسدين أراد شراء ذمّتي حينما كنت رئيساً للدائرة القانونية لدى الشركة التي أعمل بها، حيث سأل معارفي عن نقطة ضعفي ليستثمرها لصالحه فأجابوه: "السمك" ولا شيء غير السمك.. ولولا لطف الله لسقطت صريعاً أمام هذا الإغراء الساحر.
وأذكر أنه خلال اعتقالي بسبب انتمائي المزعوم إلى (رابطة العمل الشيوعي) بالرغم من أنني كنت آنذاك في صفوف الحزب الشيوعي السوري. وعشية نقلي من أحد المعتقلات إلى معتقل آخر في العاصمة، فتح السجان كوّة الزنزانة مساءً وناولني صحناً فيه ثلاث سمكات بعد أن أفرغ فيه محتويات علبة سردين. ويا للمفاجأة السارة! سمك وأنا في السجن؟! لم أصدّق للوهلة الأولى؛ شممته، مرة واثنتان وثلاث.. أعددتها: إنها ثلاث سمكات مقطوعة الرأس. قلت في نفسي سوف أحتفل بهذه السمكات على ثلاث وجبات. التهمت السمكة الأولى بتلذّذٍ نادر. وأبقيت السمكتين الأخريين إلى اليوم التالي. ولكن عند الفجر طُلب مني على حين غرّة تجهيز نفسي لمغادرة الزنزانة وترحيلي إلى العاصمة فوراً. وكأن ثمة تواطؤ بحقي إمعاناً في قهري وتعذيبي من خلال حرماني تناول أطيب ما أنتجته الطبيعة. غادرت الزنزانة مكسور الخاطر وعيني على السمكتين.
ومؤخراً أصدرت الحكومة قراراً بمنح كل أسرة سلّة غذائية تضم المواد الغذائية الأساسية، قد يطبّق في القادم من الأيام.. ولكن للأسف لم يكن من بينها حتى علبة سردين واحدة.
وقبل ارتفاع الدولار، كنت في مطلع كل شهر أشتري أربع علب سردين، أحتفل مساء كل يوم خميس بواحدة منها، بطقوس صائمٍ بعد دهرٍ من الجوع.
وبعد ارتفاع أسعار السردين، أصبحت أشتري علبة واحدة كل شهرين، أُبقيها على الرفّ بمكانٍ بارزٍ وعلى مرمى نظري اليوميّ، إلى ما قبل قبض الراتب بيوم واحد، لأحتفل بالتهامها مع كأس من العرق، نكايةً بظروفي المتقشفة التي أُجبرنا عليها.
وعند التعديل الحكومي الأخير، كنت أتمنى تسمية وزير يحمل حقيبة وزارة الثروة السمكية والحيوانات والطيور.. فقد يجود علينا ببعض السردين.. ولكن هيهات.
لذلك، وقسماً عظماً، إذا قُيّضَ لي حضور مؤتمر "جنيف2" سوف يكون أحد أهم طلباتي أن تضم الحكومة الانتقالية وزيراً للسردين. وما حدا بمطالبه أحسن من حدا..



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العاشق
- دقائق بلا حياء.. ولا خوف
- القطط الضامرة
- مشوار
- روسيا تزداد تعملقاً
- أوباما.. يا بالع الموس عالحدّين!
- عالمكشوووف
- S.M.S إلى الرفيق قدري جميل
- خريف العمر
- من تحت الدلف إلى تحت المزراب
- البصلات المحروقة
- غاز.. غاز!
- حَدَثَ في -بوركينا فاسو-
- اللاءات الخمس و(النعمات) العشر
- الفاكهة المحرّمة
- الطبيب الذي لا يخاف
- قراءة في أعمال المجلس المركزي لهيئة التنسيق الوطنية
- رخصة بيع فلافل
- حكايات شخصية
- الثعلب


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - السردين