أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عدلي أحمد - الأزهر إذ يترنح














المزيد.....

الأزهر إذ يترنح


أحمد عدلي أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1244 - 2005 / 6 / 30 - 07:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تثير علاقة الحكومة المصرية بالدين حيرة أكثر القادرين على التحليل من المتابعين ، فمن جهة ترفض الحكومة وبإصرار السماح للإخوان المسلمين بالاندماج في السياسة الرسمية (رغم وجودهم العريض في الممارسة الفعلية) ، بحجة رفضها للأحزاب الدينية التي تقسم الشعب وتهدد الوحدة الوطنية، مما جعل أنصار التنظيم يتهمونها بالعلمانية، وهي لا تزال تهمة في معظم البلدان العربية، بينما تقوم من جانب آخر بممارسات لا تتماشى مع هذا المظهر العلماني ، فهي تنفق من المال العام المملوك للمسلمين وغيرهم على الأزهر (الجامعة التي لا يسمح لغير المسلمين بالانخراط فيها بشقيها المدني والديني) ولم تكتف بذلك ، بل شكلت أخيرا لجنة ذات ضبطية قضائية من رجال الأزهر تختص بضبط الكتب المخالفة للشريعة الإسلامية حتى لو لم تكن ذات طبيعة دينية (الأمر الذي ينسحب على الأعمال الأدبية والفلسفية والاجتماعية والتاريخية التي تمس الدين الإسلامي أو ممارسته اجتماعيا) و قد كان القانون ولا يزال يمنح الأزهر الحق في مراجعة المصاحف وكتب الحديث التي تعتبر المتون الرئيسية للدين الإسلامي ، ولكن الأزهر سمح لنفسه في مناسبات كثيرة بإخراج توصيات بشأن موقفه من بعض الكتب المنشورة ، وقد دأبت الحكومات في عهد الرقابة على النشر على احترام هذه التوصيات ، غير أن الأزهر فقد هذه الميزة التسلطية بعد انقضاء عهد الرقابة على النشر بمصر ، ولم تعد توصيات الأزهر بشأن النشر تمنع نشر الكتب ، بل تثير ضد الكتاب وكاتبه موجة احتجاج شعبي عنيف وصل إلى القتل في بعض الأحيان ، ولكن هذه السلطة الذهنية لا تشبع من اعتاد التسلط ، فهو لا يرضى بغير سلطة رسمية يلمسها كل من يتعامل معه حتى يستطيع أن يقول العبارة ذات الشهرة بمصر "أنت عارف أنت بتكلم مين....أنا أقدر أخرب بيتك" ، ولقد وجد التسلطيون في المؤسسة الثيوقراطية العريقة ضالتهم في هذا القرار الحكومي الذي تصورت الحكومة أنها تتملق به الشعب الساخط من أدائها السياسي والاقتصادي والأخلاقي ، وتفوت به الفرصة على خصومها الذين يقدمون خطابا دينيا مثيرا للجماهير، فلم تجد من وسيلة للتغلب عليهم سوى المزايدة عليهم على حساب العقل المصري والثقافة في مصر، ولقد تناسى هؤلاء التسلطيون وهم يعبرون عن بهجتهم بالقرار أن الإسلام السني الذين يدعون أنهم منارته وأكثر ممثليه اعتدالا لا يعترف بسلطات ثيوقراطية على الحياة العامة لأن وظيفة رجال حسب القرآن "ولينذروا قومهم" فقط الإنذار وليس إدارة شئون قومهم في أي مجال.
غير أن المثير أن المؤسسة الأزهرية قد تخبطت عند محاولة ممارسة ما أسند إليها من دور إشرافي على النشر في مصر ، وقد اتضح ذلك عندما طلب أحد الناشرين من "مجلس البحوث الإسلامية" وهو أحد لجان الأزهر إبداء الرأي في كاتب "محمد..مؤسس الدولة الإسلامية" من تأليف القس جورج بوش الذي عاش في القرن التاسع عشر وهو مؤسس العائلة البترولية التي أنجبت رئيسين للولايات المتحدة منهم الرئيس الحالي ، ورغم أن القانون لا يلزم الناشر بالحصول على موافقة اللجنة المذكورة إلا عند طباعة المصاحف ، فإن كثيرا من الناشرين اعتادوا أخذ موافقتها درءا للمشكلات خاصة بعد تشكيل اللجنة الأزهرية الجديدة للإشراف على الكتب ، وقد صدر قرار مجلس البحوث كما كان متوقعا بأن نشر الكتاب لا يتعارض والشريعة الإسلامية ، فعلى مدى أكثر من قرن اعتادت المطابع المصرية على نشر ترجمات للعديد من الكتب الغربية التي تعرضت لسيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) من باب إتاحة الفرصة للتعرف على الخطاب الغربي حول الإسلام ، وقد أشاد الكثير من المتدينين بالعديد من الدراسات التي ترى النبي زعيما عظيما وعبقريا فريدا برغم أن هذه الأوصاف في سياقها توحي بأن القرآن من إنتاج النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تصدت الأقلام منذ محمد عبده لتفنيد "الشبه" التي أوردها بعض "الحاقدين" على الإسلام والرسول على حد قولهم ، ولم يتطرق الأمر غالبا لمناقشة مبدأ نشر هذه الكتب من منطلق أن "ناقل الكفر ليس بكافر حتما" ، ولكن في هذه المرة حدث ما لم يكن في الحسبان ، فلقد شنت صحيفة الأسبوع الغوغائية الخطاب الفاشستية الهوى حملة عالية الصوت ضد الأزهر لموافقته على الكتاب المذكور معتبرة أن قرارها هو نوع من الخضوع للأجندة الأمريكية المتعلقة بتحديث الخطاب الديني ، وأمام النبرة الحادة و الغاضبة من الجريدة المصابة بتحساس من كل ما هو غربي وأمريكي (فما بالك وهو من عائلة بوش) فقد اضطرت مشيخة الأزهر لعدم الموافقة على تقرير "مجلس البحوث الإسلامية" والتصريح بأن تقريرها خاضع للمراجعة وهنا تتضح المفارقة ، فالمؤسسة التي أرادت أو أريد لها _لا فارق_ أن تمارس سلطة على أمزجة الشعب الفكرية وجدت نفسها مضطرة لمراعاة أمزجة الشعب السياسية متخلية عما يجب أن يكون عليه البحث العلمي من موضوعية تركز على الموضوع لا كاتبه، وإن كان من دلالة لهذه الواقعة فهو أنه قد فات الأوان الذي تستطيع أن تفرض فيه المؤسسات الدينية على الناس ما يعتقدونه ، فنحن نعيش عصر الجماهير مهما بدا ذلك سيئا في عيون البعض سواء المثقفين الذين بات عليهم أن يصوغوا أفكارهم في عبارات متواضعة لا تروق لأمزجتهم ، أو التسلطيين الذين يروق لهم أن يأمروا فيأتمر الآلاف بأوامرهم، وبالطبع من المفهوم أن يقول أغلب المؤمنين بالكاثوليكية في الغرب أنهم سيسمعون صوت ضمائرهم إذا تعارضت مع آراء البابا الجديد المحافظ بنديكت السادس عشر ، إلا أن تراجع الأزهر في القضية التي ذكرناها يوضح ضمن شواهد عديدة أن سلطة الثيوقراط تترنح في الشرق الإسلامي أيضا ، ورغم أن نتيجة ذلك كانت سيئة في هذا المثال ( متمثلة في التضييق على نشر أحد الكتب) لأن الرأي العام في بلادنا ما زال لا يثمن الحرية غاليا ، إلا أن الآثار المستقبلية لذلك الترنح ستكون أفضل في المدى المتوسط، لأنني أجزم أن إقناع الجماهير بقيمة الحرية سيكون أسهل من إقناع ثيوقراطي أو تكنوقراطي تسلطي.



#أحمد_عدلي_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوى اليسارية والمعتدلة اللبنانية لماذا خسرت الانتخابات؟
- الخطاب الإسلامي الجديد..هل هو جديد بالفعل؟
- ما الذي كان خاطئا؟
- لبنان الحقيقي جاي
- نجاحات المعارضة اللبنانية تظهر في ساحة رياض الصلح
- الإنسان إذ يصبح رقما
- عندما يصبح الموت هو الغاية المقدسة
- هنتجونيون عرب
- خدعة الديموقراطية الإسلامية
- هل من تجديد حقيقي للإسلام؟
- الإسلام والحريم
- المرأة في المجتمع العربي...بين الظهور والإخفاء
- إنتاج الإسلام الإرهابي
- رؤية جديدة لنكاح المتعة....دراسة فقهية تاريخية في ظل الإسلام ...
- ..الجنس..الوحش الجميل :دراسة اجتماعية لتطور النظرة الدينية ل ...
- ..الجنس..الوحش الجميل :دراسة اجتماعية لتطور النظرة الدينية ل ...
- تساؤل الهوية ...لبنان نموذجا


المزيد.....




- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عدلي أحمد - الأزهر إذ يترنح