أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي الخليفي - عذرا معشر الكلاب















المزيد.....

عذرا معشر الكلاب


علي الخليفي

الحوار المتمدن-العدد: 4374 - 2014 / 2 / 23 - 14:44
المحور: المجتمع المدني
    


قلي أى حيوان تحترم وتبجل أقل لك من تكون .

( دنيا رديه تؤدي للكلاب التحية)
هذه حكمة كما يزعم قائلوها ولكنها ليست أبدا من حكمة المجتمعات المتحضرة والمتمدنة والتي تعلي من شأن القيم والفضائل المثلى ، بل هي نتاج تجارب مجتمعات بدوية متخلفة ومغرقة في تخلفها.

الكلب وبدون إتباع ذلك بمصطلح - أعزكم الله - الذي اعتاد البدو على ترديده كلما تلفضو بأسم هذا المخلوق المضطهد والملعون والنجس في ثقافتهم وفي شريعتهم المستمدة من تلك الثقافة ،هذا المخلوق لم يجني دنبا ليعاني من كل هذه اللعنات التي تنصب عليه وكل هذا الإزدراء الذي يلقاه حتى أن إسمه صار مرادفا في لغة الأعراب العقيمة للإنحطاط والدناءة وصار شتيمة قد تدفع أحد أبناء البشر لقتل الأخر من بني جنسه إذا ما شتمه بها .

لا أحد يعرف الجدور التاريخيه لكل هذه الأحقاد على هذا الكائن الجميل ولكن لو بحثنا قليلا في أخلاقيات تلك المجتعات التي تبغض الكلاب وتزدريها وبحثنا بالمقابل في أخلاق معشر الكلاب لتعرفنا وبسهولة على أسباب ودوافع تلك الأحقاد التي تكنها تلك المجتمعات الهابطة لمعاشر الكلاب الكريمة .

أبرز الصفات التي يعرفها كل الناس والتي تميز الكلاب عن غيرها من المخلوقات هي الوفاء. هذا الكائن الجميل هو كتلة من الوفاء تمشي على أربعة سيقان ولعلنا لا نبالغ إن قلنا أنه لو تجسد الوفاء كائن يمشي على الارض فلن يكون سوى كلب.

المجتمعات البشريه تقرب وتدني من أصناف البهائم ما يتوافق طبيعته مع طبيعتها وما تتماشى أخلاقه مع أخلاقها وما يتوفر في طباعه من قيم تتوافق مع القيم التي جعلتها أساس لحياتها ، فالمجتمعات التي تعتاش على الغدر والخيانة والطعن في الظهر ، المجتمعات التي لا تعترف بالوفاء كقيمة وفضيلة عليا في الحياة هي ولا شك تحتقر من يتميز بهذه القيمة ومن يتسم بها ولذا فهي حاقدة على الكلاب كارهه لها تلصق بها كل الصفات الذميمة والتي هي قي حقيقة الأمر صفاتها وصفة حياتها البائسة ولكنها تسقطها على معاشر الكلاب.

في المجتمعات المتحضرة والمتمدنة التي تعلي القيم الجميلة والرائعة والتي على رأسها قيمة الوفاء تجدها تقدس هذا المخلوق الجميل بل تعتبره أحد أفراد العائلة ،تمرض العائلة إذا ما مرض، وتحزن إذا ما حزن ،تسكنه غرف نومها وتطعمه من طعامها وتوليه العناية الصحية كأحد أفرادها وهي إذ تقدسه وترفع من شأنه لتجعله أحد أفراد العائلة إنما تقدس قيمة الوفاء التي يتحلى بها هذا المخلوق والذي لاينسى أبدا اليد التي أمتدت له بحنو وربتت عليه إلى الحد الذي يجعله في أحيان كثيرة يضع حد لحياته عندما تنتهي حياة صاحب تلك اليد الحانيه ولطالما سمعنا وعايشنا قصص لهذا المخلوق الرائع الوفي ،قصص تجسد لنا في شكل درامي صورة العائلة وهي تعود من المقبرة بعد أن تواري الترى أحد أحبتها وتنصرف إلى شؤن حياتها الطبيعيه ولا يتخلف منها سوى الكلب الذي يظل معتصما بقبر صاحبه مضربا عن الطعام والشراب حتى يلحق به إلى عالمه ألاخر.

مجتمعات البداوة القائمة على الغدر والخيانة والطعن في الظهر ،تلك المجتمعات التي لا تجد فيها لاصديق يؤثمن ولا حبيب يفي تحمل أحقاد تاريخيه على معشر الكلاب وتحاول وضعها في وضع مهين حتى أنها في شريعتها التي تزعم أنها سماوية تجعل من هذا المخلوق من دون بقية المخلوقات قاطعا لصلة أفراد هذه المجتمعات بربها في صلاتها وتجعل من ملامسته ،مجرد ملامسته تتطلب التطهر سبعا بالتراب وسبعا بالماء وكأن الإله الذي خلق هذا المخلوق وجعله مجسدا لصفة الوفاء ،كأن هذا الإله هو ذاته إله غادر يبغض هذا المخلوق لتحليه بصفة الوفاء، هذه المجتمعات عندما تحاول إهانة هذا المخلوق وإلصاق كل صفات الإنحطاط التي تعيشها به إنما تفعل ذلك لاأنها تدرك بأنها ومهما فعلت فلن ترتقي أبدا لتصير كلاب فهذا مطمح هي بعيد كل البعد عن إدراكه .

ونعود إلي مقولتنا الخالدة التي صدرنا بها هذا البوح الحزين والتي تقول قلي من حيوانك المفضل أقل لك من أنت ،نعود إليها لنبحت مجددا في تراث المجتمعات البدويه لمعرفة مخلوقها المفضل الذي توليه التبجيل والتكريم ولن نتعجب أو نستغرب عندما نجد إنها تجل بل تقدس ذلك الكائن الذي جعلته سفينة عبور لصحرئها المرعبة الغادرة.

الجمل وما أدراك ما الجمل في ثقافة البدو . لو تصفحت كل كتب التراث الفصيح والعامي لوجدت أطنان من المعلقات التي صيغت بالفصحى والدارجة في مناقب هذا المخلوق البشع
، هذا المخلوق الغادر الذي لايحمل وفاءا لأحد والذي يخزن ظغائنه وأحقاده في سنامه ويتحين الفرصة السانحة التي يغفل فيها صاحبه عنه لينؤ بكلكله على صدره ويسحقه إلي الأرض ويكتم أنفاسه.
ستجد تلك المجتمعات ترفع من قيم هذا المخلوق الغادر لسبب بسيط وهو التوافق في القيم التي تتبناها هذه المجتمعات مع طباع معاشر الإبل.

توافق ليس في الباطن فحسب بل حتى في الظاهر ،فأبرز ما يعرف به ظاهر هذا الجمل أنه مرتع دائم للجرب الذي هو نتاج العفونة والوساخة لأنه لا ينتمي لفصيلة المخلوقات التي تهتم بتنظيف نفسها حتى بضطر اؤلائك البدو لطليه بالقار ،القطران ،أو بتعبير محلي أكثر بلاغة - الزفت - ليتماهى مظهره الزفت مع حياتها الزفتة التي إرتضتها لنفسها.

ونعود للمثل أو ما يسميه الأعراب الحكمة التي أوردناها في مطلع هذه الأسطر والتي كانت هي الدافع لكتابتها .

نعود لذلك المثل الذي وصف الدنيا بالرداءة لأنها تؤدي التحية للكلاب لنقول أن الدنيا ليست رديئة إلا في أعين البدو الأعراب وأن كون الدنيا تؤدي التحية للكلاب فهذا دليل على روعتها وجمالها وليس على ردائتها ،لأن الدنيا لم تنشئ أسسها على قيم البداوة وحكمة الأعراب وإلا لكانت فنتيت منذ عصور متطاولة ولكنها أنشأت أسسها على القبم الفاضلة التي أنتجتها المجتمعات المتمدنة والمتحضرة .

وإن كانت الدنيا رديئة لسبب أنها تؤدي التحية للكلاب فكلنا سنتمنى أن نكون مثل الدنيا بل سنكون أكثررداءة منها لأننا لن نكتفي بتأدية التحية لهذه المخلوقات الرائعة المسمات بالكلاب بل سنرفع قباعاتنا وننحي إحتراما وإجلال لها وللقيم العظيمة التي تتجسد فيها .

تلك القيم الفاضلة التي ليس لها صلة لا بالعرب ولا بمخلوقاتهم التي تدمى من الجرب.



#علي_الخليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يتآمر على من في مصر؟
- الثورة لا تخرج من جامع
- دعوة إلى التشيع
- ما الذي تبقى من إسلامكم؟!!
- ديمقراطية الولي الفقيه
- قراءة شيطانيه في ثقافة شيطنة العقل 2/2
- قراءة شيطانيه في ثقافة شيطنة العقل 1/2
- الربيع الفرعوني .. هل يفعلها الفراعنة ؟
- حتى لا تحكمنا موزة
- الجُموع ليست مُقدسة
- لماذا لا للإسلامجيه
- الدولة المدنية الدينيه
- الله يتضور جوعاً
- تضحيات الكفار يحصد ثمارها المؤمنون
- بين المدنية والتدين 3/3
- بين المدنيه والتدين 2
- بين المدنيه والتدين 1
- سيدي الرئيس


المزيد.....




- الأمم المتحدة تطالب بإيصال المساعدات برّاً لأكثر من مليون شخ ...
- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي الخليفي - عذرا معشر الكلاب