أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نبيل عبد الأمير الربيعي - الأنظمة الشمولية والهوية الوطنية














المزيد.....

الأنظمة الشمولية والهوية الوطنية


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 4374 - 2014 / 2 / 23 - 09:21
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    




لقد تعرضت الشخصية العراقية عبر التأريخ إلى أنتهاكات فظيعة, وخاصة تحت حكم النظام الشمولي السابق , فقد تعرضت إلى هزات عنيفة أثرت في أنكسارها خلال العقود الماضية , بسبب تراكم الانتهاكات للحقوق وسلب الحريات وحرية الرأي والتعبير , لذلك لم يستطع العراق تثبيت روح المواطنة والهوية الوطنية للفرد العراقي وترسيخها على أساس دولة المواطنة والقانون والمجتمع المدني , مما أدى إلى استمرارية المواطن العراقي بالبحث عن الهوية , إن أية جماعة سواء كانت طائفة أو طبقة أو أمة هي مجتمع ضائع ما لم تجد لها هوية تطبعّهُ , فالهوية هي أشكالية ذهنية وليست واقعاً ملموساً , يعرف الباحث إبراهيم الحديري الهوية "مشتقة من الضمير (هو) أي الآخر أو الغير , وليس من الذات أوالأنا ..." .
لو تابعنا تاريخ المجتمع العراقي ومكوناته خلال القرن الماضي , لم نجد إلا أن البلد كان موحداً ومتجانساً ً ينضوي تحت الهوية الوطنية سواء كان بجميع مكوناته الأثنية والدينية , لكن كانت هنالك هوة واسعة تفصل بين الريف والمدينة ولا ترتبط بينهما سوى المصالح الاقتصادية , لكن مع هذا فكانوا أبناء المدينة يخضعون لقوانين الشريعة الإسلامية والقوانين المدنية, أما أبناء الريف فكانوا يخضعون لقيّم وأعراف العصبيات القبلية المصبوغة بالصبغة الدينية , من هذا نعرف إن سكان المدن كانوا أكثر وعياً من أبناء الريف.
بعد تأسيس الدولة العراقية وبناء مؤسساتها التربوية والصحية وببطء , تم تشكيل الدولة العراقية "عام1921 , كان نتاجاً مشوّهاً لنمط الهيمنة الكولونيالية وقنذاك , وكبار الضباط في الجيش العثماني والأشراف وتجار المدن والأفندية الذين شكّلوا نخبة سياسية غير منسجمة " , لذلك عانى العراق ولا يزال يعاني من ضعف روح المواطنة والتباس الهوية مما أنتج إيديولوجية قبلية طائفية , مع العلم إن المكون العراقي يشكل موزائيك فسيفسائي ملون يمتاز بالتنوع الأثني والديني .
من الأمور المهمة والمسببة لتخلف المجتمع العراقي بعيداً عن التقدم الأجتماعي وخاصة خلال فترة الخمسينيات هو نزوح أبناء الريف إلى المدن وخلق مجتمع وهوية فرعية ناتجة عنها البطالة المقنعة , إضافة إلى ترييف المدن و الفساد المالي والإداري الذي خيّم على الطبقة الحاكمة في ظل حكومة نوري السعيد الذي أقحم شيوخ العشائر في المعارك السياسية وخلق طبقة ملاكي الأراضي الكبار وتوحيد صفوفها والدخول إلى البرلمان , وخلق منها طبقة سياسية تميز نفسها عن الطبقات الأخرى , التي أخذت هذه الطبقة (الطبقة الوسطى) بالتمرد , وبخاصة الشيوعيين والضباط الأحرار , الذين أخذوا يعانون من عواقب أرتباط العراق بالمعاهدات الاستعمارية و بالسوق العالمية وأنهيار الاقتصاد الوطني القائم على الزراعة التقليدية والصناعات الخفيفة , كما نال الفساد القضاء وكبت الحريات والأصوات المعارضة .
لو تابعنا دور ثورة تموز 1958 التي أحدثت تغييرات في التركيبة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للعراق , حيث حققت انجازات وطنية بارزة في أكثر من مجال , فقد ساهمت في تشكيل الذاكرة العراقية التي أصبح بمقدور الحركة الوطنية الأعتماد عليها من أجل التغيير , فقد مثلت الثورة منعطفاً تاريخياً مهماً في تاريخ العراق, لكنها تركت أرثاً سياسياً مفعماً بالتعارضات على المسرح السياسي , مما مهد لنمو المؤسسة العسكرية التي فشلت في أن تكون المدافع الحقيقي عن الشعب العراقي الذي هي منه , كما ساعدت ثورة تموز على تقويض المؤسسة العشائرية والانتماء الأثني والطائفي .
لكن بعد صعود المؤسسة العسكرية للحكم عام1968 أعتمدت على النظام العائلي الذي ساعد على تحطيم الدولة البرلمانية التي حاول الحكم الملكي توطيدها , فكان لأرتفاع أسعار النفط وأندماج السلطة الاقتصادية بالدولة التي تحولت إلى دولة ريعية وتحول الدولة إلى أكبر رب عمل بعد سيطرتها على واردات العراق وخلق من الدولة جهاز لقمع المواطنين والمعارضين , وضمور الطبقة الوسطى التي كان من الممكن أن تحمل على أكتافها مهمات قيام الدولة الوطنية , إضافة إلى ضعف الولاء للوطن والهوية الوطنية بسبب أنعدام العدالة الاجتماعية والتمتع بالحرية والعقيدة وأحترام الآخر .
كان لمجيء البعث خلق جيل يمتلك لذاكرة الموت والسلاح والقتل البعثي , فكان يمثل جيل الخراب والاغتراب والمسخ والسلب والنهب والرشوة والابتزاز , جيل الحروب والحصار والحرب الطائفية والعنف و العنف المضاد , جيل العصبيات والصراعات المذهبية والعشائرية والفوضى وتخريب ذاكرة المدن , لكن لوضع الحلول لهذا الواقع المرير في نهاية المطاف هو تحديد ماهية الهوية الوطنية وتعميق الوعي الذاتي " كذلك تحديد المرجعيات التي تجمع بين القوميات والأديان والطوائف في هوية وطنية واحدة بالشكل الذي يخدم الوحدة والتجانس والتفاعل ويطور رؤية ذات بُعد ثقافي واحد لمصير مشترك لجميع مكونات المجتمع العراقي " .
بعد عام التغيير 2003 عاد النظام العراقي إلى الولاء للقبيلة والطائفة والعصبية , أي بمعنى خلق للمواطن العراقي هوية ثانية بعيدة عن الهوية العراقية والانتماء لها , "مما جعل الوعي السياسي يتردد بين الولاء للعصبية القبلية أو المحلية أو الطافية , وبين الولاء للعصبية الدينية التي تعوض عن الولاء القبلي والمحلي والطائفي , أي التماهي بها. وبهذا يصبح الولاء للعصبية هو البديل عن سلطة مركزية قوية قادرة على حماية الفرد , وما يوضح ذلك هو أن الدولة في المجتمعين العربي والأسلامي لم تكن محور العلاقات الأجتماعية , وإنما هي وسيط خارجي لتحقيق المصالح, وفي حالة تحطيم هذا الوسيط تفقد الجماعة واسطة عقدها ومركز توازنها كجماعة سياسية " .

جورج طرابيشي – مسألة الهوية حين تصبح موضوعاً موسوعياً الحياة –لندن 2005
ابراهيم الحيدري- الشخصية العراقية ..البحث عن الهوية ج1 ط1 بيروت 2013 دار التنوير
ميثم الجنابي – العراق ورهان المستقبل – المدى 2006 ص93
برهان غليون – نظام الطائفية من الدولة الى القبيلة بيروت 1990 ص136



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنان هادي الخزاعي.. رحلة أربعين عاماً في الفن
- كاظم الجاسم..عاش شيوعياً ومات شهيداً باسلاً
- شعرية الذات بالنيابة للشاعر علي محمود خضير
- قراءة في كتاب أنطقة المحَرّم للكاتب سعد محمد رحيم
- التشكيلي عاصم عبد الأمير :الاطفال هم رسامون كبار , وقد منحون ...
- حكاية من بغداد
- شذرات من تأريخ يهود العراق
- -الحفاظ على الأرشيف اليهودي العراقي-
- الشاعر محمد كاظم .....ذوق وخيال لعالم الطفولة الجميل
- قاعة دار الود في بابل تستضيف الدكتور جواد بشارة في حوار (الص ...
- جماعة الجندول في بابل و أمسية الاحتفال بالروائي حامد الهيتيي
- العولمة ..تعريفها..أنواعها..نشأتها..نقدها (الجزء الثالث)
- العولمة ..تعريفها..أنواعها..نشأتها..نقدها (الجزء الثاني)
- العولمة ..تعريفها..أنواعها..نشأتها..نقدها-1-3 (الجزء الأول)
- الباحث عامر جابر تاج الدين يؤرخ لمدينة الحلة الفيحاء من النا ...
- التحولات الدستورية في العراق بين الأمس واليوم
- محطات من حياة وفكر هادي العلوي للباحث مازن لطيف
- أحد أهم قضاة العهد الملكي العراقي...القاضي داود سمرة
- بلقيس حميد حسن وهروب الموناليزا
- شاعر العرب الكبير الجواهري و ثورة 14 تموز 1958 وزعيمها عبد ا ...


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نبيل عبد الأمير الربيعي - الأنظمة الشمولية والهوية الوطنية