أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نبيل قرياقوس - رقص شرقي في اليابان














المزيد.....

رقص شرقي في اليابان


نبيل قرياقوس

الحوار المتمدن-العدد: 4373 - 2014 / 2 / 22 - 16:05
المحور: كتابات ساخرة
    


لم تكن الاسابيع المعدودة التي قضيتها في اوساكا عام 1986 كافية لتعرفني ميدانيا على طبيعة الحياة الاجتماعية اليابانية خاصة اني كنت في مهمة تدريبية علمية تستنفذ معظم نهاراتي ولا تبقي لي سوى الاماسي ، كما أعاقني جدا عدم قدرة الشارع الياباني التحدث بلغة اخرى غير لغته ، حتى اني في صيدلياتهم كنت اضطر لاستخدام الاشارة او ذكر الاسم العلمي للدواء الذي احتاج شراءه ، فقليل منهم يتحدث الانكليزية وحتى الكلمات البسيطة منها.

كنت اود لو اني أعثر على عراقي او عربي من المقيمين لفترة طويلة هناك ليفيدني معرفة فلم افلح عدا اني في احد الايام وفي شارع مزدحم بمئات المارة وقعت عيناي على شاب بعمري حينها ، ليس ياباني الشكل ، احسست بانه لن يكون الا عراقيا ، تقابلنا وكان هو الاخر منتبها علي ، بادرته بالسلام بلكنتي العراقية الواضحة ، اجابني : ( وعليكم السلام .. هلة عيني ) ، عراقيا كان ابن عراقي ، عرفته بنفسي ، عرفني بنفسه حتى عرفت احد اقاربه في بغداد ، مغترب هو في اوساكا ، هجر بلده هربا من نار حرب بين اسياد تدفع ثمنها شعوب جاهلة ومقهورة ، ولكونه انسانا مثقفا ومبدعا يحب الحياة والسلام استطاع ان يستقر في بلاد العمل والابداع ، بلاد الـ ( لا ) سلاح سوى الحب والعمل والسلام ، بلاد اليابان ، ومكنه الله ان ينال لقمة عيشه بشرف حاصلا عليها من فم الاسد ، أشر بيده الى مكتبه القريب والمختص بتصنيع الاعلانات واستأذن لانشغاله بعمله . لقاء دقائق قصير انتهى لكنه كان اطول بكثير من لقائي الاخر بعراقي صادفته مساء احد الايام وانا عابر على خطوط المشاة في احد الشوارع ، راّني وحاول الفرار بنظره عني ، لا ادري لماذا كنت واثقا ان الاخ عراقي ، بادرته بالسلام ، اجابني وقد بدى عليه الخوف والتردد : ( هلة يابة ) وما ان نطق الحرف الاخير من ( يابة ) حتى غير اتجاه سيره عائدا الى الضفة الاولى من الشارع فارا مني بسرعة فائقة اخفته عن انظاري كعصفور فر من حجر ، لا ادري ما ظن بي او ما كانت مشكلته ! كم اتمنى ان يكون من القارئين لقصتي هذه بعد مرور ثلاثين عاما .

في محور اخر ، كانت اوقات تناولي العشاء في مطاعم المدينة الاكثر مناسبة للتحدث او التعرف على الفتيات اليابانيات ، فالمطاعم مليئة ليلا ونهارا بزبائن من مختلف الاعمار ، ذكورا واناثا ، ولمعظم تلك المطاعم كراجات خاصة لدراجات روادها تسع كل منها لمئات الدراجات الهوائية . احدى الامسيات وبينما جلسن مجموعة من الشابات اليابانيات الانيقات والجميلات على طاولة طعام مجاورة لطاولتي ، ضحكت احداهن بوجهي ورفعت سبابة يدها اليمنى واضعة اياها اسفل انفها سائلة اياي :
( ما هذه ؟ لم تضعونها ؟ ) وتقصد الشوارب ، ابتسمت دون اجابتها ، زميلتها الاخرى سألتني بلغة انكليزية ركيكة جدا : ( من اين انت ؟ ) ،
اجبتها : ( عراق ) ، استغربت للاسم وكأنها لم تسمع به او بحربه المستمرة حينها مع ايران لاكثر من ستة اعوام ، استدركت اجابتي مكملا : ( عرب ) ، ردت الشابة اليابانية علي مبتسمة ثم ضاحكة رافعة يديها مرفرفة بهما حول صدر مهتز بتليه الجميلين الحاملين لبركاني عسل مكبلين بخيمتي حرير وكأنها ترقص رقصا شرقيا : ( ها .. عرب .. رقص ) ، صدقوني لم افهم ما عنته بتلك الكلمتين ، هل كانت تعني انها معجبة بالرقص الشرقي ؟ ام انها كانت تعني ان الرقص هو الشيء الوحيد الذي تعرفه عن العرب ؟
ما استبعده هو ان تكون قصدت الاستهزاء بشعوب شرقية وعربية ترقص جهلا او نفاقا للحصول على رغيف خبز من حكام اثرياء بارعين في الشعوذة بأسم الدين لخنق الرقاب وقص الالسن .



#نبيل_قرياقوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون اجتثاث الاحزاب الدينية العراقية
- لا نريد دستور اسلامي
- كل متظاهر ارهابي
- تحريم التظاهر في بغداد
- حصانة قاتلي صحفيي الشرق
- عاجل : خمسة ملايين أوربي في بغداد
- أنا الله
- صخب وكباب في طبعة كتاب ( كاريكتير )
- جرائم ادارية مؤسفة في العراق
- الفصل في لجنة التحقق
- وزير السياحة والآثار
- اداريات وقوانين مؤسفة
- مسؤول صاعد ..مسؤول نازل
- كتاب وشعراء للبيع
- رئيس العالم
- لم تعلن حالة الحب
- اعتداءات هواتف نقالة
- طاح حظه
- بيض فاسد ونعل
- العلة بك وبوزيرك


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نبيل قرياقوس - رقص شرقي في اليابان