أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الدير عبد الرزاق - شطحات سياسية: أبواق مستعارة















المزيد.....

شطحات سياسية: أبواق مستعارة


الدير عبد الرزاق

الحوار المتمدن-العدد: 4372 - 2014 / 2 / 21 - 18:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أتى صديقي المحنك" له حنكين كبيرين" يقيم تمفصلا ثلاثي الأبعاد بين الثقافة و السياسة و الفكر، و بتمعن و تركيز كبير بقيت مشدوها إلى كلامه لعل و عسى أخرج منه بتعريف أو فهم دقيق للثقافة و السياسة و الفكر، لكن كل ما خرجت به منه أنه خارج الثقافة و السياسة و الفكر، و الأخطر و الأدهى أن يتكلم على التنظيم الحزبي و آليات الاشتغال الحزبي، في وقت يختزل السياسة و الثقافة و الفكر و التنظيم في " الانتخابات"، إن جاز القول و أردنا تلخيص فكره المحدود في الزمان و المكان سنقول بشكل مركز: السياسة هي الانتخابات، الثقافة هي الانتخابات، الفكر هو الانتخابات، التنظيم هو الانتخابات...
هذا الفكر السياسي العملي المعطوب نخر الممارسة السياسية و أقام قطيعة ابستيمولوجية مع المجتمع الذي تجاوز تفكيره بسنوات ضوئية تمظهرات السياسة سواء على مستوى الخطاب السياسي أو الممارسة السياسية التي تدعي " حسب فكر صاحبنا" أنها تصب في اتجاه تسييس المجتمع، المجتمع انفتح بشكل أكبر على آليات تواصل أكثر تأثيرا في عقليته نحو نسج أبعاد دقيقة و عميقة للممارسة و الخطاب السياسي، لكن في المقابل بقي "السياسي" وفيا لمعجمه التقليدي و خطابه الكلاسيكي حتى أصبح يمثل بوقا مستعارا لطموحات فردية تريد التموقع في الخريطة السياسية و الاجتماعية، في وقت غابت فيه الإرادة السياسية لإنتاج فعل سياسي يقارب مشاكل المجتمع في سمو مطلبيتها و القدرة على حل مشاكل شعب نخرته السياسات العمومية، ما معنى الصراع على المناصب و الأجهزة الحزبية و التموقع الإستراتيجي في خريطة الحزب؟؟ سؤال بقي غامضا و الجواب عنه مبطن في نوايا لا تريد الخير لهذا الوطن الذي منحنا الحق في الحياة، و منحناه الحق في الموت على ناصية حضارة تبنى بفكر و ثقافة و معارف نخبها....
ما لا يعرفه صديقنا أن الثقافة هي الهوية الحقيقية للشعوب في بعدها التطابقي و ليس في بعدها الإيديولوجي كما قد يتصور و كما قد لا يتصور، و الفكر هو بنية أشبهها بالطاحونة، و التفكير هو عملية الطحن، و الواقع هو الدقيق، و النقد هو عملية الغربلة، هذه العملية المعقدة صعبة الفهم و الاستيعاب على صديقنا ، أما السياسة التي يتكلم فيها عن جهل طبعا لا يدركه هي أبعد بكثير عن مداركه، و لا يعرف أن السياسي الحقيقي هو الذي يجد علاجا للدول المريضة، في وقت صديقنا مريض بالسياسة، و سنعطي مثالا حتى يمكن لصاحبنا أن يدرك العلاقات الكامنة بين عدة مكونات تبدو متناثرة و متنافرة في الزمان و المكان، لكن في حقيقتها هي تمثل الجدل أو الديالكتيك في بعده التكاملي و ليس التناقضي أو التعارضي، فمثلا هناك مسرحية، لنفترض أن النص المسرحي هو إيديولوجية الحزب، و المخرج هو أعلى سلطة في الحزب، و لهذا المخرج مساعدين هم من يأخذون القرارات مع المخرج و هم التنظيمات الحزبية التي تشكل العمود الفقري للحزب، و هناك فريق تقني يشتغل على الصورة و الصوت ...، هذا الفريق بالذات هو نواة أساسية كل واحد يشتغل على جزء من الكل، حتى يكتمل الكل، فيما الممثلين لهم أدوارا محددة في الزمان و المكان يجب أن يؤديها كل واحد حسب الدور المناط به، و هم التنظيمات الفرعية للحزب الذين ينسجون علاقات تفاعلية تأثيرية مع الجمهور بشكل مباشر و حي بصدق التشخيص و الرسالة التي يحملونها للجمهور، هذا المثال و إن كان واضحا إلا أنه فيه غموض و إضاءة لأشياء و تعتيم لأشياء أخرى، و لنكن واضحين و نضيء الصورة أكثر، أي حزب في العالم له توجه إيديولوجي معين، و له تنظيم معين، و له إستراتيجية و آلية اشتغال معينة، و له أهداف محددة، فصديقنا سواء عن وعي أو عن غير وعي لا يدرك هذه الشبكات التي هي في آخر المطاف تؤسس لخلاصة الخلاصات و هي مجتمع سليم في أبنيته و فيه منسوب الوعي مرتفع، و فاعل في التاريخ، يملك قرارات حاسمة في اختياراته، فالسياسة العملية في بعدها المؤسساتي في تدبير شؤون الناس هي إطار عملي للممارسة السياسية،و لكن تحتل حيزا ضعيفا جدا في السياسة كعلم له أصول و مرجعيات سواء في الجانب النظري أو داخل التمثل الحسي، و عندما يرتبط الأمر بفلسفة السياسة فهنا تصبح الأمور أكثر تعقيدا و ليس في متناول الجميع، و لكن في متناول نخب من المفترض أن تكون مضطلعة بشكل دقيق بحكم أنها في مواقع يجب لزوما و ضرورة أن تفقه و لو شيئا يسيرا لأنها ستحمل مستقبلا سؤال الشعب السياسي، و ماذا إن كانت هذه النخب فقط تتخندق في فهم بسيط جدا للسياسة؟ أكيد ستنتج سياسات عمومية رديئة لا تفكر و لا تشتغل على هموم المواطن البسيطة، و هنا يصبح الشعب هو ضحية لرؤية و تصورات حزبية اشتغلت بقتالية من أجل كسب الاستحقاقات الانتخابية سواء داخل الحزب نفسه أو داخل الخريطة السياسية العامة مع الخصوم أو المؤيدين، فنصبح مثل حارس لكرة القدم قام بجهد جهيد لالتقاط كرة عالية ساقطة و في لحظة ما خدعه سقوطه على الأرض فقدم الكرة على طبق من ذهب لمهاجم الخصم ليسجل هدفا بسهولة.
خلاصة القول لصديقنا "المحنك" البناء السياسي يحتاج أولا، أرضية صالحة لتصميم هندسي معين، ثانيا، إلى وجود مهندسين يتمتعون بالخبرة العلمية و العملية، و ثالثا، إلى بنائين سياسيين لهم من الكفاءة السياسية ما يؤهلهم إلى المسؤولية و الإشراف على عملية البناء السياسي، لأنه في غياب بناء سياسي حقيقي نكون كمن يعطي بيته لحلاق ليبنيه؟ و رابعا، و هذا هو الأهم في عملية البناء السياسي و هو وجود مواد أساسية دقيقة و علمية تمكن كل الإطارات و الأنظمة من الاشتغال وفق اختصاص كل فرد و جماعة داخل هذا التنظيم، و بنجاح هذا البناء نكون في مرحلة أولى قد بنينا بيتنا السياسي الداخلي بصلابة يستحيل أن يهزها هباب ريح عابرة، و نكون في نفس الوقت قد قدمنا إيواء خارجيا لمن هم خارج البيت و يحلمون بالسكن في بيت بهذه المعايير في مرحلة ثانية، أما المرحلة الثالثة فنكون مضطرين شئنا أم أبينا إلى المساهمة في بناء بيتنا الكبير الذي هو وطننا، و آنذاك نكون المؤهلين الوحيدين الذين فرضتهم الشروط التاريخية و الاجتماعية و السياسية لقيادة الشعب في كل المستويات.
أما الانتخابات فهي تمظهر من تمظهرات اللعبة السياسية، و يمكن بشكل بسيط أن يظل الحزب السياسي خامدا حتى تأتي محطة الانتخابات و يستعين بشخصيات تملك المال و تنجح باكتساح الانتخابات، لكن السؤال الجوهري: ماذا استفاد الحزب السياسي من هذه المحطة؟ الجواب أنه استفاد فعلا من مقعد جماعي أو برلماني و لكن لم يستفد في بناء تنظيم سياسي له وزن سياسي و مجتمعي قوي قادر على التموقع الشعبي و السياسي في الخارطة السياسية لواقع مثقوب يسيطر عليه الفساد، و حتى تكون الصورة أقرب، فجميع الأحزاب ذات الإيديولوجية الإسلامية التي عصفت بها رياح " حادثة السير التاريخية" لم تحمل شيئا لهذه الشعوب غير المآسي و الخطب الدينية الفارغة من أي نية بناء ديمقراطي اجتماعي حداثي، رفعوا محاربة الفساد و الحرية و الكرامة ....، و في الأخير كانوا أكبر المفسدين بمعنى اشتقاقي أكبر من الفساد نفسه و أجهزوا على أحلام الشعوب و يبسوا خبزهم و جمدوا مائهم، و حتى لا يفوتنا التاريخ مرة أخرى يجب إعادة النظر بشكل ثاقب لحركية المجتمع و البناء الحزبي و السياسي المتين الذي يؤهل أي تنظيم لأن يعتلي عرش التاريخ، فالذكي هو الذي يستفيد من هدايا يقدمها التاريخ كما فعل البعض، و الأذكى هو الذي يضرب موعدا مع التاريخ و يسير إليه بقوة التنظيم و البناء الذي يحتاج إلى الأطر و الطاقات الحزبية من أجل هندسة كل مرحلة بدقة بالتشارك ليس الغطاء الخطابي و لكن بالتشارك العملي الفعلي و النقاش العميق البَناء الذي يعبر عن إرادة و حسن نية في البناء، تكون فيه المصلحة الحزبية و الوطنية أهم من أي مصلحة أخرى، فإذا امتد نفس المعجم السياسي على مستوى الخطاب السياسي، و إذا امتدت نفس الآليات الكلاسيكية في تدبير شؤون أحزابنا السياسية، و إذا امتدت نفس العقليات الانتهازية و الاستغلالية في تنظيماتنا الحزبية و السياسية، و إذا امتدت فكرة أن الانتخابات هي الصورة الحقيقة لموقع الحزب، فنحن ننتج بالضرورة و بشكل علائقي مجتمعات غير سياسية، و ستدفع أوطاننا الثمن باهظا في عدم الاستقرار، فاليوم الصورة معتمة و سوداوية و غدا عندما ستفقد الشعوب ثقتها في كل الخطب السياسية، و في كل الإيديولوجيات، و في كل الوجوه السياسية، آنذاك لست أدري صدقا هل ممكن أن نستقر بعد هذه اللحظة التاريخية التي هي قادمة لا محالة، و نحن لم نستفد من الاستقرار من أجل البناء فكيف يمكن أن نستفيد من الفوضى من أجل البناء؟



#الدير_عبد_الرزاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خروج عن مألوف الأشياء في حضارة -الإنسان عبد و الشيء سيد-
- سؤال قضايا المرأة بين التصحيح و التجريح
- وفاء لذاكرة حبلى بداء -عمر-...*
- مأساة حقوق الإنسان في دواليب الاستهجان!!!
- القبلة الموقوتة
- هل سقطت .... أم أسقطوها؟ ........ قصة قصيرة
- على هامش أغنية الرحيل
- السينما المغربية و سؤال الفن
- قراءة في تجربة حزب العدالة و التنمية في الممارسة السياسية في ...
- غول سياسي في مواسم -الدعارة- السياسية


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الدير عبد الرزاق - شطحات سياسية: أبواق مستعارة