أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - ماذا تبقَّى من الربيع العربى؟














المزيد.....

ماذا تبقَّى من الربيع العربى؟


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 4372 - 2014 / 2 / 21 - 12:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لعله من روح زمننا الحاضر ــ زمننا هذا المتزايد القِصَر وقِصر النظر ــ أن يُطرح هذا السؤال على أنغام أغنية المطرب الفرنسى شارل ترينيه Charles Trenet: «ماذا تبقّى من أيامنا الحلوة؟». والحال أن نشوة 2011 قد حلّت محلّها سوداوية المحبطين الذين خابت آمالهم من الثورة، إن لم تحلّ محلّها غبطة أنصار «النظام القديم» الإقليمى، المعادون أصلا للانتفاضة تحت زعم أنها لم تكن لتفضى إلى شىء مفيد.

ولنبدأ بهذه الحجة الأخيرة: فإن الفكرة القائلة بأن النظام القديم، الغارق فى الظلم والاستبداد، شكّل متراسا ضد «التطرف الإسلامى» فكرة لا تقل غباء عن الاعتقاد بأن إدمان الكحول علاج واقٍ من أزمة الكَبِد! والحقيقة أن مظاهر التطرف الدينى التى نشهدها هنا وهناك ليست سوى تجليات لميل قائم منذ عقود، أفرزه بشكل مباشر وغير مباشر على السواء هذا النظام الإقليمى نفسه الذى انفجر فى 2011.

ولنأخذ الحالة السورية مثالا: من الواضح أن تحويل حافظ الأسد للقوات المسلحة إلى حرس بريتورى للنظام يقوم على عامل طائفى أقلوى، كان من شأنه أن يغذّى ضغائن طائفية فى صفوف الأغلبية. فلنتخيل أن الرئيس المصرى قبطى، وأن أسرته تسيطر على اقتصاد البلد، وأن ثلاثة أرباع ضباط الجيش المصرى أقباط كذلك، بينما تكاد تقتصر قوات النخبة فى الجيش المصرى على الأقباط وحدهم. هل يدهشنا عندئذٍ أن نرى «التطرف الإسلامى» مزدهرا فى مصر؟ والواقع أن نسبة العلويين فى سوريا قريبة من نسبة الأقباط فى مصر، أى زهاء عُشر السكان.

هذا ولابد أن يكون المرء قليل الاطلاع على الأمور كى يجهل أن نظام بشار الأسد قد تعمَّد تغذية التيار الجهادى السنى السورى، سواء عبر تيسير تدخله فى العراق فى زمن الاحتلال الأمريكى أو بإطلاق سراح رجال هذا التيار من السجون السورية فى 2011، فى الوقت ذاته الذى كان النظام يقمع فيه بوحشية مناضلى الانتفاضة السورية الديمقراطيين، ويزج بهم فى زنازينه.

والواقع أن انتشار الأصوليين الغلاة فى الشرق الأوسط هو النتاج المباشر للإرث الكارثى للدكتاتوريتين البعثيتين المتعاديتين فى سوريا والعراق، مضافا إليه الأثر الذى لا يقل كارثية للاحتلال الأمريكى لهذا البلد الأخير، وكذلك المنافسة المحمومة الجارية منذ عقود بين معقلى الأصولية الإسلامية الإقليمية المتعاديين: المملكة الوهابية السعودية والجمهورية الخمينية الإيرانية. أما أن يُطلق عنان هذا الانتشار فى ظل حالة نزع الاستقرار العميقة التى تنجم بطبيعة الحال وحتميا عن كل انتفاضة سياسية، فما هذا إلا أمر عادى. فعند شق الخُرّاج، يخرج منه القيح؛ بالغ الحماقة من يظن أنه كان من الأفضل الإبقاء على الخُرّاج.

لنعد إذا إلى سؤالنا الأصلى: ماذا تبقّى من الربيع العربى؟ الإجابة بسيطة: ليست السيرورة الثورية الإقليمية سوى فى بداياتها. وسيستغرق الأمر سنوات عديدة، إن لم تكن عقودا، قبل أن تفضى الموجة الصدمية المنبثقة من أعماق النظام الإقليمى بالغ الفساد إلى استقرار جديد للمجتمعات العربية. ولذا تحديدا كانت عبارة «الربيع العربى» خاطئة من البداية: فقد استوحت من وهم وديع مفاده أن الانتفاضة الإقليمية لم يحركها سوى عطش إلى الديمقراطية من شأن انتخابات حرة أن ترويه.

انطوى ذلك الوهم على جهل بالمحرك الرئيسى لانفجار 2011، الذى هو اجتماعى ــ اقتصادى، يتمثل فى انسداد التنمية الإقليمية منذ عقود، ذلك الانسداد الذى أفرز معدلات بطالة قياسية، لاسيما فى صفوف الشباب والخريجين. والنتيجة الملازمة لهذه المعاينة هى أن السيرورة الثورية التى انطلقت سنة 2011 لن تبلغ نهايتها إلا حينما يظهر حلٌّ يتيح الخروج من المأزق الاجتماعى ــ الاقتصادى ــ وهو حل يمكن أن يكون تقدميا أو رجعيا على حد سواء، بالتأكيد، إذ إن الأفضل ليس دائما مؤكدا للأسف، مثله فى ذلك مثل الأسوأ!

ولهذا السبب تحديدا، فإن «الشتاء الإسلامى» فى تونس ومصر، الذى تعجَّلت طيور الشؤم لترى فيه المآل النهائى للسيرورة فى كلا البلدين، كان بالغ القصر. ذلك أن فشل حكومتى النهضة والإخوان المسلمين حدَّده فى المقام الأول عجزهما عن توفير أدنى حل للمشكلة الاجتماعية ــ الاقتصادية فى سياق من تفاقم البطالة. كان من الممكن توقع هذا الفشل، وقد تم توقعه بالفعل. وبوسعنا بالمثل أن نتوقع اليوم أن استعادة النظام القديم فى القاهرة على يد المشير السيسى ستفشل للسبب عينه، إذ تنتج الأسباب نفسها النتائج ذاتها وتؤدى السياسات الاقتصادية المتناظرة إلى آثار مماثلة.

لكى تفضى الانتفاضة العربية إلى تحديث حقيقى للمجتمعات العربية، سوف يتعيَّن أن تبرز قيادات جديدة تُجسِّد التطلعات التقدمية لملايين الشباب الذى ثاروا فى 2011، وأن تتمكن تلك القيادات من الانتصار. وبهذا الشرط وحده ستشق السيرورة الثورية طريقها الأصيل، على مسافة متساوية من النظام القديم، ومن المعارضات الرجعية التى أفرزها هذا الأخير بالذات.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هاجس انهيار للدولة السورية يستبد بالولايات المتحدة الأمريكية
- استمرار السيرورة الثورية في المغرب والمشرق وتحدياتها
- جلبير الأشقر- مفكر ماركسي من لبنان وأستاذ في معهد الدرسات ال ...
- ماذا يريد الشعب؟
- الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: - المنطقة دخلت سيرورة ثورية مديد ...
- لا مناص من المرور عبر تجربة الإسلاميين في السلطة
- -الرأسمالية المتطرفة- للإخوان المسلمين
- عودة على -الربيع العربي-
- الانتهازيّون والثورة
- في الذكرى الأولى لفاتحة الثورات العربية، ثورة تونس
- مناقشة لمطالبة التحالف الشعبي الاشتراكي بتولّي مجلس الشعب سل ...
- 17 ديسمبر 2010، بداية سيرورة ثورية طويلة الأمد
- ملاحظات رفاقية حول وضع وآفاق الثورة المصرية
- الثورة مستمرة!
- سوريا: بين العسكرة والتدخل العسكري وغياب الإستراتيجية
- انتصار ثورة 15 شباط و«مؤامرة» الناتو عليها [2/2]
- انتصار ثورة 15 شباط و«مؤامرة» الناتو عليها 1/2
- تعاظم قوّة الصين أمر إيجابي
- الماركسيون والموقف من الدين بوجه عامّ، ومن الأصوليّة الإسلام ...
- أميركا تلهث وراء قطار الثورات


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - ماذا تبقَّى من الربيع العربى؟