أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار آغري - دولتان إلى جانب دزلة الأسد















المزيد.....

دولتان إلى جانب دزلة الأسد


نزار آغري

الحوار المتمدن-العدد: 4371 - 2014 / 2 / 20 - 20:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أعلن حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي ( وهو الفرع السوري من حزب العمال الكردستاني) وفي أجواء احتفالية صاخبة عن إنجاز ما أسماه "الإدارة الذاتية في غرب كردستان". وغرب كردستان هو مصطلح يستعمله هذا الحزب في إشارته إلى المناطق ذات الأغلبية الكردية في سوريا. وعلى مصطبة هذه الإدارة الذاتية أقام الحزب حكومة محلية تضم، شأن أي حكومة في العالم، وزراء ومدراء ومسئولين. ويفترض أن تسري سلطة هذه الحكومة في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من سوريا وتمتد من المثلث الحدودي الذي تلتقي فيه أطراف سوريا والعراق وتركيا وصولاً إلى الشمال السوري الأقصى أسفل سهل حران التركي. وتضم هذه الرقعة، التي تفتقد إلى اللحمة الجغرافية، مناطق الجزيرة وكوباني ( عين العرب) وعفرين. وعلى الجانب الآخر من تخوم هذه "الكانتونات"، كما ورد في بيان الحزب الكردي، تمتد الأرض التي تسيطر عليها قوات دولة العراق والشام ( داعش) مثل اليعربية والشدادي ومنبج وإعزاز والباب وسواها. ولولا أن ثمة نزاع دموي بين الجانبين، أي دولة الحزب الكردي ودولة العراق والشام، لربما عمدا إلى تبادل السفراء وأقاما علاقات إستراتيجية ونقاط حدودية مشتركة.
وهكذا ففي الوقت الذي كان نظام بشار الأسد يواصل حربه الرهيبة على السوريين في دمشق وحلب وحمص وحماه ودرعا ودير الزور ويلقي عليهم البراميل المتفجرة ويدك البيوت على رؤوس ساكنيها ويمنع الغذاء عن الناس ليموت جوعاً من لم يمت بالبارود، كان أنصار الحزب الكردي ينزلون إلى الشوارع يرقصون ويغنون، في سلوك مجلل بالعار ينعدم فيه أدنى حس من أحاسيس التعاطف الإنساني، دع عنك أحاسيس التضامن مع أبناء البلد الواحد، مع ضحايا بربرية دولة بشار الأسد.
وليس غريباً أن النظام لم يعترض على قيام هذه الحكومة، الانفصالية، هو الذي دأب يرسم نفسه قلب العروبة النابض والمدافع الأمين عن وحدة البلد وسيادته واستقلاله. وهو لم يعترض من قبل على ظهور دولة داعش التي انبثقت من تحت التربة في شرق سوريا وشمالها ولم تجد صعوبة في الاستيلاء على مدن وبلدات بأكملها إلى حد أنها جعلت من الرقة ما يشبه عاصمتها. فهذه الدولة، الإسلامية، التكفيرية، التي شرعت من فورها في ذبح الناس وترهيب أبناء الأقليات الدينية والمذهبية لم تصطدم باعتراض النظام الذي لا يكف عن تسويق نفسه، أيضاً، بأنه نموذج الحكم العلماني المدافع عن الأقليات.
ورغم الاختلاف الكبير بين دولة داعش ودولة الحزب الكردي، من حيث المرجعية الإيديولوجية والأهداف، فإن أوجه شبه كثيرة تجمع بينهما وتجعلهما تبدوان وكأنهما توأمان خرجا من بطن واحد.
كان قادة وأنصار الحزب الكبير معتقلين عند النظام، حالهم حال القادة والأنصار في دولة العراق والشام. فلما فجر السوريون ثورتهم وأدرك النظام عجزه عن كسر الثورة، وسعياً في الالتفاف عليها وتقليص دائرة المنضوين فيها عمد، من دون إبطاء، إلى إطلاق سراح المعتقلين لديه من خصومه السابقين.
كان أنصار الحزب الكردي، من قبل ، أعضاء في حزب العمال الكردستاني الذي دأب النظام يستعمله ورقة ضغط على تركيا منذ زمن طويل. وقد أقام الحزب قواعده في المدن السورية وأنشأ معسكراته في منطقة البقاع اللبناني الذي كان خاضعاً لسيطرة الجيش والمخابرات السورية. وكان زعيم الحزب، عبدالله أوجلان، يقيم في شقق محروسة في دمشق واللاذقية. وحين هددت تركيا بالقيام بعمل عسكري وشعرت السلطات السورية بجدية التهديد عمدت إلى طرد أوجلان وأغلقت معسكراته. وتحسنت العلاقات بين الجانبين حتى توجتها صداقة شخصية متينة بين طيب أردوغان وبشار الأسد. ووجد أنصار الحزب الكردستاني أنفسهم وراء قضبان سجون بشار الأسد، فيما انتهى الحال بأوجلان سجيناً مؤبداً في جزيرة إمرالي في بحر إيجة.
غير أن ثورة السوريين غيرت الكثير من الوقائع. لقد تحطمت صداقة أردوغان والأسد وتحولت تركيا من دولة حليفة شديدة الوثوق إلى أكثر البلدان حماساً في مواجهة الحكومة السورية. وكان هذا هو الوقت المناسب للعودة إلى الأوراق القديمة والاستفادة منها في أوقات الضيق. ووجد صالح مسلم، رئيس النسخة السورية من حزب العمال، نفسه، شأن سواه من رفاقه في الحزب، طليقاً. بل إن السلطات السورية طلبت إليه السفر فوراً إلى جبل قنديل في كردستان العراق للاجتماع إلى قادة حزب العمال الكردستاني. ولم يمر وقت طويل قبل أن يعود ومعه المئات من المقاتلين مع أسلحتهم. وجرى منحه جواز سفر وصار يسافر، من مطار دمشق أو بيروت، إلى عواصم العالم ويشترك في المؤتمرات وأصبح هو وحزبه ورقة صعبة على الساحة السياسية السورية.
كان الكرد السوريون يشاركون بقية السوريين نزوعهم للتمرد على واقع الحال والسعي في التخلص من استبداد الحكم. غير أن ظهور حزب الاتحاد الديمقراطي المفاجئ وانتشاره السريع وتعزز قوته وتسلح أنصاره شكل ما يشبه قوة ردع هائلة أمام الحراك الكردي. وعمد الحزب إلى وضع ما يشبه الجدار العازل أمام التحام الكرد مع بقية السوريين وصار يلاحق الناشطين ويضرب المتظاهرين ويقمع المخالفين لأوامره وأقام نقاط تفتيش مشتركة مع قوات الأمن السورية وأنشأ سجوناً يزج فيها بمن يشتبه في تواصلهم مع ثورة السوريين. وينهض خطاب الحزب الكردي على مقولة ثابتة يكررهها في كل لحظة تقوم في اعتبار الائتلاف الوطني السوري عدواً لدوداً تنبغي محاربته بكل قوة ( وهذا ما تفعله دولة داعش). وهو يقف جنباً إلى جنب رجال الأمن السوري والجنود السوريين في حماية مقرات الأمن ومكاتب حزب البعث، يساعده في ذلك مجموعة من الشبيحة المحلية المكونة من العشائر الموالية لحكومة بشار الأسد.
يبدو وكأن الحكومة التي أقامها الحزب هي هدية السلطة له على حسن قيامه بدوره في ردع الكرد والسيطرة بقوة السلاح على ميدان الناشطين والقيام بكل ما يلزم للحيلولة دون خروجهم من تحت السيطرة. ولأن السلطات السورية تعرف شغف منتسبي الحزب المرضي بالشعارات الطنانة وحبهم للاستعراض فإنها لم تجد ما يمنع السماح لهم بحشد الأنصار ورفع الأعلام ومن ثم الإعلان عن قيام حكومة هي أشبه بحفلة أطفال في عيد الهالوين.
وحين يجد النظام أن وقت الهزل انتهى لن يجد صعوبة في تفكيك هذه الحكومة الكاريكاتورية مثلما يفكك المرء علباً من الكرتون. ومن يدري فقد يجد الوزراء الأفاضل أنفسهم في طائرة تنقلهم إلى جهات بعيدة مثلما جرى للسيد عبدالله أوجلان الذي طاف في مطارات أثينا وروما وموسكو وكينيا قبل أن يحط به الرحال في سجن إمرالي الشهير.



#نزار_آغري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جلال الطالباني وبشرى الأسد
- إرهابيون ...


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار آغري - دولتان إلى جانب دزلة الأسد