العلمانية - تخبط بالمفاهيم

احمد الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 4370 - 2014 / 2 / 19 - 22:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

كتبت هذا المقال كبحث بسيط طلب منا في المرحلة الثانية كلية القانون ، لذلك حاولت ان ابسط من المفاهيم و اختصر بالمعلومات ، لكي لا اقع في مشاكل و اختلاف الاراء مع الاستاذ .

احمد عبد الزهرة كاطع
مرحلة ثانية _B_
مقدمة
كثير ما نسمع بالعلمانية او قد نسمع شخص يصف نفسة بالعلماني او يطلق على على تجمع ما بالعلماني ، لكن القلة في مجتمعنا له اطلاع على ما تعنية العلمانية و متى نشأت ، او لا يستطيع التفرقة بين (العَلْمانية) و (العِلْمانية) حيث لكل كلمة معنى مختلف ، فبتغير الحركات تختلف المعاني هذه هي لغتنا العربية .
سوف اقوم بتوضيح العلمانية بالقدر الذي استطيعه ، وابين معنى العلمانية و اشتقاقها اللغوي و اصلها التاريخي و مراحلها وغيرها من الامور.
تعريف بالعلمانية
العلمانية في العربية مشتقة من مفردة عَلَم وهي بدورها قادمة من اللغات السامية القريبة منها؛ أما في الإنجليزية والفرنسية فهي مشتقة من اليونانيةبمعنى "العامة" أو "الشعب" وبشكل أدق عكس الإكليروس أو الطبقة الدينية الحاكمة؛ وإبان عصر النهضة بات المصطلح يشير إلى القضايا التي تهم العامة أو الشعب بعكس القضايا التي تهم خاصته. أما في اللغات السامية ففي السيانية تشير كلمة ܥ-;-ܠ-;-ܡ-;-ܐ-;- (نقحرة: عَلما) إلى ما هو منتمي إلى العالم أو الدنيا أي دون النظر إلى العالم الروحي أو الماورائي، وكذلك الأمر في اللغة العبرية: ע-;-ו-;-ל-;-ם-;- (نقحرة: عُولَم) والبابلية وغيرهم؛ وبشكل عام لا علاقة للمصطلح بالعلوم أو سواها وإنما يشير إلى الاهتمام بالقضايا الأرضية فحسب.
وتقدم دائرة المعارف البريطانية تعريف العلمانية بكونها: "حركة اجتماعية تتجه نحو الاهتمام بالشؤون الأرضية بدلاً من الاهتمام بالشؤون الآخروية. وهي تعتبر جزءًا من النزعة الإنسانية التي سادت منذ عصر النهضة الداعية لإعلاء شأن الإنسان والأمور المرتبطة به بدلاً من إفراط الاهتمام بالعزوف عن شؤون الحياة والتأمل في الله واليوم الأخير. وقد كانت الإنجازات الثقافية البشرية المختلفة في عصر النهضة أحد أبرز منطلقاتها، فبدلاً من تحقيق غايات الإنسان من سعادة ورفاه في الحياة الآخرة، سعت العلمانية في أحد جوانبها إلى تحقيق ذلك في الحياة الحالية".
وقد وردت في قاموس اوكسفورد oxford و بالشكل الاتي "the view of morality and education should not be based on religin"
وتعني باللغة العربية "مفهوم يرى ضرورة ان تقوم الاخلاق و التعليم على اساي غير ديني"
ومن خلال متابع التاثيرات التي طرات على المجتمع الغربي بعد الاخذ بمفهوم العلمانية و التحرر من سلطة الكنيسة يمكننا ان انعرف العلمانية بانها (حركة تاريخية حملت الافراد داخل المجتمع الغربي من الثيروقراطية "ديني" الى المدنية ، فلم يعد الانسان مجبرا على تنظيمافكاره واعماله وفق معايير فرضت على انها اراده الاهية ، بل انه يجد مبادئ و مقاييس وجوده و علاقته في ذاته لاخراجها ، باعتبار ان المنطلقات الماورائية تنفي حس المسؤولية لدى الكائن البشري ).
وقد عرفها بيتر بيرغر في كتابه (الواقع الاجتماعي للدين) ((social reality religion بانها " العملية التي يتم بواسطتها نزع و فصل قطاعات المجتمع عن سيطرة الرموز و المؤسسات الدينتية".
وفق لهذه التعريفات نجد ان العلمانية في المجتمعات الغربية تتكون من اربع عناصر اساسية وهذه العناصر هي :-
1- الدنيا او الحياة الدنيوية .
2- اللادين مقابل الدين .
3- فصل كل من الاخلاق و العلم عن الدين .
4- اقامة دولة ذات مؤسسات سياسية على اساس غير ديني .
ولعل ابرز اسباب نشوء العلمانية في المجتمع الغربي هو سيطرة الكنيسة على كل مظاهر الحياة في تلك المجتمعات و تقييد العقول ، فنشات العلمانية كردة فعل على تلك السيطرة .
اما في المجتمع العربي فترجمت كلمة( Secularism) اي (الدنيوية ) الى (العلمانية) ، وتم تداولها على لسان المفكرين و السياسين وقام البعض بتايد العلمانية و ضرورة تطبيقها في المجتمعات المسلمة وقام البعض الاخر بمحاربتها والدعوة للقضاء عليها و على من يروج لها .
ان كلمة العلمانية التي يتداولها المفكريين و السياسيين العرب مأخوذة من كلمة (علم) وهذه الكلمة اما تكون (عِلْم) "بكسر العين و سكون اللام" او تكون (عَلْم) "بفتح العين و سكون اللام".
ففي الحالة الاولى (العِلْم) معناها (العلم ضد الجهل) وعلى هذه الكلمة تنطبق العِلْمانية اي بكسر العين و سكون اللام ، و الاحتمال الثاني (العَلْم) معناها (العالم) بكسر العين وسكون اللام و يكون معناها الدنيوية وهنا ننطقها العِلْمانية وهو الاقرب لمدلولها و ما تنطبق علية اصل الكلمة .
قام الدكتور (محمد زين الهادي العرمابي) بوصف العلمانية في كتابه (نشاة العلمانية و دخولها الى المجتمع الاسلامي) بقوله "و الذي يؤكد ان العلمانية لا صلة لها بالعلم و انها تعني في اللغة الغربية و عرفهم "اللادين " ان (دائرة المعارف البريطانية ) قد اتت بالحديث عن العلمانية ضمن حديثها عن الالحاد ، حيث جعلت فلسفة العلمانية دوراً او لوناً من الوان الالحاد ، فقسمت الالحاد الى قسمين هما
1- الالحاد العملي
2- الالحاد النظري
وكانت فلسفة العلمانية ضمن الالحاد العملي " .
ويقول الشيخ (عبد الله العلايلي) الاديب و الباحث اللبناني عن العلمانية " العلمانية كلمة وضعت بادئ ذي بدء في اواسط القرن التاسع عشر ميلادي في مقابل كلمة Laisme)) بالفرنسية و كلمة ((Secularism بالانكليزية ، وعاشت شيوعها الكبير بين الناس بكسر العين (العِلْمانية) وهذا خطأ فاحش اذ لا علاقة لاصلها اللاتيني بالعلم لا من قريب و لا من بعيد وانما صحتها بفتح العين (العَلْمانية ) نسبة الى العَلْم بمعنى عالم دنيوي و ذلك بزيادة الالف و النون ".
اما السيد (محمد حسين فضل الله ) يقول في تعريف العلمانية " اعتقد ان هذه الفكرة تنطلق من الاستغراق من المفهوم الغربي عن الدين ، الذي يعتبر الدين حالة روحية ، لا علاقة لها بالحياة الا من خلال العناوين الاخلاقية القائمة التي تطل على بعض جوانب السلوك في الحياة ، مما قدر لا يكون واقعيا في اغلب الحالات " .
اما موسوعة ( الموارد العربية ) فقد عرفت العلمانية بانها "النزوع الى الاهتمام بشؤون الحياة الدنيا ، وقد يقصد به احياناً (العلمنة) اي نزع الصفة الدينية او السلطة رجال الدين عن نشاطات مؤسسة من المؤسسات " .
مراحل العلمانية
مرت العلمانية و منذ ظهورها على ساحة الفكر الغربي بثلاث مراحل و هذه المراحل هي :-
1-مرحلة التحيث :- اتسمت هذه المرحلة بسيطرة الفكر النفعي على جوانب الحياة بصورة عامة، فلقد كانت الزيادة المطردة من الإنتاج هي الهدف النهائي من الوجود في الكون، ولذلك ظهرت الدولة القومية العلمانية في الداخل والاستعمار الأوروبي في الخارج لضمان تحقيق هذه الزيادة الإنتاجية. واستندت هذه المرحلة إلى رؤية فلسفية تؤمن بشكل مطلق بالمادية وتتبنى العلم والتكنولوجيا المنفصلين عن القيمة، وانعكس ذلك على توليد نظريات أخلاقيّة ومادية تدعو بشكل ما لتنميط الحياة، وتآكل المؤسسات الوسيطة مثل الأسرة.
2-مرحلة الحداثة :- هي مرحلة انتقالية قصيرة استمرت فيها سيادة الفكر النفعي مع تزايد وتعمق آثاره على كافة أصعدة الحياة، فلقد واجهت الدولة القومية تحديات بظهور النزعات العرقية، وكذلك أصبحت حركيات السوق (الخالية من القيم) تهدد سيادة الدولة القومية، واستبدل الاستعمار العسكري بأشكال أخرى من الاستعمار السياسي والاقتصادي والثقافي، واتجه السلوك العام نحو الاستهلاكية الشرهة.
3-مرحلة ما بعد الحداثة :- في هذه المرحلة أصبح الاستهلاك هو الهدف النهائي من الوجود ومحركه الحرية واللهو والتملك، واتسعت معدلات العولمة لتتضخم مؤسسات الشركات متعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية الدولية وتتحول القضايا العالمية من الاستعمار والتحرّر إلى قضايا المحافظة على البيئة والمساواة بين المرأة والرجل وبين الناس وحماية حقوق الإنسان ورعاية الحيوان وثورة المعلومات. من وجهة أخرى ضعفت في المجتمعات الصناعية المتقدمة مؤسسات اجتماعية صغيرة بطبعها مثل الأسرة، بسبب الأسهاب في مسالة المساوة بين الرجل والمرأة، وظهرت بجانبها اشكالا أخرى للمعيشة العائلية مثل زواج الرجال أو زواج النساء، وزاد عدد النساء التي يطلبن الطلاق فشاعت ظاهرة امرأة وطفل أو امرأتان وأطفال، كل ذلك مستنداً على خلفية من غياب الثوابت والمعايير الحاكمة لأخلاقيات المجتمع والتطور التكنولوجي الذي يتيح بدائل لم تكن موجودة من قبل.

انواع العلمانية
1-العلمانية الجزئية :- هي رؤية جزئية للواقع لا تتعامل مع الأبعاد الكلية والمعرفية، ومن ثم لا تتسم بالشمول، وتذهب هذه الرؤية إلى وجوب فصل الدين عن عالم السياسة، وربما الاقتصاد وهو ما يُعبر عنه بعبارة "فصل الدين عن الدولة"، ومثل هذه الرؤية الجزئية تلزم الصمت حيال المجالات الأخرى من الحياة، ولا تنكر وجود مطلقات أو كليات أخلاقية أو وجود ميتافيزيقا وما ورائيات، ويمكن تسميتها "العلمانية الأخلاقية" أو "العلمانية الإنسانية".
2-العلمانية الشاملة :- رؤية شاملة للواقع تحاول بكل صرامة تحييد علاقة الدين والقيمالمطلقة والغيبيات بكل مجالات الحياة، ويتفرع عن هذه الرؤية نظريات ترتكز على البعد المادي للكون وأن المعرفة المادية المصدر الوحيد للأخلاق وأن الإنسان يغلب عليه الطابع المادي لا الروحي،ويطلق عليها أيضاً "العلمانية الطبيعية المادية"(نسبة للمادة و الطبيعة).
ويعتبر الفرق بين ما يطلق عليه "العلمانية الجزئية" وما يسمى "العلمانية الشاملة" هو الفرق بين مراحل تاريخية لنفس الرؤية، حيث اتسمت العلمانية بمحدوديتها وانحصارها في المجالين الاقتصادي والسياسي حين كانت هناك بقايا قيم مسيحية إنسانية، ومع التغلغل الشديد للدولة ومؤسساتها في الحياة اليومية للفرد انفردت الدولة العلمانية بتشكيل رؤية شاملة لحياة الإنسان بعيدة عن الغيبيات ، واعتبر بعض الباحثين "العلمانية الشاملة" هي تجلي لما يطلق عليه "هيمنة الدولة على الدين".
المصادر
1- العلمانية في الاسلام - انعام احمد قدوح - 2012
2- الكنيسة والعلم- جورج مينوا- دار الأهالي - 2005

#احمد_الساعدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات