أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالكريم الساعدي - لحظة ناسفة - قصة قصيرة














المزيد.....

لحظة ناسفة - قصة قصيرة


عبدالكريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 4370 - 2014 / 2 / 19 - 21:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لحظة ناسفة
________ ( قصة قصيرة )
على عتبةِ عالم منفي أقفُ منذهلاً أمام خرائبِ الروح ، متوسداً عزلتي المترعة باليأس ، فقد كان الأمس حاضراً، والليل ينضح ضوءَ ملامحِها ، يتشكّل قمراً هارباً من أفقِ مداره ليحكيَ عتمة لحظةٍ ناسفة متواطئة مع ريح زمنٍ موبوءٍ بالأرهاب ، ليس في مملكتهِ سوى طلعٍ من دمٍ وثقوب دثارها نكاح من زيف. وحين تتقدّ الأنفاس بحرائق الشوق أرنو إلى منابعها القصية بعيني الجنون، يتخطّفني الأمس من مدى شاخَ حزناً ومن أرض لم تكتمل دورتها بعد ، الى لحظة ملوثة بمسّ الخراب ، لحظة اختصرتْ مسافات البوح الممتدّة بين آخر خطواتها وأوّل أنفاسها التائقة الى الحياة ، لاأدري كيف توارتْ والعابرين ، لم يخلّفوا سوى صراخٍ وأشلاء مبعثرة على أرصفة الخوف ، متناثرة في سكون مدينة حبلى بالموت، تحكي آثارهم للقادمين، ومضيتُ وحيداً حاملاً ماتبقى من جسدها يتضوّع برائحة الشواء ، وأنا أتعثّر بأرتعاشة خطواتي وأوصالي المرتجفة بحيرة لِما ينتظرني من سؤال صغارنا وظلّ شجيرات وردِها التي زرعتها بأناملها الجميلة ، مررت كسيراً عند منعطفات ظلّها تشيّعني بقاياها المحمولة على وهمِ قوةِ كتفي ، تواريتُ خلف خطواتي المتلعثمة بخطوط سيرها ، ولمّا لاحتْ أغصان الدار ودهشة أولادنا كان الحزن جبلاً يشاكس ما تبقى من خطواتنا ، وحين توارتِ الكلماتُ خلف لسان ابتلعته الصدمة كانت الدموع تهطل صريخاً في متسعٍ لبوحٍ لايمكن تداركه.
- ها هو صغيرك شطّ به الصبر، يبحث عن سرّ غيابك ، فمتى تعودين يا قنديل الروح ؟
وفي توهّج لهيب الغياب افترس الزمنُ أنفاسَنا ورغباتنا بضراوة وحشٍ كاسر لسنوات مرّت تتبع خطى أيام خلتْ ، ننتظر ثمار بستانك الذي زرعتهُ روحك لعلّه يهبنا ضوءاً وحياة ، بستانك قارة يسكنها صمت عوالم تبحث عن أنقاضها ، بينما صغارك فراشات تحلّق فوق شجيرات الورد تتنفس عطرك ، تتمرغ فوق حشائش همسك مثل قمر توارى خلف سحاب يركض في أفق السماء ،فتنبجس أرضك نهراً من الهمس وشمساً من الكلمات المتقدة بشهقة الثأر من مسوخ ملأت الطرقات خرائباً وخوفاً ، من حشرات تتقيأ صدأ فوق مرايا الأمنيات .بينما أنا أرتعش وأحلم بربيعك الذي لم يكتمل ، أهرول في فضاء ذاكرتي، أتمدد في فضاء عينيك ألملم بقايا مراياك كي أرى ملامحي وشمسك الدافئة لأحكي غربتي وألم الوحدة ، وأحياناً أطلّ من برج نافذتك على ظلّ بستانك المترع بالحبّ والأمل فأراني أقف في مواجهة اطلالتك البهية مثل كلّ يوم فأعانقك عناقاً أبدياً ألمس ظلّ روحك وأشمّ عطرك ونطلق المدى لعينين تجوسان الربيع بنعومة حتى تنزلق شمسك الى نداء الروح لتعانق صدى شفاه الورد الصادح بأنشودة ( ماما..)فتمسكين بمصيركلّ شيء مثل أي امّ عاشقة تخضرّ الأرض من تحت قدميها . كان الأمل يراودنا ، يغسل وجه الورد بنداه ، نعمل بفرح ونكدّ بلا ملل، لانعرف للضغينة سبيلاً ، تتعالى النجوى ويرتفع الدعاء مع زقزقة العصافيرعند اشراقة شمس كل يوم ومع غيابها ، نقنع بما لدينا من متاعٍ قليل، فتتّسع السماء من أجل أحلامنا البريئة ، وحين يلقي الليل بظلاله ترانا نتعلق بأهداب الطيف فنغفو على أعتاب ليلة هادئة آمنين . وعندما تحاصرني الوحدة وأنا أنظر لسريرك الفارغ تعتريني وحشة المكان ويستبد بي الزمن ، فتنام الرغبات وتكلّ العين من الرؤى وأنا أترصد غيابك ، حينها تنفجر بي الآه بحراً من الوجع والآلآم فتغرق الروح الهلكى وتندثر في عالم منسي وفي القلب هنالك مايكفي للحسرة والبكاء .
- كيف لي أن أن أنسى تلك اللحظة الناسفة لغدي؟ ومن يشاركني جفاف الروح ؟
لم يبقَ لي مأوى سوى غيابها الذي أثقل كاهلي بالأسى ، صرت كمن يحتمي بظلّ جثة هامدة ، أحاول عبثاً أن أخفي حرائق الغربة وأرمي نفايات الخيبة على مشارف الذكرى إلى أنْ أشرقت من غرب اللوعة شجيراتك الزاهية بعبق أنفاسك واتسع الضياء لخطى الأبناء ، اقتحمت معبد الدجل وفخّخت شبق دير الكاهنات بصراخ الأرصفة المتشحة بدم الأشلاء المبعثرة لأنشد قوافي الثأر وأمنحك درباً من ياقوت مزجّج بالوفاء وانتظر طيفك يطرق باب القلب وأنت ترقدين جانب شجيرات الورد... عندها أتقبل فكرة البقاء.



#عبدالكريم_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالكريم الساعدي - لحظة ناسفة - قصة قصيرة