كيف نبني سياسة طبقية

افرايم دفيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4370 - 2014 / 2 / 19 - 08:24
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

*كُبحت في السنوات الأخيرة اهداف إلغاء العمل المنظم، بل أقيمت منظمات عمال جديدة مثل "قوة للعمال" والتي ينشط فيها رفاق الحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة. لكن هؤلاء الناشطين ليسوا أعضاء في كتلة الجبهة في الهستدروت، والتي هي عمليًا ليست أكثر من كتلة الجبهة في بيت منتخبي الهستدروت*


بودي ان امتدح المقال "كيف نقيم حزبًا طبقيًا" الذي نشره أوري شاي، وكذلك ان أتقدم خطوة واحدة إلى الأمام في الانتقاد الذاتي الذي وجهه الى نشاط الحزب الشيوعي في أوساط العاملين.
رئيس الهستدروت، عوفر عيني، انتُخب لأول مرة لرئاسة الهستدروت في كانون الثاني 2006 تحت شعار "هستدروت بدون سياسة". وتنافس أمامه ممثل الليكود، والذي آراؤه لا تختلف عن آراء عيني. وفي المقال الذي نشرتُه في حينه في صحيفة "ذه ماركر" – هذا المقال الذي وُجهت له انتقادات من جانب رفاق في كتلة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في الهستدروت، وكذلك من سكرتير الحزب في حينه – ذكرت ان الخيارات التي وقفت أمام الناخب في الهستدروت هي "الخيار بين الكوكاكولا والبيبسي كولا".
تصرفات عيني، منذ انتخابه لفترة ثانية في 2012، تؤكد الفكرة، ان رئيس الهستدروت ليس ممثلا للعمال أمام أصحاب رؤوس الأموال وحكومتهم، وإنما ممثلا لأصحاب رؤوس الأموال في أوساط العمال. وبالنسبة للحكومة، فقد كان عيني احد المؤيدين الأساسيين للحكومة السابقة برئاسة بنيامين نتنياهو. وكان المسؤول لدخول حزب العمل في الائتلاف. وعلى ما يظهر فان شعار "هستدروت بدون سياسة" كان صحيحًا في كل ما يتعلق بالسياسة الطبقية... ونشاطات عيني، منذ تسلمه منصبه في المرة الأولى، في أعقاب انسحاب عمير بيرتس من رئاسة الهستدروت، والذي يتقلد اليوم منصب وزير في حكومة اليمين، هي نشاطات ثابتة من اجل رأس المال وضد العمال.
وهكذا فان "التسييس" و"عدم التسييس" لنقابة العمال الكبيرة في دولة إسرائيل هو، في نهاية الأمر، نوع من سياسة مغايرة: مسايرة مع املاءات أصحاب الأموال وحكومتهم النيوليبرالية. والمهم هو، ان منظمة العمال الجديدة، "قوة للعمال"، التي تمثل آلاف العمال الذين تنظموا ومعنيون بالنضال من اجل حقوقهم، والتي أقيمت كنتيجة لقصورات الهستدروت في تنظيم العمال، كذلك هي تستعمل الوسائل نفسها، والتي يمكن وصفها كـ "شبه اقتصاد" (كما عرّف ذلك زعيم ثورة أكتوبر، فلاديمير لينين ميول مشابهة سادت في حركة العاملين في روسيا، في بداية القرن العشرين الماضي).
هذه التوجهات تدِّعي انه يجب تنظيم نضال فقط في المجال الاقتصادي، بدون فهم انه توجد علاقة وثيقة بين الاقتصادي والاجتماعي، وبين الاقتصادي – الاجتماعي وبين السياسي. في حالة إسرائيل، توجد علاقة متينة بين النضالات من اجل العدالة الاجتماعية، الديمقراطية والسلام. من اجل تطوير مستويات التنظيم، النضال والوعي، الشيوعيون ملزمون على العمل بإصرار واستمرارية ضد أهداف شبه اقتصادية.




* مسألة الخط الايديولوجي*


احد الإجراءات الاقتصادية التي تحدث في الاقتصاد في العقود الأخيرة انه أكثر وأكثر مجالات نشاط لشركات ومؤسسات تنتقل إلى "مصادر خارجية"، لدى مقاولين ثانويين عدة. وبالمثل، كذلك الحزب الشيوعي قرر قبل سنوات عدة، تحويل معالجة نشاطات في أوساط العمال، في مقاولة ثانوية، إلى أيدي الجبهة. وهكذا أقيمت كتلتان: كتلة الجبهة في الهستدروت العامة وكتلة الجبهة في نقابة المعلمين التابعة للهستدروت. في العقد الأخير عاد الحزب وبدأ يتبوأ مكانًا مركزيًا أكثر في قضايا أخرى. ولكن بكل ما يتعلق بالنشاط في أوساط العمال، والذي يجب ان يكون احد المهمات المركزية للحزب الشيوعي، هناك عدم شفافية كبيرة. أولا، فقد أُسكتت خلال سنوات عدة اللجنة في داخل الحزب التي عالجت الموضوع. هذه اللجنة والتي تعمل الآن، حسب رأيي، ع نار هادئة بشكل خاص، وليس واضحًا بالمرة هل هي لجنة حزبية أو تابعة للجبهة. ومما يجب ان يذكر، ان اسم اللجنة هو "لجنة التنظيم المهني"، من خلال فرضية انها كانت صحيحة، قبل أكثر من عقدين، ان أغلبية العمال كانوا أعضاء في اطر تنظيم – مهني، مثل الهستدروت. واليوم كما ذكر أور شاي في العدد السابق، فقط واحد من بين كل ثلاثة أجيرين عضو في نقابة العمال.
واليوم، النشاط الشيوعي في أوساط العمال تحول إلى مجال نشاط للجبهة، والتي لا تعرِّف نفسها بشكل رسمي كطبقية، وكذلك حتى ليس كاجتماعية. النشاط في أوساط العمال تحول، بالنسبة للجبهة، إلى مجال نشاط آخر، مثل النشاطات البلدية أو النشاطات في أوساط الطلبة. المراقبة وتوجيه الخط الايديولوجي والسياسي، تراخيًا مع السنين، والكتل في الهستدروت العامة وفي نقابة المعلمين في الهستدروت تحولت إلى كتل مستقلة، التي تقيم علاقات ضعيفة جدًا مع الأطر الحزبية، وبضمنها مع اللجنة المركزية.
قضية أخرى برزت عندما دخل جيل جديد من العمال إلى سوق العمل، والذي بأغلبيته ليس عضوًا في الهستدروت بين هؤلاء العمال الذين يُشغَّلون في شركات مقاولة في التعليم (مثل صندوق كريف) وهم لا يُستوعبون في اطر نقابة المعلمين التابعة للهستدروت أو منظمة المعلمين فوق الابتدائيين.




* نشاط الحزب الشيوعي في أوساط العمال*


في السنوات الأخيرة، كُبحت اهداف إلغاء العمل المنظم، بل أقيمت منظمات عمال جديدة مثل "قوة للعمال" والتي ينشط فيها رفاق الحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة. لكن هؤلاء الناشطين ليسوا أعضاء في كتلة الجبهة في الهستدروت، والتي هي عمليًا ليست أكثر من كتلة الجبهة في بيت منتخبي الهستدروت. كذلك، الكادر الناشط في قضايا التنظيم المهني يراوح جيل التقاعد، ولم يُستوعَب عاملون وعاملات من الشباب، ولا توجد اطر حزبية لتأهيل نشاط أو منظِّمي أماكن عمل. وعلى المستوى المركزي، توزيع العمل قُبل كأمر مفروغ منه، بدون أية مؤسسة مركزية في الحزب توقفت بما هو أكثر حول التحولات التي طرأت على تركيب طبقة العمال، وفي تآكل الأطر المنظمة، وخاصة بدون تنظيم وتطوير نشاط حزبي شيوعي في أوساط العمال.
ما هي المبادئ وسبل العمل التي يجب على الحزب الشيوعي الإسرائيلي ان يتبناها كجزء من قرارات المؤتمر الاستثنائي؟ فيما يلي اقتراحات عدة لمناقشتها في المؤتمر القريب.
على الحزب ان يتخذ خطوات لكي يتحول إلى إطار يستوعب النشطاء والناشطات الذين برزوا وانخرطوا في النضال الطبقي في السنوات الأخيرة – عاملات وعمالا، يهودا وعربا، لاجئين أو مهاجري عمل – خاصة في تنظيمات العمال الجديدة. النشاط الحزبي في أوساط العمال يجب ان يكون مخططًا له، متواصلا وذا أهداف محددة.
ضرورة وجود إطار حزبي يأخذ المسؤولية على النشاط في أوساط العمال. ليس فقط مجرد "لجنة تنظيم مهني"، وإنما لجنة تابعة للجنة المركزية للنشاط في أوساط العمال. على رأس اللجنة: عضو/ة يكرس معظم وقته أو وقتها لهذا العمل، من خلال تمويل أجره/ها بواسطة الحزب. في نطاق اللجنة ينشط رفاق الحزب في الهستدروت العامة، في نقابة المعلمين التابعة للهستدروت، في منظمة المعلمين الثانويين، في نقابة الصحافيين، في منظمة المحاضرين والسلك الصغير في الجامعات والكليات، وفي قوة للعمال، وفي خط للعامل وما شابه.
اللجنة المركزية يجب ان تعمل على تطوير الرفاق الذين امتازوا في نشاطات في أوساط العمال نحو مناصب قيادية، يشمل مؤسسات الحزب. حيث انه في مؤسسات الحزب المتعددة يجلس عدد كبير من النشطاء في أوساط العمال، وهكذا فشكل الحزب سيتغير كثيرًا.
اللجنة المركزية تقيم مسارًا تعليميًا للنشطاء في أوساط العمال. كذلك لهؤلاء الذين هم ناشطون في اطر التنظيم المهني وكذلك كهؤلاء الذين سيؤهلون ليقوموا بدور منظِّمي أماكن عمل. يجب العمل على تطوير التثقيف لنوعية العمل والعمال، في إسرائيل وفي العالم. اليوم الدراسي الذي أقيم مؤخرًا في مسألة العمال والنشاط الطبقي كان البداية والتي بحاجة إلى الاستمرار بها.
اللجنة للعمل في أوساط العمال تقيم كذلك علاقات مع نشطاء شيوعيين في أوساط العمال الفلسطينيين والعالم العربي، وكذلك تجدد العلاقات مع الاتحادات الدولية للنقابات المهنية والتي مقرها في أثينا (يجب التفريق من الاتحادات الدولية للتنظيمات المهنية، الاشتراكي – الديمقراطي حيث الهستدروت عضو فيها).
اللجنة للعمل في أوساط العمال تصدر جرائد ومنشورات بيانات وإعلانات للصحافة باسمها، في كل ما يتصل بالقضايا الطبقية، العمل والمجتمع. كذلك عليها ان تقيم انترنت لنشر مواقفها وأفكارها.
الحزب الشيوعي سيعمل على تطوير فكرة وحدة كل القوى، النقابات واللجان الفاعلة في أوساط العمال الى قوة منظمة واحدة. هذا الاطار يجب ان يعمل على احتواء جميع العاملات والعمال في إسرائيل، وان تكون مكونة من الهستدروت، من قوة للعامل ومن نقابات عمالية إضافية.
الحزب الشيوعي سيعمل بشكل مستمر لتسييس نضالات العمال، لترسيخ مواقف الماركسية اللينينية في أوساط العمال، ولجعلها عنوانًا متطورًا أكثر، والأمينة أكثر والمعروفة للعمال والعاملات في إسرائيل. لا يكفي الإعلان عن الحزب الشيوعي الإسرائيلي كحزب طبقة عاملة. طبقة العمال يجب ان تعترف بالحزب الشيوعي الإسرائيلي انه حزبها.

#افرايم_دفيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات