أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 13














المزيد.....

سيرَة حارَة 13


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4367 - 2014 / 2 / 16 - 01:40
المحور: الادب والفن
    


1
ابن جيراننا من آل " كرّي عيشة "، كان صديق طفولتي وفتوتي. كان فتىً معابثاً، وتصرفاته لا تحمد عقباها. ذات مرة، كنت وإياه مع أولاد خالته في شقتهم الكائنة بالدور الثالث من بناية تطلّ على الشارع الرئيس. خرجنا من عندهم بحدود منتصف الليل، وإذا به ينزل الدرج بسرعة. فما أن وصلتُ للطابق الأرضي، حتى فتح باب إحدى الشقق وظهر منه رجل عابس الوجه ليسألني بغضب: " من أنت؟ ولماذا قرعت الباب في هذه الساعة المتأخرة؟ "....!
في إحدى ليالي امتحان الشهادة الإعدادية، أخرجَ ابن " كرّي عيشة " ورقة نعي تخصّ رجلاً نصرانياً، وأوضحَ أنه انتزعها من أحد جدران المدينة القديمة. وإذا بي أنتبه، إلى أنه استبدل اسم الميّت باسم " الشيخ الدرع "؛ الذي كان آنذاك مدرّس مادة التربية الإسلامية وخطيب " مسجد النصر ". بعد قليل، أعربَ صديقي عن رغبته بشراء موالح للسهرة. حينما كنا في طريقنا إلى الجادة التحتانية ( شارع أسد الدين )، مررنا من أمام منزل ذلك المدرّس: " لديه اجتماع مع الأخوانجية! "، قال لي صديقي متفكّهاً فيما هو يشير إلى الضوء المنبعث من نافذة المنزل. وما لبثَ أن أخرج ورقة النعي، فألصقها على باب الرجل ثمّ طرقه بقوّة واندفع هارباً. مأخوذاً بالمفاجأة، رأيتني أتبعه راكضاً. لحسن الحظ، فإن مسافة قصيرة تفصل منزل الشيخ عن الجادة. ثمّة، عند منعطف مدخل الزقاق، وقف صديقي الأخرق يشير بخبث إلى الجهة التي قدمنا منها تواً: إذاك، رأيتُ الشيخ واقفاً أمام باب منزله وهوَ يتفحّص ورقة النعي، وقد أخذ بهز رأسه في حيرة واستنكار........!

2
" أبو عنتر "؛ كان في بداية شبابه من زكَرتية الحارة، ثم تمكّن الشيوعيون لاحقاً من جذبه إلى تنظيمهم. في فترة الوحدة، اعتقل أكثر من مرة. وبعد الإفراج عنه، عاد وفتح محل الخضرة، الذي يتكسّب منه. في تلك الآونة، انتشرت صور الزعيم " عبد الناصر " فكانت تباع على الأرصفة، فيقبل البعض على شرائها محبةً أو تقيةً. " علي بطة "، من ناحيته، كان يضع في صدر محله صورة عائلية للزعيم، مما كان يثير حنق جاره وقريبه؛ الزكَرت الشيوعي....!
إلى أن جاء صباح أحد الأيام، وضجت الإذاعة بالبيان رقم 1 المعلن انفصال سورية عن مصر. فما كان من " أبو عنتر "، المبتهج بالحدث، إلا الدخول لمحل قريبه وانتزاع صورة الزعيم ثم الخروج بها إلى الشارع وهو يردد بأعلى صوته، مقلّداً لهجة البائع: " عبد الناصر وأولاده بفرنك..! ". وإذا الإذاعة نفسها، تعود عند الظهر لتبث بياناً جديداً تعلن فيه أن الوحدة باقية ويجب فقط تصحيح مسارها. عند ذلك، هرع " أبو عنتر " مذعوراً لكي يبحث عن مكان يختبأ فيه عن أعين رجال الأمن. ولكن، خلال ساعات أخرى، تبيّن أن الإنفصال أضحى حقيقة واقعة. غير أن صاحبنا، الزكَرت، بقيَ في مخبئه لحين طلوع شمس اليوم التالي، عندما وصل لسمعه هتافات عراضة شعبية تدعو إلى اطلاق سراح المعتقلين. إذاك، اندفع " أبو عنتر " نحوَ العراضة، فما هيَ إلا لحظات حتى كان محمولاً على الأكتاف وقد شهر بيده القامة ( السيف الشركسي القصير ) فيبدأ الهتاف ضد الوحدة وزعيمها........!

3
قلنا أنّ " مصطي "، قريبنا، كان فيلسوفاً ولديه حلقة من الأتباع . بعدما توفي والده، قام بتحويل دكانه إلى مقرّ ليليّ دائم للسهرات مع مريديه يتخللها الشراب والحشيش. " أبو بسام السمكري "، وهو بالأصل من حمص، كان آنذاك على عتبة الأربعين؛ وفي التالي، كان الأكبر سناً بين أولئك الأصدقاء. ذات ليلة، وفيما كان هوَ بالمقر معهم، داهمته نوبة قلبية حادة. فقام صديقهم " ابن كنّك " بإحضار سوزوكي، حيث وضع المصاب في صندوقها الخلفيّ ثمّ اتجه بسرعة نحو المشفى. إلا أنّ السمكري المسكين، لسوء حظه، توفي في الطريق. في اليوم التالي، وفي المقرّ المعلوم، وقف " مصطي " حداداً على روح مريده مخاطباً الاخرين بالفصحى: " اييييه!.. بالأمس كان بيننا، والآن تحتَ الترابِ "....!
" ابن كنّك "، من ناحيته، كان على ما يبدو موزعاً للمخدرات في الحارة. ذات ظهيرة، كان سائراً في الطريق إلى بيت أهله، وهوَ يحمل غرضاً في كيس بلاستيكي. فشعر بعد قليل أنه مراقب من لدن المخبرين، فما كان منه إلا مغافلتهم والانعطاف باتجاه زقاقنا، ومن ثمّ التوقف أمام منزل أستاذه الفيلسوف. حينما خرجت امرأة هذا الأخير، فإن " ابن كنّك " ناولها الكيس قائلاً: " هذه تنكة سمنة، أرجو أن تسلميها لزوجك كأمانة عندما يعود! ". غير أن امرأة الفيلسوف، في غمرة مشاغلها، نسيت لاحقاً أمر الأمانة؛ والتي لم تكن في حقيقتها سوى بضع كيلوات من معجون الحشيش. ولما حضر الزوج العتيد للبيت، اتجه إلى سريره كي ينال قسطاً من القيلولة. وإذا به يستيقظ، إثر وهلة قصيرة، على رجال الأمن وهم يطوقونه ويسحبونه من ثمّ إلى خارج المنزل بالضرب والركل. ثمّة، أمام السيارة الرسمية، رفض " مصطي " حمل التنكة الملغومة، قائلاً لهم أنه لا يعلم شيئاً عنها. حينما أصروا على ضرورة أن يحملها هوَ، فإنه صرخ بوجوههم: " شو وينها الديمقراطية؟ "....!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرَة حارَة 12
- سيرَة حارَة 11
- سيرَة حارَة 10
- سيرَة حارَة 9
- سيرَة حارَة 8
- من أجل عَظمة
- أحلام مشبوبة
- الشاطيء الشاهد
- النمر الزيتوني
- فكّة فلوس
- القضيّة
- الطوفان
- مسك الليل
- خفير الخلاء
- البرج
- طنجة؛ مدينة محمد شكري 3
- طنجة؛ مدينة محمد شكري 2
- طنجة؛ مدينة محمد شكري
- سيرَة حارَة 7
- في عام 9 للميلاد


المزيد.....




- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 13