أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - الأب العاق و المعقوقون الموتى














المزيد.....

الأب العاق و المعقوقون الموتى


محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)


الحوار المتمدن-العدد: 4364 - 2014 / 2 / 13 - 18:40
المحور: كتابات ساخرة
    


كان (عبود) يكابد الألم المحبط وهو يدافع عن نفسه وسط جمهرة غاضبة من سكان الحي , ليبرر غرابة ماقال قبل يومين , فقد أختُطِف والده وهاهو بأرادة القدر يعود سالماً الى أهله والحدث ليس بالغريب مع يومياتنا المضطربة , من حسن الحظ أن (الوالد) نجى في سابقة نادرة, أفواه الناس تردد وأساريرهم مبتسمة , عود محمود أبو عبود , لتكسر حكايته جمود النهايات الدراماتيكية المرعبة , المكفهّر الوحيد بينهم هو (أبنه عبود) : يقول بحزن أن العصابة أتصلت به كماهي العادة من خلال هاتف أبيه وطلبت الفدية في المرّة الأولى , سبعة دفاتر , تم تخفيضها الى أربعة , وقبل أن يكمل روايته دعونا نعرّج على رواية الناس المتجمعين حوله أبان فترة الخطف الصعبة لتتضح الصورة كاملة, يقول أحدهم : في الأتصال الثاني للمجرمين كان (عبود) قد أستوعب الصدمة وتداول الأمر مع أخيه المعاق ومعارفه وخرج بنتيجة نهائية ليخبر الخاطفين أنه لايملك درهماً , وأنهم حددوا المهلة بثلاثة أيام وبعدها سيجد والده جثة أكلتها الكلاب السائبة, أجابهم بثقة أنه لايكترث , قال لهم بصريح العبارة : أقتلوه , ولانريد منكم سوى السيارة (اللوري) مع قناني الغاز التي تحمل , وأسترسل بوقاحة :
أخواني في العصابة هذا الذي عندكم ليس أبي , ولم يكن يوماً أباً لأحد , نحن نتمنى من زمان أن نتخلص منه , وبهذه المناسبة تقبلوا خالص أمتناني وشكري , أصالةً عن نفسي ونيابة عن كل أفراد العائلة ..
أستغرب كل من سمع تلك المكالمة حتى شاع الخبر في كل المنطقة ,أن عبود يتمنى أن يُقتل أباه على يد الخاطفين ولايريد سوى (سيارة الغاز) , أي أبن عاق لا يملك ذرة مباديء وأخلاق ينتهز مثل هكذا فرصة للتخلص من والده , أبن حرام , كلب , حقير , رددت الناس جميعها ..
نعود الى عبود ليكمل روايته : يا أيها الناس , جميعكم يعلم أن للبيوت أسرار , وسأكشف سر بيتنا كي تعرفوا مانحن فيه من مصيبة وتدليس وألتباس , أبي ظالم , جعلنا نعاني في تلك الحياة وكأننا أطلال موتى مكابرين كي لا ندفن, شقيقي الأصغر مات بسببه , فقد أجبره أبونا (الذئب) على ممارسة التسول في تقاطع بعيد ليختفي , حتى وجدناه في الطب العدلي , أما الأوسط فقد هرب من بطشه وظلمه , أخي الأكبر معاق بسببه فقد قصم ظهره بضربة على عموده الفقري ليلازم القعود الأبدي , كلنا تركنا المدرسة فهو يكرهها من أجل أشباع أمراضه في الجهل والتخلف , هو وحش تسمونه أبي , يكد من أجل غيره ولا يرعى سوى نفسه , أصحابه مدمنين طفيليين سفلة يتنعمون لوحدهم بما نكسب, يستعرض قوته الفارغة أمامهم فيما هو ضعيف لدرجة جعلتنا فريسة للأعتداءات من العابثين في كل لحظة , بيتنا منتهك , حيطانه سقطت دون أن ينتخي , تصوروا أنه يقيم الولائم في ليالي الشتاء الطويل ونهارات الصيف الأطول دون أن يسمح لي ولأخوتي بأكل الخبز أو أرتشاف القطرة , أنه مجرم لايقل دنائة عن عصابة الخاطفين, بل أن الأخيرة لاتقارن معه فهي أشرف , والدليل أنهم أطلقوا سراحه وأكتفوا بأخذ السيارة مع قناني الغاز , وليتهم فعلوا العكس , فنحن الآن دون سبوبة ولا عمل , مؤكد سيبيع البيت ويشردنا في أول صفقة , نحن عنده عبيد وفرائس منتهكة , مفهوم الأب أن يكون خيمة عطاء وحنان على عائلته , فيما أبينا كان علينا سخطاً وجحيماً ومنايا مستهترة .. تكلم عبود ساعات دون توقف , وكأنها المرة الأولى التي بها يتكلم , تأفف الناس وهم حاسرين الرؤوس وبعد صمت طويل تفرّقوا , جميعهم حث الخطى نحو بيوتهم مسرعين , ليسألوا عن أولادهم للمرة الأولى في تاريخهم , و بعد أن خلت الجادة تماماً كان هناك صوت يأتي من مذياع قديم مصدره بيت متهالك سمعه كل سكان المنطقة يصدح بألم :
قالوا حكومتنا شورى فقلت لهم
أنعم وأكرم فهذا القصد والأربُ
في البرلمان رجال ليس ينقصهم
عن البهائم الا السرج والذنبُ
فللمساكين ماجادوا بخردلة
إلا وكانت من الشيء الذي نهبوا
هل يقبل الشرع بالخنزير تضحية
ياليت مانهبوا منّا ولا سلبوا
أنتهى ولن تنتهوا..



#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)       Mohsen_Aljanaby#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خصلات من جلود الديناصورات
- إستغاثة من صالة الأنعاش
- قرقرات من فوق الأطيان
- بلهت واحد أم بلهتان
- قطار السريع في العلم للجميع
- تواصل أجتماعي يقولون
- أم حسين شماعية نفرين بسمايه مليونين
- نقوش على خرزة المحبة
- دوامة الفوضى : سبر واقعي لأسرار الأنتخابات
- خطبة للعراقيين فقط
- يوميات الأصباغ وثبات النور
- ليلة القبض على قاضي القضاة
- صوت السكارى في نهاية السنة
- أگعد أعوج وأحچي عدل
- رباعيات بطران
- لاتسولف وأبن عمّك بالديوان
- ضاع أبتر بين البتران مرة أخرى
- ناقة أبن يقطين وذئاب الرياء
- سوالف أهل السلف
- بنادم على بنادم تسودن


المزيد.....




- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - الأب العاق و المعقوقون الموتى