أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - اختفاء رباب ماردين 23















المزيد.....

اختفاء رباب ماردين 23


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 4362 - 2014 / 2 / 11 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


لحظة صدق

كان عليّ التحدث إليه. كان عليّ أن أعرف منه كل شيء. انتظرت أن يأتيني الى غرفتي للاطمئنان على صحتي كما فعل الجميع. ولكنه لم يفعل.
قررت الذهاب إليه. ظننت أنه ربما ما يزال يتزحلق على الأمواج، فاتّجهت الى الشاطئ بعد الظهر بحثا عنه.
رأيته هناك. وحين اقتربت منه... توقّف... ثم عاد الى الشاطئ.
وقف أمامي ينظر إليّ بعينين مستغربتين.
قلت بنبرة جادة: "أريد التحدّث إليك."
"أهلا لينة." قال. "كيف حالك؟" ثم أضاف بتردد: "أنا آسف أني لم آتِ للاطمئنان عليك. ظننت أنك... ربما تفضلين أن لا آتي."
"لماذا فعلتَ ذلك؟"
"ماذا فعلتُ؟"
"لماذا لم تأتِ الى الحديقة؟"
سأل مستغربا: "... متى؟"
"في تلك الليلة!"
"تقصدين... تلك الليلة؟؟" تمتم. ثم سأل: "وهل وعدتك أن آتي؟"
"أنت طلبت مني أن نلتقي هناك ولم تأتِ!"
"أنا طلبت أن نلتقي؟ متى؟"
"في تلك الليلة! كتبتها في الرسالة."
"أي رسالة؟"
"الرسالة التي وضعتها في غرفتي من تحت الباب!"
"لم أكتب أية رسالة." قال بدهشة.
"كيف لم تكتب؟! إنها كانت موقّعة باسمك!"
"ولكنني لم أكتب لك شيئا." قال. وبعد لحظة، سأل بشيء من الاضطراب: "لحظة... أتقصدين أنك كنت تنتظرينني هناك حين..."
"كفى! كفى!" صرخت. "لا تتصرف كأنك لا تعرف. لقد عرفتُ كل شيء. ولم يعُد يهمّني ما ستفعل. ولكن أريد أن أفهم، لماذا؟ ماذا فعلت لك؟"
"أنا لا أفهم عليك شيئا."
"قلت لك كفى! لقد عرفتُ كل شيء. وعرفت أنك قتلتَ رباب."
"ماذا؟" هتف مذعورا.
لحظة صمت مريرة خيّمت علينا. بعدها... سمعته يسأل مستسلما: "كيف عرفتِ؟"
قلت: "لم يعُد مهما كيف عرفتُ. المهم أنني عرفت. عرفت أخيرا ما أردتُ أن أعرف."
"ماذا عرفتِ؟" سأل وقد هدأ صوته.
أجبت وصوتي يهزّه الحزن: "أن رباب... ماتت... وأنت من قتلها."
"وما الذي يدفعني لقتلها؟" سأل وقد استعاد بعض انفعاله.
"أنها كانت تخونك مع وسام. عدتَ الى الغرفة في ذلك المساء واكتشفت أن أخاك كان معها في غرفة نومك في غيابك... فقتلتها!"
"عدتُ ولم أجدها! فكيف لي أن أقتلها؟"
"مثلما أخفيت جثتها! أخبرني، أين أخفيتها حتى لا يوجد لها أي أثر؟"
"لم أقتلها! كنت أعلم أنها تخونني، وعرفتُ في ذلك اليوم أنه كان في غرفة نومي... ولكنها لم تكن هناك!"
"كيف لم تكن؟ لقد اعترف وسام أنه كان معها هناك، ثم تركها وذهب."
"هو اعترف بذلك؟"
"نعم، اعترف لي. إنه كان يلتقي بها. وكان معها في ذلك اليوم في غرفة النوم... ثم ذهب. وعدت أنت... عرفت بالأمر... وقتلتها! ثم حاولت قتلي أنا أيضا."
"أنا حاولت قتلك؟"
"إذن ماذا كنت تفعل هناك حين أشهرت عليّ السكين في ذلك الظلام الدامس؟! ولولا وسام لكنت قد قتلتني كما قتلت رباب، وربما السيدة نخايلة أيضا."
"لينة... اسمعيني... أنا لم أقتل أحدا. صدّقيني، أرجوك. ثم كيف أقتلك أنت؟ أنت الوحيدة التي وضعت ثقتي بها، الوحيدة التي أحسست أنها تصدّقني وتكذّب كل من حولها. الوحيدة التي سكنت قلبي المحطّم. كيف أقتلك؟ ولماذا افعل ذلك؟" قال ذلك وكانت ملامح وجهه تنمّ عن الصدق.
تأملت في وجهه طويلا... ثم سألته: "إذن لماذا كنت تكتب لي تلك الرسائل؟"
"أي رسائل؟"
"الرسائل التي كنت تحذّرني بها من الاقتراب من وسام، ثم تلك الرسالة التي كانت موقعة باسمك وبسببها ذهبت الى الحديقة؟"
"أين هي تلك الرسائل؟ هل لي أن أراها؟"
ذهبت فورا الى غرفتي وبحثت عن الرسائل. كنت متأكدة أني وضعتها في الدرج، ولكن... لم أجدها فيه ولا في أي مكان آخر في الغرفة. كانت الرسائل قد اختفت.
تعجّبت من الأمر.
عدت الى حسام الذي كان ينتظرني في الحديقة. قلت له: "لم أجدها. بحثت في كل مكان ولم أجدها!"
فقال بعد تفكير: "إذن، لقد أخذها من كتبها."
"أتقصد أنك..."
قاطعني بحدة: "لينة... عزيزتي... أنا لا يمكن أن أكتب تلك الرسائل. لا يمكن أن أرعبك."
"إذن من كتبها؟"
"كتبها الذي حاول قتلك."
"ومن يمكن أن يرغب بقتلي؟ ولماذا؟"
"ربما يكون هو ذاته الذي كان السبب في اختفاء رباب وموت السيدة نخايلة."
"ولكن ماذا فعلت أنا؟ لماذا يريد أحد قتلي؟"
"لا تقلقي يا لينة. لا تقلقي أبدا. ما دمت الى جانبك لا تخافي أبدا. لن أدع أحدا يمسّ شعرة من رأسك. لا تخافي على الإطلاق."
أطلقت تنهيدة طويلة وأطرقت رأسي. "أنا آسفة. آسفة جدا."
"لا تتأسفي."
"كنت فظيعة معك. أنا اتهمتك بالقتل."
"لا تقولي ذلك. أفهم كم هو صعب عليك كل هذا الأمر. المهم الآن... أن نعرف من أراد قتلك. أنت متأكدة أنه كان ينوي قتلك؟"
"طبعا. ألا تصدّقني؟"
"أصدقك. ولكن أريد التأكد أن ذلك لم يكن... من صنع خيالك، ربما بسبب خوفك من الظلام."
"لا، لا. أنا متأكدة مما رأيت. سمعت صوتا من خلفي ثم وثب أمامي شخص وبيده سكين وحاول الانقضاض عليّ وطعني بها."
"وكيف استطعت أن تريه في الظلام؟"
"كان بيده مشعل كهربائي يضيئه على وجهي."
"ولم تستطيعي أن تتبيني شيئا من ملامحه؟"
"لا."
"أكان قصير القامة؟ أم طويلا؟"
"كان طويلا... على ما أظن."
"رجل أم امرأة؟"
"لا أدري. لم ألاحظ كل تلك التفاصيل."
"حسنا. دعينا من الأمر الآن. ارتاحي."
صمتنا.
بدا حسام كأنه سيترك. فقلت بسرعة: "أريد أن أسألك شيئا."
"ما هو؟"
زفرت أنفاسي وسألته: "أريد أن أعرف... لماذا أردت أن تشاركني في البحث عن رباب؟"
رأيته يرسل نحوي نظرة ارتياب. "ألم تصدّقي بعد أني لم أقتلها؟"
أجبت: "إن كنت قد قتلتها فلا أظنك كنت ستشاركني في البحث عنها. ولكن... ما زلت أتعجب، لماذا طلبت أن أكون شريكتك في البحث عنها؟"
"أتريدين الصدق؟" قال بصوت هادئ... وابتسم قليلا. "فعلت ذلك... لأنني... أردت الاقتراب منك. لقد أثرتِ اهتمامي وأردت أن أعرفك عن كثب."
لم أقل شيئا. وقفت أبادله النظر وفي داخلي أحاول أن أقنع نفسي أنه لم يكن يقصد بذلك أن يأخذني من وسام، مثلما ادّعى وسام.
بعد لحظات، سمعته يقول بلهجة مسكونة بجدية بالغة: "أريدك أن تصدّقي أنه لم تكن لي يد في اختفاء رباب ولا موت السيدة نخايلة ولم أحاول قتلك أنت طبعا."
أرخيت رأسي دون رد. ثم سمعته يردف سائلا: "هل تصدّقين؟"
رفعت نظري إليه وقلت: "أصدّق."
وفجأة ...
أمسك بيدَي ورفعهما الى شفتيه برقة عجيبة. رأيت في عينيه بريقا من الأمل والفرح وهو يثنيني بسحر نظراته ويغمرني بدفء يديه.
قال: "أنا ممتنّ لك بصدق." وأنا عرفتُ بداخلي أن شيئا ما قد نبت بيننا في تلك اللحظة وزالت شكوكي تجاهه. كنت واثقة من صدقه كما لم أكن واثقة من شيء في حياتي.

يتبع...





#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختفاء رباب ماردين 22
- فرحة الولد
- اختيار السعادة
- ممنوع اللمس
- صباح التعصيب
- شرود
- اختفاء رباب ماردين 21
- مؤتمر اللغة الشركسية في أنقرة
- العطر
- اختفاء رباب ماردين 20
- اختفاء رباب ماردين 19
- اختفاء رباب ماردين 18
- إختفاء رباب ماردين 17
- إختفاء رباب ماردين 16
- إختفاء رباب ماردين 15
- إختفاء رباب ماردين 14
- شركس 100%
- إختفاء رباب ماردين 13
- ضميني
- إختفاء رباب ماردين 12


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - اختفاء رباب ماردين 23