أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حلم تحت أشعة الشمس الحارقة _ قصة قصيرة














المزيد.....

حلم تحت أشعة الشمس الحارقة _ قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4361 - 2014 / 2 / 10 - 23:21
المحور: الادب والفن
    


حلم تحت أشعة الشمس الحارقة
أمامي ساعتان من الوقت تكفي لأصل إلى نهاية جدول أعمالي المعد سلفا من ليلة أمس , صحيح لم أنجز شيء يذكر من الصباح بنفس الهمة التي أبذلها عادة ولكن أعط لنفسي مبرر حتى لا يستولي اليأس على ما تبقى من الخطة , رجل الأمن الذي يقف في مقدمة المسئولين عن تمرير الناس عبر نقطة السيطرة والتفتيش أتذكر ملامحه جيدا وأتذكر كيف عاش في ظل أب خائن وأم حاولت قدر الإمكان أن تبقى بصورة ما مقبولة اجتماعيا , فكرت أن أذهب لأبلغه حاجتي الماسة للمرور خلافا للقواعد التي يتعامل بها , ملامح الوجه المكروهة والتي علت منعتني أن أبدأ في المحاولة.
الزحام على أشده والحرارة ترتفع مع امتداد طابور السيارات المصطفة بانتظام وبفوضى كل يحاول أن يجد منفذا للخروج , السير شبه معدوم فيما تشير الدقائق في ساعتي على النفاذ السريع من مخزون الدقائق والثواني ,مع فقدان الأمل بالوصول حتى ولو في الوقت الضائع, فكرت مرة أخرى أن أترك السيارة جنيا وأمشي لأقطع نقطة التفتيش ثم أركب من هناك , الحيرة تتجلى أما أن أتهم بالإساءة للنظام وأشغال السلطات بما هم عليه من حرص على سلامة الناس وأفقد سيارتي أو بعض منها , تلمست قنينة المياه التي بقربي ساخنة لا تطاق.
مع كل حركة للأمام تنتعش أحلامي بالوصول لكن ما يقتلها أن عقارب الساعة أسرع من هذا التقدم , حتى مارست نوعا من التحايل حين نزعتها ورميتها في درج الأوراق متحاشيا تذكيرها المستمر لي بأنك لا تسوى شيء أما جبروت رجل لا يمكن أن أعده من الذين يهتمون لكرامة غيرهم , وحتى لا أفقد أعصابي التي أرى أن ترمومتر القياس فيها يتصاعد أيضا مع درجات الحرارة , أعود وأقرأ مما حفظت من أدعية وترانيم تساعد على تيسير الأمور , لا فائدة ترجى وقد تبلل قميصي من كثرة التعرق , سيارتي ليس بإمكانها أن تلطف الجو حتى ودون أن أطلب أن تكيف الحرارة .
في الجانب الأخر الذاهب عكس السير تمر بعض السيارات مسرعة لتقطع الطريق دون أن تمر بما نمر به تحت سلطة الشمس وسلطة القانون, قيل قديما أن الشمس عمياء والقانون كذلك عرفت حقيقة هذا المعنى اليوم بل يمكن بالأمس أو قبله لا أتذكر ولكن فعلا القانون أعمى وبحاجة إلى عملية أستعادة بصر, السيارات المسرعة بالاتجاه الأخر مكيفة ومضللة ولكن من المؤكد أن من يركبها ذو شأن هام وحرصا منه على أحترام وقت الشعب فإنه يخالف القانون , لا بأس أن تنتهك حقوقك كي تحترم حقوق شخص أخر, طالما القانون أعمى الكثير يستأمن من أن تمسكه عيونه , لذا فإذا أردت أن تنتهك القانون فكن قريبا منه دوما حتى لا يراك ولا يلزمك بما لا يرى, جاءت فكرة أستوردتها من حكايات أستاذ القانون الجنائي في محاضراته التي ألقيت علينا على مدارج الكلية أن أتلبس لبوس دعاة القانون كي أمضي حيث أريد دون مسائلة , خيبتي كانت بحجم سيارتي المتهالكة التي لا تصلح لهذه المهمة كما أن إيماني بمقولة (أحترم تحترم) المكتوبة في كل مكان في بلدي جعلتني جبانا ورعديد.
لم يبقى من الوقت مقدار يكفي لحلم والعيون التي أتطلعها من خلال النافذة محمرة تعبا وغضبا وأرى فيها تبرم وضيم بحجم الشمس ذاتها قد ينفجر في أي لحظة , نظرت إلى عيني في مرآة السيارة لا تختلف بشيء هي محمرة أيضا من شدة الحرارة ومن شدة البركان الذي ينفجر في داخلي دون أن انجح من أتنفسه أو أنفس الضغط الذي يحدثه داخل صدري , وأنا أتمتم بكلمات حتى لا أكاد أسيطر على مجرى ترتيبها , عدت لأنظر في الوجوه أتمنى أن ينفجر أحدهم في وجه هذا الداعر المسئول المشغول بجهاز التلفون العسكري الذي كرهته منذ أن عرفت في أيام النظام السابق كان حكرا على رجال الأمن العبوسين الذين لا هم لهم إلا التفاخر بكونهم يملكون أو يحملون هذا الجهاز القمعي , أمس رأيت أحد عمال البلدية يحمل مثله ليسيطر على مجموعة عمال النظافة في الحي.
اقتربت كثيرا من أول الدور هناك القليل من الوقت وسأعبر هذه المتاهة , لكن ما أنقص من تحمسي وسروري أن الوقت الباقي لم يعد يكفي لأصل حتى للحظات التي تسبق أغلاق أبواب الدوائر الحكومية ولكن أعلل نفسي بالحظ فقط , عل أحد ما تأخر أو أن مسئولا ما قد تذكر أن يعمل جولة تفتيشية على مواعيد انصراف الموظفين , لم أطلب شيء مجرد ختم يغنيني عن فقدان يوم من العمل لو أنجزت هذه المهمة الخارقة فغدا سأكون في مكان أخر اضطراريا لانتظام منهجي الأسبوعي وبخلافة لا بد من أعادة جدولة مهماتي , صحيح البعض لا يهتم لضياع يوم أو ربما حتى أسبوع لكن قضيتي لا تستحمل الساعات , لا بد أن أصل , لا بد من ختم.
أعلنت الساعة الثانية إلا أربع دقائق وأنا أدخل من الباب الرئيسية للدائرة التي كنت أقصدها وما زال أمامي أربع دقائق تدين بها الدولة لي لأنها تتقاضي راتبها من حقي , لم أجد والأبواب مفتحة إلا رجل الأمن المسئول عن الحماية وأخر ينزع ملابسه ليتهيأ لاستراحة الظهيرة فما أنشغل الثالث بإعداد وجبة الغداء, سألت هل من أحد قال لا يا أخي لا يوجد أحد هل أنت في حلم , ولكن الوقت لم ينتهي بعد , قال في الأحلام لا قيمة للوقت.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجهاد
- عينيك وأنا
- ماذا نريد من الفلسفة. ج1
- نظرية العدل ومقومات المجتمع العادل
- فلسفة ما بعد الفلسفة ج1
- فلسفة ما بعد الفلسفة ج2
- تناقض الدين والتدين
- الدين والانتظام
- لكل إنسان عقل إذن لكل إنسان دين
- تجربة الدين والتجربة العلمية
- تعرية العقل
- استراتيجية التربية والتعليم في العراق رؤية حداثوية
- الرب المذموم والإنسان المعصوم.
- أعراب قحطان وعرب عدنان
- خطيئة التأريخ
- العرب والأعراب في التأريخ
- أول التأريخ حكاية
- أحلام السلام جزء من استراتيجية التقدم.
- مطر السياب
- رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ح4


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حلم تحت أشعة الشمس الحارقة _ قصة قصيرة