أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم عرفات - عايزة أحس ب حضن ربنا















المزيد.....



عايزة أحس ب حضن ربنا


إبراهيم عرفات

الحوار المتمدن-العدد: 4361 - 2014 / 2 / 10 - 00:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هي تسألني: عايزة أحس بـ حضن ربنا؛ بـ أكلمه بس مش حاسة بحاجة خالص. وبعدين مش عايزاك توعظني وتقول لي كلام أنا عارفاه وحافظاه. زهقت من الكلام اللي بيتقال بدل المرة خمسين ألف مرة.

لما احنا بـ نبوس أو نحضن حد ففي الحقيقة إحنا بنبوس ونحضن أنفسنا. ما نقدمه لأنفسنا نجده بانتظارنا. مادمتي رايحة لربنا بنغمة الشكوى والمعاتبة ونازلة تلوميه إزاي هاتحسي بـ حضنه؟ يأتي وقت علينا لنقترب من ذاك الـ "آخر" ولا نقول شيئا سوى أننا نمتد بكل كياننا لنعانق، نعانق إلهنا، نعانق حبيبًا، ورغم أن هناك هاجس يقول: ابتدي عاتبه ولكننا سنصر على أن لا نعاتب؛ تكفي النظرة التي تقول: أحبك وأنت كل حياتي يا رب، أنت كل اللي أنا عايزاه حتى لو اللي نفسي فيه ما حصلش وماطلتش حاجة وأنت بس لوحدك كفاية عليك. الإنسان يستقبل فقط ما يقدمه. لابد أن تبدأي أنت الأول وتمدي كل كيانك وتحضني ربنا وتبوسيه وعندها ستشعري بدفء قربه لأنك بالفعل من جواكي بتقولي له: قُربك مُنايا. هو حاضر وجايز مش حاسس بحضوره ولكنه حاضر رغم أي أحاسيس أحس بها. يبقى المطلوب أني أواظب من جانبي في الملازمة معه وأني أكون معه زي ما هو معايا.. هل أنا معاه؟ ولا أعتمد على أحاسيسي المتغيرة؟ الظروف تعبر ولكن الرب ثابت كالصخر لا يعتريه تغير أو ظل دوران.

مش حاسة بيه؟ والدنيا ماشية غلط وكل الأمور ماشية شمال؟ تيجي تصلي تحسي أنك بتضحكي على نفسك وأنك مش حاسة من أساسه بربنا ولا وجوده في حياتك. ولا يهمك يا ستي. بسيطة. مشاعرنا متقلبة زي شهر أمشير وزعابيبه وتتحكم فيها هرمونات والحالة النفسية المزاجية ونقص الفيتامينات نفسه يؤثر سلبًا على حالتنا المزاجية. بس في كل ده ربنا جواكي. مش مصدقاني؟ العملية عاملة زي المواسم. مش هاتفضلي فوق ع الجبل على طول.. لازم تبقي شوية فوق في قمة الجبل وشوية تانيين في الوادي يادوب ماشي.. طب والحل؟ الحل إنك تحضري لمعادك اليومي مع إلهك حبيبك وتكلميه وتقولي له كل اللي في بطنك وما تخبيش عنه حاجة ولا تتكسفي منه في أي حاجة وهو قابلك بجميع الأحوال.. وبالإصرار والإلحاح والمواظبة على معادك الغرامي اليومي مع ربنا المسمى بالخلوة شوية شوية سيتساقط مطر السماء، طلّ الروح.. ويتراءى لك ويتجلى بالكامل في قلبك ومتى وجدتيه.. هاتعملي إيه؟ عارفك يا أروبة! هاتعملي زي ما نشيد الأنشاد بيقول: ومتى أمسكته أقبضت عليه وعزمت العزم قائلة: لن أطلقك أبدًا لا من قلبي ولا من يدي يا حبيب نفسي!

اختبار الله تذوقه وربي أذوقه يوم بيوم، لحظة بلحظة.. اختبرت الرب يا أخ إبراهيم؟ نعم اختبرته وأختبره وسأظل أختبره لأني في دربه أسير.. أذوق ربي وقد ذقت أنه صالح معي على الدوام.

البدايات هي أصعب شيء، بداية مقالة، بدء الشطر الأول من قصيدة تنشدها، بداية تعلم لغة، بداية الصلاة والخلوة والانتظام في الحياة الروحية ولكن بمجرد ما تاخد أول خطوة، خطوة البداية، وتستمر بإصرار ومواظبة فتتكون في المخ في الخلايا العصبية عندك نيورونات تستعد وتتأهل لتقبل المشروع الجديد واللي ممكن يبقى جزء رئيسي من تفكيرك ومش هاتقدر بسهولة أنك تركنه على جنب بل سيظل يلحّ عليك بالعودة وضرورة الرجوع.. تحس إن فيه حاجة مهمة قوي ناقصاك.. وعندها ما أحلى الرجوع إلى ما نحب! ما أحلى الرجوع لـ مَنْ نحب! لما نضغط على أنفسنا شوية يصبح الموضع جزء من كياننا ونتعود عليه. وهناك لذة شديدة في المواصلة والاستمرار حتى ننهي ما نحب عمله. سيظل يدفعنا شوق إليه.

خلي ربنا على بالك. دايما استحضر حضوره في حياتك. دخّله في كل حاجة. عشان يبقى موجود في حياتك لازم أنت تدعوه وما تتكسفش منه وتذكره باستمرار.. يكون اسمه على بالك وشفاهك.. تصحى من النوم تقول له أشكرك عشان خليتني أنام كويس وأستريح وأعطيتني يوم جميل واليوم الجميل ده أنا باقدمهولك.. لما تيجي تاكل تذكر حضور الله في المادة.. أنت تستقبل الله داخلك.. هو داخل الطعام وأنت تتحرك به وتقتات عليه. وبعد ما تفطر وتشرب الشاي أفتح نسختك الحلوة من الإنجيل واقعد اقراها بتأمل وصلي وتلذذ واسرح بالآية وكلم ربنا بإحساس وحنية زي العروسة ما بتكلم عريسها.. فاكر الفنانة ماجدة لما بتقول لحبيبها: أنت حبيبي؟ اعمل زيها وتغزّل في ربنا. قول له أنت حبيبي وحياتي وكل كياني يا رب. وما تستعجلش ولكن كل حتة صغيرة من الإنجيل وتلذذ بيها واكتفي.. خلي الترانيم شغالة على طول.. ولو أنت أرثوذكسي خلي القداسات شغالة على طول ودايما صلي بالقداس وخلي عبارات القداس على فمك وناجي ربنا بيها. اعمل كدة وتابعني وممكن نتكلم بالسكايب وأتابع معك التطورات. استأذنك.. هاروح أقرا لي كلمتين عن فن الكتابة.. وعلى فكرة.. هات لك دفتر حلو وقلم شيك واكتب صلواتك ومناجاتك لربنا واسرح في الكلام مع ربنا زي البنت اللي بتسرح بأفكارها في حبيبها.

افتح دفتر مذكراتك واكتب لمدة عشر دقائق دون توقف. دب دب. حتتك بتتك. أكتب أي حاجة في أي حاجة وده هايخليك تستريح من أي غلوشة معطلة أفكارك جايز تكون سادة القنوات وعاقدة لك لسانك يا ولداه. من هنا هاتنحل عقدة اللسان! كلم نفسك في كتابتك.. كلمها قبل ما هي تكلمك وبعدين تقول إيه أنا اللي أخرني طول المدة دي؟ طب اعمل زي ما بيعمل صاحب المزامير.. بيكلم نفسه ويوجه كلامه ليها ويقول لها: باركي يا ... يا مين؟ يا جيراني؟ لا.. باركي يا نفسي الرب! هنا أيضا جانب الاعتراف. أنت بتعترف لنفسك وقدام نفسك وكل ده في حضور ربنا.. وهناك تنزاح العقبات وتزول الغشاوة تأتي راحة لأن الرب حاضر.. الرب هو الراحة وأنت تضع نفسك في حضوره ولذلك ستغمرك راحة وتنغسل من الهم تمامًا.

يقولون "من بقك لباب السما"؛ والممثلة زينات صدقي تقول "من بقك لدفتر المأذون يا اخويا"، واليوم نحن نقول: من قلمك لـ باب السما. تُرى ماذا لو كتبت صلاتك بخط يدك الجميل وتتحدث إلى الله الجالس معك في الغرفة الآن، أعظم صديق عرفته في حياتك؟ على الورق تُصلي وعلى الورق تُقر وتعلن حضور الله معك الآن. فإن كان الله معك، وهو بالتأكيد معك، فمن يا ترى يكون عليك؟ قال الكتاب إن الرب سوف يحقق لك كل مقصد ويستجيب لك ويكون خير معين في حياتك. تكتب الصلاة ببراءة الأطفال في دفتر المذكرات وكأنك ترفع سماعة التلفون وتتحدث مباشرة إلى أبيك السماوي وبصورة شخصية.

إلهنا الذي نختبره في عنايته الإلهية هو ذاته أصدق برهان على صحة المسيحية هو إله العناية؛ ذلك الـ إله يتداخل ورأيته يتداخل في حياتي أنا بالذات. لذا نؤمن وبثقة الأطفال وفي براءتهم. إله العناية الإلهية، ذلك إله ليس مثله حيث رأيته يتداخل بطرقه العجيبة في حياتي ويؤكد لي بذاته على صحة المسيحية، ذلك أن هذا البرهان، عندما الله ذاته يصبح هو البرهان، هو أقوى برهان ويجيب على جميع الأسئلة. أبحث عن الله في كل مكان.. أفتش عنه داخل نفسي.. فيمن حولي.. في الكتب.. في العظات.. هنا وهناك.. أعياني البحث وأضناني.. أسائل عنك يا إلهي في كل مكان وإذ بي أجدك تهديني إلى قلبي حيث تقيم، حيث عرشك هناك قائم، حيث يسود روحك، حيث أستمد كل كياني منك وبدونك أنا لا شيء بل عدم وفراغ وضياع. كثيرًا ما بحثت عن حقيقة الأشياء خارج نفسي وسرعان ما اتضح لي أن الإجابة موجودة بداخلي وأنا لا أدري، وهذا ما وصفه الكتاب بعبارات بليغة: بل الكلمة قريبة منك جدا في فمك وفي قلبك لتعمل بها. الرياضيات تسير في اتجاه خطي linear الماورائيات، أمور الإيمان تسير في مستوى الروح، ولا يصح مقارنة هذا بذاك.

ولعل الله يسكن قلوبنا ولكننا نخجل من أن يتهمنا الناس بالتدين فنمسك عن الكلام عنه.. لا يأتي لشفاهنا.. ويبقى في القلب دون الشفاه.. ولكن ما الفائدة؟ كنز ولا نتحدث عنه؟ ليبق اسمه دائما على شفاهنا؛ وبهذا تطابق أفكار قلبي أقوال فمي ويكون الاثنان مرضيان عند الله.

وآية "اطلبوا ملكوت الله وبره" معناها أنك تطلب ما لله ومشيئته وما يخصه ويكون ربنا شغلك الشاغل .. بس ده مش معناته إنه هايزعل منك لو طلبت منه طلبات محددة بل هو بيفرح أنك تتكيء عليه لا على نفسك في طلب الطلبات دي. جرب أن تكتب طلباتك في الصلاة في دفتر بشكل عفوي محدد تفصيلي وستجد نفسك بعد فترة تراجع الدفتر وتستغرب أن ما طلبته قد تحقق بالحرف الواحد وأكثر لأنه إله يعطينا أكثر مما نطلب أو نفتكر وغناه يفيض فينا ومسرته أن يجود وأن نستقبل، فمغبوط هو الاستقبال مثلما العطاء مغبوط. تنوي على نية ثم تكتبها في ورقة وتوضع هذه الورقة على المذبح فألقاك بعقلي النقدي وأتهمك بالدجل والشعوذة.. ثم أطالع آخر الأبحاث العلمية عن تأثير "قوة النية" في الصلاة فأكتشف أني تسرعت وأنه لو اجتمعت جماعة من المصلين على نية وصلوا بشكل واثق إيجابي فاحتمال حدوثها قوي جدًا .. مادامت تطلب ملكوت الله وبره.. أي تصب في هدف القصد الإلهي وليست هدفها متضارب. عن هذا يشهد صاحبي مينا فيقول:

كان ياما كان..زمان أيام زمان.. الناس تتلم حوالين النار وتتدفا وتشوي.. مرة تشوي سمك.. مرة تشوي تعابين.. تشوي اللي تلاقيه وخلاص هو احنا يعني لاقيين لما ها نتأمّر! وحوالين النار بدأت تحكي حكاويها.. الحكاوي دي تنفع تتعمل كتاب. كل إنسان فينا داخله كتاب. ولما تتكلم عن ربنا بتقول للناس إيه؟ بتقول لهم حكايتك مع ربنا ولا بتشتغل وعظ وتتكلم كلام لاهوتي كبير ماحدش فاهمه غيرك انتة وبس؟ الإيمان مش كلام مجعلص كبير ولكنه "حكاية".. حكاية مين؟ ومنين نبتدي الحكاية؟ الحكاية تبدأ بـ ربنا دايما عطول. الله بيحب الإنسان وليه مع كل إنسان حكاية.. حكاية حب.. يعرفها كل عاشق.. لأن ا لحياة مع الله مش شكليات ولكنها "عشق" وفي الحكاية خبرة وخبرات.. لما تكلم الناس عن ربنا احكي لهم عن الخبرات دي وخليهم يشوفوا قد إيه ربنا فعلا حي وعملي وواقعي وصادق في حياتك لكن ما تروحش تقول لهم اعملوا وما تعملوش.. ازنوا وما تزنوش.. لا.. إيه هي حكايتك؟ ما هي خبراتك الحية مع الله؟ بالأحرى: ما هي حكاية الله معاك؟ إيه حكايتكوا مع بعض؟

إذا لم تكن لدينا شهية للطعام واستسلمنا لذلك ولم نأكل بالمرة وتمادينا في ذلك لربما هزل عودنا ومرضنا وأصابتنا الأنيميا الحادة ولذلك نجبر أنفسنا ولو قليلاً على أن نأكل شيئًا فشيئًا. لا يكفي أن نقول "ماليش نفس أكل" أو "ماليش نفس أصليّ" وإنما نخطو خطوة أولية من جانبنا تظهر حسن النوايا ولربما تبدلت بسببها الأحوال وتحسنت نحو الأفضل فيصلب عودنا ويشتد بدننا. ما هي الأشياء التي تفقدنا شهيتنا الروحية؟ الخمول؟ المثبطات؟ نتراخى في هذا وذاك ونلتمس العذر لأنفسنا؟ لابد لنا أن نأكل وطعامنا هو الخبز الحيّ النازل من فوق والذي لن نلتقيه لقاءًا حيًا بدون صلاة. لابد أن نتحرك أو بالعامية "نتلحلح" ونخطو خطوة نحو الله فيها نستفيد من عمل نعمته ونسعى لتفعيله في حياتنا. عدم الحركة يصيبنا إما بالتصلب أو الضمور، سواء جسمانيا أو روحيًا، ويمكن أن يصل الأمر بصاحبه إلى أن يترك الله ولا يعود يهمه من أمر الله أو أمور الإيمان أي شيء؛ وفي كل هذا الهبوط نحو القاع يحدث بالتدريج إلى أن يردي صاحبه قتيل خموله وتراخيه. كل هذا يمكن تبديله بأن يصبح الله أكثر قربًا منا ونصبح نحن أكثر التصاقًا به، وعندها مجده هو سوف يشرق على وجوهنا وينيرنا (مزمور 31).

يقف الأطفال أمام أشياء وأمور تمر بنا نحن الكبار مرَّ الكرام وأما هم فيقفون ويتدبرون ويأخذهم العجب والاندهاش. في مزمور77 وآية 12
يستوقفني إلهي أمام أعماله وحضوره في كل ما عمل وصنعت يداه، حضوره في محبته، أمام التفاصيل التي تستوقف النساء أكثر مما تستوقف الرجال فتأخذني حالة من الدهشة وأهتف بفرح مع الترنيمة: لا تلمني إني دُهشت بجمال ربيّ في كل شيء رأيت أعجوبتك يا إلهي وعرفت أنك إله "عجيب" وأتعجب من حبك العجيب وأتيقن أن العبادة لك ليست حركات ولا إشارات ولكنها قد تكون تلك اللحظة التي أقف فيها في قدسك حيث لك الأرض وملؤها والمسكونة والساكنين فيها وأثق أنك في كل تعاملاتك العجيبة معي في الماضي ستفعل في الحاضر والمستقبل كل ما هو عجيب ويفوق تصوراتي وحساباتي الذهنية المحدودة.

ماري شابة قبطية تحيا في كنف الله وقديسيه، ومن عشرتها مع الله عرفت أن الله ليس مجرد فكرة نستدل عليها وبها ولكنه بالنسبة لها "نبع" والبداية كان حديثها مع أبائها الرهبان وتساءلت: هؤلاء الأباء الرهبان سلكوا حياة التكريس الرهباني منذ خمسين سنة، ورغم أنهم لا يقرأون ولا يكتبون إلا أنهم يعرفون الله ويتحدثون عنه بعمق بكلام لا يوجد في الكتب. إنهم يحفظون الكتاب المقدس عن ظهر قلب ويفسره الروح لقلوبهم بما تعجز عنه الكتب. وكيف يكون هذا؟ جاءها الجواب: إنهم يشبهون الشجرة يا ماري والتي متى كانت صغيرة تعتمد على الناس لرويها ولكن الجذر متى تعمّقت ونمت تحت الأرض فإنها تصل لمنابع المياه وتتجاوز المرحلة الأولى لمن كانوا يأتون في البداية لتغذيتها وإطعامها. هؤلاء الرهبان دخلوا في صميم النبع مباشرة، والنبع هو ربنا، نهر تفرح سواقيه مدينة الله العلي، نهر يرويني، نبع لا ينضب أنت يا إلهي وترويني وتحييني وتغمر كل كياني بفيض غزير.

يسأل: في البداية رأيت ولمست يد الله تعمل في كل شيء وتجعل جميع الأشياء تعمل معًا لخيري والذي فهمت وقتها منه أنه في أني أسافر وأهاجر وسار كل شيء بسلاسة. وما إن أتيت لبلاد المهجر حتى سارت الأمور على نحو مخالف لتوقعاتي معاكس لطموحاتي. يا ترى، ربنا جايبني هنا عشان يمرمطني؟ هل ربنا بيربيني؟ طب ليه مش حاسس به؟

الله قد يقودنا إلى خطة معينة منه ويجعل كل الأشياء تعمل بسهولة ويسر في البداية وهذا لا يعني أن الطريق سوف يخلو من المشاق والصعاب وبما أنه هو الذي دعا فهو يكمل وبما أنه هو الذي بدأ هذا العمل الصالح فهو يكمله.. كل ما في الموضوع أن ربنا يحب أن يدخلنا مدرسته.. نحتاج لتقليم أظافر ولتشذيب حوافر :-) نحتاج لأن يهذب فينا هذا الشيء وذاك الشيء.. هذا يعني طرقة مطرقة من هنا وخبطة ع السندال من الناحية التانية عشان تضبط العملية. في كل هذا هو رقيق ويرفق وإذا اضطر الأمر لجراحة إلهية فهو يضمد على الفور ولن يتركك تنزف.. ولكن أسوأ شيء تعمله أنك لا تحسن الظن به أو أنك تقول له ما قالوا له في القديم في فورة غضب: أورثتني أثام صباي. قول له: أشكرك يا رب لأنك أدخلتني مدرستك وأنا عارف أن حكمتك أعلى وأكبر من فهمي وأنك لك حكمة في كل شيء وخطتك لحياتي خطة جميلة محكمة دقيقة وفي كل هذا أنت تنوي لي الخير وخيري هو أنت... بصمت.. بسكون.. بهدوء.. استخدم كل هذا للسجود بالارتياح في حضن باباك السماوي.

شخصان يقفان أمام موقف مؤلم يعصف بهما في الحياة. الأول يحزن ويكتئب و"يعاتب ربنا" وكأن العتاب حق شرعي مكتسب! والثاني حريص على أن يرى في هذا الموقف العصيب فرصة للنمو وسوف يسود هو هذا الموقف ومن خلال هذا الموقف سوف يكبر في شخصيته وكيانه وسوف يتسع قلبه ليحتوى جميع الخلائق؛ ذلك أنه يؤمن أن هناك خيرًا عظيمًا ينتظره برغم كل ما ينظره، ولذا فهو لا ينقطع عن أن يقدم الحمد والشكر للباري.

تطلب من الله أن يريك مشيئته والطريق التي يجب أن تمشي فيها فتجد كل الأشياء تعمل معًا للخير وتتضافر متحدة لجلب الخير لك وتمشي وإذ بالطريق كله مطبات وعقبات وعراقيل وهدفها هو نموك وتطورك للأحسن ولأنه لا توجد طريقة لبنيان العضلات إلا إذا حملنا أثقال حديد كمثال. تبدأ تتذمر وتشكو الله لـ الله وتستغرب: هل الله بيلعب معايا استغماية؟ تتذمر وتذمرك يعطل استجابة الصلاة ويسلبك سلامك الداخلي وبدل من أن تتقدم للأمام تتراجع خطوات للوراء وتفقد مجرد القدرة لسماع صوت الله فكيف يسمع صوت الله إنسان مضطرب مرير ساخط على هذا وذاك؟ بالرجوع والسكون تخلصون، بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم، هكذا قال الكتاب.

حد يزعلنا.. موضوع يحصل معانا.. بنسأل أنفسنا: إزاي ده يحصل؟ وإزاي يقول كدة؟ ما كانش العشم.. جاتك دهية راجل يخيبك! نزعل وتصعب نفسنا علينا. بنقول: كنت زعلان قوي يا أخي لدرجة مش قادر أشوف قدامي. وعلى مستوى السمع: كنت زعلان قوي ومش عارف أسمع صوت ربنا حوالين مني. الخطوط اتعطلت والأفكار اتبعترت وأنت السبب ما حدش تاني عشاني قعدت لازق ومتّبت في الزعل والانتقاد والمعاتبة ومافضلش عندي كلام غير في الحاجات اللي ناقصة. الخط اتعطل. الخسارة خسارتي وما جانيش صوت ربنا. أمتى بقى ها أعقل وأعرف أن الزعل بييجي على راسي أنا؟!!

طب.. هو ايه الفرق بين الايمان الحقيقي بالله و بين اني اقنع نفسي بوهم في ظل اني مش شايف اللي انا بخاطبه او حاسه بشكل مادي ؟ و لا اصلا مفيش فرق عشان هو حقيقه ف الحالتين ؟! و لا هما الاتنين حاجه واحده بس حقيقه مش وهم ؟ اصل انا ممكن ف حياتي المس تغيير بتدريب فكري و نفسي مع الوقت .. ايه الفرق بينه و بين اختبار الله الحقيقي ؟! في البداية الإيمان يبدو كأنه "وهم" وكأنك تتحدث إلى كائن خيالي ولكنك تثابر وتثابر وتعلن له حقيقة وجوده بالنسبة لك وهو من جانبه سيقدر لك ذلك فيجود عليك بمفاجأت عنايته الإلهية ويريك تدخلاته وأنه إله حقيقي وليس مجرد عقيدة أو فكرة أو خيال في طيفك. بعد اعتناقي المسيحية كانت الاضطهادات مقبلة ولا مفر منها فأراد الله التأكيد على حقيقته بالنسبة لي. كنت أحيانا أفكر في شيء صغير وأتمناه كالأطفال فيأتي لي بالتمام. أخت مسيحية تطلب ساعة أنيقة دون أن تذكر ذلك لأي إنسان سوى أن ربنا يسمع اشتياق قلبها وإذ بـ أبيها يفاجأها ويأتيها بالساعة مع أنها أعطت كل مرتبها في صندوق الكنيسة وكانت تتمنى استخدام المبلغ لشراء هذه الساعة. كل هذه هي تدخلات العناية الإلهية والتي تبرهن بالدليل القاطع على حضور الحق معنا وأنه يمسك بيدنا اليمنى. ابدأ كل يوم مع الله طفل يؤدي واجباته المدرسية دون نقاش وقل له: أنت صادق وحق يا إلهي ولتكن أنت صادق وكل حواسي كاذبة وأصدقك قبل نفسي. بهذا تدخل في صميم اختبار الله الحقيقي.

طب خايفة من الموت؟ مش حاسة إنك هاتكوني معاه؟ إزاي تحسي بوجوده معاك واليوم بيعدي من غير ما تحسي به؟
هاتي دفتر مخصوص للتأملات اليومية، وتكتبي فيه قراراتك الخاصة تجاه ربنا وتجاه نفسك، وشجعي نفسك على الكتابة بخط يدك حتى يكون إقرار من داخلك ولنفسك، واللي تقريه عبري بيه عن نفسك لربنا. ييجي لك يوم مش حاسة بالعلاقة مع ربنا تقومي تقولي لنفسك ما هي مشاعرنا متقلبة، ومش مقياس لأي حاجة في الأمور الروحية لأنها مرة فوق ومرة تحت ولكن المقياس حقيقة الله وجميع حقائق الله. حقائق الله بتقول إني بنت له ولا يفصلني عن محبته أي شيء في العالم كما جاء في رومية 8. جميع حقائق الله بتقول إني بنته متحدة بيه حاليا وجسده في دمي وحياة جسده تسري فيّ.

هو متحد بي وأنا متحدة بيه ولا يفصلني عنه أي شيء في العالم، والموت ما هو إلا عبور من مرحلة لمرحلة بعدها وسواء أنا كنت عايشة هنا أو عبرت ع اليمة التانية فأنا مع حبيبي وحبيبي لي، ولا شيء يفصلني عنه مهما فعلت ومهما كان، ولتكن مشاعري كاذبة وحب الله لي صادق بجميع الأحوال، واكتبي الكلام ده بخط إيدك عشان الممرات العصبية في مخك تسجله. قولي له إنت قبل كل شيء في حياتي وتتقدم كل شيء وأبدأ بك دائمًا ولا شيء يأتي قبلك وأنت يا رب تقود مسيرتي وتجذبني وراءك لأنك انتة قائدي وأنا ماشية وراك. بالمراحم تقودني وتكلل حياتي وتجمّل وجهي.

طب.. هو الشعور بالوحدة ضعف ايمان ؟ طب وهل المشاعر اللي بنحس بيها دي.. ربنا له يد فيها ولا ربنا مالهوش دعوة بمشاعرنا؟

الشعور بالوحدة جزء من تكويننا الإنساني ولا الله ولا الإنسان يمكن أن يستنكره علينا. الإنسان كائن اجتماعي وسعادته تكمل بالتفاعل مع الآخرين، فيأخذ منهم ويعطي لهم. والمسيح مخلصنا سبق أن عانى مشاعر الوحدة من حيث هو إنسان فقد ظل يُساء فهمه لآخر لحظة في حياته، وحتى تلاميذه لم يستوعبوا فحوى رسالته بالكامل إلا بعد الصعود والقيامة، فكان ينتظر منهم أن يفهموا ما يقوله من قبل أن يفتح فمه، وهذا ما لم يحدث ولذلك كان يأتيه شيء من الإحباط. وبما أن مخلصي نفسه سبق وعانى مشاعر الوحدة فأنا أتحد به وأقول له: يا ربي يسوع، أتحد بك في مشاعري هذه فأنت أكثر إنسان تقدر أن تفهمني وتسدد احتياجي وتملأ الفراغات في حياتي، وأشكرك على مشاعر الوحدة بكل ما فيها من ألم لأني بسببها أدرك أني محتاج لك وأتعلم أن أرجع لك دائما حتى ما يكون اكتمالي بك وحدك لأنك أنت أعظم صديق وخير أنيس لي، وفي وحدتي يتحقق اتحادي بك.

بالتأكيد القديس بولس كان يتمنى يطعم المؤمنين في كورنثوس طعام رئيسي من البداية؛ طعام الكلمة بكامل مكوناته ولكنهم لم يكونوا مستعدين فاضطر أنه يعطيهم ما يناسب مرحلة النمو وهو اللبن وكأنهم أطفال. وكثيرون منا لا يريدون طعام وبالأخص طعام الحقيقة، وإنما نريد التجميل؛ نريد الفتات، ما يلمع ويبرق، ما يسعدنا ويهنينا ولو لخمس دقايق. ولكن الحقيقة تريد منا أن نستعد لتحمل المسئولية، أن نشترك مع الرب وأن نظهر حبنا الصادق ونقبل كل كلامه دون تجزئة فناخد الحقيقة على بعضها وبشجاعة. والحقيقة ننالها من ربنا عندما نصلي ونسأله: يا رب، ما هي حقيقة هذا الأمر الفلاني؟ فيتكلم إلى قلوبنا ولا يبخل أبدًا بصوته علينا، وعندها نتصرف على أساس الحقيقة، وتتحرر أفكارنا ويصبح تفكيرنا تفكير سليم. الموضوع لا دخل له بالتفكير الإيجابي أو بالتفكير السلبي ولكن أن نعيش في كل موقف وفق الحقيقة. ولبن الحقيقة قد يسبق طعام الحقيقة وإن كان لبنًا مرًا إلا أننا سنعرف مع الوقت أن كل ما هو حق سوف يعتقنا من الزيف والجهل، وعندها نصبح بحق أبناء الحق، أبناء الحرية، أبناء الله شخصيًا.

تساءل أحد أصدقائي عن إيماني، وما هو هذا الإيمان، فقلت له: الإيمان هو خطوة نخطوها تجاه الغير منظور لقبول أعمال الله سبحانه وتعالى في الكون. أعمال الله mirabilia Dei في الكون ظاهرة وهي وسائل للتعبير والتخاطب يتواصل بها الله معنا، أيات الله في الكون، أياته ما أعظمها وعجائبه ما أقواها. هذا يستوقفنا أمام أبعاد اخرى في الوجود ولعلّ الإيمان هو وسيلة للتواصل مع ما هو روحاني علوي وماهو أعلى من تفكيرنا النظري وماهو فوق قوانيننا الارضية المحكومة من قبل المكان والزمان -الأبعاد الثلاثة.

ولكن لماذا نصلي؟ أذهب إلى الله وأصلي لأني أعرف أني في الصلاة سأكون بين يديه هو وهو سوف يقوم بدور الفخاري الأعظم ويعيد تشكيلي من جديد وأيضا يعيد تشكيل طريقة تفكيري هي الأخرى فتأتي السماء إلى قلبي وعندها أنظر بعين الله وأحس وأميز في كل شيء بروحه لا وفق هوايّ وما يميل له قلبي ذلك أن أهوائي قصيرة النظر وترغب فقط في ما لذاتها ولكني في الصلاة أريد الله نفسه أن يكون لي وأن ينطبع ناموسه الحيّ في قلبي فأفكر بفكره وأحس بقلبه وأبصر بعينه ولسان حالي هو أنه لا أنا بل إلهي الساكن في. إلهي له كلمة وكلمته الحيّ قد تأصل واستقر في باطني وهناك سكن وأقام فسكنت نفسي في سكينة سكناه.

أين أصدقائي؟ أين أهلي؟

بعد دخولي المسيحية وما تلا ذلك من ضرب وصفعات لي كنت أعيش في خوف قاتل عندما أذهب للنوم وعندما أذهب لركوب الأتوبيس من فاقوس للقاهرة وعندما أحمل شنطتي وبها كتب تحتاج للترجمة للخدمة واستمر معي هذا الخوف لمدة خمس سنوات متواصلة. أجلس في البيت لترجمة الكتب وأرى دموع والدتي الحارقة على وجنتيها وهي تبكي بحرقة لأنها تعلم أني لم أعد ذلك الشخص الذي كنت، أنا شخص قرر أن يدير ظهره للماضي بالكامل، تبكي لأنها تخشى المجهول وتخشى هجوم أهل القرية على بيتنا مجددًا وصراخهم أن المرتد لابد من قتله. نعم يا أمي دموعك عندي أغلى من حياتي نفسها ولكن ماذا أفعل؟ لا أريد أن أخسرك ولا أريد أن أخسر المسيح وكم وددت يا أمي أن تفرحي ولا تبكي للحظة واحدة بسببي ولكني وهبت حياتي للمسيح وأنا له بالكامل مدى أيام حياتي، والموت هو أن أكون بدون المسيح فلا تحرميني من الحياة يا أمي لأن الحياة لي هي المسيح.

شعرت باغتراب حيث تجردت من الأهل والأصدقاء والوطن وشعرت بلا انتماء ولم أشعر أني لي موطن وكنت أبحث عن وطن ومن يتبناني ومن يصبح أب لي ومن يصبح أم لي... وأخيرًا جاءت سفرية أميركا ووجدت سيدات بكل أريحية أميركية يقلن لي: من الآن فصاعدًا أنا أمك ثم أمك ثم أمك! طبعا فرحت بس برضو كنت حاطط إيدي على قلبي وياخوفي من آخر المشوار.. وأخيرًا تعلمت أن موطني ليس مصر أو أميركا بل طوبى لإنسان يستوطن قلب المسيح .. لا يشعر بغربة على الأرض اطلاقاً .. في كل مكان يشعر أنه اسعد مواطن .. وهذا الدرس تعلمته لأول مرة لا من كلية اللاهوت المعمدانية ولا من مكتبتي الضخمة ولكن عندما تشربت بعظات وبروح الأب متى المسكين ومن وقتها واعتبرته أب لي، هو وجميع الرهبان الذين تجردوا من كل شيء لكي يستطونوا قلب المسيح. ربنا يسوع يأتي نفسه ويملأ كل الفراغات في حياتنا وبيقوم بدور كل الأشخاص اللي احنا محرومين منهم. الغربة ذاتها هي اللي تدفعنا دائما لحضن المسيح فتنشأ علاقة حميمة بيننا وبينه لأننا نتكيء عليه يوم بيوم ولحظة بلحظة فنجده خير معين وأفضل وأعظم صديق.

الفشل الاجتماعي ليس بالضرورة هو حقًا فشل اجتماعي كما يبدو لنا؛ وكوني محاط بالناس والأصحاب لا يعني إني ناجح اجتماعيا؛ وقد تكون محاط بالناس وتضحك ومن الداخل تبكي والوحدة تقتلك، ولا أجمل من أن يكون لك من نفسك أنيس وصديق (كما قال مسكويه في رده على أبي حيان التوحيدي في كتابه الهوامل والشوامل) بأن أجلس مع نفسي ويحدث قبول لذاتي فأشعر بالراحة مع نفسي وأني مكتمل في نفسي وبنفسي ولست بحاجة لآخرين كي ما يكملونني.

فتحت دفتر تلفونات قديم في زمن لا أحد يتصل فيه بأحد، ووجدت أن أول شيء في دفتري صورة كنت قد وضعتها لأبونا متى المسكين ومكتوب تحتها بالانكليزية "أبونا متى، أنت توجهني دائما إلى المسيح".. تذكرت أنه أبونا متى الذي علمني أن أتحدث للمسيح وكأنه جالس قبالتي بل هو جالس قبالتي وأنا بالفعل في محضره ولا أناجي كائن وهمي أو أصلي لعلي أنال القبول بل الله معي الآن وأنا أتحدث له مباشرة لأن الله نطق مباشرة في المسيح وبدون المسيح لا نعرف كيف نطق الله نطقه الصريح، ولهذا جاء المسيح إلى عالمنا لأن "الله نطق

يؤرقني تفكير الناس:

يأتي السؤال: اني مش بحب نفسي ولا قابلاها ونفسي حياتي تنتهي بسبب اني مش قابله نفسي وكنت عايزه اسألك عملت ايه عشان تعرف تحب نفسك وتتقبلها؟؟
وأيضًا: اخي ابراهيم انا طالب جامعي، و لدي مشكل دائما يؤرقني وهو التفكير في الناس وكيف ينظرون إلي ولا اثق بنفسي بالشكل المطلوب، اعلم انه سؤال سخيف ولكن هل لك ان تساعدني ؟؟؟

عندما كنت طالب بـ أداب الزقازيق وشعرت أن الكل من حولي يحتقرني، هذا يرفض مصافحتي ويتعمد إحراجي أمام الناس وذاك يتنخم كلما رأني وآخر يقول هاتوا أوسخ عصاية وآخرون يقذفونني بالبطاطس العفنة... كنت أحرص في كل هذا على أن أنظر لنفسي كما ينظر الله لي، ذلك إني أسير ليس مجرد إبراهيم ولكني كائن إلهي وروح الله يسكنني وعندما أتكلم فلن أتكلم بنفسي وإنما روح الله الساكن في سوف ينطق عني ويعطيني في تلك الساعة ما أنطق به. حرصت أن ألتفت لنفسي ورفضت المشي مطأطأ الرأس مع أني عشت مرحلة طأطأة الرأس لفترة ولكني همس لي هاجس.. عندما أطأطيء رأسي فهذا يعني أن رأس المسيح مطأطأة والله لا يرضى بالهوان وسأختار أن أرفض الهوان لأني لا أقبل أن أنصاع لإذلال أحد وكسري داخليًا لأن الإنجيل قال لي إن الذي فيكم، أي الله شخصيا، أعظم من ذاك الذي في العالم. إذا نظرت لنفسك كما ينظر الله لك، وإذا أحببت نفسك كما يحبك الله، وأعلن عن هذا بالكلام لنفسك وبواسطة الصلاة بصوت مسموع فسوف تدوس وتطأ الأرض بعزة نفس وبقوة ولا تهاب أحد لأنك ستحيط نفسك بالترتيل والصلاة في كل خطوة تخطوها.

ليك اصحاب وياما وقفت جنبهم ولكن لما تحتاج لهم ما تلاقيهمش جنبك. مافيش حد غيرهم تثق بيه وما تقدرش تفضفض لحد ولكن هما مش فاضيين لك. قال الشاعر: ما أكثر الاخوان حين تعدّهم ... ولكنهم في النائبات قليل. نتساءل: هل عدم وجود هؤلاء الأصدقاء في عز احتياجي لهم من تدبير الله؟ في تجربتي هو من تدبير الله وربنا عايز يستفرد بينا وأننا نروح له مباشرة ونفضفض له ويكون هو أول صديق لينا.. ساعات نصلي ونطلب من ربنا إنه يخلي علاقتنا بيه حميمة ومتينة ونلتصق بيه.. بس إزاي ده هايحصل وهو مش عارف يتلم علينا واحنا بنتنطط من حتة لحتة ومن اجتماع لاجتماع وواخدينها زقططة وتنطيط؟ لازم يحصل لنا "تخلية" فنتجرد من الروابط البشرية اللي ساعات بتكون واقفة في طريق اتحادنا بيه فنتجرد من الكل ونستغني عن الكل لنكون له وحده لا سواه. تضغط الظروف علينا نقوم نجري لـ أوضتنا ونقعد ع السرير ونمارس الاسترخاء، شهيق زفير، وفي الشهيق نقول: أحبك يا رب، وفي الزفير، كفايتي أنت يا رب.. نقوم نشعر بامتلاء غير عادي.. مش بتقول عايز تتملي من الروح القدس؟ لازم من "التخلية" أولاً ثم الامتلاء.. لكن لو أنت مليان ودماغك فيها مليون صديق ومليون حاجة هاتتملي بس إزاي؟ ولعلنا نحتج: كلامك صح بس عملية التخلية دي صعبة اوي و محتاجة اني ابتدي افهم الرسالة اللي ربنا عايز يوصلهالي و يكون في قبول و تسليم لمشيئته لان عدم القبول و التسليم بيودينا لطريق مسدود. و بعدين الله قال عن آدم : ليس جيد ان يكون آدم وحده ... يعني الله خلق الانسان في حالة شركة مع غيره ... انا رأيي ان التخلية هي عملية نضج في علاقتي مع الله و ليست الوضع المثالي للحياة مع الناس. والحقيقة هي أن التخلية حالة تجرد داخلية وليست انعزالية أو تهربية.

تيريزا الطفل يسوع تتحدث عن حرمانها من الصداقات التي كانت تشتهيها وكم أنها تصدت لهذا في داخلها ورفضت مجاراة الناس حتى لو اقتضى وحدة قاتلة...

حاولت إني أعمل صداقات مع بنات من جيلي، اثنتان منهن إذ أحببتهن وهنَّ بدورهن أحببني كذلك بقدر ما استطعن. ولكن للأسف ما أضيق وخفة طيش المخلوقات! وسريعًا ما رأيت أن محبتي يُساء فهمها. اضطرت واحدة من صاحباتي إلى أن ترجع لأهلها وبعد أشهر قليلة رجعت إلى المدرسة من ا...لأجازة. في أثناء غيابها كنت أفكر فيها وأنا أتأمل باعتزاز خاتمًا صغيرًا كانت قد أهدتني إياه. وعندما رأيت صاحبتي في عودتها غمرني فرح شديد ولكنها لم تبادل فرحي هذا سوى بنظرة باردة، وحبي ما كان ليحظى بالتفهم. هذا ما شعرت به ولذلك لم أتوسل طالبة المودة ولم أشحذ التودد ولكن الله أعطاني قلبًا أمينًا متى أحب محبة طاهرة نقية فإنه لا ينقطع عن أن يحب. وواصلت صلاتي لأجل زميلتي واستمررت في حبي لها. ولما رأيت أختي سيلين تتودد لواحدة من معلماتها بالمدرسة أردت أن أقلدها؛ وبما أني لم أكن على دراية في اكتساب المهارات الاجتماعية لأجل التعامل برشاقة مع الناس لم يحالفني النجاح مثل أختي. فياللجهل عندما يكون بركة! فهذا الجهل عينه هو ما عصمني من شرور كبيرة. كيف لي أن أشكر المسيح الذي جعلني ألتقي "بالمرارة فقط بين صداقات أهل الأرض"؛ فلأنه بقلب مثل قلبي ما أسهل أن أؤخذ بما قد يأتيني وعندها تحدث القصقصة لأجنحتي. وكيف عندها يتسنى لي أن "أطير وأستريح"؟ (مزمور 54/ 7). وكيف لقلبٍ قد انجرف وانساق وراء مودة الخلق من البشر أن يصبح متحدًا اتحادًا حميمًا بالله؟ أشعر أن هذا غير ممكن. وليس من الضروري أن أشرب من الكأس المسممة الطافحة بالحب الجارف الذي تقدمه المخلوقات حتى أتيقن من ذلك وأشعر أني لست مخطئة هنا. رأيت نفوسًا كثيره يغريها النور الزائف وتطير وتحلق كالفراشات المسكينة إذ يلسعها اللهيب وتحرق أجنحتها ثم تعود إلى نور الحب الصادق الرقيق فيهبها أجنحة جديدة أكثر لمعانًا ورقة ومن هنا تطير إلى المسيح، النار الإلهية التي تحرق من دون أن تبلع صاحبها (ص. 82 عن النسخة الصادرة عن ICS من كتاب قصة نفس).

هذا الاختبار يؤكده صديق لي عن اختبار فيقول: أب اعترافي في مرة قاللي: يا بخت اللي ناقصه حاجة لأنه هايمتلك بدالها المسيح اليتيم .. المسيح أبوه؛ الأرملة .. المسيح عريسها؛ الوحيد.. المسيح صديقه. الكلام ده بيتشاف في حياة الناس كل يوم بس اللي يركز.
 
هناك بنت.. هى مش بتحب حد يقولها مبتحضريش قداس ليه، طب كلمى ربنا ده ربنا حنين ده ربنا حلو و مش عايزه تتكلم فيه او اتكلمت فيه... ولكم أقول: كفوا في الكلام عن الله ولا تخنقوا الناس بـ إلهكم وما هو الإله الحق لأن الإله الحق حرية لا اختناق. الإله الحق يجذب الناس إليه ولا نفرضه أبدًا على الناس. الإله الحق نذهب إليه نحن من تلقاء أنفسنا شوقًا لا لأننا تحت المراقبة. اعطوا الناس الحق في أن يشكوا.. أن يكرهوا الله وأن يحبوه متى شاءوا لأنهم لو جاءوا من ذواتهم فسوف يكون العود أقوى من الفراق فيما مضى.

يكفي أني أحبك ربي وحبك زادي ولا يقتل الحب إلا التفسير
جمالك يأخذ عقلي وحبك يستقطبني وروحك يشدني أسير
بك أحبك وأعرفك فاستغنيت عن الكل وقلبي إليك يطير
أنت سمائي فلا أرغب في مكافأة لأني أعلم أين أصير

صغر النفس وإحساسنا بقيمة أنفسنا:

أحيانًا من كثرة ما حدثونا عن التواضع نغفل ونتناسى الأشياء الجميلة التي فينا فنشعر بصغر النفس وأحيانا نشعر بأننا بلا قيمة وكأنه لا وجود لنا، وهذا بدوره يؤدي لرد فعل عكسي والرغبة في أن نثبت للآخرين أننا لسنا أقل منهم وربما نحن أحسن منهم. من المهم أن نعرف الأشياء الجميلة التي فينا ونقر بها ونؤكد عليها ونشكر الله عليها. ولعله يكون من المفيد أن نمسك بالقلم ونفتح دفتر مذكراتنا الشخصية ونكتب الأشياء التي نشكر الله على وجودها فينا والشكر يؤدي بطبيعته إلى زيادة ما قد أنعم هو به علينا وهذا مبدأ البركة. الصفات الجميلة التي منحني الله إياها هي مواهب وله دور وسوف يستخدمها الله ولبنيان الآخرين ولذلك يجب أن أفرح بها لا أن أنكرها من باب التواضع المزيف. مثلاً الله أعطاني ميزة الاستماع للآخرين وأن أريحهم في وسط أتعابهم فيجب أن أفرح بهذا وأن أشكر الله عليه وأطلب منه أن يأتيني بالناس الذين يمكن أن يستخدمني معهم لخدمتهم ولمجد اسمه في حياتهم حتى يحبوه أكثر فأكثر. كلما شكرت الله العاطي على الله العطية في حياتي وأن عطاءه غزير وله هدف وأنا وسيلة لتحقيق هذا الهدف كلما عشت السعادة في حياتي وتمتعت بكل لحظة في حياتي.

قد نعاني من صغر النفس فلا نحس بقيمة أنفسنا وعندها لابد أن ننظر لأنفسنا من منظور الله. أنا إنسان وكائن مهم جدًا والله يفتقدني ويهتم بي بصورة شخصية وما يهم رأيه هو لا رأي الناس أو رأي أهلي. لابد أن نحاول أن نتعلم أن نسعد في أصغر الأشياء ونفعلها بتمتع لا عن اضطرار أو كأنها واجب أو إلزام وهنا يأتي دور معاينة حضور الله في الأشياء الصغيرة لأنها هي الأخرى في تدبيره. لابد أن نقول له شكرًا لك يا رب لأنك أعطيتني الصحة وكذا وكذا ونستقبل كل الأشياء على أنها عطية من يديه، وهذا كفيل بأنه يلغي الإحساس بالصغر بالنفس لأني أربط حياتي بمصيري في الله وأنه هو المصير ولا شيء تافه أو ضئيل من منظور ربنا.

أمام نفسي أعلن وربي أناجيه كذلك قائلاً:

الخالق الخلاّق يهبني القدرة لأن أكون إنسان مبدع خلاّق لأنه خلقني على صورته ويريد لي أن أكون قناة يفيض منها التعبير أحسن فيض فأحدث بعجائبه في كياني وأخبر بمجده بين الشعوب.

نريد تحقيق أهداف عالية جميلة في الحياة الروحية ودون أن نبذل أي مجهود. نريد إتقان لغة وكأن اللغة ستأتينا بالبخار وتدخل داخل أدمغتنا دون مجهود. هناك كسل يضرب الكثيرين منا ونستكين له ونبرر أنفسنا فيه. عندما تحدثت مع أبونا سيرافيم البراموسي لم يلفت نظري لا روحانيته ولا علمه ولكن لفت نظري ما هو أهم وهو أنه دينامو أو كما نقول بالانكليزية fireball أي كتلة نار، طاقة نشاط ديناميكية جبارة. لنأخذ خطوات للتغلب على الكسل في حياتنا الروحية ولنتخطاه ونرفضه بشدة لأن فيه مسام تنغلق من الركون لحالة الركود وعايزين نفتحها؛ وهنا التعبير مهم بأن الواحد يبدأ بعبارات قصيرة مثل أحبك يا رب، أنت قوتي يا رب، أنت كذا وكذا بالنسبة لي يا رب؛ وهذا فيه تشجيع للتعبير ونجبر نفسنا في البداية ونلتزم بروتين يومي زي اللي عنده شغل يروح له في المعاد مع خلق أجواء روحانية بالشكل اللي يحركنا.. فيه وسائل معينة زي الترانيم القداسات إلخ؛ لابد وحتما من تشجيع التعبير كأني مثلا أسمع ترنيمة تحركني وألاقيها حركت أحاسيسي فأنفعل بيها وأعيش اللي بيتقال وأعلنه بفمي وقلبي معًا.

تقولين لي حاسة إني بعدت عن ربنا.. حاسة إني قريبة من ربنا قوي اليومين دول! ما قلنا ارمي الترمومتر في الزبالة! المشاعر مش مقياس لعمق حياتك الروحية ولا مقياس لقربك من ربنا.. المقياس الأصلي هو أنك بنت له وهو نقطة انطلاقك والرجوع دائما إليه. ولنفرض أنا حاسس أني بعدت شوية؟ إيه الحل؟ أقعد أحس بالذنب؟ وأعاتب نفسي؟ لا طبعًا.. بلاش بهدلة. الحل هو ببساطة استدارة رقيقة كلها رشاقة ورجوع مشتاق لمصدر الأشواق، غاية النفس ومشتاها، راحة القلوب وفرحها، الرب. وكل ده من غير عتاب ولا عذاب ولا ندم!

الابن الضال لو فضل يعاتب ويلوم نفسه لما عاد إلى حضن أبيه بل رجع إلى نفسه أولاً ثم أخذ خطوة إيجابية على طول بكل إتساخه ورائحته الكريهه قام ورجع إلى أبيه؛ و أبوه على طول جرى عليه وحضنه وباسه وأمر أن يلبسه حلة جديدة .

روحي بس اقعدي معاه:

روحي اقعدي معاه.. ما عندكيش كلام تقوليه له؟ مالكيش دعوة بالكلام. هو مش بتاع كلام والمهم هو إنك تسترخي بكامل كيانك في حضوره.. ما تقوليش حاجة. . يكفي أنك تبقي حاسة إنك في محضر ربنا مش بالكلام.. احنا البشر رغايين بتوع كلام.. بنحب الكلام لكن ربنا مش زينا.. نقعد نبهر بعض بالصلاة والكلام المنمق اللي ياما هنا ياما هناك لكن ربنا مش كدة.. يكفيه إنك تبقي قاعدة معاه وحتى لو ما قلتيش كلام.. الرغبة في الحب هى الحب نفسه، والرغبة في المناجاة هى المناجاة، فكونك تقعدي مع ربنا وعندك الرغبة دي تجاه ربنا ومن غير كلام فهي أحسن من أي كلام أقدر أقوله لما أتمشطر في الكلام.. رغبتك في الصلاة هي صلاة في حد ذاتها.
ثم يتبادر لذهننا خاطر آخر: باكون مكسوف أطلب من ربنا وأنا بعيد عنه طول الفترة دي وأخيرًا لما أروح له أروح وعندي طلبات. طب ما هو عارف كل حاجة ومفروض أطلب ملكوت الله وبره.
والحقيقة هي أن ربنا هو بابا السماوي ومش مفروض تتردد أنك تطلب منه أي حاجة، وحتى لو كنت بعيد عنه طول الوقت ده ورحت له عشان تطلب حاجة ما تشكش ولا تتردد ولا تتذبذب ولكن اطلب بثقة وجرب تدخله وتمتع بعنايته بيك، وممكن الطلب ده يكون بداية لأنك تجدد علاقتك معه من جديد وتدخل في شركة أعمق وعلاقة حميمة أصدق.. بس فعلا ربنا بيفرح لما تروح وتطلب منه وبأي طريقة تشاء.. المهم تعرض الطلب عليه وبأي حالة كنت. قولي له أشكرك عشان أنت دايما واقف معايا وهاتقف معايا في موضوع مينا اللي باحبه وأنا واثقة إنك معايا ولو أنت معايا يبقى مين عليّ؟! أشكرك لأنك تنجح طريقي وتفتح أمامي باب مفتوح ولا أحد يغلق. أشكرك لأنك تسمع لي في كل حين ومعي في كل حين. ملكوت الله وبره لا يتعارض مع تسديد الله لأصغر الأمور في حياتك.. كل حياتك في إطار الملكوت السماوي، كل ما هو دنيوي يدخل في إطار الله.

وفرحان بيكي لأنك روحتي له و تخطيتي حواجز لابد من تخطيها وهي الارتياح التام في حضور الله وأنك تصلي وأنت بتشربي الكاكاو وأيضًا عند الأكل وأحيانا أثناء المذاكرة. لازم ندخل ربنا في كل حاجة بنعملها مهما كانت صغيرة. ربنا بيحب البنات اللي "تحلم" وتتصور شكل العلاقة مع ربنا، بنات تتدلع على بابابها السماوي هو يحب كدة ويدل على ألفة وارتياح وأريحية كاملة، لا رهبة لأن الرهبة تدل على عدم الوثوق التام به. هو فيه بنت تخاف من باباها السماوي؟ مايصحش. ولما تكوني خاطية تروحي له وهاتحسي بقبوله التام لك لأنك رايحة على أساس نعمة ربنا ومش على أساس أعمالك بحلاوتها أو وحاشتها. تروحي له وترتاحي فيه. أم كلثوم بتقول: أنا نفسي أرتاح .. أرتاح بين إيديك.. واحنا برضو نرتاح بين إيدين ربنا.. راحتي في راحتيك حبيبي يا يسوع. خطاياك وخطاياي مش مفاجأة بالنسبة لربنا ولكن هو ينظر لضعفنا بابتسام وإشفاق وخاصة إننا بنعرف دايما نرجع له وهو ينضفنا ويهندمنا ويشفينا ولسة شغال علينا وعمله لسة ما خلصش.

الإيمان يعني لي حاجتي إلى الله وأنا أصلي لأني محتاج إلى الله. الاستغناء عن الله عكس الإيمان بالله وهو أسوأ من الإلحاد العقلي لأن من يستغني عن الله له صورة الإيمان ولكن الله في الحقيقة ليس له دور في حياته. الملحد العقلي ينبش عن الله ويسأل ويبحث عنه ولم يصل بعد.
لا أضع إيماني على المحك ولا أسعى لأن أثبته لـ ملحد رغم أني أعتبر سقراط أب لي وتأثرت به جدًا. إيماني يشبه كوبس الكهربا واللمبة إما مضيئة أو مطفية. إيماني له محل القبول أو الرفض ولا يحتمل النقاش أو التباحث أو التساؤل. أمام إلهي أقف موقف العابد المتأمل وكل كياني مشدود نحوه انشداد العشق والتأمل يعقبه دهشة وفي الدهشة أهيم بربي فيصبح ربي ذاته الجواب على كل سؤال يخطر ببالي وبال من يبحث عنه.

صحيح أن الصلاة ليست مفروضة علينا والله نفسه لا يفرض أي شيء علينا، ولذلك فلن أصلي حتى ما أكون "مؤمن كويس/ منيح" ولكني سأصلي لأن الصلاة همزة الوصل ونقطة الالتقاء بخالقي وأنا أريد لنفسي أن ترتبط بمصدرها، أبويا السماوي. في الصلاة أتعلم كيف أتصرف مع عواطفي وانفعالاتي وتفكيري واحتياجاتي الجسماني، ولن أغير سلوكي بنفسي ولكن هو بنفسه سيغيرني من الداخل وأنا لا أشعر لأني سأنشغل به لا بنفسي، وعندها تنفتح نفسي عليه وعلى عمل روحه الجميل وهناك، في النفس، تحصل كل التغييرات التي أتمناها ولأجل أني أخضعت نفسي له بالصلاة. كل مرة أتحدث إلى إلهي، والدي السماوي، يحصل تحول في حياتي، وهو تحول للأفضل بالتأكيد. وعليه لا تهم الحالة النفسية التي أنا عليها من ارتفاع معنويات أو هبوط معنويات فهذه كلها سيان عندي ولن تحدد شيء ولكني سأبذل مجهود كالشاطر، ولو مجرد محاولة بسيط، حتى أتواصل وأتصل بمصدر وجودي واللي نفسي بتحن له من وقت لتاني. هاروح أقعد ع الكنبة وأسترخي وأخد نفس جامد وهنا الروح يشفع فينا ويحرك قلبي نحوه.

لما تيجي تصلي مفروض تختفي والصلاة هي اللي هاتصلي فيك لأن ساعتها الصلاة مش هاتكون أداء أو تأدية واجب ولكن لقاء حي ودخول في الروح والروح هو اللي هايصلي فيك. برضو الكتابة نفس الشيء. مش انتة اللي هاتكتب ولكن الكتابة هي اللي هاتكتب الكتابة وانتة تختفي. الروح يصلي فيك. سلمنا فصرنا نحمل. الروح هايحملك في الصلاة وفي الكتابة برضو.

لي اشتياق أن أكون قريبًا منك يا إلهي. ومع أني قد لا أشعر بقربك مني فالاشتياق إليك هو القرب بذاته. قد ترميني الشكوك بسهامها وتحاربني الأسئلة الإلحادية بشراسة وهذا يؤرق مضجعي فهل أقضي عمري في حيرةٍ؟ وما حيرتي إلا عطشي إليك وعلامة القرب من قلبك أنت ربيّ. أطلبك يا إلهي. أطلب ملكوتك. أنت كل غايتي. أنت بري. برك غايتي. وجميع خيراتك تأتيني بفيض دافق.

تخلية وامتلاء:

قال القديس كبريانوس: أشرق داخل قلبي نور طاهر جليل، حينئذ تنسمت داخلي الروح النازل من السماء، وهكذا جعل مني الميلاد الثاني إنسانًا جديدًا. وفي الحال وبطريقة ما تبدّدت كلّ شكوكي، إذ أن ما كان مستعصي على الفهم عليَّ صار جليًّا، وما كان مشوَّشًا في ذهني صار بادي الوضوح.

وهنا أشعر أن القديس كبريانوس يصف رحلتي الإيمانية الشخصية بشكل تفصيلي دقيق لأنه كانت عندي تساؤلات وشكوك، ولكن لما وضعت حياتي بالكامل تحت تصرف المسيح واختبرت الحياة الجديدة، الإنسان الجديد، وعندما صار المسيح الملك وهو الذي يسود على كل خلية من خلايا جسمي، تبدّلت الأوضاع وبالفعل تلاشت الشكوك وصغرت جميع الأسئلة؛ وما كان مستعصيًا من قبل صار تقريبا لا شيء في حضرة المسيح. وفي الامتلاء بروح الله راح عني التشويش. سقطت القيود من معصمي وصرت إنسان حرّ أخد حريته مباشرة من المسيح.

القديس اسحق السرياني يتحدث عن من يعيش حياة الصلاة لأنه لا يصلي مجرد صلاة وإنما هو نفسه قد أصبح الصلاة فيقول: "هذا الإنسان أصبح صلاة لأن الروح القدس لا ينفكُّ يصلي فيه." وأصبح صلاة عندما تصبح الصلاة حالة وليس شيء أقدمه عن ذاتي فيقول إفاغريوس البنطي: "الصلاة تصبح حالة"؛ ومرقس الناسك يرى أن الراهب الذي يصلي فقط فإنه لا يصلي على الإطلاق. فمتعة الحياة الروحية ونشوتها أو ما يسميه القديس يوحنا كاسيان بذروة الكمال تكمن في أن تصبح حياتنا كلها وحركة قلبنا كلها صلاة واحدة لا تنفكّ. والتطبيق العملي لهذا يشرحه أوريجانوس فيدعونا لتوحيد الصلاة بالالتزامات الضرورية والالتزامات الضرورية بالصلاة فيصبح الوجود المسيحي كله صلاة عظيمة واحدة لأنه ما من انقطاع أو انشطار بل الكل واحد والصلاة تتخلل وتدخل في جميع التزاماتي الضرورية، الصغير منها والكبير، وثمرة الصلاة أني ألتصق بالله في جميع لحظات الحياة ومواقفها. روح الله القدوس يسكنني ولا أستطيع أن أنفكّ عن الصلاة، والروح نفسه لا يستطيع أن ينفك عن أن يصليّ فيّ، فإن أكلت أو شربت أو عملت أو نمت أو سهرت فإن عطر الصلاة سوف يفوح منك وعقلك سوف يتطهر وتصبح حركاته صلوات صامتة ترنم في الخفية ترنيمة الله الغير منظور.

الزوج الخائن

هل تعرضت لغدر حبيب؟ خيانة زوج؟ كرامتك انجرحت؟ بالتأكيد الجرح مؤلم ومش بسهولة يروح بس لو انتي ماسكة فيه وحرصًا منك على عزة نفسك وكرامتك وفستظلي تعيشي في الجرح بقية أيام حياتك. لابد من إطلاق سراحه. طب وأطلق سراحه إزاي يا خويا؟ بسيطة. هاتي حتة ورقة زي كارت كدة واكتبي عليها قرارك الشخصي، إعلان من جانبك وتقولي الإعلان ده يوميا تلات مرات عشان يترسخ في العقل الباطن: أشكرك يا رب عشان بتحبني وأنا محبوبة بالكامل على بعضي منك ونظرتك لي يا رب كلها قبول وتقدير وأنا كمان بـ أبص لنفسي بصة كلها تقدير وقبول زي ما انتة بتعمل وأستقبل حبك لي يا رب.. أنا عايشة في المحبة.. أستنشق المحبة.. أقيم في المحبة.. المحبة تملأ كل كياني وتفيض في كل خلية من خلايا جسمي وبالنسبة لـ (فلان- اذكري اسمه بالكامل) فأنا أطلق سراحه بالكامل لمصيره حيث هو ذهب لمكانه الأنسب له وأنا في مكاني المناسب وهو فعل ما فعل بناء على ما عنده هو من نور وأنا بنتك يا رب وساكنة في النور ونورك ماليني وشبعانة بيك ومسامحاه من كل قلبي وأتركه لمصيره ولحال سبيله وفي رضاك وبركتك وملء خيراتك يا رب. وأنا كمان خيراتك شبعانة بيها خالص يا رب لأنك أنتة هو خير وخيري مافيش حاجة غيرك انتة يا إلهي.

هل هي من الرب أم لا؟

أحيانا من شدة تديننا، وهو في الغالب تدين سطحي مريض، نقول: أحبها ولكني أريد أن أتأكد أن هذه مشيئة الله وأن هذا هو صوت ربنا وليس صوت الضمير. أليس الله هو الذي وضعها في طريقك؟ هل هناك شيء يحدث بالصدفة في تدبير الله؟ وحديثك معها وانجذابك لها من الذي هيأ له؟ وماذا تقصد بقولك صوت ربنا وليس صوت الضمير؟ هو حضرتك عندك انفصام في الشخصية؟ مادام الله يحركك في قلبك وأحاسيسك وأفكارك فهذه الحركة هي عمل الله شخصيا في حياتك ولا تنتظر فاكس يهبط عليك من السماء ولا تشك ولا تخاف فالخائف لا ينال شيء والمحبة الكاملة تطرح الخوف خارجًا والحب يعني الإقدام والجرأة وثباتك وإقدامك سوف ينالان بركات غزيرة من لدن الله فلا تتردد ولا تتذبذب. يقودك الله ويثبت خطاك ويحقق لك كل أمنياتك وطرقه في قلبك.

شاب يحب شابة ومن حقه أن يحب ولكنه لا يتورّع في أن يلصق هذه الرغبة في الله فيقول إنه "أخذ وعد من ربنا" و"ربنا كلمه مخصوص بشكل واضح في الموضوع ده". نظن أن الله يفرض مشيئته علينا ونفرض نحن مشيئتنا وأهواءنا عليه فنخسر الكثير ويفوت علينا الكثير. مشيئة الله شيء رقيق كالنسمة ونحن الذين يجب أن نجاهد حتى نسير وفقه وإن اقتضى هذا أن نتنازل عن ميولنا وأهوائنا ولذلك نقول: "لتكن مشيئتك"، والفعل "لتكن" هنا يفيد استجابة من جانبنا وتغير واستعداد أن نطرح عنا خططنا وأن نعد طريق الرب ونجعل سبله مستقيمة كي نفسح المجال لمجيئه في حياتنا وكي ما يملك بمجد عظيم فهو لن يملك علينا ضد إرادتنا ولن يفرض مشيئته علينا.

هكذا تشعر المرأة وتود لو أن الرجل يفهم هذا الشعور عندها: مش كل مشاعر الواحد يحس بيها لازم تفكيرنا يتجه نحو مشاعر حب من نوع معين. لو كل واحد حب اللي قدامه بغض النظر عن كونه ولد أو بنت أو حيوان حتي هيبقي في حب فعلا؛ ووقتها هيبقي في صداقه بين بنت ولد عادي وفيه مشاعر كتير الواحد مفتقدها، ولو حسها لازم طرف من الطرفين يتجه بتفكيره لاتجاه تاني "حب ارتباط" .. اعتقد ان الحب مش كده خالص، الحب أو المحبة بين أرواح والأرواح المفروض متعرفش أنواع ولد ولا بنت ولا أي ان كان ... بضّايق أوقات ان الواحد بيحس مشاعر تجاه أصحاب ليه "أوقات بيكونوا ولاد "؛ مشاعر محبة عادية وبيبقي نفسه يعبر عنها لكن خايف من انه يتفهم بصورة غلط ... مش أي حد ممكن يشعر باللي بقوله .. لكن الواحد فعلا بيبقى عنده مشاعر كتير تجاه بعض الأشخاص وممكن ميكونوش ع نفس الدين كمان، لكن المحبه دين والمحبه لا تعرف الدين ولا تعرف العنصرية؛ ومحبه بريئه .. إيه المشكله ان الواحد يعبر عنها من غير ما أي حد ولا الناس يفهموا غلط !! بجد مجتمع معقد وعقد الناس وعقدني.

قال الجد لحفيدته: في أميركا في العشرينات كانت المرأة مغطاة من فوق لتحت ولو كنا رأينا مجرد كاحل القدم كنا نهيج ونعتبر أنفسنا أننا رأينا شيء كبير جدًا. الدنيا الآن تغيرت ومع الزمن تتغير معايير الحشمة. احفظ ذهنك نقيًا حتى لو كانت هي عارية أمامك. إن كنت تبحث عن شيء لمجرد أن تشتهيه فلن يفرق معك وأقل الأشياء سوف تثيرك. انظر للمرأة كما ينظر الله إليها فهي يمكن أن تكون عارية أمامك ومع ذلك فهي لا تثيرك لأنك سترى أمك وربما ترى أختك وربما ترى صديقتك. سترى إنسانة، كائن إنساني أمامك يشبهك في كل شيء ويختلف عنك في فروق طفيفة وليس قطعة لحم تلهث وراءها. تنظر لجسمها فتتعرف على الأعضاء وتراها مثلما ترى الورود والأشجار وتعجب بجمالها وتمضي دون أن تمعن التركيز. هذه يد وهذا فم وهذه عين وهذا ثدي وهذه رجل وهلم جرًا ولكن لا تستغرق في التفكير. قدر الجمال حقه ولكن امضِ لحال سبيلك دون إمعان في التفكير حتى لا يتحول الإعجاب إلى شهوة وافتراس.

بعض الرجال بحجة أنه رأس المرأة يعمل رقيب روحي على المرأة؛ مرشد روحي لها فيحرص مثلا على أنها تقضي الخلوة ويسألها: عملتي إيه وجيتي منين وعملتي الواجب إلخ. النتيجة هي أن المرأة عندها سوف تنفر من الأمور الروحانية وترتبط الروحانية عندها بتسلط الرجل. لو أن الرجل ترك المرأة وشأنها وانخرط هو في الروحانيات وأحب الرب من كل قلبه فالمرأة عندها سوف تأكلها الغيرة وسوف ترى ما في زوجها من جمال وتسعى هي بنفسها لتقليده وهنا حسنة الغيرة في الحسنى. عمومًا، الرجال بحاجة لإعادة نظر في مفهوم أن الرجل رأس المرأة فيعرفوا أنه رأس بمعنى أنه يحس ويدبر لا أن يرأس أو يتسلط ففي حضور صليب المسيح الرئاسة مرفوضة شكلاً ومضمونًا لأن الله واحد هو رأس حياة كل مؤمن يعيش بالإيمان.

بيقولوا المفروض محدش يدور علي الحب و يستني يجي لوحده .. دا اللي دايما بيتقال بس ده مش صحيح بشكل كامل لأنه من حقك تكون عيونك مفتوحة وتشوفي الخيارات المتاحة أمامك وتتجاوبي مع قيادة الله لك في لقاء الشخص المناسب.. ومن قال إن الروحانية هي أن أتنكر لاحتياجاتي وتكويني الإنساني؟ إذا كانت روحانيتي تلغي إنسانيتي فهي روحانية مضروبة مغشوشة لا تصلح للتطبيق ولا مكان لها في حياتي.

ساعات ننوي على حاجة نفسنا أننا نقوم نعملها وبعدين نكش نخاف ونقاوم والخوف بيعمل "ممانعة" فـ نتمسمر في مكاننا محلك سرّ. نقوم نلوم الناس والظروف والبلد والحكومة ونلقح بلاوينا على غيرنا لأننا خلاص كسلنا مش عايزين نعمل الحاجة دي. هو أنا يا أسطى برضو بتاع لغات؟ طب ما عندك بولس الرسول قال العلم ينفخ وربنا يكفينا وإياك شر النفخ. واحدة تانية تجري ع المراية جري وتقول: يوه.. دي العصبة مفكوكة.. دا الماكياج مش عارف إيه.. هو انا ياختي بتاعة كتب ولا بتاع؟ هو أنا هاتجوز ولا هاخد دكتوراة؟ كل ده عمل مناعة ضد الحاجة اللي من زمان نفسنا نعملها عشان ما نبقاش أقل من غيرنا. المطلوب هنا هو أننا نواجه أنفسنا ونتكلم ليها: متشكر يا نفسي على أحاسيسك دي بس أنا ناوي ومصمم أني أمشي في اللي نويت عليه خلاص وهاعمله كمان بأفضل شكل ممكن ورغمًا من أي محدوديات هاتواجهني في السكة الجديدة اللي اخترت أمشي فيها. أنا بديت في حاجة هامشي فيها خلاص وأنا قدها وقدود. هاعمل المطلوب مني.

بقدر ما تكون خاضع لله وبقدر ما يكون للمحبة عليك من سلطان بقدر ما تكون أنت لك سلطان على الظروف الخارجية ويخضع لك جميع أعداءك وتكون مثل القديسين والذين كان لهم سلطان على الحيات والعقارب حتى إن القديس فرنسيس الأسيزي دعى الحية "أخته" أفلا نكون مثله ونجعل الظروف المعاكسة في صفنا؟ الله فيك بروحه يملك وله سلطان على كل القوى المعاكسة ولكن هل الكلمة الأولى في حياتك لربنا أم للهموم؟

رأيت نساء في السبعينات وخريف العمر ولها نظرات تسحر ووجوه مشرقة تضييء وتشع فرح وأمل...
ورأيت نساء في الثلاثينات والأربعينات وقد أصابتهن الشيخوخة المبكرة.. على هامش الحياة... يحتضرن بالبطيء.
ما السبب؟ هل هو الطعام؟ الفيتامينات؟ بياكلوا لحمة كتير؟ كلا! السبب هو الإيمان! الإيمان يجعل أي امرأة تبدو على أنها ملكة جمال العالم؛ الإيمان بـ إله حي يحركها من الداخل وتحيا به وينعش كل خلية من خلاياها ويعطيها الأمل في كل لحظة تعيشها وفي الحياة.. الإيمان يجدد الخلايا بشكل عملي فعلي لم أر له مثيل.. لا زلت غير مصدق نفسي أمام هذه الجدة العجوز ذات النظرات الساحرة الخلابة والسبب هو إيمانها الجبار الحي بالله الحي الذي يحيا في كل خلية من خلايا جسمها. وكيف ننسى أمنا سارة التي كان عندها 90 سنة لما قال عنها ابراهيم إنها اخته أمام أبيمالك ملك فلسطين! جمالك ربي يسبي العقول. جمالك يملأ القلوب. جمالك به تخلص الخليقة يا من تُجمّل الودعاء بالخلاص، فخلاصك جمال وجمالك خلاص وبالاثنين أتحرر ويسقط عني كل قبح لأني منك وفيك وبك ولك.

أتأمل جمالك يا إلهي، أتفرس في هذا الجمال، جمال حضورك، هذا الجمال الذي عندما يقطن نفسًا إنسانية تشع نورًا على من حولها وتبصر كل شيء بهذا النور، يشرق فيها رضاك، وفي رضاك حياة.

لا تقيّم حياتك الروحية وارمي الترموموتر بعيد:

الصلاة أهم شيء ولكنها لا ينبغي أن تسير وفق نمط أو روتين معين يسبب لك الإحساس بالذنب. هناك فرق بين "فحص الذات" وبين الوسوسة حول نمو الذات. نعم، نفحص ذواتنا ولكن دون أن نعود في كل لحظة وندقق في أنفسنا.. البديل الأفضل عندي هو الانشغال بالله نفسه لا أن أرتبك بذاتي ونموها من شدة الخوف على نفسي لأن الاشتياق لله يجب أن يحركنا بشكل رئيسي لا خوفنا على نمونا الروحي. لا تقوم بالصلاة عن اضطرار فتنحدر إلى "الكروتة" و"التلصقة" ثم يؤنبك ضميرك بأنك لا تحس بما تقوله فأنت لن تحس إلا بما تستجيب له من داخلك وليس ما هو مفروض عليك من الخارج. مادمت مسيحي فيجب أن تعلم أنه في المسيحية الله لا يفرض عليك أي شيء بالمرة إلا ما تفرضه المحبة من تلقاء ذاتها وهنا لغة الشوق لا الإجبار أو الاضطرار. تبدأ الصلاة وكلامك يبدو سخيفًا في نظرك ولكن الله لا يهمه شيء من تقييمك لصلاتك ولكن يهمه حضورك أنت أمامه وفيه الآن، والمهم أن تحضر وتأتي إليه وسواء تكلمت أم لم تتكلم فكل هذا لا يهم كثيرًا بالنسبة لـ ربنا. ما يهم هو أن تكون معه وتعرف أنه معك وعندها الكلام نسبي وسواء حضر الكلام أم لم يحضر ففرحة اللقاء به تفوق كل شيء ولذلك القديس فرنسيس الأسيزي: صلّ ما استطعت، واستخدم الكلام إن اقتضت الضرورة منك ذلك. تبدأ الصلاة بتحية الله فتعلن بعبارات بسيطة أنك تحبه وتشكره على الأشياء الصغيرة قبل الكبيرة لأنك تعاين يده في كل ما أمدك هو به بكرم جزيل والشكر سيفتح طاقات السماء لتنفتح مسام قلبك بكلام تقوله لا تعرف من أين يأتيك في الصلاة. عندي مجموعة من الكروت "بطاقات ورقية سميكة" أكتب عليها صلواتي. هناك مكتوب عبارات مثل: حبك الإلهي يعمل في الآن ومن خلالي. أنا قناة يفيض منها حبك وبركاتك يا رب. نورك يا رب يحيط بي وحبك يطوقني ويحتويني وقوتك يا ربي الحبيب تفيض وتنساب مني وحيثما أنت فأنا معك.

الصلاة الكروتة دي ما تنفعش. لما تدخل أوضتك تصلي لازم يكون عندك إحساس إنك دخلت إلى محضر الله وكما قال إيليا أنك الآن واقف قدام الله.. تحس بحضور ربنا حوالين منك.. الصلاة مش واجب تؤديه وربنا مش عايز منك صلاة ولا صوم. أنت اللي بتصلي عشان تكون في حالة اتصال وتنقل من مرحلة الاتصال لمرحلة أعلى وأحلى وهي الاتحاد فتكون طرق بيته محفورة في قلبك. يأتيك هاجس. خلينا نشوف الفيلم الفلاني ع النت تقوم تلاقي صوت تاني جواك يقول لك: وهل تحزن روحه القدوس؟ دا بيحبك. دا روح روحك. ما ترضاش تنفصل عنه تقوم تجيب الوساخة بإيديك وتتفرج عليها؟ اللي هايحركك إحساسك أنه فيه قوة قابضة على عقلك وقلبك وتقول لك: خلي فكرك هنا.. الرب حاضر في هذا المكان.. لا مجرد أن تشعر ولكن تستشعر وتستحضر فيكون الله خليلك وتكون أنت خليل الله وبالروح تحيا ومش زي العبيد اللي يمشوا بالكرباج ويتحركوا بالأوامر.

وهنا يأتي سؤال: بس ليه ممكن الواحد يبتدي سخن و بعد كده يحس بفتور و سرحان في الصلاة؟ السرحان شيء طبيعي. الذهن يشرد. لو عندك قطة وشردت في البيت بتعملي إيه؟ بتزعقي فيها؟ لا طبعا.. برفق تجيبيها وترجعيها تاني على حجرك. نفس الشيء مع ذهنك لما يشرد.. برفق ترجعيه تاني لمحضر الله والابتسامة لا تفارق وجهك.

أختبيء وراء روحانيتي:

حرصت على أن تظهر بمظهر امرأة الصلاة والجميع كانوا يشيرون إليها بالبنان في مجتمع الكنيسة حيث هناك تكثر مفردات مثل "محاربة بالصلاة" ولما عرفتها بصديقاتي في ذلك الوقت قلن إنهن لم تعجبهن هذه الشابة فاستغربت وتساءلت لماذا؟ فكان الجواب أنها تحرص على التنافس والروحانية مدعاة للتنافس وما أكثر التنافس بين البنات وقد يأخذ أغطية وأقنعة متعددة ويتخفى وراء ستار الروحانية وتقمص روح التقوى والبر الذاتي والروحانية ذاتها قد نختبيء وراءها لأننا لا نريد أن يرى الناس وجهنا الحقيقي فنتحدث طويلاً عن الله والصلاة والخدمة و.. و... وفي كل هذا لا نعرف من أمر الشخص الآخر أي شيء بل نجهله تمام الجهل. الروحانية ليست ألفاظ والله لا يحتاج لروحانيتنا ولكن الروحانية الحقيقية تتم عندما يمر بك كل الناس ويجدونك إنسان طبيعي مرح مداعب مشاكس وربما في حياتك الخاصة لك اتصال حميم بالله هو وحده الذي يعلم به عندما تذهب إليه في الخفاء ولا تعلم يُسراك شيئًا عن يمينك.

بعض الناس يستخدمون الروحانية كنوع من التحشيش.. سلطنة.. تخدير.. رايح على فين؟ رايح الاجتماع الفلاني.. رايح أتسلطن. رايحين ناخد تعزيات بالهبل. . نرنم لنا كام من ترنيمة.. يااااه.. دول ترانيمهم ترانيم نارية يا أسطى.. والعظات نارية.. كله نار في نار.. بس الحياة الروحية مش أفيونة.. وممكن تبقى حالتك زفت ومع ذلك روحيا منتعش لأن عارف ومدرك تماما أنك في حضور الرب وأنك مثل إيليا وحي هو الرب الذي.. الذي أنا إيه؟ اللي أتسلطن بيه؟ لا طبعا.. ولكن "الذي أنا واقف أمامه".

لماذا لا تكون الصلاة في حياتنا طبيعية بأديان كنَّا أو بلا أديان؟ وكما يناغي الطفل أمه لماذا لا نبوح لخالقنا بكل ما يجثم على الصدر؟
نفتعل التقوى، يتغير محيانا، تتعقّد ألفاظنا، نتقّمص الروحانية . . فلما لا تكون الصلاة في ليونة ويُسر كما يصل الحبيب حبيبه دون شحاذةٍ أو استجداء، وبكلام ومن غير كلام. في صمتي على سريري وقعت عينه على عيني وتلامس قلبي بقلبه، وكل هذا دون كلام. . أليس الله داخل القلب؟

لا نتمتع بصداقة المسيح لأننا ننظر له من تحت لفوق، أعزل في سمائه عن يمين الآب، وبيننا وبينه هوّة سحيقة، وتغلب علينا تقوانا فلا نتعرف عليه كـ إنسان وعليه لا نصدق أنه فعلاً يحس بنا مع أن أكبر ركيزة في المسيحية هي الوجه الإنساني لـ الله وأنه يعيش مع البشر معاناتهم ويشاركهم همومهم لحظة بلحظة. إذا قلت له "أيها الرب يسوع المسيح" اطرد من ذهنك أوهام عزلته عنك وكن على يقين أنه متضامن معك ولا تتحدث إليه بعبارات تفخيمية تضع فاصل بينك وبينه بل ناديه "سيدي وحبيبي وأعز صديق لي يا مخلصي المسيح" وقل كل كلمة بإحساس وبثقة وتحدث إليه حديث الصديق إلى الصديق وكأنه جالس أمامك لأنه بالفعل جالس معك ومتى استدعيت حضوره فهو يأتي بالروح على الفور ويشاركك الحديث ويسمع لك وينعم عليك بصوته في قلبك.

إيمان يتصور ويأخذ:

قدرتك على التصور والتخيل تلعب دور كبير في الصلاة وللحصول على ما تريد، وهذا ما يؤكد عليه المتخصصين والخبراء من مسيحيين ولا دينيين. كلهم يقولون بضرورة الرؤية العقلية/ التخيل/ التصور أي imagine & visualize. تقرأ مثلا في نبوءة إشعياء 45/ 2، 3 قول الكتاب عن الله "إني أسير قدامك فأقوّم المعوج وأحطم مصاريع النحاس وأكسِّر مغاليق الحديد وأعطيك كنوز الظلمة ودفائن المخابيء لتعلم أني أنا الرب الذي دعاك باسمك إله اسرائيل". وما المطلوب؟ المطلوب هنا أن تسترخي على الكنبة وشهيق زفير وتصل لحالة استرخاء ثم تتصور الله وهو يتقدمك ويحطم مصاريع النحاس ويكسّر مغاليق الحديد... وضع أمامك صوة الكنوز والثراء على الجانب الآخر وأنت جاهز لاستلام كل هذا... كل هذا بانتظارك أنت، وأنت بالإيمان تمد يدك وتأخذ والإيمان يدعو الأشياء الغير موجودة موجودة.. ربما هي غير موجودة الآن ولكنها في الطريق إلي وأنا أمد يدي لأخذ ما ينتظرني.

بربي انفتحت مسام قلبي وعاينت ماعجز بصري عن رؤيته وعقلي عن استيعابه

شعرت بأني مبعثر وأفكاري مشتتة وتباغتني حالة من الملل وشيء من الفراغ والخواء الداخلي فذهبت لإلهي وأعلنت له من يكون هو بالنسبة لي وما يفعله في حياتي يومًا بيوم ولحظة بلحظة، ولأني عرفت كيف أرجع وجدت أني أشبه طفل ذهب لأمه كي تلفه وتقمطه فأصبحت كيانًا واحدًا وتوّحدت بنفسي وعاد لي انسجامي وسلامي.

عندما يصيبك الجفاف الروحي أو جفاف إبداع الكتابة لا تستسلم وإنما أضرم الروح داخلك بما يناسبك وتكوينك بقراءات معينة، ترانيم، كتابات معينة، إلخ؛ واعلم أنه خير لك أن تنساب منك قطرات صغيرة من الكلام من أن ينضب معينك الداخلي تمامًا. بـ نروح للطرمبة لما ما يكونش فيه مية ولا نستسلم ولكن بـ نحط شوية مية الأول عشان نحركها ثم تنساب قطرات الماء دافقة بعد ذلك، ثم تنساب الصلاة منك دافقة بعد ذلك وتهيم بالله. افرح بالقطرات الصغيرة من الكلمات وشجعها وبهذا تضمن انسيابها ولا يعطلها شيء. خلي بصبوص المية شغّال.

ربما تشعري برغبة قوية في أن تتحدثي إلى إنسان كي ما يفهم عمق ما بداخلك من مشاعر وهموم ومخاوف، ولكن حتى الصديق ترينه غير موجود! تريدين أن تكلمي أحدًا وأن تستعيني بمن هو أقوى منك، بمن يفهم عمق مشاعرك. تجربي الصلاة ولكن لا رغبة توجد حتى في الصلاة. الـ نِفس مسدودة وكل حاجة مقفولة. تثابري وتصري.. وبطريقة آلية تبدأي صلاتكِ كمن يحرص على تشغيل الموتور وبدء الحركة ورفض الركون إلى الجمود فلا يليق ببنت الله أن تتجمد كعمود ملح مع امرأة لوط. رويدًا رويدًا تزول عنكِ الآلية في الصلاة ويسخن قلبك فرحًا بحضور الله لأنك أصررت على الدخول، الدخول إلى داخل نفسك، إلى مسكن الله هناك، وعندها تنساب الدموع ممزوجة بالفرح والتعزيات السمائية ويحل الاندماج محل الجمود والخشوع محل التبلد وتصلي لنشوة روحية تؤكد لك أنك تتحدين بإلهك الذي تحبين الآن. انشق الحجاب وزالت جميع الحجب بينك وبينه؛ أنتِ لحبيبك وحبيبك لكِ؛ بداخلك يستريح وبين جوانحك تنساب الراحة ويجدد كل خلاياك ويعيد لك نضارة وجهك جمالاً على جمال.

كيف نحس بالمتألمين ونواسي المجروجين:

لما كنت بمصر وأعاني من ظروف الاضطهاد كنت أشكو لأصدقائي ألمي والناس لم تكن تقدر أو تحس والناس لا تريد سماع شكاوي من أحد وتأتيك الردود على شاكلة: - اقرا الإنجيل وصلي وروح الرب هايرشدك
- كل دي أكاليل.. هو أنت عايز تخلص ببلاش؟
- مش مهم أنت حاسس بـ إيه ولكن المهم هو ربنا عايز إيه ومشيئة ربنا قبل كل شيء
- ثم يأتيك الأسوأ ويقترب منك من تظنه صديق ويقول لك: "معلش مفيش حد معندوش مشاكل؛ مش انتة بس لوحدك؛ معلش تجربة و هاتعدي"

كل هذا كلام وعظي ومحفوظ ولأن الناس تخشى الألم ولا تريد أن تقرب من معاناة الإنسان المتألم المجروح. الناس زهقت وملت من كلام الوعظ المحفوظ والذي ما أن تسمع فيه بداية جملة يمكن أن تتوقع ماذا ينتظرك في الطريق لأن الكلمات المعلبة لا تشفي النفس الجريحة وإنما تزيد الألم ألمًا والحزين يحتاج إلى من يسمعه ويشعر به لا أن يعظه إطلاقًا أو يؤنبه على مشاعره ولا يصح أن نقول للإنسان المتألم إنه غير قادر على التكيف والتعايش مع معاناته فننسب للمتألم القصور وكأننا نقيّم حالته الروحية وهذا ليس من حقنا بالمرة. عند الألم لا يوجد كلام معين يجب أن يُقال ولكن المطلوب هو أكثر من الكلام؛ والمطلوب هو قلب مفتوح للإنسان المتضايق ويحس أننا بالكامل له/ لها، نحضنهم، نحتويهم، نشركهم في حياتنا، وهذا ما عناه الرسول بولس بقوله "فرحًا مع الفرحين وبكاءًا مع الباكين".

مسيحية النعمة لا الفرائض:

أحلم بمسيحية مؤسسة على النعمة لا على الفرائض. مؤخرًا جلست مع رجل قبطي جميل النفس والعقل و.....ولكنه متدين. قال لي إنه يحب الصلاة.. وأنا أيضًا أحب الصلاة مثله ولكنه يُلزِم زوجته بالوقوف أثناء الصلاة ويشكو لي أنها تتضجر وتتأفف من إلزامه لها بالوقوف ويرى تقصيرًا منها لو أدت صلواتها دون وقوف. هناك فارق كبير بين رئيسك في العمل وحبه للزعامة وبين أبيك السماوي الذي أخلى ذاته ولبس بشريتك بكل ما فيها من وهن وضعف ونزل بنفسه ليقابلك في غرفة النوم أو دورة المياه. أحلم بروحانية تسلك بالنعمة لا بالفرائض، بالحرية لا بالقسر أو الضغط، بالحب لا بالخوف، بالاختيار لا بالإجبار؛ عندها تكون الصلوات اختيارية والأصوام اختيارية ... وكتاب صلاة الإجبية بالطبع اختياريًا ودون اعتماده وكأنه كتاب الوزارة مثلاً!

من نخدع؟ بيضحكوا على مين؟ هذا هو نظام التحايل على الألوهة القديم! التعرف على الألوهة في طفولة الوعي الإنساني. لكن الله ليس بحاجة لاسترضائه ولا الالتفاف حوالين منه عشان ناخد منه اللي عايزينه.. الله بالكامل لنا، في صفنا، متضامن معنا، أحبنا، وهبنا ذاته بالكامل، ومعه أعطانا كل شيء ولنا فيه كل شيء. ولا تنشغلي بإصلاح ذاتك. اعطي نفسك فرصة أن تعيشي إنسانيتك وتقبلي نفسك بجميع الإيجابيات والسلبيات، ومع الوقت السلبيات هاتتلاشى.. لكن أخطر حاجة إننا نقعد نلوم أنفسنا.

على أرضنا الدرجات والطبقات؛ هذا أسقف وهذا رئيس أساقفة وهذا كاردينال ولكن متى انتقلنا للسماء، إلى عالم الله، فلا طبقية ولا درجات بل بقاء في الحضور الإلهي الحلو النفيس والكل واحد أمامه إذ هناك ليس من هو أعظم من الآخر، والأعظم بوجه عام في فردوس الله هو من يصبح كالصبي ويخلو من الادعاء والكبرياء والاعتداد بنفسه؛ وتخلية الجسد هي أفضل علاج وأسمى نموذج نتشبه به هو إلهنا إذ وهو العليّ القدير فقد نزل إلى عالمنا الأرضي بنفسه ولم يكتفي بمجرد تنزيل الآيات البينات وإنما نزل هو بنفسه في هيئتنا البشرية وصافحنا وعانقنا ووقع بكامل كيانه على أعناقنا في لقاء المسيح بنا واتحادنا به.

وهنا ينطرح سؤال من أخت سائلة: هسالك سؤال تفتكر من عدل ربنا انه يساوى اللى تعب بشده ف حياته مثلا زى انبا انطونيوس مؤسس الرهبنىه العظيم يبقى داخل الملكوت ووراه ملايين الرهبان والرهبات ..وواحد يدوبك عرف يعيش حياته لنفسه ويدوبك وبالعافيه دخل السما...اعتقد من عدل ربنا انه يميز ده عن ده ...مستحيل مستحيل ربنا مايكونش عنده عدل

وما أراه هو أن القديس أنطويوس مؤسس الرهبنة العظيم استجاب لدعوة البتولية وخصى نفسه لملكوت السماوات وكل هذا كان نسك حب ولأجل من أحب وليس بهدف الحصول على نيشان أو وسام الدولة الشرفي. أمام الله وفي الملك السمائي هو يتساوى مع أقل مؤمن في الملكوت لأن أمام الله وفي حضرته تنتفي الدرجات والرتب ولم تعد لها حاجة وإنما الآن هو وقت تلذذ واتحاد وتنعم بالحياة السمائية. أيضًا، عندما نتحدث عن "عدل الله" أو أي صفة في حيز المطلق الإلهي فنحن نفهمها بدرجة نسبية ولا نستوعبها تمام الاستيعاب وعليه وإذ نحن نتحدث عن العدل الإلهي فنحن نتحدث عن شيء نفهمه بشكل نسبي والله لا يقيس كما يقيس البشر.

إلهي لا يحبني أن أتذلل إليه؛ سأعانقه ولن أتذلل إليه!

واحدة صاحبتي اتجوزت وبما أننا أصحاب كان لما تحصل مشكلة يتم استدعائي على الفور إلى أن أوقفت الموضوع ده لأن ده في علم المشورة اسمه "التثليث".. وفي مرة من المرات لقيتها بتقول له بمعاتبة: دايما مخليني ألجأ للصلاة. الصلاة هنا ملجأ المظلومين والبائسين واليائسين والتعيسين! وفي الكنائس يقولون لي: احنا لازم نصلي يا أخ تيموثي. الموضوع ده عايز صلاة جامد. من كل هذا أفهم أن الصلاة في نظرهم هي شحاتة وشحتفة والله يريد من الإنسان أن يتذلل له مع أن المطلوب هو الاسترخاء التام والاستراحة الحقيقية في إلهنا ثم نجعل طلباتنا معلنة أمامه.. في سفر المزامير تأتي الصلاة على النحو التالي: ترد نفسي، إلى سبل البر تهديني، تباركني، يتعظم العمل معنا، إلخ... كلها جمل تقريرية وينطق بها صاحبها كمن يبرم أمرًا ويقرره فيتم له. مادام عندي يقين في أبي السماوي، ما الداعي للتذلل؟ ما الداعي للوقوف صفا انتباه وكأني عسكري في الجيش؟ التذلل إلى الله يفترض أن الله يتلذذ وينتشي بالتذلل إليه وكأنه إله نرجسي عنده الأنا متضخمة، وهذا ليس إله الإنجيل. أقرب وصف لـ إله الإنجيل هو ذاك الإله الذي نلتقيه في مثل الابن الضال حيث الأب هو الذي هرول وجرى نحو ابنه الضال ووقع على عنقه وقبّله. وحتى الاتضاع والانكسار نقوم بهما كفعل محبة لا إذلال؛ نعم اتضاع وانكسار ولكن دون أن نشعر بالمرة لا بأي اتضاع ولا أي انكسار. عندها نطلب إرادة ربنا في الصلاة، ومشيئة الله ليست خصم لدود قاعد لنا بالمرصاد، ولا هي تضطرنا لأن نقولها على مضض لأنها تعني ببساطة حضور الله أي حضور الانسجام والنظام وكل ما هو جميل. لنأخذ المزمور 71 كمثال وفي الآية 21 إذ يقول المرنم: تزيد عظمتي وترجع فتعزيني. هنا تقرير ويبدأ بأفعال مثل "تزيد" و"ترجع". الأمر ذاته نجده في مزمور الرب راعي الشهير فيقول: ترد نفسي، إلى سبل البر تهديني. قال الكتاب في أيوب 28: 22: وَتَ‍جْزِمُ أَمْرًا فَيُثَبَّتُ لَكَ، وَعَلَى طُرُقِكَ يُضِيءُ نُورٌ.

يا ابن الله تجردت، من كل شيء، والتجرد يعني التخلية عشان تعلمنا أن تجرد من ده ومن ده، نسيب ده ونسيب ده مهما كان عزيز علينا.
تجرد ابن الله في التجسد تخلى عن هذا وعن ذاك وأخلى ذاته آخذًا صورة عبد.. يا عيني! من واحد عظمة على عظمة لـ مرمطون يتبهدل.. بـ اتحد بيك يا ابن الله الحي في آلامي وأقدمها لك عشان أدخل في شركة معك وأنت حاسس بي ومن الآلام والأوجاع بادخل معك في مجدك.. أنا بنتك/ ابنك وبـ ادوق أمجادك وباشكرك عليها.

في المسيحية الثواب على قدر المحبة وليس على قدر المشقة، والجهاد الروحاني في الحياة الرهبانية هو جهاد ونسك مؤسس على النعمة وليس دعوة لتكبد المشقات تلو المشقات. ربما تتأخر عن القداس عشرة دقائق فتحرم نفسك من التناول ظانًا أنك "غير مستحق"، ولكن من فينا هو المستحق؟ ولا واحد وإنما النعمة هي التي تحملنا على كفها كما قال مار اسحق السرياني في ميمر النعمة. لا شيء ينبغي أن يعطلك عن الإسراع في الاشتراك في عمل النعمة ووسائط النعمة بل اجتهد لتكون في قلب النعمة ووسائطها بأسرع وقت ممكن واثقًا من محبة الله التي تطهرك من كل ذنب، صغير وكبير، وإياك أن تظن أن الخطايا تحول بينك وبين الشركة فالله يريدك وأنت في أقصى حالات النجاسة أن ترتمي في حضنه ولأن دم المسيح عندها يغسلك ويمحو عنك كل خطيئة، فلا يعطلك شيء عن الاقتراب والاتحاد بالله وأنت في أسوأ حالات الضعف واحتقارك لنفسك وقت الضعف هو إساءة شخصية بحق الله وكأنك تقول أن خطيئتك أكبر من محبته ومع أن العكس هو الصحيح فحبه أكبر من قلوبنا ولا شيء في حياتنا مهما كان يجب أن يفصلنا عن محبة المسيح.

أحيانًا نشعر بهبوط في حياتنا الروحية، ولم نعد كما كنا من قبل. نريد أن نظل دائما على قمة الجبل الروحي وهذا غير منطقي فهناك أيام سنكون فيها في القمم وهناك أيام روتينية ولا ينبغي أن نقيس درجة حرارتنا الروحية ونذهب من حين لآخرين باحثين عن "الترمومتر" إياه. ما يهم في الحياة الروحية هو أننا معه بما أنه هو معنا، أنا لحبيبي وحبيبي لي. ولكن لعلك تمر بمشاكل تزعجك وتشغل بالك فلا تشعر بارتياح فتخلط بين الظروف التي تمر بها وبين قربك من الله. الظروف تأتي وتمر وتعبر بنا وأما الرب فمعنا في كل حين لأن هذا هو اسمه "الله معنا" والمهم أن نحرص من جانبنا على رؤية حضوره معنا والمواظبة على جميع وسائط النعمة من تلاوة كتاب وصلوات وتسابيح وقداسات وتناول إلخ. ولا تفرط في أي شيء روتيني تقوم به من باب الاعتياد فهذا أصبح جزء كبير في تكوينك الروحي والرب قصد لوجوده أن يكون هناك لسبب وسبب ضروري فلا تفرّط.

مادمت قررت أن تأتي إلى الله، فهيا تعالى إليه في وضح النهار ورأسك مرفوعة. لا تأتِ إلى الله مطأطأ الرأس بل في كامل الجرأة تعالى له كما أنت وكلك ثقة أن نعمته خير دواء لك وهو سوف يشفيك بالكامل. الرب رافع رأسي ونعمته عاملة فاعلة ولا تسمح لي بالشعور بالخزي من نفسي أو من الله بل هو سوف يداويني ويبرأني من أثامي. مادمت أتيت ووضعت ثقتك فيه فليكن لسان حالك هو "إلهي عليك توكلت فلا أخزى" (مزمور 25/4) أما أن تأتي والخزي يأكلك وتقول تاريخي مش نضيف فأنت هنا لم ترتمي في حضن الله بالكامل بعد. خذ قراراتك الجذرية. توقف عن مشاهدة الأفلام الجنسية واستبدلها بأشياء تستولي على كل تفكيرك كأن تتعلم لغة مثلا وتأخذ منك كل طاقتك أو نشاط ذهني لا يتيح لك أي وقت لمجرد مشاهدة أي أفلام. اخرج من عزلتك تماما وتعامل مع الجميع سيدات ورجال وكن على اتصال بالواقع واضحك مع هذا واضحك مع هذه وكل امرأة تلتقيها هي أنت وبوجهها الأنثوي ولا أظنك تريد أن يعاملك أحد بشكل مهين لو أنك أنت هذه المرأة. لا تنشغل بتطهير ذاتك ولكن ادخل في روتين يومي للصلاة والتأمل والدراسة وكأنك راهب بشكل لا يسمح لك بتبديد لحظة واحدة من وقتك وعندها أضمن لك حياة النقاء.

الناس اللي خصصوا حياتهم للصلاة والتأمل والتلذذ بربنا تحدث لهم تطورات للأفضل تؤثر على تركيبة المخ نفسها إذ تتشكل وتتكون ممرات عصبية جديدة بكثرة في المخ. القشرة قبل الأمامية والمرتبطة بالتركيز في المخ بـ تتخن ويكبر سمكها بشكل ملحوظ. والجزيرة (الـ إنسولا) أي ذلك الجزء في المخ الذي يتتبع حالة الجسم الداخلية برضو بتكبر كمان. كلما مارست الاسترخاء والتأمل كلما كان هذا أفضل علاج نفسي لحالتك العصبية وبالتالي للجسم على بعضه. بس مش عايزين صلوات من النوع المقرف التاني بتاع جلد النفس وتقريعها وبهدلة الذات ولكن صلاة تحب نفسك فيها من خلال ربنا وتنمو فيها وينمو عمل الله فيك وراسك.. مخك نفسه فسيولوجيا يكبر ويتطور للأفضل.

وصفة سحرية للحياة الروحية؟

لا توجد وصفة سحرية سريعة للتفوق في الحياة الروحية. قراءة بعض الكتب لن تصل بك لذروة الحياة الروحية. قيامك بأمور معينة لن يصل بك لقمة الحياة الروحية. التفوق في الحياة الروحية سيحصل لما تختار أن تحيا بالمحبة وأن تعلن سلطان المحبة في حياتك. تستيقظ من النوم وتقول وأنت بالكاد تعي ما حولك وقبل أن تفرك عينيك عبارات تعلن فيها سلطان الله الكامل على حياتك وعلى اليوم كله. تلقي التحية على إلهك ويكون أول من تقول له صباح الخير. أنا اضطجعت ونمت لأن الرب يعضدني. أول ما يخرج من فمك هو عبارات الشكر وكلامك مع الله يبدأ دائما بعبارة "أشكرك يا رب" أشكرك يا رب لأنك أعطيتني يوم جديد.. حياة جديدة.. قلب جديد.. وأستقبل هذا اليوم منك هدية لأحياه لك.. بهذا أنت تطبع عقلك الباطن بما يجب أن يكون عليه.. نفس الشيء تعمله وأنت رايح تنام.. حضور الله يرافقك.. هذا سيزيد إحساسك بربنا.. تختار أن يكون الله رفيقك على مدار اليوم.. تتحدث له.. لا تختار عبارات دينية متخشبة حطب ولكن تحدث له.. وحديثك له هو حديث حب وسيطلق طاقات الحب من قلبك وتجد نفسك مع مرور الوقت شاعر دائما بحضور الله في حياتك والله دائما على بالك.

دارت محادثة سجلها لنا أسقف مدينة بيلي في فرنسا عندما طلب إرشاد أستاذه المحبوب فرانسيس دى سال فيقول: ذات مرة سألت أسقف جنيفا عما ينبغي عمله لكي يصل الإنسان إلى الكمال فأجابني: لابد أن تحب الله من كل قلبك وتحب قريبك مثل كنفسك. فرددت عليه: ولكني لم أسأل أين يقبع الكمال ولكن كيف أصل أنا إليه. فأجابني مجددًا: المحبة والتي هي غاية ووسيلة في نفس الوقت والطريق الوحيد الذي نصل بواسطته إلى الكمال والذي هو في حقيقته المحبة ذاتها. . . كما أن النفس هي حياة الجسد فالمحبة هي حياة النفس. قلت له: أعرف كل هذا ولكني أريد أن أعرف كيف للشخص أن يحب الله بكل قلبه ويحب قريبه كنفسه. فجاء جوابه مرة ثانية: لابد أن نحب الله من كل قلوبنا وقريبنا كـ أنفسنا. فأجبته: ولكني لم أصل لأكثر مما كنت عليه. أخبرني كيف أحصل على هذا الحب. فجاوبني: أفضل وأسهل وأقرب طريقة لكي نحب الله من كل قلبنا هو أن نحبه تماما ومن قلوبنا. لم يعطني جواب أكثر من هذا وأخير قال لي الأسقف: هناك كثيرون بالإضافة إليك ممن يريدونني أن أخبرهم عن الطرق السرية لكي يصبحوا كاملين وكل ما عندي لأقوله لهم هو أن السر الوحيد يكمن في محبة قلبية لـ الله، والطريقة الوحيدة لبلوغ هذا الحب بالحب. أنت تتعلم الكلام بالكلام، وتتعلم الدراسة بالدراسة، وتتعلم الجري بالجري، وتتعلم العمل بالعمل، وهكذا أيضًا فأنت تتعلم أن تحب الله والناس بالحب، بأن تحب. ابدأ كصبي ناشيء تحت التدريب وقوة المحبة ذاتها هي التي سوف تقودك لتصبح أستاذًا في هذا الفن. فالذين قد أحرزوا أكبر تقدم سيواصلون مسيرته بإصرار وبثبات وهم لا يصدقون أنفسهم أنهم قد بلغوا غايتهم بل يواظبون؛ إذ المحبة يجب أن تمضي في زيادة إلى أن نلفظ آخر أنفاسنا.

فهل تشعر وكأنك تائه ولا تدري من أين تبدأ؟

انزل على وجهك ع الأرض وقل: أنا تائه يا رب. محتاج لك قوي قوي. لا ترفضني. لا ترزلني. لا تحرمني من مشاهدة وجهك. طرقك في قلبي وأنت في قلبي وأنا مش داري بس عايزك تخليني أحس بيك يا معين يا رب القوات.

في الصالة في البيت عندي طرابيزة صغيرة بجوار الكرسي الذي أجلس إليه وعليها باقة من البطاقات من الورق المقوى (شوية كروتة) وعليها صلوات أحب أن أرددها حتى إذا ما استيقظت في يوم ما ولا رغبة عندي في الصلاة أقرأ هذه الصلوات بإحساس ويقين ولا أكون في حيرة مما أود قوله. وأقترح عليك أن تفعل مثلي وتجهز "الكروت" الخاصة بك. تحس بالضياع والحيرة؟ لا هدف؟ فراغ في فراغ؟ هل جربت أن تناجي الله بطريقة الإعلان؟ تنطلق صلواتك كسهم دون تردد وتلمس قلب الله فتقول له بثقة:
يارب أنت نوري وحقي وكنزي الذي به أغتني. سيدي هو أنت وخيري هو أنت. أنت كأسي ونصيبي وحصة ميراثي وأعظم وأفضل ضامن لنصيبي. فرحي هو أنت وغناي وفيضي الوفير. تملأني وأفيض دائمًا بزيادة وتسد كل المساحات والفراغات في حياتي.
رجاء كتابة هذا في ورقة واقرأها يوميا صباحا ومساءًا. المهم هو أن يبدأ الإنسان منّا وأن ينفذ لا مجرد أن يقرأ عن هذه التطبيقات وتبقى عندها مجرد "شوية أفكار حلوة". كثيرًا ما نقول لأنفسنا إنه لابد أن نعمل كذا وكذا ولكننا لا نعمل وننفذ لأنه تعجبنا فكرة العمل ونتلذذ بالفكرة ذاتها لا العمل ذاته بما يتطلبه من انضباط والتزام ومواظبة.

حتى عهد قريب كنت أشك بإمكانية حدوث شفاء النفس الداخلي وكنت أعتبره خرافة ومحض أوهام لأني أردته أن يأتي بطريقتي وبحساباتي الشخصية العقلانية المحضة. ولكن الله روح والروح يختلف عن العقل ويتجاوز العقل، والروح له طريقة معينة خاصة به يعمل بها؛ وأول شرط لعمل الروح هو أن نتيح نحن المجال للروح ونهيىء له الطريق ولذا قال النبي إشعيا "أعدو طريق الرب...". علينا دور وهو الإعداد ويبدأ الإعداد بأن نتخلص من أي عدم غفران وبهذا نتخلص من أكبر عقبة رئيسية في طريق عمل ربنا وكأني بهذا أقول له: أنا جاهز يا رب ومستعد لعملك وأشكرك لأنك بدأت العمل الآن وعملك عظيم. من الجيد أن أعلن بفمي كل هذا في صورة إعلانات: بقوة إسمك العظيم وبقوة محبتك العظيمة أتخلى عن أي حزازية تجاه فلان وألتمس له العذر في كل ما فعل لأنه تصر في ضوء ما يعرف وفي ما لديه من نور ولا أحمل أي حزازية في قلبي وأقدر أن أنظر لعقلي الباطن وكلي ثقة أن هذا الأمر لم يعد ينخسني ومحبتك تذيب أي شيء عكس المحبة ولا يسود في قلبي سوى المحبة يا ربي الحبيب.

إنسان روحاني وله مشاعر:

تتملكنا الحيرة ويستبد بنا الهم ونتساءل: لماذا لا يتدخّل الله في كذا وكذا؟ وهل الله بالفعل موجود؟... إلخ ... وعلى الفور يجب أن نتذكر أن هذا ليس سؤال لاهوتي أو ينتظر بالفعل جواب من الكتاب المقدس ولكن هو بالأحرى سؤال نفسي. السائل يقول: أنا تعبان. أنا متألم. الدنيا سودا ومش حاسس بـ أمان؛ مين حاسس بيّ. وإمتى ييجي ربنا ينجدني من كل اللي أنا فيه. وعندها لا يجب أن نقدم أجوبة "روحانية" بل نكون بكامل كياننا بجوار هذه الإنسانة/ هذا الإنسان المتألم والذي يظهر ألمه في صورة أسئلة، وهو سيتيقن من حضور الله في حياته لأننا سنصبح يد المسيح وقدم المسيح بالنسبة له وعندها تسري الطمأنينة في نفسه ويشعر أنه ليس وحيدًا.

وتسأل أخت: مش عارفه بقلق ليه كده...احيانا بكره نفسى بالشعور ده ..هل ده ضعف ايمان..اواحساس قاتل بالوحده ان مفيش حد هيقف جنبى لو حصلت لنا اى مشكله.. خوف من اللى جاى..مش عارفه..والحقيقة هي أن الكنايس عامة، شرقًا أو غربًا، تغرس فينا كراهية لذواتنا إذا قلقنا ويتم اتهامنا بضعف الإيمان، وكلامهم غير صحيح في النقطة دي. القلق له أسبابه النفسية، وأهمها الإحساس بعدم الأمان والخوف من المجهول والخوف من أن يتكرر ما حدث في الماضي.. لا تبوحي لأحد بمشاعر الخوف إلا لمن تثقي به ثقة كاملة حتى لا يتهمك بضعف الإيمان، فإيمانك لا يعتريه ضعف لمجرد إنك إنسانة وعندك مشاعر إنسانية قد تنطوي على الخوف والحزن والقلق.. من قال لنا بقة يا ستنا العزيزة إن إلهنا يلغي مشاعرنا؟ ألسنا نعبر له عن حبنا وكل اللي جوانا بالمشاعر دي؟ مش المرنم بيقول له: جميع عظامي تقول يا رب من مثلك؟ دا حتى العضم نطق قبل المشاعر.. لا تخجلي من مشاعرك.. خايفة؟ طب وإيه يعني؟ كل دي عواطف إنسانية ويجب الإقرار بها ثم مواجهتها.. شايفة.. مرحلتين: مرحلة المواجهة ومرحلة اتخاذ القرار.. هاعمل إيه دلوقتي؟ وعلى رأي البابا كيرلس: طب وانتة ناوي على إيه دلوقتي يا بني؟

وبدلاً من القلق والهم سأتجه إلى قلبي وأدخل بداخلي وأعمل على سكون حواسي لأنه بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم ثم أرفع طلبتي إلى الرب حبيبي وتستقر الطلبة في قلبي في عقلي الباطن مثلما تنغرس الحبوب المبذورة في الأرض ولا يحصل أبدًا أن يشك الفلاح هل ستنتب أم لا ولا تجده أيضا يحلل أو يناقش أو يرجع نفسه بل هو على يقين من أنها سوف تنبت وأنا مثل الفلاح وما انغرس في قلبي سوف ينبت ولن أيأس بل سأخلو إلى إلهي وأرفع ما عندي إليه بفرح ولا شيء غير الفرح لأن القلق ضد الفرح والفرح يعني أن أستبشر خيرًا وبالإيمان أجتذب لي ما أطلبه في الصلاة. سأبدًا بالفرح وكأني بالفرح أعلن إيماني الكامل الواثق بإلهي أنه يستجيب لي قبل أن أسأل. فرح الصلاة المستجابة يأتي مسبقًا وهو علامة إيمان من جانبنا.

يضغطون عليك أن المسيحي مفروض يكون كدة ومفروض ما يكونش كدة.. مفروض يحس أحاسيس عالية لفوق ولو مؤمن ما يصحش يكون حزين أو قلقان أو خايف، و كأننا آلات مش بني آدمين و بنحس. هؤلاء الناس متعبون وروحانيتهم لا صلة لها بالمسيحية الحقيقية. المسيحية الحقيقية تدعو للصدق مع النفس، الشفافية التامة أمام الله وأمام أنفسنا وأمام الآخرين، أن نكون على طبيعتنا، بكل بلاوينا وقرفنا، وفي كل هذا نحن لا نخجل ولا نخزى ولا نخاف ولا نتوارى لا عن الله ولا عن الناس.. ولازمتها إيه الروحانية؟ هو ربنا أصلا محتاج روحانية؟ الروحانية عشان خاطر أنفسنا احنا مش عشان خاطر ناخد بونط أو درجات عند ربنا. ربنا قابلنا زي ما احنا وكل ما يريده هو أن نتحد نحن به ونتلذذ به.. أن نستريح فيه وأن يستريح هو فينا بروحه، دون قلق، دون اضطراب، دون خوف.. ربنا يسوع يقدر مشاعرنا وضعفاتنا .مش معنى انك مؤمن بالرب نبقى متبلدين ومش عندنا مشاعر ..الله يحترم مشاعرنا وضعفاتنا وشفافيتنا .داود نفسه قال لنفسه لماذا انتى منحنية يانفسى حتى الناس المؤمنين بيسوع بتمر عليهم اوقات تعب والله بيقدر انسانيتنا ومشاعرنا. يسوع يرثى لضعفاتنا ...يتحمل مشاعرنا. يقدر انسانيتنا. ما تحب حد شوف ايه اللى بيحبه .يعنى ربنا بيحب نتعامل معاه بامانة وبصراحة حتى فى مشاعرك لو كانت ضده .ان الله مستعد جدا ان يستمع الى الكلمات الانفعالية التى تعبر بها عن غضبك وضيقك .فهو يمل من الاسطوانات المشروخةومن التدين المزيف .حتى تكون صديقا لله عليك ان تكون امينا معه وتشاركه مشاعرك الحقيقية (مثل ايوب ) وليس بما تظن انه يتعين عليك ان تشعر به او تقوله له .ربما تحتاج ان تعترف ببعض الغضب من الله فى بعض جوانب حياتك حيث شعرت بالخيانة بالاحباط بخيبة الامل .فاننا نتستر على الغضب المكتوم بداخلنا ضد الله بسبب خوفنا منه او خوفنا على شكلنا اننا مايصحش نقوله كده .الله يريد الصدق فى مشاعرك تجاهه. مش هو اتجسد وشابهنا فى كل شئ ما خلا الخطية وحدها ... وبكى عند قبر لعازر و" انزعج بالروح واضطرب " لما شاف مريم أخت لعازر بتبكى , و" اضطرب بالروح" لما قال لتلاميذه ان واحد منهم هيسلمه , و فى جسثيمانى أخد معاه بطرس ويوحنا ويعقوب وابتدا " يحزن ويكتئب " ....... مش هى دى بشريتنا اللى أخدها !!!!! هو احنا ليه بنقسى أووووووووووي على أنفسنا ؟؟؟

سلام ونعمة.. أتمنى أجابة شافية عن كيفية علاج التذبذب الروحى أى عدم ثبوت الوضع الروحى أى الترنح بين البرودة الروحية و قمتها أن صح التعبير. هو أنا هافضل على طول كدة متذبذبة؟!

المحبة لابد أن تكون بعزم القلب. الرب ليس مجموعة أفكار ولا هو يريد منك تأدية فرائض كي يرضى عنك وأنت لا تدخل السماء بموجب أعمالك ولكن بموجب قبولك لحبه اللا متناهي لك. حبه سوف يجذبك وعليك أن تنشغل به وبكل ما يدعم هذا الحب. من جهتي، أحرص على سماع ترانيم روحية معينة وعندما أسمع ترانيمي المفضلة أكرر الكلمات حتى يلتهب قلبي. أبدأ يومي بالصلاة وأحفظ أيات من الإنجيل. واظب على كل ما يضرم الروح وما يناسبك أنت. ومتى بدأت في عادات روحية انشغل بها ومارسها يوميًا.. يقولون out of practice وهذه تعني شخص ينقصه التمرين.. والحياة الروحية بحاجة لتمرين يومي ومواظبة يومية مستمرة فنمارس حضور الله بشكل يومي. تحدث إليه في كل مناسبة وتمتع به وراسلني من حين لآخر وسوف أصلي معك ولأجلك ونشجع بعضنا البعض على أن نقهر التذبذب الروحي معًا..

ربنا بيشوفنا في ضوء محبته الكاملة، أننا بنات وأبناء له.. وهي مسألة انتماء مش أفعال. من أنا بالنسبة له؟ وهو بالنسبة لي؟ أنا ابنه وهو أبي. أنا بنته رغم أي ضعف أو سقوط في حياتي. انتمائي له هو الفيصل. نحن شعبه. هو اقتنانا. نحن شعبه وغنم مرعاه. هو راعينا. نحن خرافه. يقبلنا بجميع الأحوال لأنه يعلم ما للخراف من أحوال وضعف وقلة حيلة. صرت كبهيم عندك يا إلهي. أنت فكري وبفكرك أنت يكون لي الفهم وبذاتي فلا فهم عندي فامسك بيميني وقدني وارأف بي من نفسي وهواني وضعفي وقلة حيلتي لأنك أنت عوني، أنت الرب إلهي. مسيحيتك لا تُقاس بأفعالك بالمرة. مسيحيتك تُقاس بانتماءك ووجودك في المسيح، أنك غرس أصيل فيه، ومتأصلة فيه، لأنه أصلك فأنت منه وبه وفيه وله. والموضوع مالوش دعوة بكبواتك بالمرة.. أنت ليه ليكي كبوات؟ عارفة ليه؟ عشانك إنسانة

المرض العقلي

من الأمور التي تحزنني في واقعنا الشرقي ومجتمعاتنا الدينية هو كمية الجهل المفرط تجاه مسألة المرض العقلي. خلقنا أسطورة الإنسان السوي. ونتوقع أنه من الطبيعي أن يمرض كل جزء في جسم الإنسان ولكن المخ وما يعتريه من تغيرات كيميائية لا نريد أن نقر لها بالحدوث. كيف أنسى تلك الشابة التي كانت مصابة بمرض البايبولار ونتيجة لذلك مستواها في الذكاء فاقني بمراحل! كانت تأخذ اختبار الـ آي كيو وتجتازه في ثواني. ونيتشه المبدع العملاق مات وموته انتهى بانهيار عقلي.. ومي زيادة ماتت وفي انهيار عقلي وأودعوها المستشفى بلبنان.. طبعا سلامة موسى لا يبخل علينا أن يخبرنا أنها كانت تتبرز في شقته قرب نهاية حياتها! شكرًا يا سلامة! والانهيار العقلي من مفهوم علوم التطور الحديث يدل على أن العقل يريد أن يرتقي ويجاهد لأن يبلغ الذروة ولم يفشل يحدث ما نسميه بـ "الانهيار العقلي" أو "المرض العقلي". لكن بالتأكيد المرض العقلي مرتبط بشدة بحدة الذكاء وكثير ممن وجدتني أنسجم معهم يحملون صليب الاضطراب النفسي أو الاختلال الكيميائي في المخ وصداقتهن/ صداقتهم لي على مر السنين كنز لا يقدر بمال!
وسؤال.. في رأيك هل الاضطرابات النفسية تؤثر بالسلب على الحياة الروحية ... ام ان الحياة الروحية تعالج هذه الاضطرابات ؟ ...  ارجو منك الاجابة باستفاضة مع ذكر خطوات عملية ...

الاضطرابات النفسية والجسمانية يمكن أن تؤثر بالسلب أو بالإيجاب على الحياة الروحية. الاتنين معًا. شخص تأتيه اضطرابات القلق النفسي فيجعلها فرصة للصلاة كي ما تنسكب نفسه أمام الرب وهو بهذا يجعلها فرصة تهيىء له "لقاء" يختلي فيه بإلهه ويكتشفه بشكل أعمق فيناديه من غمر نفسه الحزينة ويخوض في غمره الإلهي العميق. يأتي إلى الله فيستوقف نفسه ويبدأ في مناجاة الله ويضع كل شيء أمامه وهنا لحظة لاكتشاف النفس بصدق واكتشاف أعماق أكبر وأجمل في الله. يهمس: لماذا أنت حزينة يا نفسي؟ ولماذا أنت مكتئبة في؟ إذًا هنا أقوم بتحويل الأمر من على نفسي إلى ربنا ولكن لو اكتفيت بالنظر لنفسي وبدأت أرثي لذاتي وأندب حظي العاثر فهنا الألم يمكن أن يجني لا على الحياة الروحية فحسب ولكن على صاحب المشكلة نفسه، فيجني الألم على عقله وروحه وجسمه وصحته ويأخذ في التلاشي بالبطيء ويحيا على هامش الحياة. كثير من المبدعين كتبوا أجمل دررهم الأدبية وسط الألم النفسي والجسماني والمرض النفسي كثيرًا ما كان سبب انطلاق رائع في الحياة الروحية. الحياة الروحانية قد تعالج الاضطرابات وقد لا تعالجها وتبقى لسبب حتى أتعلم فن الرجوع لربي حبيبي وأن أرتكن عليه بالكامل لا على فهمي ونباهتي. 

ومعروف عني أني أقلق بسرعة وأحيانا ينتابني الوسواس وأشك في أشياء كثيرة وخاصة أني نشأت في مجتمع وأسرة لم تشعرني بالأمان وكل شيء دائما عرضة للقلق والكل يتربص بنا ولا أحد يأمن غدر الزمان إلخ. يأتيني الوسواس في أمور تافهة وعندما أواجهه أكتشف أنه قد تغلبت علي حالة نفسية معينة يجب مواجهتها ومقاومتها. بداية الإنتصار تكون بالصلاة بطريقة "الإعلان" أي أن أعلن من هو الله في حياتي، وهنا سفر المزامير قد يسعفنا بصلوات متنوعة فأعلن: أنت يا رب راعي ولا يعوزني شيء ولا يخيفني أي شيء ومهما حصل فأنا في تفوق، في علو، إلخ. التواضع المزيف هنا يضرنا ولا يفيد ولذلك يجب أن نصلي بثقة البنات والبنين وبجرأة البنوة. وعندما يأتيني شك من جهة محبة الله لي بسبب ضعف معين في شخصيتي (وبلاويها السودا ههههههه) أقوم وأعلن: أشكرك يا رب لأنه لا شيء يفصلني عن محبتك لي وأنت صادق وكل شعور يخامرني الآن وكل ظرف كاذب. محبتك باقية وبصرف النظر عما عملت وقد أعمل الآن وغدًا. أطلب روحك القدوس أن يملأني الآن حتى أحس أنك تلمسني وتسري في كياني وكل شريان من شرايين جسمي بل أنت حاضر وأشكرك على الحضور الآن. سأتغلب، إذًا، على أي إحساس يحاربني بالإعلان والتأكيد عن مَنْ هو الله في حياتي.

الإحساس بالأمان:

الإحساس بعدم الأمان شيء كثيرًا ما لا يكون لنا شخصيا دخل فيه ويكون نتيجة تربية الأهل لنا. كنت أتأوه معاتبًا والدايّ: لم يشعرونني بالأمان ليوم واحد من الأيام! هذا الشعور جعلني أشعر بالارتياح وأني "ضحية" ولا ذنب لي وهناك تبرير لتصرفاتي التي تنم عن عدم ثقة هنا وهناك. ثم تداركت الأمر: هل ألوم والدي ووالدتي مدى الحياة؟ أليسوا هم ضحية أيضا لظروف سيئة؟ متى نكسر اللعنة المتناقلة من جيل إلى جيل؟ وبدل من أتجه لنغمة العتاب الغاضبة اتجهت للغفران والصلاة بطريقة الإعلان. أنا أحب أبي وأمي ولا أحسب عليهم شيء مما حدث فهم تصرفوا في ضوء ما وصلهم من نور وهم مساكين مثلي تمامًا إنْ لم يكن أكثر بل أنا الذي لا عذر لي لأني مثقف ومستنير وأتحجج بتأثيرهم في حياتي. يا رب، أطلقهم من قلبي ولا أحمل عليهم أي عتاب بل أصلي لهم دائما بأن تفيض فيهم حبًا وغفرانًا ورحمةً وشفاءًا وأشكرك لأنك تشفيني في الداخل وعملك يتحقق الآن ويتم لحظة بلحظة وأمجدك على ذلك. حرصت أن يكون أول ما يخرج من فمي عند الاستيقاظ هو الحب وإعلان حضور الله وقوته في حياته، وأن أكرر ذات الشيء عند الإغفاء ساعة النوم.
هذا يوم جديد، بذهن جديد، بقلب جديد، بفكر جديد، بروح جديد، وبخلايا متجددة، ولن أذكر الأمس. هوذا الكل قد صار جديدًا. . . كل هذا أنا متيقن منه عند مطلع كل يوم جديد، ولذلك أبدأ يومي بتقديم الشكر لربي و"شكرًا" هي أول ما يخرج من فمي وكل يقين أن ربي سوف يصاحبني في كل دقيقة على مدار اليوم، لحظة بلحظة.
قراري: أنا جديد في كل شيء ولن أذكر الماضي وكأن اليوم الذي أستقبله النهاردة هو أول يوم في حياتي، وأولد من جديد. المجد لإلهي الذي ولدني من جديد. سأحيا في "الآن".

كيف أقول بفمي أن الله محبة وفي داخلي امتعاض تجاه هؤلاء القوم وأولئك الناس الآخرين؟ وجود استياء ونفور من داخلي يعني أني داخلي عاطفتين تتصارعان، أي أني إنسان منقسم على ذاتي، وبالتالي محبة الله ليست في قلبي.. عندما أقول أني مولود من الله وأطلق على الآخرين أولاد الشيطان أو عباد الشيطان فأنا أكذب لأن المولود من الله يرى جميع خلائق الله مولودة منه بمعنى أنها تجد أصلها فيه ومنه وحده قد أتوا ومآبهم إليه. أنت أصل كل الخلائق يا إلهي. أنت أبوهم. أنت تشمل الجميع بحنانك وحبك ورعايتك فارحمني أنا الخاطي واشمل الجميع برحمتك.

عندما يأتي إنسان متألم يشكوك ألمه فإياك ثم إياك أن تعظه مستهلاً كلامك بعبارات لزجة على شاكلة "يا حبيب أبوك" أو حتى "يا روح خالتك" ولكن عليك أن تسأل نفسك: كيف أصبح صديق لهذا الشخص المتألم؟ كيف أخفف عنه بأن أستمع مجرد استماع لألمه؟ لا تتحدث عن أوهام الشخص المتألم لأن الأوهام هي أوهامك أنت وما يشعر به الإنسان المتألم واقع له وعليك أنت يا حضرة الواعظ أن تكف عن وعظك وأن تنتقل لمنطقة الشخص المتألم وتمد يدك وتلثم الجراح وتقبل وتحضن ويكفي وجودك الصادق لجوار هذا الشخص المجروح.. العظات والتوبيخ والتنبيهات تزيد الألم حدة وتؤلم النفس أكثر. حضورك أنت هو أفضل صلاة. وقوفك مع المتألم هو أفضل عظة.. هايقول لي يا حبيب أبوك قال! قرفنا من المصطلحات الكنسية دي!

وراء كل "امرأة سامرية" رجل سامري ضال لا بوصلة ترشده ولا هادي له في حياته سوى الأهواء، فضلّ وأضل غيره معه.
ننظر للمرأة السامرية ونقول: يا لانحرافها! يا لفساد أخلاقها! ولكن أين الرجل في حياتها؟ من المؤكد أن صورته قد تهّشمت في نظرها ولم يعد له أي وجود. بجهله يظن أن الرجولة أعضاء جسم ولكن الرجولة هي القيادة الروحية، وكيف يقود؟ بالوعظ؟ كلا وألف كلا! بل يقود بأن يعكس لها صورة المسيح الوديع المتواضع القلب الذي يحب حب حقيقي ويشرح في كيانه حقيقة الله الحبّ.
أنت الذي سيقودها بالوداعة في درب الطاعة أو درب التمرد، ومتى حدث التمرد بداخلها فأنت الذي تجعلها تزني، ولا تلومنّ إلا نفسك.
وأنت يا عزيزتي المرأة التي تختارين: فمن هو فتى أحلامك؟ هل إنسان مؤمن يحيا بالإيمان أم إنسان يعيش لذاته؟

كانت لي صديقة تبحث عن الحب، تبحث عن الاكتمال، تبحث عن أبيها الضائع الحاضر الغائب، تبحث عن ذاتها ومن هي فأتت بالشاب الذي تحبه "البويفريند" كي ما أحدثه هو الآخر عن المسيح. قال القسيس الذي كان يتابعها: لا تشغل بالك بها فهذه الشابة "صفيحة زبالة". ننظر للسلوك الجنسي عند الآخرين ونتحدث عنهم على أنهم "الخطأة" واختزلنا كل الخطايا في سلوك الإنسان الجنسي. نتحدث عن المرأة السامرية والمرأة السامرية بعض منا ونحن بعض منها بل المرأة السامرية قائمة في باطن كل إنسان منا. كرهت وسئمت وقرفت من كل العظات التي تتحدث عن "المرأة الخاطئة" وتختزل الخطيئة لمجرد السلوك الجنسي لدى شخص ما.. بالمناسبة هذه الشابة الصديقة اتصلت بي بعد ذلك اللقاء بخمس سنوات تشكرني على صبري معها ووفائي لها في الصداقة وأنها قد قامت بتسليم حياتها بالكامل للرب والآن تخبر الجميع عن حبه العظيم والذي جعلها تشعر لأول مرة أنها "امرأة".

وقد قصد ربنا لعطشنا أن لا ينتهي كي ما نعطش دائما.. دائما إلى البر.. إليه هو وهو برنا.
الفشل يعلمني أني بدونك يا رب لا أقدر أن أفعل شيء ولا يمكن لحياتي أن تستمر لحظة واحدة من دونك وأني أحتاج إليك شديد الاحتياج.

ويسأل سائل: إذا كان ربنا صالح، طب خليه يثبت. خليه يورينا شطارته.
ملاحظتي: لكي يثبت لك الله صلاحه فلابد أن تثبت أنت ثقتك به وبدون هذه الثقة لن يقدر الله أن يثبت لك أي شيء. هناك خطوة أولية من جانبنا عاملة زي الكهربا والكوبس اللي في الحيطة. الكهربا موجودة بس لازم احنا نكبس ع الكوبس وتقوم اللمبة منورة. إذا ما خدناش الخطوة دي مش هانستفيد بالكهربا في أي حاجة.
النقطة التانية: ربنا مش مطالب إنه يثبت أي حاجة لأي حد. قدرته عاملة في الكون ومن لا يصدق بعمل هذه القدرة فالله يبتسم واحنا اللي بنتعب ونحقن ونحزق والله في كل هذا لا يتأثر ولكن الخسارة خسارتنا احنا لأن بيفوتنا أعظم مكسب وهو التواصل والاتصال بربنا.

القلب الفرحان لقي مكانه فيك
مش حاسس بحرمان عشان أماني فيك
وجودي بيك يكتمل واليوم أعلن أنت المليك
لا أسمح بالحزن ولا أي شيء لا يرضيك

مالم أُشابه إلهي فلن أشابه نفسي
ربي شاء لها أن تكون على صورته وتشابهه
لا كما أريد بل أكون كما يريد أن أكون
له وحده دائما أعود وفي حضنه أستريح وبالانسجام يغمرني.
لا شيزوفرونيا بل تتوافق نفسي معي أمام مَنْ أركع

ولعلنا نتساءل: كيف يمكننا التشبه بـ الله ونحن نختلف في الاحتياجات ؟

الاحتياجات التي عندنا هو وضعها ولها هدف وهو أن نحس دائما أننا محتاجون له وأنه الاحتياج الأكبر في حياتنا. إذا صار الرب هو الاحيتاج الأكبر في حياتي فهو يتكفل بتسديد جميع احتياجاتي بفيض ووفرة ويعطيني أفضل مما عنده وبما لا يخطر على بالي. لكن لابد أن يكون هو أول من يخطر ببالي وإليه أذهب فورًا.

الله في المسيحية ما جاء ليكبلك بالدين ولا ليقيد حياتك ولكن جاء ليهبك ذاته شخصيا. أي نعيم تريد أكثر من هذا؟ حياة الله ملكك أنت! حياة الله شخصيا تسري فيك أنت. عندما اخترت الإيمان المسيحي قلت له: سيدي يسوع المسيح، أنا لك لأنك سبق أن قدمت نفسك لي والآن أنا كلي بجملتي لك وملكك وأريد منك أن تحيا حياتك في داخلي فأحيا لا بحياتي الجسدانية ولكن بحياة المسيح الساكن في. في المسيحية منذ عام 1987 وكل يوم أكتشف أمجاد لا أقدر أن اصفها بكلمات.. مهما تكن ظروفك.. مهما قست الحياة عليك.. ثق أن الله سيدبر لك بابًا مفتوحًا ولا أحد يغلق.. ثق أن الله متضامن معك في كل ظروفك ويحس بك أكثر مما تحس أنت بنفسك.. ثق أنك محبوب جدًا للغاية، وأنت بار، وأيضا وأنت خاطي كبير.

الفكرة هي أن العقيدة لشرح "آلية" عمل الشيء ولكن ما يهم هو الشيء ذاته. المسيحية ترتكز على المسيح وكيف يقوم المسيح بعمله ومن هو المسيح وكل هذه الأمور مما نسميها العقيدة هي "قراءتنا" نحن لكيفية عمل الله في المسيح ومصالحته لنا.. لكن في رأيي أهم شيء هو أن احنا نصطلح مع الله وننال المصالحة دي ونعيش فيها.. الله أحب البشرية ودور البشرية أنها تستقبل الحب ده ومش تحاول أنها تعقلن وتفسر الحب ده.. بالتأكيد كل شيء له مقال بس أهم شيء أننا نحاول أننا نكون بسطاء وعملاً بالقول الشهير يا سارة اللي بيقول: Keep it simple

نتحسر على بعد الله عنَّا
وصلواتنا لا تَشُقُّ إليه السبيلا
لم يكن غايتنا ولم نطلبه
ولم نتحدث إليه ولو قليلا
بيننا وبينه وقفت احتياجاتنا
هاتِِ برهان حبك لنا يا الله
وحبه نعلم أن ليس له مثيلاً

لا أؤمن مجرد الإيمان بك يا إلهي ولكني أفرح بك وأرنم
لست غاية أصل بها للسماء بل أنت غاية الغاية
أعدائي ليسوا بشر ولكن ما كان عكس المحبة فهو عدوي
من أساء لي ليس عدويّ لأنه تصرف في حدود ما لديه من نور، ولذا فهو معذور.
رحمتك تشملني وتشمل من أساء.

قراري الشخصي: أنا (فلانة/ فلان) كامل كما أنا لأني أكتمل بالله، ولا يوجد إنسان أو أي شيء في الدنيا يكملني ويحقق ذاتي مثلما يفعل إلهي.

سبحانك إلهيّ وتباركت أيها الكلمة الأزلي، أشرقت على الخليقة بنورك الساطع الوهّاج ليكن نور فكان نور، أدعوك أن تضييء بنور وجهك في قلبي وتهييء لي من أمريّ رشدًا فأحيا حياة مفعمة بالمجد، مجد وبهاء وجهك الكريم يا أرحم الراحمين.

كلمةً أتيت يا إلهي إلى أرضنا وبالسماء أتيت إلى قلوبنا. ساكنتنا وسكنّاك، وسكناك في قلوبنا. لمظالك الأبدية نذهب ونحيا مع مليكنا، ما أطيب السكون دائمًا هناك.

إلهي الحبيب، أنت كل شيء بالنسبة لي، أنت الحب وبالحب اقتنيت كل شيء. كل شيء لي ولا يعوّزني شيء. على الكل سلطتني والكل لي أخضعت. أنت وحدك دنياي وكياني وكل عالمي ولا أعترف بأي قوة أخرى سواك. حصني المنيع أنت وقوتي أنت. فردوسي أنت وجنتي أنت وبك أقتني كل شيء ولا شيء ينقصني. حبك يسري في فأتصالح مع ذاتي وتزول غربتي عني وأستوطنك في كل أنفاسي. بحبك أنطق وبمفردات الحب أتكلم ولغتك تتخطى كل الألسن واللغات. بلغة الحب ينطق ربي ونطق كلمةً وبالكلمة أحيا حياتي. نحن جسر لك يا إلهي. نحن قناة لك. نحن لك. أنت الكلمة إلهي فهيا انطق وأظهر ذاتك للعالم من خلالنا وكي يحيوا حياة أبدية وكي نشترك في هذا الفرح بخلاصهم.



#إبراهيم_عرفات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الله لا يقتص منك- ربنا ما بيخلصش حقه منك.. ده مش قراقوش مثلا ...
- صرخة امرأة
- لماذا لستُ ملحدًا؟
- لماذا تنصًّرت؟ لماذا اعتنقت المسيحية؟
- خطوات عملية لتبشير المسلمين
- لو ده الدين الإسلامي أنا خارجة منه
- زى ما أنت كافر عندي أنا كافر عندك.. ومافيش حد أحسن من حد
- هل قتل الله ابنه في المسيحية؟
- الإنجيل من التحريف إلى الدعاء والصلاة به
- قلب الأم والمسيح
- تظاهرات المسلمين واهتزازات عرش الرحمن: فائدة النقد
- عطشت نفسي إلى الصفاء، إليك يا إلهي
- أطير من نفسيّ إليك يا ربيّ
- في محراب الحب ناجيتك ربيّ
- الإسلام.. المسيحية: أيهما أولى بالعقل من الآخر؟
- واقعنا العربي المنكوب وسبل التعافي
- الكتاب المقدس رفيق رحلتي من الإسلام للمسيحية
- ما معنى قول المسيحي للمسلم إن المسيح ابن الله؟
- مفهوم التنزيل الإلهي والعبور من الإسلام إلى المسيحية
- شهادة الحب من المسيحيين للمسلمين- الفقرة الأولى


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم عرفات - عايزة أحس ب حضن ربنا