أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - القرن التاسع عشر وتحديث المدن المصرية















المزيد.....

القرن التاسع عشر وتحديث المدن المصرية


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4359 - 2014 / 2 / 8 - 23:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


القرن التاسع عشر وتحديث المدن المصرية

دأب الأصوليون الإسلاميون على مُهاجمة أسرة محمد على الذى تولى حكم مصر(1805- 1848) لأسباب لا علاقة لها بلغة العلم ، لمجرد أنه لم يكن مصريًا ، أو لأنه كان لا يعرف اللغة العربية. أو لأنه ((أجبر المصريين على دخول الجيش)) رغم أنّ الحجة الأخيرة ، كانت من مزايا قراراته الصائبة. وذكر بعض المؤرخين أنّ تعليماته كانت تقضى بأنّ الفلاح الذى يزرع الأرض بالفعل يُعفى من التجنيد ، ويكون التركيز على من لا عمل له. وأعداء أسرة محمد على تغاضوا عن الإنجازات العظيمة التى تمّتْ بغرض تحديث مصر ، وبصفة خاصة فى عهد محمد على وفى عهد حفيده إسماعيل .
تولى إسماعيل حكم مصر يوم 18 يناير1863 بعد وفاة سعيد. وظلّ فى الحكم حتى سنة 1879عندما عزله السلطان عبد الحميد الثانى بضغط وتحريض من فرنسا وإنجلترا ، ليجلس مكانه على عرش مصر ابنه الخائن توفيق الذى سمح ووافق على حق الدولتيْن الاستعماريتيْن بمراقبة المالية العامة لمصر. ورغم كل المآخذ التى يُمكن توجيهها ضد إسماعيل ، فإنّ المؤرخين يعتبرونه أحد المُجددين العظام ، بل وأكثر من ذلك كما كتب المؤرخ عبدالرحمن الرافعى ((كانت الخطة التى رسمها إسماعيل هى توسيع نطاق استقلال مصر عن تركيا ، حتى يصل للاستقلال التام)) (مصر المجاهدة- دار الهلال- عام 89-ج3- ص13) وأكد على نفس المعنى فى الجزء الخامس فكتب ((كانت مصر قبل سنة 1882 دولة مستقلة استقلالا يحده بعض القيود)) (ص20)
وإذا استبعدنا (مؤقتــًا) دوره فى الإصلاحات العامة (التشريعية والسياسية) وإنشاء عدة خطوط سكك حديدية. وتوسع أملاك مصر فى إفريقيا ، للتركيز على ما فعله من أجل (القاهرة الجديدة) سيتأكد لدينا أنّ المقولة الشهيرة عنه ((سأجعل مصر قطعة من أوروبا)) صحيحة إلى حد كبير. وهو لم يكتف بتجديد شوارع القاهرة فقط ، وإنما شمل ذلك بعض المحافظات الأخرى ، وإنْ كانت الإسكندرية قد نالت النصيب الأكبر. وبالنسبة للقاهرة ، كان لابد من ردم الكثير من البرك قبل أى تعديلات. وهو ما تم بتعليمات من إسماعيل . وبعد الردم تم إنشاء الميادين الواسعة المجللة بالتماثيل . وتم تخطيط الطرق ورصف الشوارع بالأسلوب الحديث المُتبع فى أوروبا . واهتم بإنشاء البساتين والقصور. فبدتْ القاهرة- على حد قول أ. شحاتة عيسى إبراهيم- كأنها ((باريس الشرق)) وذلك فى كتابه (القاهرة- مكتبة الأسرة- عام 99- ص 306) وذكر أنّ القاهرة لم يكن بها شارع طويل سوى شارع الحسينية. وأنّ الشوارع الجديدة التى تمّتْ فى عهد إسماعيل هى : الفجالة الجديد ، كلوت بك ، محمد على (القلعة حاليًا) وشارع عبد العزيز المُمتد من ميدان العتبة، وشارع عابدين . أما الأزبكية المشهورة بالمقاهى منذ أيام محمد على وكان يتوسطها بركة ماء كبيرة ، كانت فى نفس الوقت بمثابة (جنينة) عامة لسكان المنطقة. ثم كانت الإضافة فى عهد إسماعيل بناء العديد من المبانى والمحلات التجارية و(البواكى) من أجل الحماية من الشمس والمطر، كما هو شائع فى بعض الدول الأوروبية. كما تم إنشاء نافورتيْن فى حديقة الأزبكية (لم تبق إلاّ واحدة فقط حاليًا) وخلف النافورتيْن أنشئتْ دار الأوبرا. وأمامها أقام إسماعيل تمثالا لوالده إبراهيم باشا وهو على صهوة الحصان. أما مقر حكم إسماعيل فكان فى قصر عابدين الذى يعتبره الآثاريون تحفة معمارية.
ومن الأحياء الجديدة التى تمتْ فى عهد إسماعيل : التوفيقية ، عابدين ، ميدان الأوبرا ، وتم إنشاء حديقة كبيرة بالجيزة . وردم بركة (الرطلى) فحلــّتْ محلها الشوارع المستقيمة. وتم إصلاح ميدان (الرميلة) الواقع جنوب القلعة. فتم توسيعه وزرعه بالأشجار وتوصيله بشارع محمد على . كما تم إنشاء طريق مُعبّد ليربط بين القاهرة والأهرام ورصفه بالحجارة.
ويعتبر على باشا مبارك فى خططه أنّ حى الإسماعيلية (بمصر الجديدة) من أهم الأحياء وكان قبل تنظيمه أشبه بالخرابات ، وبه الكثير من البرك والأتربة وسباخ الحيوانات. وبعد التخطيط الجديد تم إنشاء الشوارع الحديثة بشكلها الحالى وتم مدّها بأنابيب الماء وأعمدة المصابيح للإنارة الليلية.
ومن أهم القصور فى عهد إسماعيل : قصر عابدين ، قصر الجيزة ، قصر بولاق الدكرور (التكرور) قصر الجزيرة ، قصر القبة ، قصر حلوان ، قصر الإسماعيلية ، قصر الزعفران بالعباسة (جامعة عين شمس حاليًا) وسراى الرمل بالإسكندرية.
ووصل وعى إسماعيل بأهمية ربط القاهرة بالجيزة ، أنْ كلــّـف شركة (فيف ليل) الفرنسية بإنشاء (كوبرى) ليربط بين المحافظتيْن، ومن هنا كان إنشاء (كوبرى قصر النيل) الذى تم إنشاؤه عام 1872. وكذلك تم إنشاء (كوبرى البحر الأعمى) الذى سُمى بالكوبرى الإنجليزى وهو المشهور حاليًا (بكوبرى الجلاء) الذى تم إنشاؤه عام 1872.
وفى عهد إسماعيل تم (لأول مرة) دخول الإنارة بغاز الاستصباح . إذْ سمح لمستر (ليبون) وشركاه فى تكوين شركة فى الإسكندرية عام 1864. ثم أسّس فرعًا لها بالقاهرة عام 1868. وتبعًا لذلك أضيئتْ شوارع القاهرة بهذا الضوء الساطع. أما مد القاهرة بأنابيب الماء فتم عام 1865حين تم إنشاء شركة المياه بالقاهرة. كما اهتم إسماعيل (بضاحية حلوان الحمّامات) حيث أدرك أهميتها ، نظرًا لجفاف هوائها ومزايا مياها الكبريتية. فشيّد بها قصرًا فخمًا على النيل سنة 1873. كما ربط حلوان بخط سكه حديد بدأ من محطة حلوان الحالية. وأصدر تعليماته بنشر الإعلانات عن (حمّامات حلوان الجديدة) فكانت النتيجة كما ذكر أ. شحاتة عيسى أنْ ((تسابق الناس من وطنيين وأجانب على حلوان للاستحمام وأنشأوا المساكن والقصور)) (ص309)
كما أمر بتحويل مجرى النيل الأصلى من الغرب ، حيث كان يمر تحت منطقة الدقى إلى الشرق. وفى سنة 1863 بدأ ديوان الهندسة بإجراء عملية تحويل مجرى النيل بإقامة جسر فى النيل فربط بين مدينتىْ الجيزة وإمبابة وتمت هذه العملية سنة 1865 فبدأ النيل يسير فى مجراه الحالى . وقد ترتب على تحويل مجرى النهر، أنْ تسلط النيل على الجزء الجنوبى من الجزيرة الكبيرة وساحلها الشرقى تجاه بولاق . فتكوّنت أرض المنطقة الواقعة فى شمال شارع 26يوليو (شارع فؤاد سابقا) المعروفة الآن بحى الزمالك. والكلمة ألبانية معناها الأخصاص أو العشش المصنوعة من القش والبوص.
وفى ميدان أحمد ماهر (باب الخلق حاليًا) تم إنشاء المتحف الإسلامى ، وكان اسمه فى الأصل (دار الآثار العربية) وكان نصفه الغربى بدار الكتب العامة وكان اسمها (دار الكتب الخديوية ثم السلطانية) وقد تعرّض لزلزال عنيف فى أكتوبر1957فتم ترميمه. ثم تعرّض للهجوم الإرهابى فى يناير2014. وكان بدء التفكير فى إنشائه عام 1869وتم افتتاحه فى ديسمبر1903وقبل الافتتاح ، ونظرًا لأهمية الكتب والتحف والمخطوطات وخوفـًا عليها من التلف ، لذا أمر الخديو إسماعيل بوضعها فى قصر مصطفى باشا فاضل سنة 1871بدرب الجماميز.
أما المتحف المصرى فتم بناؤه سنة 1902وكان ميريت باشا أول من كوّن نواته الأولى فجمع بعض الآثار المصرية واختار لها مكانـًا فى بولاق سنة 1858وعندما تراكمتْ الآثار تم نقلها إلى قصر إسماعيل بالجزيرة. وأخيرًا استقر الأمر على المتحف الحالى فى ميدان التحرير.
وربما لا يعلم الجيل الجديد أنّ ميدان (باب اللوق) الحالى القريب من ميدان التحرير، كانت مياه النيل تغمر أراضيه وقت الفيضان. وبعد الفيضان تكون الأرض مُهيئة للزراعة فيزرعها الفلاحون دون أى مجهود فى عملية الحرث نظرًا لخصوبة الأرض وليونتها. فقال الناس وقتها (تلاق لوقا) ثم تحولتْ إلى (أرض اللوق) وكان بهذه الأرض الكثير من البساتين. ثم تم عمارها بالأبنية فى عهد إسماعيل. 000
ورغم ما يشاع عن إسماعيل بأنه ((أوروبى النزعة)) فإنّ أ. جمال بدوى يختلف مع من هذه النظرة فكتب ((لم يكن إسماعيل أوروبى النزعة. ولكنه كان يؤمن بأنّ مصر قطعة من إفريقيا ، وهى النافذة الشمالية التى تطل منها القارة السوداء على العالم المتمدن. وكان يؤمن بمصر القوية المعطاء ذات الإشعاع الحضارى الذى يحمل مشاعل العلم والمعرفة والعمران والتقدم)) وعن حملات إسماعيل فى إفريقيا ، فيكفى إسماعيل فخرًا أنه حارب أحط تجارة ، أى تجارة العبيد ، فأخذتْ حملاته تتعقب هذه التجارة الممقوتة. وتتصدى لمن يقف وراءها من أمراء وشيوخ قبائل يتمتعون بالسطوة والنفوذ ويجنون منها ثروات طائلة. وبسبب الدور المصرى فى مقاومة تجارة العبيد قامت ثورة المهدى ضد الوجود المصرى فى السودان (نظرات فى تاريخ مصر- هيئة الكتاب المصرية- عام 88- من ص 93- 95)
وذكر عبدالرحمن الرافعى أنّ النهضة النسائية بدأتْ فى عهد إسماعيل بإنشاء المدارس لتعليم البنات. وكان لرفاعة الطهطاوى فضل فى ذلك خاصة عندما نشر كتابه (المرشد الأمين للبنات والبنين) عام 1872حيث ساوى بين البنت والولد فى حقهما فى التعليم (عصر إسماعيل- مكتبة النهضة المصرية- عام 1948- ص 274) وذكر أنه فى عهد إسماعيل امتلكتْ مصر منطقة البحيرات الاستوائية (287) وذكر المحقق الجاد أ. عبد العزيز جمال الدين أنه تم فى عهد إسماعيل إصلاح 112ترعة فى كافة أنحاء مصر. أهمها الترعة الإبراهيمية لرى أراضى مديريات أسيوط والمنيا وبنى سويف وهى الترعة التى شـُيـّدتْ عليها قناطر التقسيم الشهيرة فى ديروط بخلاف القناطر الأخرى العديدة. وبضغط من إسماعيل تمكن من إقناع السلطان التركى بإصدار عدة فرمانات من بينها فرمان 9يونيو1873بحق إسماعيل فى زيادة الجيش إلى العدد الذى يحدده وحقه فى وضع القوانين . كما اتجه إسماعيل للحد من مساوىء الإمتيازات الأجنبية (هوامش تاريخ مصر من خلال مخطوطة تاريخ البطاركة- هيئة قصور الثقافة- عام 2012- ج 10- من ص 7- 36) ورغم اعتراف كثيرين من المؤرخين بتبذير إسماعيل وبذخه إلاّ أنهم فى نفس الوقت يعترفون بفضله فى إنشاء المدن الحديثة على الطراز الأوروبى مثلما هو واضح بصفة خاصة فى القاهرة والإسكدرية.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيال والإبداع الروائى
- تحايل إيزيس على (رع)
- الأنثروبولوجيا والفولكلور والثقافة القومية
- التعليم الدينى وجذور العنف
- الفرق بين أسطورة أوديب اليونانى والأمير المصرى
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (16) د. محمد بيومى مهران
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (15) د. حسين مؤنس
- الملاح والثعبان رئيس الجزيرة
- العداء للمعرفة والتعصب الدينى
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (14) أحمد صبحى منصور
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (13) محمد أحمد خلف الله
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (12) د. قاسم عبده قاسم
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (11) رجاء النقاش
- رد على الأستاذ أحمد المصرى
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (10) الدكتور جلال أمين
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (9) فاروق عبد القادر
- رد على الأستاذة ساره
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (8) صلاح عبد الصبور
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (7) أحمد بهاء الدين
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (6) نعمان عاشور


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - القرن التاسع عشر وتحديث المدن المصرية