أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهدة جابر جاسم - سيرة شخصية - الفصل الثاني














المزيد.....

سيرة شخصية - الفصل الثاني


ناهدة جابر جاسم
(Nahda Jaber Jassem)


الحوار المتمدن-العدد: 4359 - 2014 / 2 / 8 - 09:15
المحور: الادب والفن
    


فمنذ منتصف ستينيات القرن العشرين المنصرم، دأبت أمي وعمتي على اصطحابي لزيارة أبن عمي – محمود – الذي كان يعمل مع أبي في دكانه إلى سجن – الحلة – بعد ان حُكم عليه بالسجن مدة عشرين عاما في دعوة مشهورة أعقاب انقلاب 8 شباط 1963 حينما قام مجموعة من شباب مدينة الديوانية بسرقة مطبعة من ثانوية الديوانية أذتذكر منهم الشاعر والمجدد في القصيدة الشعبية علي الشيباني وطباعة بيان باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراق وتوزيعه، فانكشفوا لكنهم في المحكمة رموا الحاكم العرفي بالأحذية مما جعل حكمهم قاسيا. كان ابن عمي مشترك معهم.
تلك الزيارات انطبعت في ذهني وأتذكرها الآن بوضوح وكأنها جرت بالأمس. الجلوس في باحة السجن، جموع المساجين وعائلاتهم، زوجات وأمهات مدلهات بالابن والزوج المسجون. وابن عمي الطيب الرقيق بوجهه الصابر المستسلم المبتسم وصوته المنخفض الخجول لكنه القوي، كل ذلك من اللحظة التي نحضر بها الأكل والشرب إلى طريقنا إلى حافلات الحلة في فجر يوم كل خميس والطريق القديم المحاط بالبساتين والحقول، ولحظة السماح لنا بالدخول إلى المواجهة والعودة الحزينة، كل ذلك خلق في نفسي الكثير من الأسئلة التي سوف أسعى للوصول إلى أجوبتها وأجد نفسي أسلك نفس سلوك – محمود – ابن عمي الذي مات في فراشه موت ملاك وأنا هنا في منفاي الدنمركي أواخر تسعينيات القرن الماضي.

في أعقاب نكسة حزيران 1967 كما يسميها العرب وقت حكوماتهم القومية حينما هزمتهم إسرائيل في غضون ستة أيام و جيوشهم واحتلت ما تبقى من فلسطين، أطلقت حكومة – عبد الرحمن عارف – العراقية الضعيفة سراح السجناء السياسيين، فأصبح – محمود – رمز طفولتي قريباً جدا إذ عاد للعمل مع أبي في دكانه وسط السوق، وصرت أراه خصوصاً في العطلة الصيفية حينما أغبش مع أبي إلى السوق. وكان يسكن على مبعدة عشرة أمتار من بيتنا، كان رقيقا، شديد الرقة يبكي لأقل ضرٍ يمس الإنسان. أدمن الخمرة، وفي كل ليلة يمر على دارنا وينفجر في بكاء مرّ على أقل خبرٍ فيه أذيه لإنسان. أورثته سنين السجن رقة قضت عليه وهو لم يتجاوز الخمسين في عراق ظل ينحدر من درك أسفل إلى أسفل.

صارت الشيوعية عبر ابن عمي – محمود – شيئا رقيقا، معني بالإنسان، ومع قربي من سني المراهقة وتقدمي في مراحلي الدراسية وبتفوق في المتوسطة بدأت بالاهتمام الشديد في القراءة. ومن الطريف في هذه القصة أن من وفرَّ لي الكتب في تلك الفترة شخصية من أطرف شخصيات الديوانية سائق سيارة (أو أم UM)على طريق بغداد – الديوانية ( مجيد حرز ) كان صديق عائلتنا وصديق أشهر عوائل المدينة إذ كان يأخذهم في دورات لزيارة الأماكن المقدسة، نجف كربلاء، سامراء. وكان كما سأكتشف لاحقا بعد اقتراني بزوجي – سلام – أنه كان صديقا لمثقفي المدينة وشعرائها الشعبيين المشهوريين في العراق ك علي الشباني، وعزيز السماوي، وشاكر السماوي، وكزار حنتوش، وكان كما ذكر لي زوجي يحضر كل جلساتهم في البيوت سنوات سبعينيات القرن الماضي، وكان يمتلك مكتبة دسمة فكرياً، فبدأت أستعير منه كتباً ساهمت بتوطيد أفكاري عن النضال والإنسان، روايات عن نضال الأنصار الشيوعيين وقت الاحتلال النازي للإتحاد السوفيتي.
كنت متوقدة أشعلتني رواية الأم لمكسيم غوركي وتخيلت نفسي تلك الأم المناضلة التي تتابع أبنها الذي تدله في السياسة رغم ترعرعه في عائلة ممزقة أباه سكير يضرب أمه، حلّت بروحي روح الأم المناضلة، فعدت لا أرى شيئا سوى درب النضال من أجل تحقيق حلم الإنسان في وطن عراقي حر وشعب سعيد، شعار كنت أقرأه على الصفحة الأولى من جريدة – طريق الشعب – العلنية بعد إعلان الجبهة الوطنية في 17 تموز 1973. عدا الروايات الإنسانية كروايات تولستوي ودستويفسكي التي أمدتني ببعدٍ ثقافي عميق سوف يتوارى طويلا في خضم التجربة السياسية العنيفة التي خضتها،ـ لكنه أمتلك كياني في خريف العمر وأنا في منفاي الأسكندنافي.



#ناهدة_جابر_جاسم (هاشتاغ)       Nahda_Jaber_Jassem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرة شخصية
- قصائد
- حمامة زاجل
- المحبة
- صدفة أحنُ إليها
- وداعاً ابنتي
- السعادة في -حديقة أبيقور- إشباع للرغبات وموت لايخيف
- ذات صباح غائم
- رجال كالسمِ- قصة قصيرة
- ثلاثية -متاهة أدم-، متاهة حواء- ، متاهة قابيل-، للروائي العر ...
- تصوير تسجيلي لجحيم حقيقي
- الأرملة
- المرأة والتحرش الجنسي
- القديسة والشيطان
- النساء والحب لشير هايت
- العاشقة والسكير


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهدة جابر جاسم - سيرة شخصية - الفصل الثاني