أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - معز الراجحي - في المغزى الطبقي لاغتيال الرفيق شكري بالعيد















المزيد.....


في المغزى الطبقي لاغتيال الرفيق شكري بالعيد


معز الراجحي

الحوار المتمدن-العدد: 4357 - 2014 / 2 / 6 - 21:51
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


في المغزى الطبقي لاغتيال الرفيق شكري بالعيد

في مثل هذا اليوم من 6 فيفري 2013 إستفاقت تونس و العالم على خبر أشبع الجرائم السياسية في تاريخ القطر من مرحلة الإستعمار الإمبريالي غير المباشر بعد حادثة إغتيال المناضل الوطني فرحات حشاد و هي إغتيال الرفيق الرمز , الشهيد شكري بالعيد الامين العام الثاني للجبهة الشعبية. بكل أسى و حزن و حسرة ودّع الثوريون و الوطنيون الديمقراطيون و اليسار عموما في تونس و العالم و الطبقة العاملة أحد أشجع رموز النضال الوطني الديمقراطي في تونس و المغرب العربي و أشباه المستعمرات و أكثرهم وفاءا لقضية الوطن و الطبقة العاملة .
بعد مرور سنة على إغتيال الرفيق شكري بالعيد على أيدي الخسة و العمالة يتأكد لنا كل يوم خلالها أن قضية إغتياله هي قضية سياسية بامتياز و أن الجريمة التي راح ضحيتها هي جريمة سياسية بكل المعاني . في كل محطة من المحطات النضالية الحاسمة كندوة سوسة أو جبهة الإنقاذ أو الحوار الوطني نطرح على انفسنا السؤال نفسه : ماذا لو كان الشهيد بيننا هل كانت الأمور ستكون على ما هي عليه بتداعياتها و ما تفرضه من خيارات و خطوات نضالية داخل الجبهة الشعبية و في النضال الوطني عموما ؟ أما من جهة الجانب المظلم لمسار النضال الفاعل الذي خطته الجبهة الشعبية و مناضليها و أنصارها بكل النكسات و الشروخ و التصدعات يتضح لنا أكثر فأكثر الفراغ الكبير الذي تركه الرفيق و نصبح أقرب إلى اليقين من الشك في أن إغتيال الرفيق الشهيد من وجهة النظر الطبقي ليست فلتة من إسلامي غيور عن الدين إستمع إلى فتاوى شيخ وهابي تكفيري ما, أو تشفي من صاحب صوت عال أقلق السلطة و وجب إخماده أو هي فقط جريمة إخوانية من أجل القضاء على المعارضة اليسارية عبر رموزها و إضعافها , بل إن ما يتأكد بالملموس حد اليقين هو أن إغتيال الرفيق شكري بالعيد هو جريمة إمبريالية و جريمة الإئتلاف الطبقي الرجعي الحاكم و على رأسه الإسلاميون في الحكم أي جريمة دولة بكل المقاييس , جريمة الدولة الكمبرادورية العميلة المنصبة الجاثمة على صدورنا .

إغتيال الرفيق شكري بالعيد جريمة إمبريالية :

يكفي أن نلقي نظرة على برنامج الجبهة الشعبية الإقتصادي و السياسي الذي تبناه الرفيق شكري بالعيد كوطني ديمقراطي و دافع عنه و الذي اثراه عمليا من خلال النشاط الميداني في الساحات و الندوات و المنابر الإعلامية بكل شراسة و ساهم في صياغته الى جانب بقية رفاقه من قيادات الأحزاب المكونة للجبهة لكي نفهم مدى مصلحة القوى الإمبريالية بشكل مباشر و غير مباشر من إغتيال أحد أفضل رموز الجبهة و الخط الوطني الديمقراطي في القطر و حتى في الأقطار العربية المنتفضة .

وعيا بمقتضيات المرحلة و موازنات الصراع الدائر رحاه في القطر بعد تسلم الإسلاميين السلطة في 23 أكتوبر نبذ الرفيق الشهيد شكري بالعيد كل أشكال العنف العفوي و الفوضوي و نبه إلى مخاطره و قال بأنه لا يخدم إلا الثورة المضادة و الرجعية لسبب بسيط و هو غياب حزب الطبقة العاملة القوي القادر على قيادة تلك الجماهير المنتفضة المتعطشة للعدالة و الحرية عندما قال : " نضالنا سلمي جماهيري واسع " إيمانا منه بأن الصراع لن يحسم مع الإمبريالية و أذنابها العملاء إلا بوحدة اليسار و الرقي بوعي الجماهير نحو وعي وطني ديمقراطي ثوري و قد كانت الجبهة الشعبية الشكل الجنيني لذلك الحلم .
لكن بما أن لكل قطر خصوصيته ,و بعد سيطرة تحالف الاحزاب الرجعي العميل - نهضة - تكتل - مؤتمر فإن باب مشروع الأفغنة الأمبريالي و الوهابي كان مفتاحه المال السياسي القذر و الوكالة القطرية في إدارة الصراع بين القوى الثورية الرافضه لسياسية الالتفاف على مطالب الشعب المنتفض و المواصلة في المسار الثوري المناهض لخيرات النظام السابق . لم يكن المال السياسي الذي تم ضخه بالمليارات للأحزاب العميلة وحده المحدد لنتائج إنتخابات 23 أكتوبر بل أيضاً التدخل الامبريالي في مجرى أحداث الإنتفاضة منذ مغادرة بن علي السلطة ليلة 13 جانفي 2011 إلى اليوم ملموسا و يعرفه القاصي و الداني .

إن المقاومة الشعبية السلمية التي تخوضها الطبقة العاملة التونسية اليوم في وجه آلة القمع العميلة للقوى الإمبريالية المتمثلة في الإئتلاف الرجعي الحاكم من إضرابات قطاعية بقيادة نقابات الإتحاد العام التونسي للشغل و إضرابات و اعتصامات منظمة من طرف الأحزاب اليسارية المناضلة و المنظمات القطاعية كإتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل أو عفوية ذات طابع سياسي لسائر الفئات المضطهدة طلبة و تلاميذ و نساء عاملات لا أحد يستطيع إنكاره و هي أكثر بطولية و مبدئية و ذات عمق طبقي و سياسي ذا أهمية قصوى في تشكل المشهد السياسي كما هو عليه اليوم , و نفس الحكم يمكن أن نطلقه عن بطولات المصريين في إنتفاضتهم الأولى ثم الثانية التي أطاحت بحكم العميل مرسي .
إن إرهاب الاسلاميين العملاء ضد شعوبهم من أجل أسلمة المجتمعات في المغرب العربي و الشرق الأوسط هي حرب بالوكالة من أجل المسك بزمام السلطة عن طريق الإرهاب المدعوم من نفس القوى الإمبريالية من أجل تقديم الخدمات الرخيصة لصانعها الإمبريالية و من ورائها البورجوازية العالمية و شركات النهب العالمية مقابل فتات السلطة عن طريق معاهدات الخيانة و العمالة و لعل تجربة المجلس الإنتقالي الليبي و السوري و ما كشفت عنه إنتفاضة المصريين الثانية من ملفات الإخوان أهم دليل تاريخي ملموس على ذلك .

فلو نلق نظرة عن تاريخ الجبهة الشعبية الإسبانية أو الفرنسية في القرن الماضي و عن أدبيات الماركسية-اللينينة حول الجبهة الشعبية في المستعمرات و أشباه المستعمرات و اهدافها و تكتيكاتها و عن الجبهة الموحدة من أجل الضفر بالسلطة السياسية سنعلم ما تثيره كلمة جبهة شعبية من خوف في نفوس الإمبرياليين و عملائهم من احزاب عميلة و كمبرادور و ملاكين عقاريين وصولا إلى أوضع بورجوازي صغير مازال يريد أن يتموقع .

لكن حتى نتحقق من هذه القناعة الراسخة لدينا من أن فهم قضية إغتيال الرفيق شكري بالعيد لا يمكن أن يكون فهما ماركسيا لينينيا و مكتملا إلا إذا استوعبناها من وجهة نظر التناقض الرئيسي للمصالح الطبقية في القطر أي مصالح إمبريالية إستعمارية ضد مصالح الطبقات الكادحة و المفقرة و ليس الفهم الليبرالي السطحي و ضيق الافق المحصور في قالب صراع أسلامي- يساري . يكفي ان نلقي نظرة عن مشروع الأرضية السياسية للجبهة الشعبية التي كان الشهيد شكري بالعيد أحد أبرز رموزها لنستوعب الخطر الذي أصبحت القوى المناضلة من أحزاب يسارية تشكله على مصالح الإمبريالية و شركات النهب الإستعماريو اللصوصية بعد أن نجحت أكثر من اي وقت مضى في الإلتحام بالجماهير الكادحة و تنتشر في الارض كما كان يقال و ترسخ الشعارات الوطنية المعادية لتلك السياسة القائمة على النهب و الإستغلال الطبقيين :

ففي المسألة الوطنية ترى الجبهة الشعبية أنه
" على الصعيد الإقتصادي فإن الحكومة لم تتخل عن سياسة نظام بن علي التي ادت الى تفقير الشعب . فثروات البلاد ظلت تحتكرها اقلية محلية و اجنبية , و هي مازالت تخضع لنير المؤسسات المالية الدولية و الاتفاقات و المعاهدات اللامتكافئة . كما تواصلت عملية التفويت في الثروات (مناجم نفط ...) و في المؤسسات العمومية لفائدة الراسمال الاجنبي و خاصة الخليجي بما فيها المؤسسات المصادرة بعد الثورة , و لم تسلم من التفويت لشركات غربية و خليجية الاراضي التونسية مما يؤشر لاستعمار فلاحي جديد على حساب الفلاحين الفقراء و الصغار و العمال الفلاحيين . يضاف الى دلك هدا العجز في التسيير و الفوضى الادارية و استفحال البيروقراطية مما يهدد البلاد بكارثة حقيقية. ( الفقرة الثالثة الصفحة 2)
" إن السياسة الخارجية للحكومة ظلت تدور في فلك دوائر الهيمنة الراسمالية العالمية و قد صار من الواضح وجود نزعة الى الزج بتونس في محور خليجي تركي تحت رعاية امريكية . ان هدف هدا المحور هو تخريب نضالات الجماهير العربية و الالتفاف على طموحاتها التحررية و زر ع الفتنة في صفوفها و تمزيق وحدتها بما يضمن استمرار الهيمنة الاستعمارية الامريكية و الغربية و الصهيونية على المنطقة ." (الفقرة 5 الصفحة 2)
أما عن البديل الذي تطرحه الجبهة الشعبية فهو النقيض المباشر لتلك المصالح الإمبريالية و لنطلع على بعض المقتطفات منه :
" و يتاسس هدا البديل على ارضية سياسية تشكل الحد الادنى السياسي و الوطني لكل القوى و الاطراف الوطنية و الشعبية المتمسكة بالنضال من اجل تحقيق اهداف الثورة و العمل على انجاحها و تقوم على الخيارات و المبادئ و القيم التالية :
بناء نظام جمهوري مدني ديمقراطي في خدمة الشعب

* يكرس الاستقلال الفعلي للبلاد * يستند الى مبدأ سيادة الشعب التي تتجلى في انتخاب كافة مؤسسات الحكم في المستويات الوطنية و الجهوية و المحلية مع توفير امكانية مراقبتها و محاسبتها و عزلها

* يقوم على اساس الفصل بين السلطات و ضرورة التوازن بينها

* يضمن استقلالية السلطة القضائية وفق المعايير الدولية المتعارف عليها

* يضمن حياد الإدارة إزاء الاحزاب و القوى السياسية و تسييرها بصورة ديمقراطية

* يتبع سياسة خارجية مستقلة ووطنية قائمة على دعم المقاومة الوطنية في فلسطين و العراق و لبنان و كل حركات التحرر الوطني و الانعتاق الاجتماعي في الوطن العربي و العالم و مساندة الثورات العربية و التصدي للتدخل الاجنبي فيها و تجريم كا اشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني و الحركات العنصرية و العمل على تحقيق الوحدة العربية على اساس مبادئ الحرية و المساواة و الكرامة و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية .
.
في المسألة الاقتصادية و الاجتماعية
بناء اقتصاد وطني مستقل و متوازن و مندمج , يحقق سيادة الشعب على ثروات البلاد و يضمن التنمية الفعلية لكل الجهات و يقوم على التوزيع العادل للثروات بما يكفل تلبية الحاجات الاساسية المادية و المعنوية للشعب و هو ما يقتضي الاجراءات التالية :
* مراجعة الاتفاقيات المضرة بمصالح البلاد و الماسة باستقلاليتها
* تأميم القطاعات الاستراتيجية و ضمان ادارتها بصورة ديمقراطية و ناجعة
* تأميم المؤسسات المصادرة و عدم التفريط فيها للراسمال الاجنبي
* تطوير صناعة وطنية تستند الى حاجات البلاد و الى كفاءاتها و قدراتها
* الغاء المديونية بناءا عل دراسة دقيقة للقروض التي ابرمتها الدكتاتورية
* ارساء نظام جبائي عادل و شفاف
* اصلاح زراعي لفائدة الفلاحين الفقراء و الصغار



اما في الجانب السياسي من القضية فإن الإرهاب كشكل من اشكال العنف الطبقي المسلط هو جزء من المؤامرة الرجعية من أجل عزل القوى الثورية عن الجماهير الثائرة ثم الاستفراد بكل عن حدة و هو تحول كبيرة في مجرى تاريخ البلاد فتوجب على القوى الثورية أن تصمد في وجه هذه المؤامرة الإمبريالية الصهيونية بأيادي الغدر و العمالة الحركات الإسلامية الوهابية عدوة شعبنا و شعوب العالم لكن الإغتيال الثاني الذي إستهدف الرفيق الشهيد محمد البراهمي عضو المجلس التأسيسي و عضو مجلس الأمناء العامين للجبهة الشعبية بنفس الطريقة الإجرامية و على يد نفس العصابة الإخوانية جاء ليؤكد مرة أخرى حقيقة تقاطع المصالح السياسية بين الإخوان المسلمين و الإمبريالية في إضعاف تلك الجبهة السياسية اليسارية و الوطنية و الديمقراطية بهدف ثنيها عن تحويل برنامجها إلى ملموس و أن تنتصر لقضايا الطبقة العاملة عبر إضعافها و إفقادها بوصلتها و إرباك تقدمها .

إن تلك الصور و الفديوهات التي يتم تداولها على الصفحات الإجتماعية رغم حقيقتها البشعة من اعدامات و قتل للابرياء في سورية و ليبيا و تونس ليست مشاهد منفردة عن ما تعرض له أبناء الشعب الكادح من قوات الأمن و الجيش الذين وقع إغتيالهم في الشعانبي و بوزيد و هي في نفس الوقت جزء من الحرب الوهابية العميلة من أجل ارباك القوى الثورية و ثنيها عامة مهامها الطبقية الثورية بما أنه عنف طبقي رجعي في جوهره ذي مرجعية واحدة و استراتيجيا واحدة و حليف إمبريالي واحد ولو تعدد الوسطاء عربا كانوا أو غربيين ، بما أنه ممول من طرف الإمبريالية و كلائها و موجه ضد كل القوى الحقيقية و الحية التي صنعت إنتفاضة الشعوب العربية و التي كانت انطلاقتها من القطر التونسي .

لقد إتضح أن مسار الإلتفاف على هذه الإنتفاضة لم يكتمل بعد و أننا لسنا إلا منتصف الطريق. كما إتضح لنا أيضا أن مسار الإلتفاف على هذه الإنتفاضة هو ذو طابع أممي و ليس قطري فقط بدرجات أقل أو أكثر دموية و إضطهاد على الرغم من أنه واحد . لذلك وجب أخذ المسألة من وجهة نظر التناقض الرئيسي بين إمبريالية عالمية استعمارية توسعية و شعوب مستعمرة و مقموعة و منهوبة .

آمن الرفيق شكري بالعيد أن الإصرار العنيد و الثوري و العملي في وجه هذه المؤامرة وحده قادر على قلب الموازين على الرغم من إختلال موازين القوى بين عنف رجعي منظم و ممول من طرف القوى الإمبريالية و مقاومة سلمية من طرف الطبقة العاملة لأن هذا الشكل من المقاومة قادر عن إكتشاف القوة الكامنة في هذه الطبقات المسحوقة تحت نير الإستغلال الرأسمالي و النهب الامبريالي و الإرهاب الوهابي ، و توظيفها على النحو الثوري السليم .

رفض الرفيق الشهيد شكري بالعيد أن يدخل بيت الطاعة الإمبريالي على عكس لاعقي احذية السفراء الإمبرياليين من تجار الحريات و المتصهينين و الكل يتذكر العشاء الذي اقامه السفير الأمريكي على شرف الاحزاب السياسية في اواخر أوت 2011 قبيل إنتخابات 23 أكتوبرو الذي جمع في إفطار جماعي رمضاني رموز الأحزاب و المنظمات العميلة و الذي كان عشاء البيعة بما أنه هم نفس الاشخاص الذين نراهم اليوم على سدة الحكم . في تلك الفترة و كانت قد تشكلت الهيئة العليا للأعداد للانتخابات و أحرزت لجنة تقصي الحقائق و الإنتهاكات و التجوزات نجاحات ملحوظة في عملها الذي راح في مهب الريح .

إن هذا الدور ، هو دور الطليعة الثورية ، إذا ما استوعبت اللحظة الراهنة من تاريخ الطبقة العاملة بتناقضاتها ، و متغيراتها ، حتى لا تتكرر مهزلة إنتفاضة 17 ديسمبر - 14 جانفي في إنتصار الرجعية و تغولها و نكون فاعلين و طليعيين و ذلك لا يكون إلا بتنظيم الصفوف و بناء تصور عام و خطط عملية قادرة على الفعل في التاريخ و توجيهه نحو الأهداف الثورية .

إن أحداثاً كهذه علاوة على أنها حقيقية و واقعة انما تدعو إلى استنتاجات أعمق بكثير مما قد توحي به, بما ان المعركة كما اوضحنا هي معركة طبقة عاملة منتفضة من أجل حقوقها و اهدافها الطبقية المباشرة ضد الهيمنة الإمبريالية و وكلائها المحليين و تعبيرتها السياسية الإسلام السياسي . لعل أهم إستنتاج هو مضي هذا التحالف الرجعي الحاكم, منذ حكومة الغنوشي واحد إلى حكومة مهدي جمعة اليوم , في مشروع القتل في المهد لكل إنتفاضة جديدة قد تهدد إستقرار مصالح الإمبريالية في القطر و في المنطقة العربية مع إتضاح ملموس لدى هذا التحالف الرجعي أن جنين الثورة الوطنية متمسك إلى حد الآن بحقه أن يرى النور .

فكل متتبع لحادثتي إغتيال الرفيقين الشهيدين شكري بالعيد و محمد البراهمي على علم بتلك الوثيقة التي كشفت عنها المبادرة للبحث عن حقيقة إغتيال شكري بالعيد و التي بعث بها جهاز المخابرات الأمريكية بتونس و تنبه وزارة الداخلية من أن عناصر سلفية متشددة تنوي إغتيال الرفيق البراهمي ثم يجب أن نتذكر ايضا علم المخابرات البلجيكية و الفرنسية بمخطط إغتيال الرفيق شكري بالعيد و هو ما جاء على لسان أحد البرلمانيين داخل البرلمان في اليوم الموالي من الإغتيال. ألم يكرم اليمين الفرنسي منذ أربعة سنوات فقط عميل اليد الحمراء الذي إغتال الزعيم الوطني فرحات حشاد قبل وفاته بأسابيع من أجل الخدمات الجليلة التي قدمها للسياسة الإستعمارية الفرنسية ؟ لا شيء تغير سوى أن الإجرام الدولي الإمبريالي صنع عملاءا محليين داخل اقطارنا تعبيرتهم اليساسية الإسلام السياسي و لعل ملف العميل مرسي العياط و جماعته في مصر الدليل الملموس و مكتمل الصورة عن ذلك .

هكذا علمتنا التجربة الثورية في القطر التونسي منذ إنتفاضة 17 ديسمبر - 14 جانفي . و تلك هي مؤامرة التحالف الثلاثي الامبريالي الصهيوني الوهابي من أجل اجهاض كل نفس ثوري وطني معادي لمشروع التقسيم الجديد لمناطق النفوذ و الثروات في المغرب العربي و الشرق الأوسط .


إغتيال الرفيق شكري بالعيد جريمة دولة

لقد قاد مسار الإلتفاف منذ إنطلاق الانتفاضات العربية القوى الليبرالية العميلة من بقايا النظام في كل من مصر و تونس إلى تسلم السلطة عبر لعبة الإنتخابات المزورة بالمال السياسي و الدعم الدبلوماسي و اللوجستي للقوى الإسلامية العميلة في أغلب الأقطار المنتفضة في إطار ما يسمى بالمرحلة الانتقالية ؛ أما العدالة الإنتقالية في ليبيا و سوريا فهي عبر الفتوحات الإسلامية الحديثة بمعسكرات القاعدة و الجماعات الوهابية التكفيرية الممولة من طرف الدول المعادية للثورة من أمريكا إلى أقل الدول شأنا في العالم ، فالعدالة الإنتقالية هي حقيقتها الطبقية الملموسة تحولت إلى إلتفاف إنتقالي بفعل هذا التدخل الإمبريالي ، تمهيداً لمشروع أفغنة هذه الشعوب و القضاء كلياً على مكتسباتها الحضارية و ما راكمت له من تجربة ديمقراطية و قتل لمشروع التحرر الوطني في المهد .

لقد أصبح من الواضح و الجلي في أعين الطبقة العاملة الطابع المعادي و العميل لهذه القوى الإسلامية الرجعية لكل مشروع وطني تحرري لقد أصبحت الحرب الأهلية الداخلية بتوظيف الحركات الإسلامية هي البديل الإستراتيجي للحرب الاستعمارية المباشرة لدى الإمبريالية تبرم من ورائها الصفقات المشبوهة و اللاوطنية المعادية لمصالح الطبقة العاملة .
لقد نشأت الجبهة الشعبية من هذا الوعي بالمضمون الطبقي لهذا العنف الرجعي في بعديه الطبقي و السياسي و رهاناته و تهديداته و الوعي بهذا التناقض الرئيسي جعل القوى الوطنية الديمقراطية أكثر إصرارا على إكمال مسارها الثوري و على مزيد الإلتحام بالجماهير و الرفع من وعيها و قدرتها الكفاحية في وجه هذه الآلة الإمبريالية الاستعمارية و أذنابها المحلين و صنيعتها الحركة الإسلامية الوهابية العميلة و مشتقاتها الارهابية الضلامية .
لذلك فمن البديهي أن تنخرط من أجل ترويع الشعب المنتفض و اثنائه عن المضي قدماً نحو اهدافه الطبقية عن طريق الإحتجاج و الإنتفاضة و الثورة الوطنية المنظمة في مرحلة متطورة من الصراع و لعل ما يسمى ب" رابطات حماية الثورة" ابلغ تعبير على هذا المشروع و عن آلة القمع تلك و التي لا تعدو أن تكون ميليشيات حزبية من المجرمين المحترفين مدفوعي الأجر و المنظمين بشكل عسكري و المحميين من قبل السلطة ذاتها , منظمة إرهابية فوق القانون و خارجة عن سلطة الدولة . لعل ملف الإعتداء على مقر الإتحاد العام التونسي للشغل الرئيسي و مقراته الجهوية و المحلية أبرز دليل على ذلك.

إلى الآن مازالت القوى الإصلاحية و الليبرالية التي لم تستوعب الدرس الطبقي و السياسي من إغتيال الرفيقين الشهيدين شكري بالعيد و محمد البراهمي و مازالوا يطالبون بلجنة تحقيق مستقلة من حكومة هي في شكلها و مضمونها و طريقة تنصيبها إمتداد للحكومات العادية للمسار الثوري منذ رحيل بن علي و إمتداد عضوي لحكومة النهضة , فيسوقون عن قصد أو عن جهل إلى حيادية هذه الحكومة و إلى الإدعاء بأنها حكومة تكنوقراط محايدة غير محزبة . لكن ما هو مؤكد هو أنه ستكون حجتهم في ذلك إحراج الحكومة الجديدة مثل حججهم حول التحالف الواسع مع القوى الليبرالية الحداثوية و العميلة في إطار التكتيك المباشر .
كيف نطالب أناسا أن يقفوا على الحياد في قضية إغتيال هم المسؤولون المباشرون عنها و هم المتهمون الأول في الضلوع فيها كيف نطلب من شخص أن ينصف شهيدا هو لا يعتبره شهيدا في الحقيقة أو بل هو من أفتى في قتله ؟
كيف نطلب من مسؤول في صلب جهاز من أجهزة الدولة أن يقف موقف العادل و المنصف في قضية جريمة دولة و الأمن بذاته يشكو من التعيينات الحزبية و التدخل المباشر في القرار الإداري و الإختراقات و من قضاء يعاني مشاكل أعقد و أخطر من ذلك حيث تحزيبه و إخضاعه للحكومة و القرار السياسي تتم دسترته دون حياء .

و هاهي حكومة جمعة إنطلقت في الضحك على الذقون بافتعال أحداث القضاء المجموعة الإرهابية المتحصنة في جهة أريانة-رواد التي من المفترض أن يكون قاتل بالعيد من بين عناصرها مستعملة بذلك ملف الشهيدين شكري بالعيد و محمد البراهمي لتسوق لنجاحاتها كحومة تكنوقراط إنتقالية في الاسبوع الأول من مسكها بالسلطة قبل تنطلق في مسار الإثبات عن فشلها و تحزبها و انحيازها لحركة النهضة و المخطط الإمبريالي الإستعماري في القطر .
بل إن انحيازها يكمن في الحادثة ذاتها من خلال النية الواضحة في طمس أكثر للحقيقة حول الإغتيالين بقتل القاتل و مغالطة الراي العام على الطريقة المخابرتية الأمريكية لنتذكر قصة كينيدي و قصة بن لادن . لكننا علينا في نفس الوقت أن نتذكر قصة طوماس سانكارا الوطني الديمقراطي و الإشتراكي الذي أغتيل بأيدي العمالة و بأمر إمبريالي فرنسي-أمريكي.
لذلك فإن التعتيم المتعمد و التهميش الممنهج لملف الإغتيال السياسي في حق الشهيدين الوطنيين هو الحل الأمثل لبيروقراطية الدولة الكمبرادورية العميلة و الحكومات الوليدة من رحم بعضها البعض لمدى خطورة الكشف عن تلك الحقيقة و تورط عدة اطراف محلية و خارجية في تلك الجريمة في حق الطبقة العاملة ككل و مشروع التحرر الوطني و الإنعتاق الإجتماعي .



من المؤكد أن الليبرالية و الإصلاحية و الإنتهازية و البورجوازية لا تريد أن تظهر هذا الجانب الثوري المتعلق بشخص الرفيق الشهيد شكري بالعيد و البعد الطبقي و السياسي العميقين لحادثة إغتياله بل تعمل على تسطيح هذا الجانب من خلال حصر رمزيته في اغنية "حياك بابا حياك" و لوغو الشنب العريض الأسود فوق البياض و بعض فيديوهات من المداخلات النارية ضد خصومه السياسيين في البرامج التلفزية و بذلك إفراغ القضية من محتواها الطبقي و النضالي و الثوري , خاصة من طرف الإعلام الليبرالي الأصفر الذي إشتراه الكمبرادور بما فيه من طاقات و مثقفين و أيضا بعد فشل التحالف الواسع و الحوار الوطني و العودة غلى النقطة الصفر و التشتت الذي أصاب من جديد القوى المناضلة داخل الجبهة الشعبية . اما عن نضال الشهيد السياسي الحزبي فإن رفاقه الحزبيين و الأكثر معرفة به عن قرب و المدافعون عن الحقيقة دون زيف و الذين لا تعنيهم الحسابات الضيقة فسوف ينصفون الرفيق دون مغالاة أو سكتارية من ألائك الماركسيين اللينينيين و الوطنيين الديمقراطيين الحقيقيين .



#معز_الراجحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ستالين و بلشفة فروع الأممية الشيوعية - فيلي كوسينن- ترجمة مع ...
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي
- إلى قائد النضال الطبقي رساله من رئاسه اللجنه التنفيذيه للامم ...
- إلى الذي أعطى كل قواه، كل طاقته وكل معرفته لقضية الطبقة العا ...
- و سلمت سفينة نوح الى -جمعة -
- من أين تأتي حجج الماويين الخاطئة ؟ هل تدافع الماوية و هل يدا ...
- حول التقاطعات السياسية والتحالف السياسي :تكتيك ثوري أم تكتيك ...
- حول الإنتفاضة التونسية القادمة : تمرد أم إئتلاف شباب ثوري أم ...
- حول الإنتفاضة المصرية الثانية :أية شعارات و أية أهداف ؟
- في ذكرى مئوية ميلاد جوزيف ستالين أنور خوجة - ذكريات - ترجمه ...
- تروتسكي و التروتسكية داخل الحركة الشيوعية الفرنسية الجزء الأ ...
- هل تدافع الماوية و هل يدافع الماويون فعلاً عن الرفيق ستالين ...
- ناظم الماوي و رقصات الديك المفضوح


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - معز الراجحي - في المغزى الطبقي لاغتيال الرفيق شكري بالعيد