أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امال طعمه - لحظة انتحار















المزيد.....

لحظة انتحار


امال طعمه

الحوار المتمدن-العدد: 4357 - 2014 / 2 / 6 - 15:26
المحور: الادب والفن
    


ما زال يدون تلك اللحظات الاخيرة من حياته ،حياة بطل قصته التي يريد انهاءها بنفسه،نعم يريد الانتحار..
أليس أفضل من العيش بذل وانكسار، يظنون أن لحظة الأنتحار ضعف وجبن وتخاذل ولكنني أراها لحظة قوة رهيبة لحظة انفجار ، لحظة قوة مدمرة فكيف يستطيع شخص أن يتغلب على حبه للحياة ولتنفس الهواء الذي اعتاده كيف يستطيع أن يتغلب على رغبته بأن يعيش بل وأن يعيش للأبد كيف يستطيع انسان أن يتغلب على مثل هذه المشاعر ويكون ضعيفا متخاذلا، أظن هذا الانسان المنتحر قويا فقد استطاع السيطرة على مشاعر ضعفه تجاه الحياة وتجاه الأمل ! لينهي حالة بؤس شديد اعترته !لا أظن أحدا ينتحر فجأه فهو قراره منذ الصغر يهرب منه ويظل يهرب حتى يقرر أخيرا ويجد القوة لا الضعف لتنفيذ القرار المتأخر،توهمه الأيام بأنه يستطيع المضي قدما في الحياة يظل ينتظر الأفضل الأحسن أحيانا ينتظر الحل الوسط كما يقولون ليجده مجرد تلهية عن واقعه الأليم وأنه مجرد وهم يتمسك به حتى ينفذ قراره أخيرا بالمغادرة والرحيل للأبد،وترك كل شيء على حاله فلعل برحيله تصبح الأشياء حقا أفضل! لقد انتظر لحظة القوة المدمرة طويلا كل يوم يمر يظن بأنه أصبح أقرب للنهاية ، ويعود مجددا لنقطة البداية ، يعود لتشبثه بالأمل وبالأحلام وبالحلول الوسط الوهمية، تقنعه بعض الكلمات بالإستمرار ظنا من قائليها بأنهم يساعدونه على التغلب على صعوبة حياته، لايعرفون أنهم يبعدون بها سحر الموت والفناء!
ينظر لصليب ذهبي موضوع فوق مكتبه الصغير، أليس مافعله قوة وليس ضعفا بأن صلب نفسه! فهل كان ضعيفا لانه رضح لمشيئة الإله!لقد أمات نفسه عارفا بقيامته!أما هو فإذا أمات نفسه فهل هو حقا عارف بما سيأتي!لقد صلب نفسه فداء عن البشر أليس هذا ما يقوله الإنجيل! أما هو فلمَ يصلب (يميت) نفسه فداء عن ماذا؟ عن روحه المعذبة!
أهي خطية إن رضخ لشجون نفسه ، منذ أيام بعيدة وتلك الصورة في ذهنه، مسدس يصوبه تجاه رأسه ، يحاول أن يمحيها من مخيلته لتعود وتحتل فكره من جديد مع أية لحظة انكسار وانهزام وما أكثر لحظات انهزامه أمام نفسه!
حاول أن يتصالح مع نفسه مرارا مع الأيام مع كل شيء من حوله لكنه لم ينجح!
الكذب الذي يرتسم على وجوه الناس يحيره ويحيره أكثر حينما يكون بدون مبرر، الخداع المتواصل لانفسنا نخدع انفسنا كم مرة باليوم ؟ هل أقول عشرة ، مئة ،مليون؟؟
ترى البؤس يحيط بك من كل جانب ، الدموع التي تنسكب حزنا أو فرحا والتي سرعان ما تؤول الى النسيان الى عالم الماضي ،فلا شيء باق لا الشعور ولا الجسد الذي امتلك الشعور ،لانمسك شيئا حقا في أيدينا ، ندور في الدائرة نفسها ،حقا ما النهاية؟
فلم نريد التمسك بتلك الحياة الغريبة التي بلا معنى؟ هل يعرف أحد معنى أو سبب للتمسك بالشقاء في هذه الحياة؟أه..
كل تلك الآهات منذ بداية الكون ! هل لها منتهى !
نحن نجري في هذه الحياة والمنتهى واحد ! فأي منا سيكون مصيره مختلفا حقا!سواء تعبنا أم لن نتعب!
مافائدة التعب والشقاء والبؤس هذا كله!
نقنع أنفسنا بأننا راضيين وقانعين بنصيبنا من الحياة!هل هو حقا نصيبنا!هل حقا نحن نرضى عن أحوالنا! لو نظرنا لدواخلنا نجد رغبة عميقة بإنهاء المأساة التي لا تنتهي !
طرقات خفيفة على الباب أبعدته عن أفكاره، وضع قلمه بجانب الأوراق المتكدسة من زمن ،زمن طويل!
كانت زوجته .
- ألم تنتهي بعد يا زوجي العزيز!قالتها وابتسامة راضية على وجهها،لكنه أحس بأنها أرادت أن تقول له يا زوجي الذي أرغب بموته!
-لا..
- لا أعرف لماذا تصر على كتابة قصتك هذه التي لا تنتهي على الورق لماذا لا تستخدم الكمبيوتر ؟
- أنا من الطراز القديم ..
- حسنا لقد حان موعد العشاء.. ألست جائعا؟
ابتعد عن مكتبه وراح يلف عجلات كرسيه المتحرك في طريقه نحو الباب ،أرادت زوجته مساعدته ولكنه لم يسمح لها كالعادة!فخرجت قبله.
كانت ابنته الوحيدة قد عادت من عملها المتأخر ، وتجلس على طاولة العشاء .
سمعها وقد بدأت بالحديث لأمها عن يومها وعن مديرها النكد، لكنها التفتت اليه وتحولت الشكوى في عينيها الى ابتسامة وقالت مخاطبة أبيها:
- لقد طلبت لك اليوم كرسيا متحركا كهربائيا مثل الذي كان لديك وتعطل ،أعرف أنك كنت تفضل الكرسي الكهربائي فهو مريح اكثر!
مريح أكثر ! وهل هناك راحة أكثر من التي أنا فيها! غير أنني لست مرتاحا هكذا فكر.
ابتسم لها ،أراد ان يشكرها ولكنه لم يفعل!
فكر في نفسه،ابنتي العزيزة التي لم أستطع انجاب غيرها !شكرا لك ،أنت ترجعينني الى حالة الأمل الى حالة حب الحياة الى حالة الضعف انت تؤجلين لحظة قوتي ! وتنمين الضعف فيَ تجاه الحياة الذي يكبر كلما أرى البسمة في عينيك !
ابنته الوحيدة لم تكمل تعليمها ،رغم أنها كانت تحصل على الدرجات الأولى دوما،آثرت الذهاب إلى معهد السكرتاريا لتحصل على وظيفة بسرعة ،وبراتب عالي تساعد به أمها المعلمة التي تحملت العبء وحدها طيلة تلك السنوات الماضية، السنوات الأثني عشر التي مرت بعد الحادث!لم تتذمرابنته من حظها!ولم تتذمر زوجته طيلة السنين تلك، لربما هذا ما يغيظه !
لربما يريد منها كلمة غضب تسرع في قراره بالرحيل، لربما أراد منها الشكوى المستمرة ليعظم من هول مأساته لكنه لم ير كل هذا بل رأى كل صبر واخلاص ومحبة!
من أين لهم هؤلاء كل هذا الصبر وكل هذا العطاء؟
التفت يسارا فرأى صليبا كبيرا معلقا على الحائط، وفكر ما أكثر الصلبان في بيتنا! وكأنها تحاول الايحاء بشيء معين!
جلسوا يشاهدون التلفاز، كانت زوجته تتابع احدى المسلسلات ، أما هو فكان يتظاهر بأنه يتابعه معها! ما أصعب التظاهر بحب شيء لا تحبه ،سأل نفسه وهل علي أن اتظاهر بذلك؟
أنه نوع من المشاركة ، مشاركتها في شيء تحبه، فأنا لم اعد قادرا على مشاركتها بأي شيء اخر!
تأمل زوجته ، كانت راضية مبسوطة قانعة بحياتها.
لماذا ليست حزينة؟ هل تتظاهر هي الاخرى مثلي؟
نظر الى الصليب مرة اخرى، وفكر هل صلبت احزانها واحلامها لتعبر الحياة بسلام؟هل تجاهلت ألمها حتى تسعد الاخرين؟ وهل صلبت رغباتها حتى تظل على وفائها ؟
هل علي أن اصلب أنانيتي أنا أيضا؟ لم يكن يوما يعد نفسه من المؤمنين ولكنه لم يكن ملحدا .
عاد إلى غرفته وراح يكتب ،دخلت زوجته عليه وسألته عن قصته:ألم تنهها بعد؟
-لا،لا أظن أنني سأنهيها الليلة ،ربما في الغد..
ساعدته في الذهاب إلى السرير، غفت هي أما هو فراح يفكر في ملامح قصة أخرى لها نهاية !




#امال_طعمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العداد
- مشاعر أم
- اضواء ...على وضع المرأة
- اضواء.. على تحرر المرأة
- من هذه الحياة(3)اوهام رجل..
- ترهات فيسبوكية
- من هذه الحياة(2).. وجاء الموعد
- نحن والسر الفيروزي!!
- قميص أسود
- من هذه الحياة(1).. بانتظار الخبر السعيد
- تمرد تحت المطر


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امال طعمه - لحظة انتحار