أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - اسطورة قرآن مكة وقرآن المدينة؟















المزيد.....

اسطورة قرآن مكة وقرآن المدينة؟


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4357 - 2014 / 2 / 6 - 00:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وفقا للتقليد الإسلامي، ولد النبي محمد (واسمه الحقيقي هو قثم بن عبداللات) في مكة عام 570. وقد "نزل عليه الوحي" لأول مرة وفقا للرأي الراجح في ليلة 27 رمضان لسنة 13 قبل الهجرة (الموافقة 27 اغسطس 610 ميلادية) المعروفة بليلة القدر ويشير اليها القرآن في الآيات 25-97 : 1-5 وتسمى الليلة المباركة في الآية 64-44 : 3. وقد هاجر النبي محمد من مكة في التاسع من سبتمبر 622 متوجها نحو المدينة (واسمها سابقاً يثرب) التي زارها أولا في 24 سبتمبر، ثم أقام فيها بداية من الرابع من أكتوبر. وتعتبر هذه السنة نقطة انطلاق التقويم الإسلامي الهجري الذي بدأ في 16 يوليه 622 (الموافق لأول محرم). وتوفي النبي في المدينة في 8 يوليه 632.

وعلى رأي الأزهر، فإن عدد السور التي "أُنزِلت" على النبي قبل الهجرة يبلغ 86 سورة، وتُكوِّن ما ندعوه بالقرآن المكي. وعدد السور التي نزلت بعد الهجرة 28 سورة، وتكون ما ندعوه بالقرآن الهجري (أو المدني). ولكن يجب أن نشير هنا الى أن القسم المكي لا يتضمن فقط الآيات التي "نزلت" قبل الهجرة. فهناك 35 سورة مكية تتضمن آيات "نزلت" بعد الهجرة.

وقد تم تجميع القرآن بصورة غريبة عجيبة دون الالتزام بالتسلسل الزمني "للنزول" بل تقريبا وفقا لطول السور مع استثناءات اهمها وضع الفاتحة في أول القرآن رغم أنها تحمل رقم خمسة في تسلسل النزول وفقا للتقليد الإسلامي . وتم وضع سورة العلق والتي هي أول ما نزل من القرآن في المرتبة 96. ورغم التواتر في نشر القرآن وفقا لهذا الترتيب الغريب العجيب، فإن الفقهاء يعتبرون معرفة السور المكية والسور المدنية من شروط الفقيه، خاصة للتفريق بين الآيات الناسخة (التي نزلت أولاً) والمنسوخة (التي نزلت لاحقاً). ولذلك يتم عامة ذكر ترتيب السور وفقا للترتيب الزمني للنزول. وقد وضع الفقهاء المسلمون ضوابط للتفريق بن الآيات المكية والآيات المدنية وهي كما يلي:
1) كل سورة فيها لفظ "كلا" فهي مكية وقد ذكر هذا اللفظ في القرآن ثلاثا وثلاثين مرة في خمس عشرة سورة كلها في النصف الأخير من القرآن.
2) كل سورة فيها سجدة فهي مكية لا مدنية.
3) كل سورة في أولها حروف التهجي فهي مكية سوى سورة البقرة وآل عمران فإنهما مدنيتان بالإجماع. وفي الرعد خلاف.
4) كل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم السابقة فهي مكية سوى البقرة.
5) كل سورة فيها قصة آدم وإبليس فهي مكية سوى البقرة أيضا.
6) كل سورة فيها يا أيها الناس وليس فيها يا أيها الذين آمنوا فهي مكية مع بعض الاستثناءات.
7) كل سورة فيها الحدود والفرائض فهي مدنية.
8) كل سورة فيها إذن بالجهاد وبيان لأحكام الجهاد فهي مدنية.
9) كل سورة فيها ذكر المنافقين فهي مدنية ما عدا سورة العنكبوت. وفي الحقيقة تعتبر سورة العنكبوت مكية ما عدا الآيات الإحدى عشرة الأولى منها فإنها مدنية. وهي التي ذكر فيها المنافقون.

ولتسيهل قراءة القرآن قمنا بطابعته وفقا للتسلسل التاريخي (حملها من هنا http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315 ). وهذه أول مرة في التاريخ يتم فيها طباعة القرآن باللغة العربية بهذا الأسلوب. وقد بنى المفكر السوداني محمود محمد طه فكرته في اصلاح المجتمع الإسلامي واخراجه من الورطة الحالية على تقسيم القرآن إلى قسم مكي وقسم مدني، مطالبا بالرجوع لقرآن واسلام مكة المسالم وترك قرآن واسلام المدينة العنيف الذي يخالف حقوق الإنسان (أنظر كتابه الشهير "الرسالة الثانية من الإسلام" http://www.alfikra.org/book_view_a.php?book_id=10). إلا ان دعوته هذه لاقت رفضا تاما من قِبَل الأزهر والهيئات الدينية الإسلامية الأخرى فألبت عليه السلطات القضائية السودانية التي قامت بشنقه في 15 يناير 1985.

وقد احتج بعض قرائي الغربيين على هذا التقسيم معتبرين ان قرآن مكة ليس مسالماً ويحمل في طياته بذور العنف والتمييز بين المسلم وغير المسلم. ويعطون مثالا على ذلك سورة الفاتحة التي تقول: "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ". فوفقا لكثير من المصادر السنية والشيعية، إن لم يكن أكثرها، تشير عبارة "الذين انعمت عليهم" إلى المسلمين، وعبارة "المغضوب عليهم" إلى اليهود، وعبارة "الضالين" إلى النصارى. وهذا بطبيعة الحال تحريض على البغض تجاه النصارى واليهود. وهنا القرآن لا يختلف عن النازية التي تفرق بين الجنس الآري الذي يحتل المنزلة العليا والجنس غير الآري الذي يحتل المنزلة السفلى. وهناك آيات مكية كثيرة تفرق بين المسلمين والكافرين. وهو تفريق بغيض لا يمكن على أساسه بناء مجتمع المواطنة المبني على المساواة مهما كانت ديانة الأفراد.

وهذا الاحتجاج مشروع. فالقرآن المكي ليس كله عسل. ولا بد من تنقيته من الشوائب. ولكن يمكن القول بأن الغاء قرآن واسلام المدينة خطوة ايجابية للأمام لتخليص المجتمع الإسلامي من كثير من الشرور التي نتجت عنه والتي ما زلنا نعاني منها اليوم.

ولكن الاعتراض الأكثر اهمية يتعلق فيما اذا كان هناك فعلا قرآن نزل في مكة وقرآن نزل في المدينة. فبعض الباحثين الغربيين يرفضون جملة وتفصيلا تقسيم القرآن إلى مكي ومدني. فهذا التقسيم يعني ان هذا النص مرتبط بشخصية محمد ومرحلتي حياته في مكة قبل الهجرة (والتي يمكن وصفها بالمسالمة وذات طابع اخلاقي) وحياته بعد الهجرة في المدينة (والتي يمكن وصفها بالعنيفة وذات طابع تشريعي)، ولذا لا بد ان يعكس القرآن التحولات التي عاشها في المرحلتين. وهذا يعني أيضا وجود وحدة في النص القرآني. ولكن هناك شك في ذلك. فقد يكون القرآن مجرد تجميع قصاصات يشوبها التكرار مرارا من اوساط وعصور مختلفة لا يجمع بينها إلا عنوان الكتاب تم التأليف بينها لتعكس وحدة كتابية ولكن دون نجاح. فالسور تختلف اختلافا شاسعا بين بعضها البعض فيما يخص الإنشاء والمضمون، وهذا الاختلاف بائن حتى ضمن السورة الواحدة. وليس هناك دلائل قطعية تؤكد بأن سورة أو آية معينة تنتمي إلى المرحلة المكية أو المرحلة المدنية، وهو امر يعترف به الفقهاء المسلمون ذاتهم.

اضف إلى ذلك أن هناك من يشك في الرقعة الجغرافية التي يرتبط بها القرآن (أي الحجاز)، لا بل في وجود محمد ذاته كشخصية تاريخية. فقد يكون النص القرآني منتوج منطقة الشام لأن المخطوطات المتوفرة من القرآن كتبت بالخط العربي السائد في تلك المنطقة بينما الخط السائد في الحجاز هو خط جنوب الجزيرة العربية وليس لدينا أي مخطوط قرآني بذاك الخط. كما انه ليس هناك دلائل على أن مكة كانت مدينة تجارية كما تصورها المصادر الإسلامية في القرن السابع، ومحمد ذاته قد يكون شخصية مختلقة. فالقرآن لم يذكر اسمه إلا في الآيات المدنية التالية 89-3 : 144 و 90-33 : 40 و 95-47 : 2 و 111-48 : 29، بينما ذكر اسم عيسى 25 مرة و 11 مرة بلقب المسيح. والمصادر التاريخية الإسلامية المكتوبة تعود الى قرابة قرنين بعد وفاة محمد (عام 632) ولا يمكن التحقق من مدى صحة تلك المصادر. وكذلك الأمر فيما يخص كتب الحديث. فابن هشام، مؤلف السيرة النبوية، توفي عام 833، ويعتقد أن كتابه مجرد اختصار لسيرة ابن اسحق التي فقدت، وقد توفي ابن اسحق عام 768. والبخاري، صاحب الصحيح الشهير، توفي عام 870، أي 238 سنة بعد وفاة محمد.

والأهم من كل ذلك هو موضوع النزول. فإن كانت بعض الآيات تنتمي إلى ما يسمى بسجع الكهان المعرف في الجزيرة العربية ومرتبطة بشخصية مضطربة اطلق عليها محمد بعد النبوة (واسمه الحقيقي هو قثم بن عبداللات)، فغالبية النصوص القرآنية يمكن اعتبارها سرقات أدبية، وهو امر معروف في كل الثقافات حتى في عصرنا هذا، تماما كما سرق مؤلفو التوراة أساطير ما بين النهرين. ولا أكون مبالغاً إن قلت أن 80% من نصوص القرآن مسروق من النصوص اليهودية والنصرانية وغيرها نُسبت لغاية في نفس يعقوب إلى الله. ويمكن الآن ارجاع أكثر تلك النصوص المبتورة والمشوهة إلى مصادرها. وهو ما قمت به في هوامش طبعتي العربية للقرآن مما لا يدع أي مجال للشك في أنها نصوصا مسروقة.

يمكن اذن القول أنه من المستحيل تقسيم القرآن إلى قرآن مكي نزل في مكة، وقرآن مدني نزل في المدينة. وكل ما يمكننا قوله أنه يمكن تصنيف نصوص القرآن في خانتين: نصوص مسالمة، ونصوص عنيفة. وهو امر ينطبق ايضا على نصوص التوراة.

وإن صح هذا القول، فما فائدة طباعة القرآن بالتسلسل التاريخي، إذا لم يكن هناك تسلسل وإذا كان القرآن مجرد تجميع قصاصات متناثرة؟ والجواب يكمن في كون طبعتي العربية للقرآن تتبع ما يجمع عليه المسلمون في أن القرآن ينقسم قسمين، قسم مكي وقسم مدني، وأن هناك تباين شاسع بين القسمين. فأنا لم اخترع شيئا من عندي، بل اقسم القرآن وفقا لما يقترحه الأزهر ذاته وما هو مذكور في جميع المصاحف المطبوعة المتوفرة اليوم مع اختلاف هام هو أني لا اكتفي بذكر رقم السورة بالتسلسل التاريخي (كما في الطبعات المصرية والسعودية مثلاً) بل قمت بترتيب تلك السور وفقا لما تقوله هذه الطبعات حتى يظهر للعيان ما هي السور التي يمكن وصفها بسور مكية وبسور مدنية. وقد أضفت إلى هذه الطبعة إشارة إلى اختلاف القراءات والناسخ والمنسوخ والأخطاء اللغوية والإنشائية ومصادر النصوص القرآنية كما اني اقدم للقارئ النص القرآني غير منقوط وغير مشكول كما نجده في مخطوطات القرآن المتوفرة اليوم. فإذا ثبُتَ بطلان تقسيم الفقهاء المسلمين تكون المشكلة فيهم لا في عملي، وهذا لا ينقص من اهمية المعطيات الأخرى التي اضفتها إلى طبعتي والتي لا تتوفر في أي طبعة أو ترجمة للقرآن.

د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
كتبي المجانية : http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14
حملوا طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي والرسم الكوفي المجرد : http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315
حملوا كتابي عن الختان : http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131
ومن يجد مشكلة في التحميل أو يريد التبرع لهذا المشروع، يمكنه الاتصال بي على عنواني التالي:
[email protected]






#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين اسلام مكة واسلام المدينة
- الزواج المختلط بين مسيحيين ومسلمين
- بين محمود محمد طه وتزويق الإسلام
- 18 يناير 1985 شنق محمود محمد طه
- دروس من سويسرا 1: فصل الدولة عن الدين
- اعتذار للمساطيل
- وما على الرسول إلا البلاغ المبين
- اهديكم القرآن بالرسم الكوفي المجرد
- محمد من نبي الى زير نساء وسفاح
- امنيتي هذا العام انتهاء الإسلام
- مشكلة فهم القرآن والكتب المكدسة الأخرى
- هل نضع القرآن في المتحف أم في المزبلة؟
- نعم ضعوا القرآن في المتحف
- قرآن بدون تنقيط وبدون تشكيل
- ضرب الله بالحذاء 2
- ضرب الله بالحذاء
- الى أي مدى الصراحة مع المسلمين؟
- الدين الفنكوش والخطر الداهم
- ما فائدة الحوار مع المسلمين؟
- أين الخطأ: في الإسلام أم في المسلمين؟


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - اسطورة قرآن مكة وقرآن المدينة؟