|
صور وحكايات
محمد أيوب
الحوار المتمدن-العدد: 1238 - 2005 / 6 / 24 - 12:10
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة 1 – الورود تدافعت الورود في الشوارع وتزاحمت ، تسابقت الورود تملأ الشوارع بعبق الفجر الندي ، حتى البراعم الصغيرة تدافعت لترسل شذاها عطراً يملأ الأفق، ويغطي الأرض ببساط ندي لتسير فـوقه الشمس دون أن يخدش الشوك قدميـها الطـريتين ، وتـطل الشمس من بعيد ، تطل في حذر وفي خجل ، في حذر لأن الأشواك اللعينة التي تنتشر في كل مكان تخز أصابع اليد والقدم إذا تـحركت في الاتجاه الصحيح ، لكن الورود تقف لهذا الشوك اللعين بالمرصاد ، تقصفه ، تحوله بصاقاً تلقي به ، تقذفه في وجه العتمة ، تذيبـها ليقترب الفجر ويكتمل تفتـح كل الورود . 2 – الأشواك باتت الأشواك تملأ المكان ، الأرض والسماء ، حتى الهواء بات يحمل تلك الأشواك اللعينة ، يبصقها فتئز ، تنز دماً ، فيضاً طوفاناً يغرق سطح الأرض، يتدفق نهراً يجري ، يبـحث عن مصب ما زال بعيداً ، والطريق فيـها كثير من التعرجات والانحناءات ، الارتفاعات والانخفاضات ، والأشواك تكابر ، تطلقها أيد اعتادت قطف الورد قبل الأوان ، تطلقها نحو الأقدام ، لكن الأشواك الملعونة تضل طريق القدمين ، تجذبها الرأس ، للرءوس جذب خاص أقوى من جاذبية الأرض ، تتدحرج الورود وتتبلل الأشواك بالدم ، تبرد تطفئ ظمأها الأزلي الأبدي ، وتنز رءوس الورد الأحمر ، تنز ألماً ، دماً ينتشر فوق الأرض ليرسم خريطة للوطن ، تمسح آثار الشوك الملعون ، تمحو بصمات الشر ليسود الخير ويعم الأمن جميع الناس . 3 – الهواء الأصفر لا ينكر إلا جاحد أن الحضارة الغربية أتحفتنا بالكثير الكثير ، فالشوك نعمة لا ينكرها أحد ، وكذلك فكرة المعلبات التي لولاها ما استطعنا الاحتـفاظ بطعامنا مدة طويلة دون أن يتلف ، ومن معلبات هذه الحضارة تلك المعلبات التي تنطلق في الجو لتفسو هواءً أصفر في وجه الورد والريحان الذي يحاول أن يتمرد على عنصر الزمن ويتفتح قبل الأوان ، فست عدة علب هواءها الفاسد في الفضاء بين الورود والرياحين ، داخ الورد بحب الوطن ، سالت الدموع من عيون وردات صغيرات لتـغسل ثيـاب الوطن من دنس دائم ، من وجع يعشش في الأعمـاق ، تطايرت الورود هنا وهناك ، لكن وردة أكبـر سناً اندفعـت نحو علبة من علب الحضارة الغربية ، أمسكت بها وردتها إلى مصدرها ، فست العبة هواءها في وجه من أرسلـها أول مرة ، سالت دموعه قطراناً أسود لوثـه بالعار ، جرى خزياً ، لاحقه الورد ، لاحقه الورد ليغسل عاره ، ولكنه ظل يجري بلا وعي . 4 - البصل النسوة في حارتنا لهن فضل كبير على ورود الحي ، فقد اكتشفت النسوة دون معامل أو مختبرات أن للبصل فوائـد جمة ، فأخذن يخزن البصل بكميـات كبيرة في صناديق مفتوحة لحين الطلب ، وحين تنطلق الورود في الشوارع لتنسج ثوباً للوطن ، تجهـز النسوة حبات البصل ، فقـد عرفت النسوة وبقدرة قادر أن البصل يبطل مفعول ذلك الفساء الغريب ، فساء الحضارة الغربيـة ، فحين يختلط الحابل بالنابل ، الشوك بالورود ، المسامير بالدم ، الأبيض بالأسود ، الخير بالشر، الفساء بريح العطر ، يلزم البصل ، تقذف النسوة الأبصال في عرض الشـارع ، تدق المرأة رأس البصلة بقوة ، ينفتح ليسيل الرأس ، تدمع عينـاها ، تمسح الدمع بطرف كمها ، تقذف البصلة لتدق الأخرى ، يتناول الورد الأبصال المقذوفة ، يشم رائحتها ، فيزول بريح البصل الدمع الناتج عن فساء الغرب الكابح .
5 – الشـمس بدأت الشمس تزيح برقع الحياء عن وجهها قليلاً قليلاً ، فالعريس المنتظر يدق باب الشمس بعنف ، يدعوها أن تهتك ستر العتمة ، والشمس يتنـاوبها قلـق وأمل ، والعتمة اللعينة تقاوم النور القادم بكل قوتها ، تريد أن تمنـع الورود من التفتح ، يشتد الدق على باب الشمس ، تستيقظ .. تستيقظ .. تصحو ، تتثاءب فتهب رياح الورد ، تشم لون الورد ورائحته ، تتذوق طعم تفتحه ، تسمعه خطوات واثقة بالغد ، فتزيل الشمس بقايا البرقع ، تتهيأ لعريس الغد .. الأمل الوعد ، ويعم النور جميع الأرض .
#محمد_أيوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المؤسسات غير الحكومية بين التجني والجناية
-
الشبح
-
لماذا كل هذه التعقيدات يا وزارة المواصلات
-
دويلة في قطاع غزة
-
أين علم فلسطين
-
المستنقعات البشرية
-
رسالتان من فيتنام
-
خطة مقترحة لإحياء ذكرى النكبة
-
صورة العربي في الأدب العبري
-
البنية الروائية في أعمال رجب لأبو سرية
-
معابر الهوان في فلسطين
-
يوم الأرض .. أيام الأرض
-
الجامعة العربية في غرفة الإنعاش
-
قروان ع الباب
-
( قصة قصيرة بمناسبة يوم المرأة العالمي بعنوان: ( قبض الريح
-
المرأة في فلسطين
-
هدية من عامل إلى معلمه
-
البذرة تتمرد
-
لمصلحة من هذا الاستقطاب داخل حركة فتح ؟
-
من المسئول عن بط ء الإجراءات في وزارة العدل والمحاكم الفلسطي
...
المزيد.....
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
-
أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج
...
-
الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|