أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - على ميزان القيمة الإنسانية














المزيد.....

على ميزان القيمة الإنسانية


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4355 - 2014 / 2 / 4 - 16:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يوجد ميزان لقيمة الإنسان. قيمة الإنسان واحدة ومتساوية بالكامل دون أي زيادة أو نقصان، دائماً وأبداً وفي المطلق. الإنسان، من حيث القيمة الذاتية، ثبات لا يتغير مهما تغيرت أحواله أو قيمه الأخرى. لم ولا ولن يوجد على الإطلاق شخص في ذاته أكثر قيمة من شخص آخر. القيمة الإنسانية واحدة ومتساوية بالكامل بين جميع البشر دون استثناء. لا موازين ولا مستويات ولا درجات ولا طبقات ولا أفضليات ولا تراتبيات ولا هرميات في القيمة الإنسانية.

صاحب الخلق الرفيع متساوي بالكامل في القيمة الإنسانية مع الوضيع والمنحط؛ صاحب العلم العالي مع الأمي والجاهل؛ صاحب الإنجاز الأكاديمي والمهني المشهود مع البليد والعالة على جهود وأكتاف الآخرين؛ المؤمن مع الكافر؛ الفقيه مع العامي؛ الشريفة مع الزانية؛ الشرطي مع اللص؛ الرئيس مع المرؤوس؛ الحاكم مع المحكوم؛ الملياردير مع المعدم؛ رئيس الجمهورية مع عامل النظافة؛ الملك مع المتسول؛ الرجل مع المرأة؛ والطفل الصغير مع الرجل العجوز. جميع البشر متساوون بالكامل في القيمة الإنسانية الثابتة، مهما باعدت بينهم بعد ذلك متغيرات وفوارق أخرى فردية أو مهنية أو سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو علمية أو ثقافية...الخ.

هل يعقل أن يتساوى العالم بالجاهل، المرأة العفيفة بالعاهرة، الملك بالمتسول، أو القاضي بالحرامي؟! ما الفائدة من الاستقامة والكد والجهد والعرق والتضحية والصبر والإنجاز إذا كان الكل متساوون في النهاية؟! هل يتساوى ’الإصلاح‘ مع ’الإفساد‘ في الأرض؟!

لا شك أن مجموع الناس، بما فيهم حتى المفسدين أنفسهم، يستفيدون من جهود وإنجازات المصلحين، وأن المفسدين في جميع الأحوال يضرون بأفعالهم آخرين ممن لا ذنب لهم. لهذا السبب تحديداً تحرص جماعة الناس على أن ’تكافئ‘ المصلح عن ’فعله‘ وفي الوقت نفسه ’تعاقب‘ المفسد عن ’فعله‘ الضار أيضاً. أي أن موضع ’الثواب‘ و’العقاب‘ في الحالتين ليس الإنسان الفرد في ذاته، لكن الفعل الفردي المختلف في الحالتين، الذي يفيد المجتمع في الأولى ويضر به في الثانية. في قول آخر، ما يوزن على ’الميزان المجتمعي‘ هنا ليس ’القيمة الإنسانية‘ للمصلح أو المفسد، لكن ’مردود‘ الفعل الإنساني على مجموع هؤلاء الناس، إذا كان خيراً أثابوا صاحبه مادياً أو معنوياً وإذا كان شراً عاقبوه، إلى حد اقتياده حتى حبل المشنقة أو إلى غرفة الإعدام رمياً بالرصاص أو الغاز أو الحقنة السامة.

’الفعل‘ الإنساني هو ما يوضع على ميزان القيمة، بينما ’الإنسان‘ نفسه ليس له ميزان.

وفق هذا المنطق، يضمن القانون العام معاملة إنسانية متساوية بالكامل للكافة، سواء المواطنين الصالحين أو المجرمين. وفق القانون، يجب أن يحظى حتى أعتى المجرمين إجراماً بحق آخرين أو المجتمع بنفس المعاملة مثل أي شخص سوي آخر. حين يعاقب القانون مجرماً، هو يعاقبه على ’فعله‘ الإجرامي فقط ولا يوقع عليه عقوبة لكونه إنسان، حتى لو كان إنسان فاسد. وفق هذه الفلسفة القانونية الإنسانية، يجب أن تقتصر العقوبة الجنائية على ’سلب‘ الجاني من حريته الشخصية فقط داخل السجون دون تعريضه لأي عقوبات ’بدنية‘. حتى داخل السجن، يعد التعدي بدنياً بالضرب أو التعذيب على المجرم جريمة يحاسب القانون مرتكبيها. كذلك الشتائم والإهانات اللفظية بحق الموقوفين والمحتجزين والمحبوسين يحظرها القانون ويعاقب الضالعين فيها.

لهذا السبب، يوجد اختلاف شاسع بين فلسفة القانون العام الحالية والفلسفة التي تستند إليها حزمة ’الحدود‘ الجزائية المهجورة. هذه الأخيرة لا تكتفي بوضع ’الفعل‘ الإنساني فقط على ميزان القيمة، إنما تضع فوقها الإنسان نفسه أيضاً. هي تقتص من الإنسان وفعله معاً، ولا تفصل بين الاثنين. ففي حين يسعى القانون العام إلى ردع واتقاء شر الفعل الإجرامي عن طريق ’سلب‘ مرتكبه من حريته بإيداعه السجن لكن مع عدم المساس بشخص المجرم ذاته جسدياً أو معنوياً، نجد أن الحدود الجزائية القديمة مثل جلد ورجم الزاني والزانية، قطع يد السارق، أو قتل وصلب المفسدين أو تقطيع أرجلهم وأيديهم من خلاف...الخ تقوم على إخضاع الإنسان ذاته وليس فعله فقط لميزان القيمة، وعندئذ تصبح كافة أشكال الاعتداء اللفظي والبدني ضده مقبولة ومستساغة ومبررة- أخلاقياً وقيمياً ودينياً.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيسي وعنان، وبينهما الإخوان
- عن ضرورة ترويض الإسلاميين
- أنت مين قولي...
- خرافة الإسلام المدني
- هيا بنا نقضي على الإسلام
- ثورة القرضاوي، انتقامية أم إصلاحية؟
- إذا نجحت ثورة الإخوان
- وماذا يريد الإخوان من مصر؟
- في كراهية بشار الأسد
- عن الديمقراطية الإسلامية في إيران
- هل الديمقراطية ضد الدين؟
- في رياضة الإسلام السياسي
- سلميتنا أقوى من الرصاص
- شلباية ولميس، وكمان أم أيمن
- هل مصر على فوهة فوضى؟
- الأنثى الداجنة
- هيا بنا نقتل إسرائيل
- حكومتها مدنية
- باشاوات ثاني؟!
- وهل ماتت دولة الإسلام؟!


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - على ميزان القيمة الإنسانية