أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - الجُبُّ والجَّيْبُ والحِجَابُ في أدبيات الكَذَّابَ:















المزيد.....



الجُبُّ والجَّيْبُ والحِجَابُ في أدبيات الكَذَّابَ:


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4355 - 2014 / 2 / 4 - 08:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الجُبُّ والجَّيْبُ والحِجَابُ في أدبيات الكَذَّابَ:

فقبل أن نواصل بحثنا،، دعونا نلقي نظرة فاحصة على كلمة "حجاب" لغةً وإصطلاحاً، وما علاقتها بتغطية أجزاء من جسم المرأة بصفة خاصة. وما علاقته بالدين والعبادة والإيمان، ومن هم من الأمم التي إلتزمته ومنذ متى؟

إذاً،، ما هو الحجاب في الأصل، وما علاقته بالمرأة؟
الحجاب من حيث اللغة: هو ما أُحْتُجِبَ بِهِ مطلقاً، وهو أيضاً ما حال بين شيئين، ويُجْمَعُ على "حُجُبٍ". والمحجُوبُ هو الضَّرِيْرُ.
والكلمة الإنجليزية veil من معانيها (الحجاب، البرقع، الستار). علماً بأن البرقع، يكون للنساء والدواب معاً. والمتبرقعة هي لابسة البرقع،، - ولمعرفة مزيد من التفاصيل راجع النصوص التالية:
Veil means:
- a piece of fine material worn by women to protect´-or-conceal the face,
- a piece of fabric forming part of a nun’s headdress, resting on the head and shoulders,
- a thing that conceals, disguises,´-or-obscures something,
- a covering of very thin transparent material worn, especially by women, to protect´-or-hide the face,´-or-as part of a hat, etc,
- a piece of cloth worn by nuns over the head and shoulders,
- a length of cloth worn by women over the head, shoulders, and often the face,
- a length of netting attached to a woman s hat´-or-habit, worn for decoration´-or-to protect the head and face.

إذاً،، من كل هذا يتضح تماماً أنَّ الحجاب ليس له علاقة بالمرأة في الإسلام على الإطلاق،، لأن القرآن الكريم تحدث فقط عن "الخمار"، في هذا الشأن، وهو بالطبع شيء يختلف تماماً عن الحجاب في مفهوم القرآن الكريم، وإن إلتقيا معاً في التغطية والحجب والستر. وبالتالي، فإن غطاء الرأس والوجه والرقبة حتى الصدر ليس هو من إبتداع الإسلام كما "تلوك الألسن" هذه الفرية "المغرضة" حتى يوصموا بها الإسلام بأنه يعتدي على حقوق النساء وحقوق الإنسان المفترى، فهو في الواقع لباس قديم قدم الشرائع السماوية،، فليس مهماً التسمية سواءاً أكان "حجاباً" أو "خماراً"، أو "برقعاً"، أو "ستاراً"، أو بردةً،، فكل واحدة من هذه المسميات لم تستثنى الرأس والوجه على الإطلاق، بل وإشترط القرآن أن تُضرب الخمر على الجيوب لضمان تغطية فتحة الرقبة حتى لا ينكشف جزء من الصدر.

علاقة "الحجاب" إستعمالاً ومفهوماً قبل الإسلام:
لن نرجع للوراء كثيراً بل سنبدأ فقط من عهد موسى عليه السلام، فقد كان هذا الغطاء الذي دار حوله "اللغط" وبدأ الناس يتسابقون في التملص والتبرؤ منه خاصة أهل الكتاب الذين أصبحوا في حرج شديد منه لأنه موثَّقٌ في كل أناجيلهم دون إستثناء، ولكنهم الآن قد عجزوا - ليس فقط عن تطبيقه كما جاء بالأناجيل الأربعة، بل عز عليهم مجرد الإعتراف به - لأن الذين سيتصدون لهم هم السواد الأعظم إن لم يكن كل الذين ينتمون إليهم ومحسوبون عليهم عقدياً، وذلك لأن الإباحية المطلقة التي سموها (بالحرية الفردية)، قد فرضت عليهم في مجتمعاتهم، والمدعومة بالقوانين المنبثقة من دساتيرهم التي إعتبرت الإباحية أصل من أصول حقوق الإنسان فصار اللواط والسحاق وزنا المحارم الذي يتضمن الأم مع إبنها وبنتها، والأخت مع إختها وأخيها، والأب من إبنته التي من صلبه، وكذلك الممارسات المجرمة الكارثية مع الأطفال، في كل مكان وزمان،،، قد أفلت الزمام من أيديهم،، فأصبحوا لا يسعهم إلَّا السباحة مع التبار وإلَّا أغرقتهم الأسماك الصغيرة دون الحيتان. فتملصهم عن الحجاب أمر مبرر وبديهي حتى يدرؤا عن أنفسهم الحرج ولو وجدوا وسيلةَ للتخلص من أي إشارة لهذا الغطاء من أناجيلهم لفعلوه دون تردد. كما فعلوا مع كثير من الأحكام بكتابهم المقدس، فآثروا أن يعترفوا به بعيداً عنهم، فلم يكن أمامهم إلا الدين الإسلامي،، شماعتهم المعتادة وقد إستباحوا حرمته لإنشغال المسلمين في خلافاتهم وتخالفهم، فغاب العلماء الأجلاء، وبرز الزعماء والعظماء والأدعياء الجهلاء جهلاً وجهالةً.

إن الحجاب عند اليهود والنصاري أمر عقدي صارم، ومنصوص عنه في أناجيلهم صراحةً،، مثلاً جاء في تكوين 24: (63- وخرج إسحق إلى الحقل للتنزه عند المساء. فرفع عينيه ونظر، فإذا جمال مقبلة * 64- ورفعت رفقة عينيها فرأت إسحق فقفزت عن الجمل * وقالت للخادم: "من هذا الرجل القادم في الحقل للقائنا؟" فقال الخادم: "هو سيدي". فأخذت ««الحجاب واحتجبت به»»). فالنص واضح ولا يحتاج إلى تعليق. كما هو أيضاً مؤكد عليه في واقعهم رغم أنه قد إنحسر الآن فقط في "راهباتهم"، ونعتقد أنه في طريقه إلى الزوال بعد أن تم تفريغه تماماً من المضمون والمحتوى،، بل في إناجيلهم أحكام صارمة على المرأة التي لا تغطي رأسها. فلننظر معاً إلى ما جاء بكتبهم ومراجعهم فيما يلي حتى تكتمل الصورة ويتمكن القاريء من تكوين فكره قبل أن يحكم على مصدر الحجاب الأساسي دون علم:

أولاً: فلنبدأ بالتفرقة العنصرية بين الرجل والمرأة، قال بولس في 1كورنثوس 11: ("3- ولكن اريد ان تعلموا انَّ «رَاْسَ كُلَّ رَجُلٍ هُوَ المَسِيْحُ». و «اَمَّاْ رَاْسَ المَرْأةِ فَهُوَ الرَّجُلُ». وَرَاْسُ المَسِيْحِ هُوَ الله", إذن الرجل بالنسبة للمرأة بمثابة إلهها "4- «كُلُّ رَجُلٍ يُصَلّي اوْ يَتَنَبَّأ ولَهُ عَلَىْ رَاْسِهِ شَيءٌ يُشِيْنُ رَاْسَهُ»", "5- و «امَّا كُلُّ امْرَأةٍ تُصَلِّيْ اوْ تَتَنَبَّأ وَرَاْسُهَا غَيْرُ مُغَطَّىً فَتَشِيْنُ رَاْسَهَا لِاَنَّهَاْ والمَحْلُوْقَةَ شَيْءٌ وَاْحِدٌ بِعَيْنِهِ»", "6- «اذِ المَرْأةُ انْ كَانَتْ لَاْ تَتَغَطَّىْ - فُلْيُقَصْ شَعْرَهَاْ -». و «إنْ كَاْنَ قَبِيْحَاً بِالمَرْأةِ انْ تَقَصَّ او تُحْلَقَ فَلْتَتَغَطَّ»", "7- «فَاِنَّ الرَّجُلَ لا يَنْبَغِي انْ يُغَطِّيَ رَاسَهُ لِكَوْنِهِ صُوْرَةِ اللهِ ومَجْدِهِ». و «امَّا المَرْأةُ فَهْيَ مَجْدُ الرَّجُلِ»", "8- «لِاَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنْ المَرأةِ بَلِ المَرْأة مِن الرَّجُلِ»", "9- و «لِاَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ اجْلِ المَرْأةِ» بَلِ «المَرْأةُ مِنْ اجْلِ الرَّجُلِ»", 14- امْ لَيْسَتِ الطَّبِيْعَةُ نَفْسُهَاْ تُعَلِّمُكُمْ «انَّ الرَّجُلَ اِنْ كَانَ يُرْخِيَ شَعْرَهُ فَهُوَ عَيْبٌ لَهُ»", "15- و «امَّاْ المَرْأةُ انْ كَانَتْ تُرْخِيَ شَعْرَهَا فَهُوَ مَجْدٌ لَهَا لِاَنَّ الشَّعْرَ قَدْ أُعْطِيَ لَهَا "عِوَضَ بُرْقُعٍ"»").
فهل بعد هذا النص المقدس من قول يستشهد به ويعتد؟؟؟ وإليكم فيما يلي النص بالإنجليزية:

1 Corinthians 11:4
Verse Concepts
) Every man who has something on his head while praying´-or-prophesying disgraces his head.

1 Corinthians 11:5-6
Verse Concepts
But every woman who has her head uncovered while praying´-or-prophesying disgraces her head, for she is one and the same as the woman whose head is shaved. For if a woman does not cover her head, let her also have her hair cut off-;- but if it is disgraceful for a woman to have her hair cut off´-or-her head shaved, let her cover her head.

1 Corinthians 11:7
Verse Concepts
For a man ought not to have his head covered, since he is the image and glory of God-;- but the woman is the glory of man.
- See more at: http://bible.knowing-jesus.com/topics/Veils#sthash.yWctQW12.dpuf

وبعيداً عن النصوص والمقدسات، لا توجد أي صورة من التي يرمز بها للسيدة "مريم العذراء" محجبة،، وليس لها من بينها صورة سافرة على الإطلاق،، بل كل الصور التي يرمزون بها إليها تبين مفهومهم لغطاء الرأس وتوابعه حتى أسفل الصدر. كما أن كل الراهبات والسسترات على نطاق العالم لم تعرف إحداهن بدون هذا الغطاء وبالأخص منطقة الصدر والرقبة أما الرأس فهذا أمر مفروغ منه. إذاً،، هذا الغطاء "عقدياً" موثق بالنص "المقدس" والتطبيق العملي "المُغَلَّظِ". فمهما إختلف الناس حول التسمية "حجاباً أم برقعاً، أم ستاراً، أم غير ذلك فهو جزء أصيل من عقيدة أهل الكتاب وجزء مكمل لشخصيتي المرأة والرجل على السواء. فلا مجال للجدال والمماحكة إلَّا إذا كُذِّبَتِ هذه النُّصُوصُ رسمياً، أو بررت التطبيقات العملية التي نشاهدها في المتدينات وخادمات الكنائس في كل أنحاء العالم.
أما في القرآن الكريم، فماذا هي كلمة حجاب هذه؟ وما معناها في كل الآيات التي وردت فيها؟ وهل هناك أي علاقة لهذه الكلمة بجسم المرأة أو برأسها أو بدنها؟ إذن فلنبدأ بسورة الأعراف من قول تعالى: (وَبَيْنَهُمَا ««حِجَابٌ»» ...)، وهم أناس حكم الله عليهم "بالميزان" وليس "بالرحمة"، فإستوى ميزان أعمالهم فلم ترجح لديهم كفة الحسنات فيدخلوا الجنة، ولم ترجح كفة السيئات فيدخلوا النار، لذا فكان هناك بين الجنة والنار "حجاب" فاصل عليه أو عنده منطقة سماها الله "الأعراف"، يشغلها كل هؤلاء الذين عَلَّقَ الله الحكم فيهم إلى حين، فقال فيهم: (... وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ ...)، يقفون على أرجلهم ولا يركبون على شيء، (... يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ...), فيتطلعون للفريقين، فيجدون وجوه أهل الجنة "مسفرة، ضاحكة مستبشرة" ووجوه أهل النار "عليها غبرة، ترهقها قترة") فينظرون إلى الكفرة الفجرة فتقشعر أبدانهم، وإذا نظروا إلى أصحاب الجنة إستبشروا وتمنوا أن يلحقهم الله بهم، قال تعالى: (... وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ - لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ 46). إذاً فالحجاب هنا هو «حاجزٌ» يفصل ما بين الجنة والنار.

وفي سورة الإسراء، قال تعالى: (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ...), "وهذا بلا شك فضل كبير وتوفيق من الله عليك"، سيحسدك فيه المحرومون منه وسيمقتونك ويتربصون بك، ولكننا: (... جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ...), من الكفرة والمشركين والملحدين،،،: (...««حِجَابًا»» مَّسْتُورًا 45)، وهو حجاب معنوي غير منظور، ولكنه موجود في علم الله تعالى ولن يستطيع أولئك المحبطون إختراقه وإيصال أذاهم أليك.

وفي سورة مريم، قال تعالى عنها: (فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ ««حِجَابًا»» ...), ليكون حائلاً بينها وبين قومها أفراداً وجماعاتٍ، حتى تتفرغ لعبادة ربها دون مقاطعات أو مضايقات،،، فقال تعالى: (... فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا ...), جبريل عليه السلام،، على هيئة آدمي: (... فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا 17)، فالحجاب هنا مادِّيٌّ، وقد يكون جداراً أو نحوه من السواتر،
وفي سورة الأحزاب، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ ...), "لأنهم لشدة تعلقهم به، لا يريدون الإبتعاد عنه لحظة واحدة لإشتياقهم له حتى بين الصلوات"، فكان دخولهم في بيته دون تحرج وبدون مراعاة للاوقات المناسبة التي يكون فيها الرسول مهيئاً لإستقبالهم، فقال الله لهم: (... إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ-;- طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ...), ولكن لم يمنعهم نهائياً وإنما وضع ضوابط لذلك، لذا إستثنى من المنع الإباحة مع الإلتزام بتك الضوابط، فقال: (... وَلَٰ-;-كِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا ...), لأن للنبي خصوصياته ووقت راحته،، لذا بعد تلبية الدعوة والفراغ منها، لا تثيروا مواضيح للحديث عنها لديه،، بل أذهبوا لحال سبيلكم حتى تلقوه في المسجد عند الصلاة أو غيرها،: (... وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ...)، فيسرقكم الوقت وقد تتسببوا في التضييق والإثقال عليه، وهو معروف عنه كثرة الحياء منكم، فذكرهم الله فقال: (... إِنَّ ذَٰ-;-لِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ...), ثم لا تدخلوا على أهل بيته كالإبن مع أمه،، الذي لا يشعر بحرج معها، ولكن هذا غير لائق بكم، (... وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ ««حِجَاب»»ٍ ...)، فالحجاب هنا مقصود به الستار أو الساتر بغض النظر عن نوعه المهم يستر مَاْ أو مَنْ وراءه.

وفي سورة ص يحكي الله عن سليمان عليه السلام حين عُرِضَتْ عليه مجموعة كبيرة من الجياد الكريمة حتى شغلته عن صلاته: (فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ-;- تَوَارَتْ ««بِالْحِجَابِ»» 32)، فالحجاب هنا معناه كل ما حال بين سليمان ورؤية الخيل، لذا يمكن أن يكون جبلاً أو جداراً أو حظيرة أو نحو ذلك.
وفي سورة فصلت قال تعالى: (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ ««حِجَابٌ»» فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ 5)، فالحجاب هنا معنوي يقصدون به أن كل الذي يدعوهم إليه لن يصل إليم حتى إن سمعوه فكأنهم لم يسمعوه.
وفي سورة الشورى، قال: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ ««حِجَابٍ»» أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ 51)، وهذا من أوثق وأغلظ أنواع الحجب،، لأن الله تعالى (لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار)، فلم يره موسى عليه السلام وقد كلمه الله تكليماً، حيث قال موسى (رب ارني أنظر إليك قال لن تراني ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، فلما تجلى للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقاً)، كما أن محمد صلى الله عليه وسلم لم ير الله تعالى عندما عرج إلى السماوات، وفرضت عليه الصلوات الخمس.

أما في سورة الأحزاب، قال تعالى: («يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ» -- «قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ» -- «يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ» - «ذَٰ-;-لِكَ أَدْنَىٰ-;- أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ» - وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59) وليس هنا أي معنى يمكن تأويله إلى كلمة حجاب أو ما شابه ذلك،، والإدناء تغطية أكثر لتشمل مناطق أسفل من السابق، ولكنها ليست حجاباً وإن كان الإدناء يحجب نظر المتطفل ويمنعه من الوصول إلى الحزء المغطى. والغاية هي تمييزهن عن غيرهن حتى لا يتطاول أصحاب النفوس المريضة بمضايقتهن وإيذائين بالنظر أو القول. وهذا ليس عَامَّاً على كل النساء كما تقول هذه الآية الكريمة وإنما تتضمن فقط ثلاث فئات محددة تحديداً دقيقاً، وهي تلك الفئات ذات الخصوصية المميزة هي:
1. أزواج النبي (أمهات المؤمنين) تحديداً،
2. وبنات النبي الكريم (حصرياً)،
3. ثم نساء المؤمنين، لاحظ أنه لم يقل "نساء المسلمين"، لأن المسلمين من بينهم المنافقين الذين هم أخطر على الإسلام من المشركين والمجوس والملحدين، وعدائهم للمؤمنين لا يقل عن عداء أولئك إن لم يزد عليه، راجع سورة التوبة،
وبالرغم من أن المؤمنين من الفئة المستثناة، إلا أن الإيمان سقفه مفتوح لكل من أراد أن يكون منهم فالخيار مفتوح على مصراعيه للجميع، وإن إسْتَغْنَ البعض وزهدوا فيه، إسْتَغْنَ اللهُ عَنْهُم.

ولاً: ... مما سبق من ذكر للحجاب في القرآن الكريم،، يتضح أن كلمة "حجاب" ليس لها علاقة برأس ووجه وصدر المرأة،، سواءاً أكان حجاباً مادياً - الذي يعتبر كياناً قائماً بذاته، ومنفصلاً تماماً عن جسدها" - أو كان حجاباً معنوياً،، وهذا أيضاً لا علاقة له بوجه المرأة ولا بجسدها. كما لا توجد أحاديث مستخدمة فيها كلمة حجاب يقصد به "تحديداً"، تغطية جزء من جسد المرأة كلباس لها.
ثانياً: ... الكلمة الوحيدة المستخدمة في القرآن هي كلمة "الخُمُر"، جمع خمار،، وهو ما يخامر (يواري) وراءه وجه المرأة، فهو لم يفرض بهذه الآية، بل كان معلوماً من قبل ولكن الآية طلبت "تحديداً" أن بمددن الخمار حتى يغطي جيوبهن، فمنطوق الآية واضحاً،، إذ لم يقل (فليضربن «بِخُمُرٍ» على جيوبهن،، بل قال «بِخُمُرِهِنَّ»)، ولا أظن الفرق بين الصيغتين يخفى على أحد. وضَرْبُهُ على الجُيُوبِ هو تَدْلِيَتُهُ لتغطية ما بعد الوجه إلى أن يشمل الجيوب التي ينفذ منها الرأس، وذلك لإخفاء ما قد يظهر من الصدر عبر ذلك الجيب.

الآن... فلننتقل إلى ألمرأة في الإسلام وعلاقتها بالحجاب:
أولاً،، وقبل ذلك لنرى ماذا يقول الله تعالى عن المرأة بجانب الرجل، لكثرة اللغط في هذا الجانب وللتجني على روعة الإسلام وتميزه وتفرده في تقدير المرأة ورفع مكانتها عالياً، ففي سورة الحجرات، يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ...) مخاطباً كل الناس بغض النظر عن نوعهم وتنوعهم، فيقول: (... إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن «ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ-;-» ...), دون تمييز أو تفضيل، (... وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ «لِتَعَارَفُوا»), تسهيلاً وتمهيداً لضرورة تعاملكم وتكاملكم مع بعضكم بعضاً، بنديَّة (... إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ «أَتْقَاكُمْ» ...), هنا واضح إذاً أنَّ التمايز بين الناس عند الله تعالى فقط بالسلوك والأخلاق والأمانة والقيم الإنسانية الإيجابية لا غير، (... إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 13)، لا يستطيع أحد أن يخدعه أو يمرر عليه شيئاً. ويقول في سورة المائدة، محذراً المؤمنين بقوله لهم، لا تجعلوا تجعلوا صد أعدائكم لكم عن المسجد الحرام وكرهكم لهم لهذا السبب يكون مبرراً لتعتدوا عليهم،، قال: («وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ» -- «أَن تَعْتَدُوا» --)، بل المطلوب منكم أن تتعاونوا فقط على البر والتقوى ومحظور عنكم أن تتعاونوا على الإثم والعدوان،، قال: (... «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ-;-» «وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ» ...), ثم ذكرهم بأن الإثم والعدوان عليه تبعة قاسية وعقاب شديد من الله، قال: (...وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ 2). هذا هو إله الإسلام الذي تحاربونه وتبحثون عن بديل له. يجعل معيار التفضيل واحد فقط هو "التقوى"، وهي تعني في الإسلام مخافة الله في الناس، فمن حدثته نفسه بظلم الآخرين أو الإعتداء عليهم حتى لو وقع عليه الظلم والإعتداء، أن يتذكر هذا المعيار، فيرتدع ويعدل عن الإستمرار في الظلم حتى لا يخرج من دائرة الكرام ويدخل في دائرة الأنذال والصغار التي تضم كل الظالمين لأنفسهم ولغيرهم.

وعن رسول الرحمة في إكرم الأنثى: قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (من ابتُلِيَ من هذه البنات بِشَيءٍ – وفي رواية فأحسن إليهِنَّ - «كُنَّ لَهُ سِتْرَاً مِنْ النَّارِ») وثبت عن أنه قال (مَنْ عَالَ جَاريتَيْنِ – بمعنى قام عليهما بما يجب لهما من التربية – حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ أنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ – وأشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ). وبالمناسبة، ليس هناك أي حديث مقابل لهذا الحديث خاص بالولد الذكر. وأيضاً يقول (مَنْ وُلِدَتْ لَهُ أنْثَى فلم يُئِدْهَا، ولمْ يُهِنْهَا، ولم يُؤثِرْ ولَدَهُ عَليْهَا «أدْخَلَهُ اللهُ بِهَا الجَنَّةَ«)، هكذا ينظر الإسلام ورب الإسلام ورسوله إلى المرأة، فلماذا تعادونه وتحاربونه هكذا؟

جاء رجل إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا رسول الله من أولى الناس بحسن صحابتي؟ (قال: «أمُّكَ»)، قال: ثُمَّ مَنْ؟ (قال: «أمُّكَ»)، قال: ثُمَّ مَنْ؟ (قال: «أمُّك»)، قال ثُمَّ مَنْ؟ (قال: أبُوكَ). وقال صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوْا اللهَ فِيْ النِّسَاءِ، فإنَّهُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ، أخَذْتُمُوْهُنَّ بأمَانَةِ اللهِ، واسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوْجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ).

فرية الحجاب واللغط حوله:
إذاً،،، ما الذي جعل كل من هَبَّ ودَبَّ يتشدق بفرية مذرية تدور حول كلمة "حجاب" والكل يتخبط في نسبتها إلى الإسلام،، ليس من جانبها المضيء الإيجابي الذي يدور حول العفة والتعفف وصيانة جوهر المرأة الكريمة،، ولكن لأنها قُيِّمَتْ لدى أصحابها بأنها أصبحت منبوذة لأنها في عرفهم الحديث تعتبر (إنتهاكاً لحقوق الإنسان)، ثم رأوها في صورتها الممسوخة هذه بأنها تنسجم تماماً مع الحملة الدعائية "المغرضة" التي تصف الإسلام بالتخلف ثم بالإرهاب وإضطهاد المرأة حتى يغطوا بذلك الإدعاء السخيف سوءاتهم المخجلة في تعاملهم ومعاملتهم للمرأة والطفل بصفة خاصة ثم للبشرية بأكملها بالإستعباد والتجني الصريح لحقوق الإنسان معتمدين في ذلك على قوة السلاح الإستراتيجي الفتاك الذي يرعبون به المنتسبون للإسلام ممن أصابهم "الوهن" فكرهوا الموت لأنهم "خربوا" آخرتهم، ولهسوا وراء الدنيا وباعوا من أجلها دينهم وولائهم لله خالقهم، فكان حظهم الفتات في آنية من ذل وصغار وإحتقار.

أما الآية التي وقع إختيارهم عليها، وقد أعمى الله أبصارهم وبصائرهم عن إدراك مقاصدها فَضَلُّوا وأضَلُّوا وضَلُّوا عن سواء السبيل. هما الآيتان الكريمتان المتتاليتان من سورة النور: حيث قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ - «يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ» «وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ» -- ذَٰ-;-لِكَ أَزْكَىٰ-;- لَهُمْ -- إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ 30)، (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ - «يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ» «وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ» «وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا» - ««وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ-;- جُيُوبِهِنَّ»» -- وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ-;- عَوْرَاتِ النِّسَاءِ -- «وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ» -- «وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ» -- لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 31).

هذه الآية تضمنت كلمتين إثنين فقط هما: (الخُمُرُ، والجُيُوْبُ). فما حقيقة هاتين الكلمتين في اللغة وفي الإصطلاح؟ وما علاقتهما بالحجاب؟؟
- الحجاب purdah هو عبارة عن جلباب أو عباءة تغطي كامل البدن، يأتي فوقه غطاء للرأس يتدلى من أعلى الرأس ليغطي النصف العلوي من البدن لا تظهر منه إلًّا الكفين، ثم يغطى الوجه كله ولا يظهر سوى العينين من فتحة ضيقة.
- أما الخمار wimple /muffler ، فهو كل ما ستر شيئاً. والتَّخْمِيْرُ هو التَّغْطِيَةُ. يُقالُ للشيء خَمُرَ إذا تَوَاْرَىْ. ويقال خَمُرتْ طِفْلَتُهَا، إذا أخْمَرَتْهَا (وَاْرَتْهَا) الأرْضُ عَنْهَا. وهو عند الأوربيين عبارة عن شال من الصوف muffler، إما أن يغطى به أعلى الرأس "الشعر"، أو يلف حول العنق وتتدلى أطرافه على الصدر،، أو أن يكسوا كل الرأس وجنبات الوجه ثم يغطي الرقبة كلها ويتدلى ليغطي الكتفين الصدر، وقد يكتفى بأن يحكم كل الجزء العلوي من البدن تحت الذقن بأن يلف حول العنق متضمنا الصدر والكتفين حتى الذراعين.
- والخمار أيضاً هو عبارة عن غطاء لكامل البدن من العنق إلى الأرض مخفياً القدمين، فضفاضاً لا يظهر تقاسيم البدن، أسود اللون غالباً، ثم غطاء حول العنق من اللون الأبيض، ثم خطاء للرأس يتدلى ليغطي الجزء الأعلى من الجسم إلى الكفين،، فلا يكون ظاهراً منه سوى دائرة الوجه من الحاجبين وحتى أول الذقن،، وهذا هو زي الراهبات الرسمي. وهذا ما عنته الآية الكريمة.
- الجَّيْبُ: هو: إما طوق القميص الذي تُدخل منه الرَّأسُ عند لُبسه، كما في قوله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ، أو هو أيضاً ما تُوضع فيه النُّقود وغيرها من الأشياء، كقوله تعالى: ( وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ).
- والضَّارِبُ هو (السَّاتِرُ): وهو المكان المطمئن به الشجر. والليل الضارب هو الليل المظلم.
- ويَضْرِبُ معناها يَسْتُرُ.

ففتحة الرأس إن كانت واسعةً أكثر من اللازم أظهرت جزءاً من أعلى الصدر وهو من أكثر أجزاء جسم المرأة لفتاً لنظر الرجل، خاصةً إذا حنت جسدها إلى الأمام قد يتكشف صدرها بقدر أكبر ومن ثم، لن يتجاهل الرجل "بطبعه" هذا المشهد، كرجل بغض النظر عن مقدار عفته وإيمانه وورعه. فهو أولاً وأخيراً رجل وهي إمرأة،، ولا ننسى قول نبي الله يوسف عليه السلام، ذلك النبي الكريم العفيف الذي قالها صراحة عندما تواطأت نسوة المدينة مع إمرأة العزيز ضده، بعد أن مكرت بهن، قال الله في ذلك: (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ - أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ - «وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً» «وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا» «وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ» ...), لتعلمهن أنها لماذا لم تتستطع مقاومة رغبتها فيه،،، (... فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ - «وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ» - وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰ-;-ذَا بَشَرًا إِنْ هَٰ-;-ذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ)، والنسوة كلهن قصدنه هذه المرة دون إستثناء، فعلم أنْ لا مخرج له من هذه الورطة إلَّا بعون الله له لأنه "كرجل، وشاب، كامل الرجولة"، لن يستطيع بالعفة والتمنع فقط أن ينجو من تلك الإميرات كاملات الأنوثة والجمال: (قَالَتْ - «فَذَٰ-;-لِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ» «وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ» - وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ 32)، فعلم أنْ لا فكاك له منهن بمفرده فالسجن أو القتل لا يهمه بقدر ما يهمه التمسك بعفته ونقائه، فناجى ربه: (قَالَ «رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ» - وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ - ««أَصْبُ إِلَيْهِنَّ»» - وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ 33). فكانت معجزة الله تعالى في صرف عنه كيدهن،، فدلل على ذلك بالحروف المقطعة (ألر)، في فاتحة السورة وذلك في قوله تعالى (« فَاسْتَجَابَ » - « لَهُ » - « رَبُّهُ » - «فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ» - إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). إذاً،، لا يختلف إثنان في أنَّ من أكبر مواطن فتنة المرأة على الإطلاق هو وجهها وعنقها وصدرها،، فقصدت الآية الكريمة هذه المواطن وتعهدتها بالستر والتغطية من أعين المتطفلين والمتلصصين من مرضى النفوس. لذا فقط بدأ أولاً بالرجال،، وليس كل الرجال ولكنه خاطب المؤمنين «بصفة خاصة» لأنهم هم المستجيبون، وهم الحريصون على التعفف ومغالبة النفس طاعةً لله تعالى. فقال مخاطباً نبيه الكريم، بأن يقل للمؤمنين "تحديداً"، من دون باقي الرجال من السفهاء الفاسقين، فقط للمومنين، صفوة البشر، وليس لكل من هب ودب، بين لهم، كيف يكون الطريق إلى الطهر والعفة التي ينشدونها ويبحثون عنها فقال في ذلك: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ ...), إن أرادوا العفة والطهر حقاً: (... يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ...), فلا يتتبعون عورات النساء بالنظر إلى مفاتنهن ما ظهر منها وما خفي، بل (... وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ...), وأن لا يجرهم بصرهم وحواسهم للوقوع في الحرام فيهلكون، (... ذَٰ-;-لِكَ أَزْكَىٰ-;- لَهُمْ ...), لأن كل فعل يقع منهم إنتهاكا لهذا الحظر سيكون محسوباً عليهم، (... إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ 30). إذاً،، بالله عليكم، قولوا لنا بإنصاف: من المقصود بالحماية هنا؟ هل الرجل أم المرأة؟ وقد حذرهم حتى لا يستغلوا ضعفها وغفلتها للنيل منها ولو بالنظر إلى مفاتنها "خلسةً" بغير وجه حق وهي لا تملك أن تصد نظر الناظرين وطمع الطامعين خاصة إذا كانت ذات حسن ومال وجاه وحظوة؟ إذاً أول خطوة هي تأمينها من خطر الرجل وقد خاطب المؤمن ليحرك فيه الرقابة الذاتية التي لا يقوى غيره على كبح جماح الشهوة والإنجذاب بين الجنسين وهو إنجذاب فطري صعب مقاومته دون رادع يوازي قوته ويزيد عنه درجةً.

ثم جاء دور المرأة بعد أن أمنها من الرجل وضرب حولها سياجاً منيعاً من الرقابة الذاتية وهي خشية الله، ولكنه لم يخاطب كل النساء كما يظن الجهلاء، بل الصفوة منهن فقط، وهن "المؤمنات،، تحديداً"، لأنهن الوحيدات اللاتي تُهِمُهُنَّ العفة ويُؤذِيهُنَّ النظرة الحرام وإسترقاقه وإختلاسه إلى ما ظهر من مفاتنهن "تلصُصَاً" وتتبعاً دون أن يقصدن أو يُردن، فَتَمْتَلِئُ قُلُوْبَهُنَّ غَيْظَاً من هذا المتطفل اللئيم، أما التي لا يهمها ذلك ولا يجرح شعورها أو كرامتها أو التي يسعدها أن تبرز المفاتن وتتنازل عن العفة لمن أرادها فهي تعتبر خارج نطاق وتمييز هذه الآية. لذا قال الله تعالى لنبيه الكريم: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ ...), تحديداً، أنَّ العفة التي يردنها والعصمة التي ينشدنها سيكفلها الله لهن، فقط عليهن أن يفعلن المطلوب من جانبهن وهو أن: (... يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ...), فلا ينظرن إلى ما تكبره النساء في الرجال، حتى لا يقعن في الفتنة ويضعفن فيتدخل الشيطان اللعين ويقرب البعيد ويحرك الكوامن، (... وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ...), فلا يسمحن لأحد أياً كان أن يدنوَ منهن إلا بالحق، ولكن ماذا يفعلن لصد أعين الطامعين والمتلصصين إلى مفاتنهن من الرجال غير المؤمنين، الذين إنْ لَمْ يَرَوا شيئاً من مفاتن أجسادهن شدَّتْهُ الزينة إلى ما وراءها بخياله وتصوره وتفكره ، قال في ذلك: (... وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ...), كالخواتم على الأصابع مثلاً، والخضاب على الكفين والقدمين، وطلاء الأظافر،، أما العنق والصدر فالعين سباقة إليها من أولئك المتلصصين الفاجرين المفتونين، فلابد من غطاءهما، لذا، قال: (... وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ-;- جُيُوبِهِنَّ ...), أما الزينة الداخلية مثل الأساور والأقراط وشعر الرأس وحلي السوق والأقدام والملابس المزينة الجذابة،، كلها يجب أن لا تصل إليها عين آثمة بل يحفظنها لمن هو أهل لها وهو الزوج أو المحارم الذين يحرم عليهم الزواج منها، قال في ذلك: (... وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ...), مطلقاً، (... إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ ...), وحتى الذين يتواجدون حولها عن قرب وليس منهم خطر عليها، (... أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ...), لأنهم محارمها: (... أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ...), هم أيضاً محارم لها (... أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ ...), هم كذلك، (... أَوْ نِسَائِهِنَّ ...), فلا خطر عليهن منهن، (... أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ...), (... أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ ...) الكبار الطاعنين في السن فأصبحوا لا غرض لهم أو حاجة في النساء، (... أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ-;- عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ...), الذي لم يعد ينظر إلى المرأة كأنثى، ليس ذلك فحسب، بل هناك تحذير مهم وهو خطر تفكر الطامعين وخيالهم لما يصدره صوت الزينة المخفية تحت الأغطية كصوت الخلاخل والمصاغات التي تنبيء عن جمال الأعضاء التي هي عليه من سوق وبدن المرأة كصدرها مثلاً، لذا قال: (... وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ...). خلاصة هذا القول من الله تعالى إلى المؤمنين والمؤمنات فقط، منذ البداية، ومن البديهي أن ينتهي القول لهم فقط كما بدأ فيقول سبحانه وتعالى في الخاتمة، مذكرا المؤمنين والمؤمنات الوعد والوعيد الذي ينتظرهم، قال: (... وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 31).

فاللَّاتِي طَلَبْنَ وسعين للستر والعفة قد تفضل الله به عليهن فقال لرسوله يبلغهن الآلية الموصلة لهذه العفة حتى بلغ قوله تعالى في تفضله بنصحهن: (... وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ-;- جُيُوبِهِنَّ ...), ففعلن ذلك ويفعلنه حتى الآن عن طيب خاطر وإعتزاز بعناية الله تعالى بهن، بل (وهُنَّ يَلْعَنَّ شياطين ودُعَاةِ حُقُوْقِ المَرْأةِ الذين يريدونها أن تستوي بهم وهي أرفع من المشتري بينما غيرهن يقبعن رتقاٌ بقاع المحيط السحيق المظلم). فما الذي يغضب الأخريات اللآئي إرتضين أن يَكُنَّ في مصاف مِلْكَ اليَمِيْنِ فإستغنى الله عنهن وتركهن لإختيارهن الذي إرتضينه لأنفسهن خالدات إلى الأرض بإختيارهن،، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

فالسذج الجهلاء الذين يعتقدون بأن كلمة فرج تعني فقط "بضع المرأة"، فماذا يقول هؤلاء الأدعياء في قوله تعالى عن الرجال: (... وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ...)؟ فهل للرجال فروج كالمرأة "يشبه بضعهم بضعها"؟ أم أن كلمة فرج لها معنى آخر غير الذي ينصرف إليه فكر هؤلاء الجهلاء الضالين المضللين؟ إذاً على ما يبدوا أن المقصود بالفرج هنا هو فرجة الفخذين بساقيهما،، فلو تذكرنا ما قيل عن عورة الرجل بأنها تقع ما بين "السرة والركبة"، لاستقام لدينا هذا المعنى أكثر فأكثر.

أما النقاش حول الحجاب الذي يلوكه الناس بإستمرار من حين لآخر ويدعون بأن الآية الكريمة رقم 31 من سورة النور تحكم موضوع الحجاب "كما يروق لهم تسميتها" دون دليل ولا برهان، سوى التخرص واللجاجة والإدعاء الباطل، إنما يشهدون على أنفسهم بالجهل المركب.
يعود النقاش حول الحجاب على السطح باستمرار. والغريب في الأمر أنهم يصفون هذه الآية "بالغامضة"، ولا ندري ما هو الغموض فيها؟ هي في الواقع محجوبة عنهم ومحرومون من فهمها لقوله تعالى في سورة فصلت: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ - أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ - قُلْ «هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ » «وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى - أُولَٰ-;-ئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ» 44). لذلك يريدون أن يوصلوا المعنى من خلالهم وهم أجهل الناس بها، بل ويجهلون أصل ومعنى كلمتي (خمار)، و (جيب). فما بني على خطأ لا بد وأن يكون خطأ مركباً. أنظر إلى هذه السذاجة المضحكة المبكية:

تصورا حال من يجهل التفريق ما بين كلمتي "الجيب" و "الجب"، ولا يعرف الفرق ما بين "الحجاب" و "الخمار", ولا يفرق ما بين "تخطية الرأس" و "تغطية الفرج"، ثم يتطاول على القرآن ويريد أن يترجمه،، وهو لا يعرف حتى عدد الحروف والأصوات التي يتألف منها القرآن الكريم، كل ذلك ليضفي على نفسه مزيد من التجاوزات والإعتداءات المتكررة والمتنامية على الإسلام والمسلمين والقرآن الكريم، وقد غاب عنه أن القرآن الكريم "يستحيل أن يترجم بأي لغة غير العربية" ولكن الجهل ليس له ألوان لأنه يقابل اللون الأسود الذي مكوناته الأساسية الثلاثة معدومة (black = RGB(0,0,0)) أما المعرفة والعلم فيقابل اللون الأبيض الذي مكوناته الأساسية بتركيزها الكامل (white = RGB(256,256,256)). وقبل هذا وذاك هناك إصرار على التشويه والإفتراء على كتاب الله تعالى،، ونقول له أنت لا تترجم ولن تترجم القرآن الكريم ولكنك تعبث بعقلك ومصداقيتك لتخرج لمريديك مسخاً من نفس ممسوخة وفكر مشوش ووجدان مظلم، ولن يقرأ لك إلَّا من قبل على نفسه أن يخدع ويعبث برأسه وفكره فتبلغ به الغفلة أن يصدق من عجز عن التفريق بين الرأس والفرج.

أي ترجمة للقرآن إنما هي عبث وضلال وإضلال وكذب على الله تعالى، وقد كثر الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً،، فويل لهم مما كتبوا وويل لهم مما يكسبون. فالقرآن الكريم بالنسبة لأي نوع من الترجمة مهما كانت دقيقة بمثابة "قطر المربع" الذي يعتبر أطول المستقيمات التي يمكن رسمها به،، فأي ترجمة له تكون بمثابة شعاع أو قطعة مستقيمة بداخل هذا المربع، وهي دون أدنى شك ستكون أقصر من الوتر مهما إقتربت منه في الطول. وسأضرب مثلاً لهذا فأقول،،، في بعض الترجمات وجدت أن الآية («الم»، ترجمتها A.L.M)، و («الر»، ترجمتها A.L.R)، و الآية: («كهيعص»، ترجمتها Kaf. Ha. Ya. ´Ain. Sad). ويمكن أن يترجمها شخص آخر K.H.Y.A.S)، ولكنه سيعدل عن ذلك لأنه ستواجهه مشكلة الحرفين (ع، لا يمكن تمثيلها بالحرف A ، ثم الحرف ص لا يمكن أن يمثله الحرف S)، وأيضاً الآية («حم»، ترجمتها Ha, Mim)،، والآية («طسم»، ترجمتها Ta. Sin. Mim)، والآية («يس»، ترجمتها Ya Sin). علماً بأن (كلمة Sin الإنجليزية معناها ذنب، وإثم، وخطيئة،، وكلمة Sad، معناها حزين).

فإن ترجمت إلى الفرنسية أو ترجم غيرك للإنجليزية أو ثالث إلى اليونانية،،، الخ فإن النتيجة النهائية واحدة وهي "مسخ" لا علاقة له بالقرآن الذي يتألف من ثمانية وعشرين باباً وليس حرفاً كما يظن العامة. والحرف الواحد قد تزيد أصواته عن ستة عشر صوتاً، فكيف يمكن ترجمته إلى أي لغة أعجمية، ثم يظل بعد ذلك قرآناً؟ قال تعالى في مثل هؤلاء التعساء: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ 78)، فيستغل المتربصون أميتهم وجهلهم ليخدعونهم بخزعبلات يكتبونها بأيديهم ثم ينسبونها إلى الله تعالى،، قال: (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰ-;-ذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا - «فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ» «وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ» 79)،
لاحظوا معي هذه الترجمة البائسة للآية الكريمة من سورة الرحمن التي يقوله تعالى فيها: (مُدْهَامَّتَانِ) ثم يفتري المترجم على الله تعالى فيدعي عليه بهذه العبارة البائسة بدلا عنها فيقول: (Dark-green in colour (from plentiful watering.) فهل قال الله تعالى هذه العبارة؟؟؟ وهل أمر الله تعالى أو النبي صلى الله عليه وسلم بمسخ القرآن معرضه للأهواء لتغيير كلامه إلى كلام البشر ثم ينسبونه إليه دون حياء ولا ورع؟؟؟ ربنا لا تهلكنا بما فعل السفهاء منا.

لك أن تكتب بالفرنسية ما شئت ولغيرك فليكتب إفكه باللغة التي يريدها ولكن لا علاقة لما تكتبون بالقرآن الكريم، والله تعالى قادر على أن يضحد كيدكم ومكركم بحوله وقوته إنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

هكذا تكون الغفلة، والجهل والسفه حين يسخر الإنسان على الغير لأنه عرف كلمة ما وجدها تخدم أغراضه الشريرة ومساعيه للتحريف. فليتصور معي القاريء هذه الدرجة النادرة من السذاجة الساخرة،، لقد فكر صاحبنا وقدر،، ثم قتل كيف قدر،، ثم نظر،، ثم عبس وبس،، ثم أدبر واستكبر،،، فتذكر أن للبنطال (السروال) جيباً، هو عبارة عن شق طولي رأسي،، وأن للسترة أو القميص جيباً شكله يمثل شق أفقي فبحث عن الكلمة التي تعطيه معنى شق في الفرنسية فرشح لها الكلمة (fentes)، التي تعني الشق، ثم بحث عن كلمة ترادفها في أعضاء المرأة فتجاوز فمها لأنه لا يخدم ترجمته البائسة، لذا إستقر إختياره للفرج، ما دام قد ذكر في الآية الكريمة. فعبث الشيطان برأسه وأكبرها فيها حتى وطيء بكل ثقله على مصداقيته فهوى وغوى. مع أن الفم أقرب للخمار مِمَّا أشار إليه في فريته التي قال عنها إنها ترجمة للقرآن الكريم.

بعد أن عثر على الكلمة السحرية الغارقة، بدأ في البحث عن المبررات والبراهين التي يؤيد هذا الإكتشاف العظيم الخطير الفذ،، فقال ما يلي:
((-- نجد كلمة الجيب بالمفرد في القرآن في آيتين تتعلقان بالنبي موسى بمعنى شق اللباسكما جاءت كلمة الجب في قصة يوسف بمعنى شق الصخرة أو البئر نذكرها هنا
سورة النمل الآية 12 : وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ
سورة القصص الآية 32: اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ
سورة يوسف الآية 10: قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ -- ))،

أولاً، قبل أن نناقش فكرته نود أن نبين وجه الشبه بين الجيب الذي تدخل منه الرأس والجيب الذي تدخل منه اليد، فجيب القميص بعد دخول الرأس منه تبقى فتحته محيطة بالعنق من كل جانب تماما كما تحيط فتحة الجيب بمعصم اليد عند دخولها فيه،، فهذه فتحة تحيط بالعنق وتلك فتحة تحيط بالمعضم. وبالتالي نجد أن المعنيين قد إستخدمتا في القرآن الكريم وفي الآيات التي اشار إليها صاحبنا المكتشف.
ففي حالة موسى عليه السلام (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ ...)، أو (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ...)، فيمكن أن يكون جيبه الذي في جانب ردائه، وهذا لا يمنع من أن يكون جيبه الذي تنفذ منه رأسه إن كان الجيب فتحته واسعة بما يكفي لذلك،، ففي الحالتين أنه يخفي يده في داخل ردائه بأي فتحة منها ثم يخرجها بيضاء من غير سوء، ولا يمكن أن يتصور عاقل أن لموسى "فرج" ثم يدخل يده فيه،،، حتى السفهاء والجهلاء والمجانين لا يصدقون هذا،
وبالمقابل،، فإن قوله تعالى: (... وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ-;- جُيُوبِهِنَّ ...), لا يمكن أن يفكر عاقل في أن "الخمار veil" الذي هو غطاء للوجه أن يتحول بفكرة شيطانية سخيفة من الوجه إلى ما تحت السرة وبين فخذي المرأة إكراماً للإكتشاف الفذ العظيم للكاتب المبدع المخترع للكلمة الفرنسية (fentes)، وَلِمِ لا؟؟؟ وقد أصبح الدين الإسلامي "ملطشة" لليسوى واللى ما يسواشي.

والأغرب من كل هذا وذاك وتلك،، ما جاء في إدعائه بأن كلمة الجُبِّ في الآية الكريمة: (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ)، هي شق الصخرة أولاً، ثم البئر ثانياً، ما أغرب ما نسمع؟ والله أمر يذهب العقل ويحير الحكيم. فمثلاً "الجب" الذي هو البئر، أو "الماء الكثيف الغائر"، الذي تسقي منه القوافل، ما علاقته بالجيب الذي بالقميص، وما علاقة هذا وذاك "بفرج المرأة"؟ وما علاقة الجميع بالكلمة الفرنسية السحرية (fentes)؟ وكيف يقرأ هذا العبقري هذه الآية بنفس سورة يوسف، قوله تعالى: (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ «فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ-;- دَلْوَهُ» قَالَ يَا بُشْرَىٰ-;- هَٰ-;-ذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ 19).

ثم لا يقف عند هذا الحد من اللهو والعبث،، فيقول: ((-- وهناك استعمال رابع في القرآن لكلمة الجيب ليس في آية ولكن في قراءة مختلفة لسورة التحريم الآية 32--)).
ولكن سورة التحريم ليس بها سوى 12 آية فقط، ولعله يقصد الآية الأخيرة منها وهي قوله تعالى: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي «أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا» فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ 12)،،، ولكن إين هذا الجيب الذي يتحدث عنه الرجل؟؟؟ إلَّا إذا كان قد رسخ في مخيلته أن كلمة "جيب" هي "فرج"، وهذا طبعاً بالنسبة لنا مفهوم عنه لسيطرة ثقافة البيئة التي يعيشها عليه حيث يقيم، ولعل تصوره هذا يعني أنه يقهم الآية (الذين هم لفروجهم حافظون) بمعناها بالفرنسية (الذين هم لشقوقهم أو لجيوبهم حافظون). ما هذا الخبل والهراء يا هذا؟؟؟

صدق الله تعالى إذ يقول في سورة البقرة: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ 8)، فإذا سألت نفسك لماذا؟؟ جاءك الرد بقوله: («يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا» «وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ» 9)، ولم سألت لماذا يخدع الإنسان نفسه، جاءك الجواب بقوله: («فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ» «فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا» - «وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ» 10)، ولو سألت،، ما هو مصدر هذا المرض؟ ولماذا زاده الله تعالى؟ جاءك الجواب بقوله: («وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ» «قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ» 11)، وهذا حالهم دائماً لا يعرفون أخص خصوصيات أنفسهم، ويظنون أنهم مصلحون، فقال عنهم: (أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰ-;-كِن لَّا يَشْعُرُونَ 12)، ومن أسباب هذا التوهات والغفلة والضلالة: («وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ» «قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ» - أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰ-;-كِن لَّا يَعْلَمُونَ 13)، أما فيما يتعلق بالمراوغة واللجاجة والنفاق والتعامل بوجهين: («وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ» - آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا «وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ-;- شَيَاطِينِهِمْ» - قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ «إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ» 14)، فهل فعلاً إستطاعوا أن يستهذئوا بالله ورسوله والمؤمنين؟؟ بالطبع لا بل على العكس من ذلك: («اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ» «وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ» 15)، فما الذي خرجوا به من صفقتهم الخاسرة تلك؟؟ قال عنهم: («أُولَٰ-;-ئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ-;-» - «فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ»).

لقد جاء الإسلام حرباً على الجاهلية والعادات الموروثة من الملل التي سبقت الإسلام والتي سمحت بهذه الممارسات دون أن تتصدى لها، رغم أنها تتعارض مع شريعتها، فكانت كل الفضائل قد غابت عن الوجود،، وكان الناس يقتلون أولادهم من إملاق،، وكان النهب وقطع الطريق على القوافل، والفجور والخمر والميسر والزنى حتى أن الرجل ليؤئد بنته بدسها في التراب حتى لا تكبر وتجلب له العار هذا بجانب عبادة الأوثان والإستقسام بالأنصاب والأزلام، ونقض العهود والخيانة والجور والطواف بالكعبة عراةً وما كانت صلاتهم عند البيت إلا مكاءاً وتصديةً. فجاء الإسلام ليطهر البشرية والدنيا من كل هذا الفسق والدنس،، ففعل، وتركها النبي الكريم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.

ولكن الآن، عادت الجاهلية الأولى بأسوء مما كانت عليه بإسم الحضارة والتقدم والرقي،، فلم يكن السحاق في قوم لوط فظهر في النوادي الليلية وعقد قران المرأة بالمرأة والرجل بالرجل من المثليين، فلم يكن آنذاك الفساد عبر التقنية والميديا، فأصبحت جاهلية العالم المتحضر مزهلة، وقد ضربت الرقم القياسي في الفجور والمخدرات وعصابات المافيا وتجارة السلاح وصناعة الدعارة المقننة، ورِقُّ النساء عبر صناعة الدعارة المقننة، وزنا المحارم، والإبادة الجماعية بالأسلحة النووية والبالستية والجرثومية والنابالم الحارق، والأسلحة الكيمائية،، وأسلحة العقوبات الإقتصادية للموت البطيء "جوعاً ومرضاً وفقرا"، عادت الجاهلية بكل فظائعها التي أهلك الله من أجلها الأمم الهالكة ولكنها الآن تقننت ووضعت لها الشرائع وزادت عليها بتجارة الأعضاء البشرية، ونشر الأمراض والفيروسات القاتلة لزيادة مبيعات الأدوية والمضادات الحيوية ،،، الخ
جاءت سورة النور شامخةً لتقف في وجه كل هذه الإخفاقات والتراهات،، ولكن أصحاب الجاهلية الحديثة لا يروقهم ذلك،، يبغونها عوجاً ولكن الله لهم بالمرصاد، وقل إعملوا على مكانتكم إنا عاملون

إن كان هناك تجاوزات في الجاهلية وتفريط في حق الكعبة والحجر الأسود، فهذا يقدح في غفلة من كانت هذه المقدسات في حمايتهم من أهل الكتاب، فإن سمحوا بهذا أو غفلوا عنه فهم المسئولون عنه،، أما بعد الإسلام،، فلا مجال لكافر أو فاسد أن يعبث بشيء منه وهو طاهر مطهر لا يدخله إلا الأطهار وهم مُحْرِمُوْنَ إمَّا بحجٍّ أو بعمرةٍ، لا يذكر فيه إلا الله تعالى وحده لا شريك له. إلى الآن تماماً كما تركه رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم.

أما ثقافة الحك هذه فأنتم تعرفون أين تتواجد لمعرفتكم اللصيقة بالنوادي الليلية حيث كل شيء يمكن أن يؤدي هذا الغرض متاح ومباح ومستعمل،، حتى الحيوانات لم تسلم منكم ومن شركم وشذوذكم، بما في ذلك الحمير والبغال والحصين، ثم الكلاب التي أصبح يعقد قرانها على إناث البشر بعقد زواج شرعي. هذه المجتمعات الجاهلية المتهمة "ظلماً وجوراً" بالحضارة والتقدمية، وقد تحدت بسفور كل التعاليم الدينية وأسقدتها بقوانين شيطانية أطلقوا عليها حقوق الإنسان الأساسية والحرية الفردية، فمع هذه الإباحية التي يندى لها جبين الشيطان نفسه نريدكم أن تدلوننا،، أين هذه التعاليم المقدسة في ظل الممارسة الجنسية الخاطئة ؟؟؟

جاء في ... لاوين 18: (22- والذكر لا تضاجعه مضاجعة النساء: إنها قبيحة.،، 23- ومع أية بهيمة لا يكن لك علاقات جنسية، ولا تتنجس بها. ولا تقف آمرأة أمام بهيمة لتسفدها: إنها فاحشة،، 24- 24- لا تتنجسوا بشيء من هذه، فإنه بمثلها تنجست الأمم التي أنا طاردها من أمامكم.).

كما جاء في ... كرنثوس الأولى 6: (9- أما تعلمون أن الفجار لا يرثون ملكوت الله؟ فلا تضلوا، فإنه لا الفاسقون ولا عباد الأوثان ولا الزناة ولا المخنثون ولا اللوطيون)،
وجاء في ... رومية1: (26- لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ، لأَنَّ إِنَاثَهُمُ اسْتَبْدَلْنَ الاسْتِعْمَالَ الطَّبِيعِيَّ بِالَّذِي عَلَى خِلاَفِ الطَّبِيعَةِ،، 27- وكذلك ترك الذكران الوصال الطبيعي للأنثى والتهب بعضهم عشقا لبعض، فأتى الذكران الفحشاء بالذكران، فنالوا في أنفسهم الجزاء الحق لضلالتهم،، 28- ولما لم يروا خيرا في المحافظة على معرفة الله، أسلمهم الله إلى فساد بصائرهم ففعلوا كل منكر،، 29- ملئوا من أنواع الظلم والخبث والطمع والشر. ملئوا من الحسد والتقتيل والخصام والمكر والفساد. هم نمامون).

وجاء في جريمة زنا المحارم .... تكوين 19: (30- وصعد لوط من صوعر وأقام في الجبل هو وابنتاه معه، لأنه خاف أن يقيم في صوعر. فأقام في مغارة هو وابنتاه. ،، 31- فقالت الكبرى للصغرى. (( إنَّ أبانا قد شاخ، وليس في الأرض رجل يدخل علينا على عادة الأرض كلها،، 32- تعالي نسقي أبانا خمرا ونضاجعه ونقيم من أبينا نسلا ،، 33- فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة، وجاءت الكبرى فضاجعت أباها ولم يعلم بنيامها ولا قيامها،، 34- فلما كان الغد، قالت الكبرى للصغرى: هاءنذا قد ضاجعت أمس أبي، فلنسقه خمرا هذه الليلة أيضا، وتعالي أنت فضاجعيه لنقيم من أبينا نسلا ,, 35- فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة أيضا، وقامت الصغرى فضاجعته ولم يعلم بنيامها ولا قيامها،، 36- فحملت ابنتا لوط من أبيهما،، 37- وولدت الكبرى أبنا. وسمته موآب، وهو أبو الموآبيين إلى اليوم،، 38- والصغرى أيضا ولدت ابنا وسمته بنعمي، وهو أبو بني عمون إلى اليوم). طبعاً أنا أبريء نبي الله لوطاً وإبنتاه من هذا فهو نبي كريم،، حاشاه أن يشرب الخمر إبتداءاً وحاشاه ألف مرة من أن يفعل الفاحشة حتى مع غير بناته فما بالك بمحارمه؟؟؟ وأنا هنا لا يسعني إلَّا أن أستغفر الله ربي أنني قد إضطررت لأن أكتب مثل هذا عن نبيه،،، فكان ذلك إجتهاداً مني فله العتبى مني حتى يرضى، وله العتبى إذا رضي،، وله العتبى بعد الرضى.

لم يمت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يقضي على عادات الجاهلية بكاملها وآخرها طواف العري ووئد البنات ووجود الأصنام بالبيت الحرام، فأصبحت مكة كلها حرم.
و ليست سورة النور فقط التي تطلب من النساء تغطية فروجهن، بل القرآن كله يفعل ذلك،، فإذا كانت عفة القرآن التي تفرد بها من دون سائر الأمم قد حرصت على تغطية الرأس والوجه ضماناً للعفة التي هي سمة المؤمن، فمن باب أولى أن يغطى العورة التي أصبحت لدى العالم المتحضر أو المتحجر، متاحة لكل كائن يمكنه الولوج دون تحرج فأصبحت المرأة مخترقة ومغلوبة على أمرها.

يقول الله تعالى في سورة المائدة "دستور المؤمنين": محذراً لهم من مغبة تحريم طعام طيب قد أحله الله لهم، لأن تحليل حرام أو تحريم حلال يعتبر تأله على الله تعالى، فلا يملك الحق في التحريم والتحليل سوى الله تعالى، لذا قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا - «لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ» -- «وَلَا تَعْتَدُوا» -- «إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» 87)، كما حذر من مغبة الإعتداء على الآخرين، لأنه لا يحب المعتدين. ثم أمرهم بأن يأكلوا من كل ما رزقهم وجعله لهم حلالاً طيباً، فقال: (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ - «حَلَالًا طَيِّبًا» - وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ 88)، فذكرهم بتقوى الله حتى لا يخالف حدوده ويتجاوزها بالتحايل على الشرع إن كان يؤمن بالله حقاً.
ولكن هذا الدعي أراد أن يتجنى على هذه السورة لإخراجها من معانيها،، فخسيء وخاب لأنه زادها بياناً وتبياناً، فالقرآن الكريم "مفحم" لأنه لا يمكن أن يلتبس على أحد إلَّا الذين أضلهم الله تعالى فيهلكون أنفسهم وتذهق أنفسهم وهم كافرون.

ثم حاول تحريف بعض آيات سورة الأعراف، ولكنه قد ورط نفسه لأنه لم يحسن الإختيار، قال تعالى في هذه السورة: (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا - إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ - إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ 27)، فكانت هذه الآية تشير إليه مباشرةً، ثم قال: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا - قلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ - أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ 28)، فهذا خطاب مباشر له فيه فضح بائن ونذارة مغلطة لا يلتفت إليها أمثاله، ثم قال لنبيه الكريم: (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ - وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ - كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ 29)، فالحقيقة أن من أضله الله لن تجد له ولياً مرشداً، فقال تعالى في ذلك: (فَرِيقًا هَدَىٰ-;- وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ - إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ 30)، وهذا بالضبط حال صاحبنا الذي أصر ويصر على إهلاك نفسه وهو لا يشعر بما أوقع نفسه فيه، فقال: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا - إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ 31)، فقد بين الله تعالى المحرمات من المأكولات، "الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، والمنخنقة والنطيحة والمتردية وما أكل السبع،،،الخ، فنهى من التحريم لغير ما حرم الله، فقال: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ - قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ - كَذَٰ-;-لِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ 32)، فقال لنبيه بأن يقول للمؤمنين ما هو الذي حرمه الله عليهم فقال: (قُلْ إِنَّمَا «حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» «وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ» - «وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا» - وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ 33)، وبين أن كل أمة مهما طال أجلها فإن له نهاية محتومة، قال: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ - فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً - وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ 34). فنقول لصاحبنا،، ماذا أعد لذلك اليوم الموعود الذي لن يخطئه أو يتفاداه؟ وكم بقي له من عرم،،، إن طال كان وبالاً عليه لأنه سيدخله في أرزل العمر؟ وهل سيبلغ ما بلغ شارون من الجبروت والتجبر؟

تحياتنا للقراء الكرام

بشارات أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليقنا على: بين اسلام مكة واسلام المدينة:
- تعليق على سامي الذيب - صورة الحمار:
- ردنا على تعليق: أحمد حسن البغدادي - (قل هو الله أحد):
- براءة سورة التوبة من تهمة السيف – الجزء الثاني:
- تعليق على -أنا VS غشاء البكارة- - الجزء الأول:
- تعليق على -أنا VS غشاء البكارة- - الجزء الثاني:


المزيد.....




- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - الجُبُّ والجَّيْبُ والحِجَابُ في أدبيات الكَذَّابَ: