أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - خالد قنوت - غربان الموت, إلى أين؟














المزيد.....

غربان الموت, إلى أين؟


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 4355 - 2014 / 2 / 4 - 06:09
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في سبعينات القرن الماضي كان الطيار السوري قمة في الشموخ و التقدير و محط إعجاب السوريين جميعهم, فقد كان مشهود لهم بالشجاعة و الاقدام منذ حادثة الشهيد فايز منصور و العقيد خضر ابن دير الزور عندما وقف على قدميه المبتورتين ليقدم التحية العسكرية عند عودته إلى الوطن بتبادل للأسرى عام 1974. من منا لا يذكر بطل الجمهورية أديب الجرف ابن مدينة السلمية الذي أسقط عدد من طائرات العدو عام 1973. حتى طيارينا الذين تعرضوا لهزيمة سنة 1982 إبان الاجتياح الاسرائيلي للبنان و إعلان الأسد وقف إطلاق النار من جانب واحد بعد أربعة ايام فقط من بدء الحرب, كان السوريين يحملون في قلوبهم المحبة و العرفان لفدائيي الوطن حيث بطائراتهم المتواضعة الأداء يقارعون أحدث سلاح جوي في العالم.
كان في حينا, في زقاق الصخر بدمشق, نقيب طيار حوامات و آخر ميغ 23. كانا فخراً للحي و للمنطقة. كنا أطفالاً و كباراً نقف لمشاهدتهما بلباسهما الرسمي الأزرق و النجوم تزين كتفيهما و يجتمع المارة عندما يرتديان اللباس الخاص بالطيران و قد حملا خوزتيهما ذات اللون الأبيض و الغطاء الأسود.
طيار الحوامات, سرح من الجيش و عانى الأمرين و اليوم هرب لاجئاً في إحدى الدول الاسكندافية, بينما الآخر قتل في حادث الطائرة الليبية التي عبرت المتوسط حتى وصلت لعمق الأراضي الإيطالية بعد أن فقد الوعي و هو في مهمة تدريب هناك.
خلال خدمتي الإلزامية خدمت بعدة مطارات عسكرية سورية, كان التباين واضحاً بين طياري السبعينات و بين طياري التسعينات. معظم الطيارين الذين التقيت بهم كانوا محبطين و متأففين و مستعدين لعمل الكثير حتى يستريحوا من الخدمة أو أن ينتقلوا إلى المخابرات الجوية حيث السلطة و التسلط و الثروة. قليل منهم كان يحمل تلك الشآمة و الاعتزاز بكونه طيار سوري يحمل من السمعة الطيبة و العزة الكثير رغم إدراكه بتواضع إمكانيات السلاح الذي يعمل عليه بما يقابله في البلد المعادي له في المنطقة.
كانوا يهمسون لبعضهم, عن أيام العز, ايام اللواء ناجي جميل الذي كان قائد القوى الجوية, حيث كانت الامتيازات و العطاءات تنهمر عليهم و الدعم المادي و المعنوي و لكن كل ذلك ذهب إلى جيوب بعض المتفذين في سلاح الجو و مخابراته و صارت الطلعة الجوية التدريبية هي عملية انتحار لندرة وجود قطع غيار للطائرات.
في حادثة حصلت بوجودي بالخدمة, تم فرز عدد من السيارات السريعة الحديثة لصالح ما يسمى الدرجة حيث على الطيارين أن يكونوا جاهزين على عدة مستويات تسمى الدرجات للتصدي للطيران المعادي, سبب هذا العطاء الأسدي هو تعطل كل السيارات القديمة الروسية الصنع و حتى سيارة الاسعاف منها حيث توفي طيار مصاب على الطريق من المطار لمدينة حمص في طريق استغرق اربع ساعات في حين تقطعه السيارة العادية بنصف ساعة. المهم أن هذه السيارات تم سحبها من قبل قيادة المطار لأن معظم الضباط لا يملكون سيارات لتنقلاتهم و يلاقون الأمرين في المجيء و العودة كل يوم للمطار من بيوتهم. لا أدري مالذي حدث بعد ذلك لأني انهيت خدمتي هناك.
ما سبق أن ذكرته كان في حالة استرجاع ذاتية لوجوه الطيارين الذين قابلتهم آنذاك, و أنا أرى البراميل المتفجرة تنهمر على أهلنا في المدن السورية و تحصدهم عائلات و بيوت و وطن. لا أصدق أن واحداً منهم يمكن أن يقوم بهذا العمل الجبان و الخسيس. أقولها بصراحة, لقد سمعت بالعديد منهم قد سرح من الخدمة و عدد منهم مازالوا و لكني لا أشك لحظة بوطنينتهم و حبهم لسورية و للسوريين و استعدادهم للتضحية بأرواحهم من أجل الذود عنهم.
طبعاً, كان القليل منهم يحمل حقداً و نزعة طائفية و كانوا معروفين للجميع لأنهم كانوا يتمتعون بمزايا لا يتمتع بها الآخرين و كان لهم ارتباطات مع جهاز المخابرات الجوية الرهيب, و حتى هؤلاء كانوا متواضعي الأداء الفني و لديهم أخطاء في القيادة و التحكم بالطائرة و قلما وضعوا على جدول الطيران.
منذ عقود, عمل نظام الأسد الأب على تفريغ هذا السلاح الهام, و كان هو أحد أفراده, من كل العناصر الشجاعة و المتميزة و القادرة على تطوير هذا السلاح إما بالتسريح أو بالتجميد أو بالإهانة عندما يمنع ترفيع عدد من الضباط ليصعد آخر له الحظوة و الثقة من قبل القيادة ليصبح قائداً لهم. هذا ما رأيته بأم عيني في مطار حماة حيث تم تجميد ضابط فني متميز استطاع أن يعيد ترميم طائرة محطمة بجهوده و خبرته لكنه أغلق على نفسه باب غرفته سنوات و سنوات لأنه جمد برتبته العسكرية بينما يرى مستجدين له قد تجاوزوه و صاروا أعلى رتبة منهم و عليه أن يقدم لهم التحية العسكرية.
قد يكون لدى النظام طيارين مرتزقة يعملون على قتل الشعب السوري و لكن قد يكون ايضاً هناك طيارين يرمون ببراميل الموت يومياً دون أن يرف لهم جفن و هم يحملون الهوية السورية و لكنهم لم و لن يكونوا سوريين يوماً منذ أن عملوا مخبرين على رفاقهم في السلاح و منذ أن هبطت على أكتافهم النجوم بدون عناء سوى مسح أحذية بيت الأسد و قادة أجهزة مخابراته.
من يرمون حمم الموت على حلب و داريا و حمص و حماة و دير الزور و إدلب و الغوطتين و حوران, ليسوا سوريين و ليسوا من البشر أيضاً, هم غربان الموت, قتلة مأجورين و القتلة المأجورين لا جنسية لهم و لا ضمير لهم, مصيرهم محاكم الإعدام التي لن تغفل عنهم و لو ركبوا بحور العالم. فإلى أين؟



#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنيف 2, نحو الجنة السورية
- الحرية تؤخذ و لا تعطى
- علم مقابل وطن
- القضاء على الحاضنة الشعبية للثورة
- الجيش الحر و انتقام النظام
- استراتيجية المفاوضات في مسيرة الثورة السورية
- حصاد الرؤوس الكبيرة
- هي هجرة أخرى ..فلسطينيون سوريون
- سوريون..و لا نخجل
- التصويتات على تأديب الأسد
- الضربة التأديبية, فأين المفر؟
- الخمسين, بين ماضي الهزائم و حقيقة الانتصار
- في حضرة الموت السوري, ستولد الحرية
- التاج يسقط في الشام
- حصار الشعب الذي يريد
- من أين جاؤوا هؤلاء؟؟
- تقاطعات بين استراتيجيتين على حساب ثورة السوريين
- عيد ميلاد كندا و الولادة العسيرة لسورية الجميلة
- الرحمة للمناضل و الإمام المغيب الشهيد موسى الصدر.
- القصير.. الثورة لا تسقط


المزيد.....




- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - خالد قنوت - غربان الموت, إلى أين؟