أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - قحطان محمد صالح الهيتي - مذكرات جندي















المزيد.....

مذكرات جندي


قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4353 - 2014 / 2 / 2 - 20:43
المحور: سيرة ذاتية
    


اليوم هو الأول من شباط من العام 2014، اليوم الذي تلا تفجير جسر هيت الحديدي، فانقطع التواصل بين طرفي المدينة، ومع انقطاع الجسر انقطعت خدمة الانترنت عن المحافظة كلها، وقبل فجر هذا اليوم انقطعت خدمات الهاتف النقال، ومع كل هذه الانقطاعات وكالعادة انقطعت الكهرباء، ولولا أن بيوت مدينتي وشوارعها تغيرت لقلت بأننا عدنا الى خمسينيات القرن الماضي ، ولكن سمات الحاضر والتحضر مسحت ذلك الماضي الجميل عن نظري ، ولكنها لم تمسحه من عقلي ووجداني ، وحيث أنني أفلست من الانترنت ، والمثل يقول: (إذا افلس التاجر فتش في دفاتره القديمة)، ولأنني لست تاجرا فلا دفاتر عندي لأعود اليها وأمارس مهنتي وتخصصي الذي أحبه في المحاسبة ، فقد عدت الى دفتر لا يكاد اي واحد منا – نحن الذين ولدنا في العقود السبعة الأولى من ذلك القرن– لا يملكه، إنه دفتر الخدمة العسكرية.

قلبت صفحات هذا الدفتر الذي يحمل الرقم (35651) الصادر عن دائرة تجنيد هيت في 3/4/1967، وفيه تبلغت بالحضور للفحص النهائي والسوق في 10/10/1967 ونتيجة استمراري بالدراسة الجامعية طالبا في كلية التجارة – جامعة بغداد – قبل ان يتغير اسمها الى كلية الإدارة والاقتصاد، فقد تم تأجيلي عن السوق الى الخدمة العسكرية الإلزامية طيلة مدة الدراسة الجامعية.

بتاريخ 1/10/1972 تم سوقي ومجموعة من الخريجين الى مركز تدريب الرمادي لأداء الخدمة العسكرية. وعلى وفق السياقات العسكرية المعتمدة التي يتم بموجبها منح كل جندي رقما خاصا يرافقه مدى الحياة، وإذا ما كان يسأل عن اسمه يقول:( إني الرقم ثم يذكر اسمه الكامل ويختمه بكلمة سيدي)، فقد تم (ترقيمي) وكان رقمي العسكري هو (166280).

وبعد أن تدربنا على حمل السلاح، وعرفنا الضبط العسكري وأصوله وانتهت مدة التدريب، تم توزيعنا على الأصناف التي تتناسب مع تحصيلنا العلمي، وكان نصيبي مع زميليّ وصديقيّ العزيزين الأستاذ الدكتور عبد الهادي رجب حبيب – رئيس جامعة الانبار الأسبق – والأستاذ الدكتور ناجي السعدون أستاذ المحاسبة وأول عراقي يحمل أعلى شهادتين فيها (الجارترد، والدكتوراه) والذي يشغل حاليا منصب عميد لأحدى الكليات في دولة الإمارات العربية هو مديرية الإنتاج العسكري في وزارة الدفاع.

وهناك أجريت لنا القرعة، وكانت نتيجتها ان الجندي المكلف ناجي السعدون في مصنع الاعتدة الخفيفة في ابي غريب، وأنا وهادي في مصنع الأسلحة الخفيفة (مصنع 7 نيسان) في المسيب. وأنهينا الخدمة المقررة علينا بحلوها ومرها، وهي سنة واحدة وتسرحنا من الجيش في يوم 2/10/1973 قبل حرب تشرين بأربعة أيام فقط، وعُينا موظفين كل حسب اختصاصه، هادي مدرسا في ثانوية فلسطين، وناجي محاسبا في مديرية طرق الانبار، وانا محاسب في رئاسة المنطقة الزراعية لمحافظة الانبار.

وبتاريخ 24/7/1974تم سوقي الى سرية حراسة التاجي لأداء خدمة الاحتياط، ومنها تم سوقي الى الفرقة الثامنة في أربيل ومنها نقلت الى سرية انضباط الفرقة، ومنها نسبت للعمل في المحكمة العسكرية الخاصة في أربيل، وبقيت فيها الى أن توقف القتال وسُرحت من الخدمة بتاريخ 11/5/1975.

ولم يطل بنا التمتع بالوظيفة والعيش بسلام والسعي لبناء اسرة وبيت حتى تمت دعوة مواليدي لخدمة الاحتياط مرة ثانية، وتم سوقنا أنا وبعض أصدقائي من أبناء مدينة هيت بتاريخ 20/4/1980 الى مدرسة قتال الفرقة السابعة في السليمانية، ومنها نقلنا الى كتيبة استطلاع ابي وقاص على أمل انتهاء خدمتنا المقررة وهي ستة أشهر، ولكن نار الحرب العراقية - الإيرانية التي اشتعلت في 4/9/1980 ابقتنا هناك، حتى صدر امر من قيادة الفرقة بنقلنا أنا وبعض الجنود الأصدقاء لأسباب سياسية الى الفوج الثالث لواء المشاة 99 في 1/10/1982 وكان الفوج المذكور في جبهة القتال في قاطع مندلي وكانت المعارك في اشدها ولم يمضي أسبوع واحد فقط حتى استشهد واحد منا الشهيد سامي جمعة عمران.

وبتاريخ 16/12/1982تسرحت من الجيش استنادا الى قرار مجلس قيادة الثورة ذي الرقم (1136) لكوني من القومية الكردية، وبعد أن استلمت (دفتر الخدمة) وباشرت وظيفتي، تمنيت ان تنتهي تلك الحرب اللعينة ولكنها لم تنتهِ ، ولما اشتدت المعارك بعد احتلال الفاو تمت دعوة مواليدي لخدمة الاحتياط للمرة الثالثة ، وتم سوقنا الى مدرسة قتال قوات الحدود في بغداد الجديدة بتاريخ 19/3/1986وبعد انتهاء التدريب الروتيني نقلنا الى أحد الألوية المشكلة حديثا في تكريت باسم احتياطي القائد العام وكان لوائنا هو لواء المشاة 82 وكان عليّ وعلى زملائي من مواليد 1949 نظرا لخبرتنا العسكرية المتراكمة في (الأقلام) ان نتولى الأمر في تنظيم اغلب الأمور الإدارية سيما وأن اكثر الضباط كانوا حديثي التخرج وقليلي الخبرة، وقبل ان يكتمل تشكيل اللواء تحرك الى البصرة ، وفي البصرة كان موقعنا الخلفي في محلة الخمسة ميل ،والمتقدم على ضفاف شط العرب من ناحية غزوان الى شلهة الأغوات للتصدي للمتسللين عبر شط العرب ، وكنت حينها في مكتب الرواتب، وكان معي في اللواء المذكور زميلي وصديقي في الإعدادية والجندية الجندي الاحتياط عبد المنعم خليل ابراهيم الذي كان مسؤولا عن قلم الفوج الثالث والذي عبر شط العرب سباحة في 17/1/ 1988فيما عرف بمعركة الحصاد الأكبر حاملا بندقيته وختم الفوج معه الى الضفة المقابلة لفوجه، وحين وصل الصوب الآخر في قضاء ابي الخصيب تصدت له إحدى فرق الاعدامات وارادت إعدامه ، ولكنه افهمها الواقع الذي كان فيه الجيش وان القوات الإيرانية قد وصلت الى نهر جاسم فاحتجزوه ؛ ثم اطلقوا سراحه مع بقية الجنود الذين وصلوا الى هناك، بعدها قُبل في الدراسات العليا فتسرح من الجيش وحصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه بتفوق وهو الآن يشغل منصب عميد كلية الشريعة في الجامعة الإسلامية ببغداد.

ولما اشتدت المعارك في حلبجة صدرت الأوامر للوائنا في آذار 1988بالتحرك الى هناك وكان واجبنا في منطقة (قطره) في دربندخان وبقينا هناك الى يوم 8/8/1988 حيث توقفت الحرب، وبعدها صدرت الأوامر للتحرك الى أربيل وبالتحديد الى قاطع راوندوز للمشاركة في معارك (الانفال)، وبعد ان انتهت معارك الانفال عاد اللواء الى البصرة، وبقيت فيه حتى تسريحي منه في 2/3/1989.

أعود الى مهنتي محاسبا لأحسب المدة التي قضيتها في الخدمة العسكرية، فاجمعها أياما واشهرا وسنينا، والنتيجة هي (سبع سنوات واربعة أشهر وستة وعشرون يوما) والتي كنت فيها جندي مشاة سالم مسلح يعني (صالح لخدمة الوطن)، ولكنني لم أقبل في الدراسات العليا ولا في ديوان الرقابة المالية، ولا في دوائر الملحقيات الثقافية، وممنوع من السفر لأني (غير سائر في خط الثورة) هذه الجملة التي كانت تطلق على كل من لم يكن بعثيا في ذلك العهد، فيُحرم من الامتيازات المقررة له كمواطن. لقد كنت ومثلي الكثيرون مواطنين صالحين و(واجب) علينا أداء الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياط، ولكن ليس من (حقنا) أن نكمل دراستنا العليا أو التوظف في وظائف متميزة لأننا غير سائرين في خط الثورة.

لقد أعادني دفتر خدمتي الى تلك الأيام بحلوها ومرها، ولكنها تظل ذكريات جميلة في سفر حياتي، ولم أكن انوي الكتابة عنها، ولكنني اليوم مكره لا بطل، فقد اكرهتني الانقطاعات التي ذكرتها آنفا على أن اذكرها، وكان هذا المقال. وأتمنى ألا يضاف الى هذه الانقطاعات انقطاع من يتواصل معي لأن هذا يعني موت مبكر لي مع كل الأمنيات للجميع بالمحبة والمودة والسلام.





#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنتخب الشيعي والمنتخب السني
- التغذية المدرسية من الزعيم الى محمد تميم
- المرأة بين الضرب والهجر
- النارجيلة
- قولي أحُبك يا حبيبي
- المسبحة تاريخا وصناعة وشرعا
- مَن مع مَن في مصيبة الأنبار؟
- الشاعر والصحفي والأستاذ
- هذا مو انصاف منك
- عبد الغفور جاسم محمد عبيد
- حقيقة أمينة العاصمة سعاد العمري
- الليلة التي لم تنطق بها شهرزاد
- الراشدي
- بشرى
- قصة مدرسة
- دعوة الى الإستثمار
- ليلة زكريا
- إيمان مهدي
- حبي جميل
- حميدة


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - قحطان محمد صالح الهيتي - مذكرات جندي