أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دينا عسل - ميثولوجيا السياسة المصرية















المزيد.....

ميثولوجيا السياسة المصرية


دينا عسل
(Dina Asal)


الحوار المتمدن-العدد: 4353 - 2014 / 2 / 2 - 02:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن الميثولوجيا والتي تعني بالعربية سرد القصص أو المعروف بعلم الأساطير كانت تستخدم لتفسير الأحداث وشرح الطبيعة والإنسانية، وعلى الرغم من أن هذه الأساطير القديمة يُنظر إليها على أنها شكل من أشكال الخيال والخرافة إلا أن هذه الأساطير كانت تحمل بين طياتها معنى عميق يناسب كل زمان ومكان ويصلح لأن يجسد واقع يبدو أسطوري. فعلى سبيل المثال، سيزيف وفقا للميثولوجيا الإغريقية حكمت عليه الآلهة بسبب احتقاره لهم وكرهه للموت وشغفه بهذه الحياة أن يبقى في عقاب أبدي بأن يصعد الجبل بحجر ضخم حتى إذا وصل قمته يهوي الحجر مرة أخرى إلى سفح الجبل بسبب ثقله وهكذا إلى الأبد، ظنا منهم أنه لا يوجد عقاب أبشع من القيام بعمل بلا جدوى.

رغم أن هذا هو عالم الأساطير إلى أننا نرى فيه واقعنا، قد يكون سيزيف بطل اللاجدوى يجسد الواقع الذي نعيشه في القرن الواحد والعشرين ويجسد حال المصري سواء حاكم أو محكوم.

فهؤلاء يطمحون ويسعون نحو الكراسي والمناصب السياسية، يبذلون كل كيانهم من أجل الوصول إلى غايتهم وفور وصولهم إليها يبذلون كل ما في وسعهم للحفاظ عليها بشى الطرق والوسائل إلى أن يسقطوا في نهاية المطاف طالت فترة حكمهم أو قصرت لكن حتماً كان وسيكون هناك نهاية لأن هؤلاء لم يكن في تفكيرهم سوى مصالحهم حتى وإن كانت تتعارض تلك المصالح مع مصالح الوطن وشعبه. ففي كل مرة كان يصعد فيها سيزيف نحو قمة الجبل حاملا صخرته كان يراها وهي تتدحرج نحو الأسفل خلال لحظات معدودة وهكذا حال كل من سعى وسيسعى نحو كراسي ومناصب زائلة، وخير دليل على ذلك هؤلاء الحكّام الذين كادوا أن يضحوا بشعوبهم في سبيل الكراسي كانوا على مدار التاريخ مهزومون ومغلوبون في مسعاهم أمام قوة الشعب الثائر.

على الرغم من أن هذه الأسطورة تبدو مأسوية إلا أن هذا هو حالنا منذ ثورة 25 يناير، فمشهد الثورة المصرية التي تحاكى بها العالم في 2011 وأصبح بالنسبة لنا بمثابة عيدا للنصر على النظام المباركي لم يحقق الآمال التي خرجت الملايين للميادين من أجل تحقيقها حتى أننا بعد ثلاثة أعوام لم نصل لمبتغانا بعد، رغم تحمل الكثير من الصعوبات والعقبات فقد دفع خيرة الشباب حياتهم ثمنا من أجل أن نعيش نحن حياة أفضل ولكننا لازلنا ندور في نفس ذات الحلقة المفرغة المتمثلة في الآتي: العام الأول "عام الثورة": قيام ثورة 25 يناير 2011، تنحي الرئيس ثم حل الحزب الحاكم والبرلمان وتعليق العمل بدستور البلاد، ثم التصويت على التعديلات الدستورية 19 مارس 2011 (تفوز نعم) ثم الانتخابات البرلمانية على ثلاثة مراحل تبدأ يوم 28 نوفمبر 2011 وحتى 11 يناير 2012.

العام الثاني: الاحتفال بالذكرى الأولى لثورة يناير في 2012، ثم التصويت على الانتخابات الرئاسية حيث الجولة الأولى من الانتخابات يومي 23 و24 مايو من عام 2012، ثم حلّ البرلمان لعدم دستوريته قبل 48 ساعة من جولة الاعادة يومي 16 و17 يونيو، يأتي الرئيس في 1 يوليو 2012، ثم التصويت على الدستور في 15 ديسمبر 2012 (تفوز نعم).

العام الثالث: الاحتفال بالذكرى الثانية لثورة يناير في 2013، ثم تقوم ثورة 30 يونيو 2013، عزل الرئيس ثم حل جماعة الإخوان وتعليق العمل بدستور البلاد، ثم التصويت على التعديلات الدستورية في 14 و15 يناير 2014 (تفوز نعم).

بداية العام الرابع: الاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة يناير في 2014، تحديد الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية في 26 يناير 2013 ...

وهكذا ظل المصريون على مدار الثلاثة أعوام مثلهم مثل سيزيف هو يصعد بالحجر ليسقط في النهاية إلى السفح وهم يخرجون إما للتظاهرات أو الاستفتاءات أو الانتخابات أو حتى الاحتفالات دون الوصول إلى الشكل مستوفي من حيث "دستور ورئيس منتخب وبرلمان" ففي كل مرة كان دائما هناك عنصر مفقود.

حتى في الاحتفالات بذكرى الثورة لم تكن احتفالات بمعنى الكلمة وكانت تغيب أحد العناصر أو تمتنع عن المشاركة فقد وجدنا في الذكرى الأولى في 2012 أنصار الاخوان المسلمين يحتفلون خصوصا وأنهم كانوا أكبر المستفيدين من هذه الثورة مع نجاحهم الكبير في الانتخابات البرلمانية الأمر الذي جعلهم أكبر قوة في البرلمان الجديد حينها، بينما المجموعات الاخرى حرصت على التشديد على أنها حضرت إلى الميدان لاستكمال الثورة وليس للاحتفال بنجاحها، لأنها بنظرهم لم تكن قد اكتملت بعد.

أما عن الاحتفال بالذكرى الثانية في 2013 فقد وجد المصريين أنفسهم أمام عدة خيارات إما الاحتفال بالثورة مع تيار الإسلام السياسي الذي رأى أن الثورة حققت أهدافها بتولي الحُكم رئيسا منهم وإما القيام بثورة على هذا النظام الجديد الذي كان يعمل على أخونة الدولة ويهمش المعارضين ممن كانوا يعلنوا أنه لابد من استكمال الثورة كما كان يرى البعض الآخر أن الثورة لا زالت مستمرة لأن الثورة لن تحقق أهدافها بعد فالثورة لم تقم لتغيير النظام مبارك لتأتي بنظام آخر يمشي على خطاه ولكن هذه المرة باسم الدين.

في الذكرى الثالثة في 2014 كان الوضع مختلف تماما فقد قامت ثورة أخرى حققت التخلص من الهيمنة الإخوانية ألا وهي ثورة 30 يونيو ومن بعدها عدنا من جديد للحكم الانتقالي وقد تم إجراء استفتاء على التعديلات الدستورية وبرغم أن الاستفتاءات التي تم إجرائها على مدار الأعوام السابقة كانت تفوز فيها "نعم" إلا أن فوز "نعم" هذه المرة أغضب أنصار الرئيس المعزول حتى أنهم أخذوا يشككون في النتائج قبل إجراء الاستفتاء وادّعوا أن هذا الدستور لا يطبق الشريعة الأسلامية على الرغم من أن الإسلام والدين بشكل عام موجود فى قلوب وضمائر ونفوس بنى البشر ولا يستطيع دستور أن يمحى الدين أو أن يلغيه كما يدعى البعض.

برغم أنهم قبلوا بالنتائج السابقة وبرغم أنهم أيضا رفضوا المشاركة في الاستفتاء وأصدروا فتاواهم بالمقاطعة إلا أنهم لم يقبلوا النتائج فمن باب أولى كان عليهم أن يشاركوا ولو بـ "لا" فمشاركة أي مصري في أي استفتاءات أو انتخابات هي بمثابة واجب وطني حتى وإن كانت بـ "لا". لذا فإن التشكيك في نتيجة الاستفتاء لا يمكن أن يقال عنه سوى أنه هراء ليس إلا، وقد يكون السبب وراء تصويت المصريين بـ "نعم" في جميع الاستفتاءات السابقة هو أنها بمثابة ناقلة من مرحلة لمرحلة أو نقطة بناء للتخلص من فكرة التعليل بالمرحلة الانتقالية وعودة الأمن للشارع المصري وفتح مجالات الاستثمار لتدق ساعة العمل ويعود الاستقرار. وهؤلاء المشككون هم على ما يبدو يريدون ألا تنعم مصر بالاستقرار واختاروا بإرادتهم التنحي عن أي مشاركة سياسية عندما رهنوها بعودة الدكتور مرسي للمشهد السياسي كما أنهم أعلنوا كرههم ورفضهم للدولة ومارسوا العنف ليفسدوا فرحة المصريين بالاحتفال هذه المرة.

حقاً، لم يكن هناك احتفال هذه المرة فالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير لم تكن سوى حزن جديد على شهداء جدد، فقبل الاحتفال بيوم وقع تفجير مديرية أمن القاهرة والذي أسفر عنه هو الآخر سقوط ضحايا ومصابين، يبدو أن الغرض من تفجير المواقع الشرطية هو رمزية المكان خاصة وأنه لم يكن الانفجار الأول، فقبله بأسابيع قليلة كان تفجير مديرية أمن الدقهلية، وأعلنت جماعة تُدعى "أنصار بيت المقدس"، مسئوليتها عن كلا الانفجارين، ولا أعلم لماذا أطلقت هذه الجماعة على نفسها أنصار بيت المقدس إذا كان بيت المقدس لازال تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي فلماذا إذن يوجهون مدافعهم وإرهابهم نحو المصريين؟! إن هذه الجماعة أو غيرها من الجماعات التي تمارس الإرهاب هدفهم هو زرع الموت والخوف في كل مكان وغايتهم هي حصد ما يمكن حصده من الأرواح دون تمييز لزراعة بذور الفتنة والتفرقة ولكن شعبنا عرف هذه اللعبة والغاية منها.

وهكذا تتطور الأحداث في مصر بشكل متسارع وما جري على مدار السنوات القليلة الماضية يستحق منا التفكير في الوضع الحالي. فالآن نحن بصدد إجراء انتخابات رئاسية بعدما أعلن الرئيس المؤقت عدلي منصور تعديل خارطة الطريق وإجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، لذا على من سيأتي رئيساً لمصر أن يكون قد استفاد من دروس التاريخ وعليه أن يفكر ملياً في مفهوم الوطن والشعب وليس في المصطلح الذي يتاجر به الكثيرين من دون أن يعنوه، كما أن عليه العمل من أجل إحلال الاستقرار بدلاً من حالة الاحتراب السياسي خاصة تلك التي لها بُعد إخواني لينتهي العنف وتسود حالة التسامح السياسي.

وعلى ذكر الانتخابات الرئاسية القادمة أتمنى أن يكون هناك مرشحات من النساء ليتنافسن أمام المرشحين الرجال فمشاركة المرأة في الاستفتاء الأخير وبروز دورها يؤكد أنه لابد من خوض المرأة المصرية الانتخابات الرئاسية وهذا لم يكن جديد عليها فأول امرأة حكمت في العالم كانت الملكة حتشبسوت المصرية.

أما عن حق الشعب فهو ليس فقط في أن يختار ويرشح وينتخب ولكن هناك دور مماثل متمثل في العمل على أمل تحويل بلادنا إلى بلد حرّ ومستقلّ يقوم على أساس الوحدة الوطنية الصلبة وعليه أيضا ألا ييأس في كل مرة يعاود فيها العمل من جديد من أجل بلوغ الهدف. ما لفت انتباهي تحديدا في أسطورة سيزيف هو هذه الوقفة وتلك العودة التي يغادر فيها القمم ليعاود العمل من جديد، وعلى الرغم من أن النضال بحد ذاته من أجل بلوغ القمم يكفي لكي يجعل الإنسان يشعر بالهدف لكن وضع سيزيف كان مختلفاً ربما لم يكن بإمكان سيزيف التمرد على وضعه الحالي لذلك كان عمله بلا جدوى لكننا نحن المصريون قد تمردنا لذا فهناك أمل في أن يكون عملنا بجدوى هذه المرة.



#دينا_عسل (هاشتاغ)       Dina_Asal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دينا عسل - ميثولوجيا السياسة المصرية