أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الحسين شعبان - رحل العروبي -الأبيض- !














المزيد.....

رحل العروبي -الأبيض- !


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4351 - 2014 / 1 / 31 - 20:40
المحور: سيرة ذاتية
    


على نحو مفاجئ غاب عبدالله عمران تريم الاعلامي البارز والمتميّز، هكذا غادرنا بلا مكتوب أو هاتف أو كلمة وداع عبر البريد الالكتروني، ومثلما عاش هادئاً ومسالماً، فلقد اختفى مثل الضوء بلا صخب، وكأنه أراد أن يذكّرنا بأن الحياة بما فيها من ضجيج وصراع وألم، إنما " رحلة ساعة"، فانسحب إلى ركنه الأبدي، هادئاً مطمئناً.
أربعة قضايا امتاز بها الراحل: أولها حبّه لدرجة العشق والوله للكلمة الحرّة والجملة الرشيقة والخبر الصادق، فقد كان يدرك أن وظيفة صاحبة الجلالة "السلطة الرابعة " تقتضي الوعي والمسؤولية ونقل الحقيقة، فالصحافي هو مؤرخ اللحظة حسب البير كامو، ولهذا سعى بما توفّر لديه من مواهب وإمكانات لأن يجعل الوسيلة الاعلامية تخدم الحقيقة، وهي الهدف الأسمى .
وثانيها ربطه المُحكم بين الغاية والوسيلة، فلم يكن يختار الاّ الوسيلة الشريفة لتحقيق غايته النبيلة، مثلما كان غاندي يجمع الغاية بالوسيلة، التي لا يمكن أن تفترق عنها، فالبذرة من الشجرة والشجرة من البذرة، ولا يمكن الانفصال بينهما.
وثالثها أنه جمع على على نحو ديناميكي بين الشكل والمضمون، وبين الحرف الأبيض الأنيق والكلمة النظيفة، وبين المعاني والدلالات التي يريدها، مؤاخياً على نحو عميق وعفوي ما بين الفعل ونتائجه.
فلم يكن عبدالله عمران عاشقاً للخبر الصحفي فحسب، بل هو عاشق للمفاجأة والحدث، معتبراً أن لكل حدث سبب ونتيجة، وهكذا كان منهجه في التعامل مع القضايا الكبرى وكذلك مع التفاصيل، التي من دونها لا يمكن رؤية الصورة كاملة.
ورابعها هو حبه للحياة، فشخصية عبدالله عمران كانت أميل إلى التواصل والتفاعل والاتصال، وكان يرى في مساحة وطنه العربي موطناً أساسياً له، من لبنان إلى المغرب ومن الشارقة إلى مصر ومن العراق إلى السودان، فقد كان يعدّ الحياة ويشتهيها.
رجل يشبه كثيراً ما كان عليه الراحل تريم عمران، فذلك الرجل المؤسس كان يرى في العمل الصحافي حالة كدح وتضحية ومتاعب لاستجلاء الحقيقة، وهي سعادته الكبيرة، وغبطته الدائمة، إنه الريادي الذي حاول دوف الحقيقة بالمهنية والعقلانية.
قد ترك لنا عبدالله عمران تراثاً ونهجاً تتمثله اليوم صحيفة ورعيلاً من الصحافيين الذين يسعون وراء هذه الحقيقة، ويتوسمون المهنية، كأسلوب يتناسب مع ما وصلت إليه الصحافة العالمية المتطورة، فقد سعى المؤسسان الراحلان د عبدالله عمران وتريم عمران، إلى استشراف تلك المهنية والعقلانية عبر حوار حقيقي لا يخص دولة الإمارات فحسب، بل كان يمتد إلى الوطن العربي برمته، ولعلّ تلك النظرة العروبية الجامعة هي التي كانت وراء عدم دخول صحيفة الخليج طيلة حياتها ووجودها، كطرف في أي نزاع عربي، بل كان همّها هو قضية العرب المركزية فلسطين، بما تحمله من دلالات للتحرر والتنمية، ناهيكم عن امتداداتها العربية.
وبقدر ما كان الراحل عبدالله عمران منشغلاً بقضايا التربية والتعليم في الإمارات والعالم العربي عموماً، فإنه انشغل بقضايا العدالة، لاسيّما عندما كان وزيراً للعدل 1971-1972، وظلّت العدالة على مدى حياته هاجسه الأساسي. وكان له دور مهم في تكوين بنية اتحاد دولة الامارات العربية، حيث ساهم في المفاوضات التحضيرية لإقامة دولة اتحاد الامارات العربية، ولعلّ هذه الرؤية الوحدوية والتوحيدية هي التي أهلته للدفاع عن عروبة الجزر العربية الثلاث العام 1971، وظل يدعو لاستعدادتها بجميع الوسائل المشروعة.
وليس غريباً أن تنظر القوى والتيارات العروبية، تنظيمات ومفكرين وإعلاميين، إلى عائلة آل عمران بالذات بوصفها سنداً أكيداً لمواقفها ونضالاتها منذ سنوات الستينيات ولحد الآن، فالعروبة بالنسبة لعبدالله وشقيقه تريم عمران لم تكن تعني آيديولوجيا للتميّز أو للاستعلاء بقدر ما كانت رابطة عضوية طبيعية وحقوقية وإنسانية أساسها اللغة والدين.
إن خسارة الأمة العربية برحيل عبدالله عمران تكاد تكون مضاعفة في زمن التفتت العربي، وذلك لغياب صوت موحِّد وجامع، وإعلامي مهني راقي، وعقلاني رفيع المستوى، إضافة إلى أنها بأشد الحاجة اليوم إلى قلم وصحيفة تنتمي لوجدانها، وهو ما كنت ألمسه عند معالجتي منذ عقد من الزمان لقضايا العراق بالذات، حيث كان يطلب مني كتابة القسم المستقل الخاص به، ليدرجه في التقرير الاستراتيجي السنوي.
لم أشأ أن أكتب مرثية إلى الراحل، بل قصدت كتابة رسالة وداعية أخيرة، لأقول له اشتياقاً، فقد كان حلمه بالعدالة والحقيقة والسلام كبيراً، وبالثقة بالمستقبل، على الرغم من أن الكثير مما حولنا لا يشي بذلك، وأعتقد أن البذرة الطيبة لا تنبت إلاّ نبتً صالحاً، فصحيفة الخليج، ومؤسسة الخليج لاحقاً، والتي ابتدأت منذ العام 1970 وتواصلت بعد العام 1980 ولحد الآن، هي الوجه الأنصع للخليج الذي نراه بوابة عربية للمشاركة بالحضارة البشرية والمشترك الإنساني.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “الوجه الآخر” لتركيا
- جنيف 2 واستعصاء الحل!
- النجف في الجامعة اليسوعية
- مغارة -علي بابا- الأسوأ من ووترغيت!
- دستور مصر: في الطريق إلى الاستفتاء !
- جدليّة الكولونيالية !
- العودة إلى ما قبل أوسلو
- تركيا وبرزخ «الفساد»!
- صفاء الحافظ وصباح الدرّة :ثلاثون عاماً على الإختفاء القسري
- أحقاً هي السلطة الرابعة؟
- هل استوطن الإرهاب في العراق؟
- البحرين: إضاءات على طريق الوحدة الوطنية والتغيير والعدالة!
- رذيلتان لا تنجبان فضيلة
- عبد الرحمن النعيمي اليساري الأكثر اعتدالاً: حين يعجن وسيلته ...
- مانديلا وثلاثيته الأثيرة!
- براغ والقدس
- نيلسون مانديلا .. الأسود الأكثر نصاعة
- موسم الانتخابات العربية
- الجاسوس والجاسوسية!
- التغيير: الشرعية ونقيضها


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الحسين شعبان - رحل العروبي -الأبيض- !