غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4351 - 2014 / 1 / 31 - 18:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ورقـــة بــيــضــاء
مؤتمر Genève 2 أو Montreux أو سموه ما شئتم من التسميات الأجنبية أو العربية الطنانة الطبولية.. انتهت فترته الأولى التي دامت خمسة أيام من الإثنين 27 كانون الثاني 2014 لغاية 31 منه... ولكنه حتى الآن ورقة بيضاء, لم يسطر عليها سوى كلمة : فــراغ.. أو لا شـــيء!!!... على اعتبار أن الفرقاء المجتمعين.. الحاضرين الغائبين.. لا يتكلمون نفس اللغة... وكل كلمة بقواميسهم الجديدة, عندما تترجم للغة الأمريكية.. يأتي تفسيرها بالأمريكي.. عكسية بربية غير مفهومة.. وبلا من البحث عن كلمات مثل سلام, أو قف إطلاق النار أو عدم التسليح... تأتي بيانات حكومية أمريكية, بأنهم سيعودون إلى تسليح الفرق الإسلامية التكفيرية على الأرض, باختلاف تسمياتها.. كأنما ممثلي الولايات المتحدة الأمريكية ليسوا طرفا بهذا المؤتمر.. إنما يذكرنا بكل لحظة أنهم الطرف الذي أعلن الحرب.. وما زال يوجهها.. ويفجرها.. ويسلح ويدير جحافل مقاتليها الغرباء...
إذن يعود السؤال الضروري... ما فائدة هذا المؤتمر؟؟؟...
هل هو مصنع لتشغيل إعلام العالم كله, وتسلية المجتمع العالمي, بمسلسلات من أدنى الدرجات, وإملاء فراغات الغباء, والعقول البدائية. أم أن هناك بوادر نوايا حقيقية, لإخماد نيران هذه الحرب الغبية.. بما فيها من مخططات وبرامج وأجندات و غايات تجارية غامضة لديمومة هذه الحرب الجنونية بأعلام سوداء طائفية, تكلف مئات مليارات الدولارات, وسوف تكلف عشرات الأضعاف لإعادة إعمار ما فــجــر ودمــر... دون أن ننسى وهو الأهم مئات آلاف القتلى السوريين الأبرياء وملايين المهجرين والضحايا والمنكوبين... أم أن كل هذا لا قيمة له بأنظار المحللين الغربيين والشركات الرأسمالية العامية لــمــا يسمونه ضحايا جانبية Victimes collatérales !!!.........
أنا من بداية البدايات لم أكن أنتظر من هذا المؤتمر كثيرا من البوادر الإيجابية الفورية.. وخاصة لما رأيت وقرأت أسماء ما تبقى من وفد ما سمي الائتلاف الوطني, والذي لا علاقة لـه على الإطلاق لا بالشعب, ولا بالوطني, ولا بالإئتلاف.. ولا بالسوري.. ولا يمثل كل منهم سوى مصالحه وارتباطاته الشخصية بالسفارات الأجنبية... بالسفارات الغربية والعربية التي تمول وتمول.. وكان يكفي لتوفير النفقات أن يأتي السفير السابق السيد FORD (السفير الأمريكي السابق بدمشق) للحضور بدلا من عشرات مفاوضي وفد هذا الائتلاف ومرافقيه, والذي لا يحمل أي تمثيل شعبي سوري حقيقي على الإطلاق.. ولا يشعر بجراح وآلام ونكبة الشعب السوري الحقيقية على الأرض.. منذ بداية هذه الحرب الغبية.. حتى هذه الساعة.
*********
بنصف لقاء عاجل اجتمع وفد الحكومة السورية مع وفد الائتلاف, بعد أن قبل الطرف الأخير موضوع مناقشة مكافحة الإرهــاب... وهنا عدنا إلى عصور البيزنطيين ونقاشات كهنتهم وفلاسفتهم الذين أرادوا إلى أصل التفريخ : الدجاجة أم البيضة... وكلما أبدى هنا أحد الفرقاء منشأ الإرهاب وعن محترفيه.. رد الطرف الآخر أن الإرهاب خارج من بيته. حتى أتهم وفد الائتلاف أن محاربي داعش الذين هم أشرس المحاربين الجهاديين الإسلاميين على الأرض.. هم عملاء لبشار الأســد... وضاعت الطاسة من جديد.. وانتهى مؤتمر Genève 2 هذا اليوم الجمعة 31 كانون الثاني 2014, ولم يعلن بعد بشكل واضح.. سوى تصريح صحفي مختصر من السيد الإبراهيمي أن هناك مراجعات لكل من الطرفين, عن إمكانية عودة بعد عشرة أيام, لمناقشات لم يتفق على أجندتها وتفاصيلها بعد... أو أن هذا الموفد الأممي السيد الابراهيمي سوف يصبح عاطلا عن العمل لأجل غير مسمى... فيما إذا على الأرض يحتدم القتال بين فرق المعارضات الإسلامية بين بعضها البعض, لتحصل على إمارات كاريكاتورية محلية, في قرية, أو حي, أو زاروب مغلقة.. تتنافس بين بعضها عن انتاج الضحايا من المواطنين الجائعين المنكوبين الصابرين... وهذا ما حصل في مدينة الرقة هذا اليوم... قتل واقتتال بين الفرق المسلحة... وعديد من الضحايا الإضافية...
لهذا يا جماعة, يا قوم, يا بشر, يا منتظرين آملين من جميع الأشكال.. إني لم أر بنتائج هذا المؤتمر الذي كلفت نفقاته ملايين وملايين من الفرنكات السويسرية الغالية, سوى ورقة بيضاء, لم يكتب عليها أي شيء... ولكن إذا قربناها من نار شمعة نصف دقيقة لا أكثر.. نرى أنه كتب عليها بالحبر السري, مثل المراسلات الجاسوسية في الحروب القديمة : اتفق الطرفان.. على ألا يــتــفــقــا... والحرب مستمرة...
طالما أن الولايات المتحدة الأمريكية, وعميلها بان كي مون سكرتير مؤسسة الأمم المتحدة, وموظفه المؤقت السيد الأخضر الإبراهيمي, هم الذين يحركون الجواكر Les Jokers بهذه اللعبة التي تختبئ في خباياها مبدأ مصلحة إسرائيل ومشاريعها واتساعها, فوق أية مصلحة, لا يمكنني التراجع عن تشاؤمي الإيجابي بنتائج هذا المؤتمر, أو بأي مؤتمر لإعادة الأمان والطمأنينة والاستقرار, لا في ســوريـا فقط.. ولكن بأي بلد عربي مجاور لإسرائيل.. أو غير مجاور, يمكنه يوما أن يهدد مصالح هذه الدولة التوسعية... ومنها إعلان القاعدة عن توسيع انتشارها في لبنان... لمصلحة من؟؟؟... ولترويع من؟؟؟...
حتى كبار وسائل الإعلام العالمية في العواصم الكبرى, والتي كانت شبه حيادية ببداية الأزمة السورية.. لا تدين الإرهاب على الأرض السورية, وتسمي دعاته ومنظميه ثوارا, رغم تقارير أجهزة المخابرات الغربية بأجمعها, دون استثناء, عن خطورة أفعال هذه الجحافل الإرهابية, التي تهدد من الآن مصالح الكفار في الغرب.. عاجلا أو آجلا.. ورغبتها بضم هذا الغرب, كذروة آمال ورغبة الخلافة الإسلامية المنتظرة.. كما وعدهم بها بن لادن, الـبـعـبـع الذي خلقته أجهزة المخابرات الأمريكية, وخليفته الظواهري. إعلام بكامله خاضع لرأسماليين مرتبطين من بداية البدايات بالصهيونية العالمية.. ومشاركات مباشرة مكشوفة من جهات رسمية سعودية وقطرية, منخرطة حتى العظم بولائها لهذه الأجندة المفجرة لمنطقة المتوسط والمحيطة بـه.. تأمينا لمستقبل إسرائيل الكبرى.. على حساب حياة أهالينا وتشتيت أوطاننا.. كما فعلوا بأرض فلسطين وأهل فلسطين... ومصير شعوبنا بهذه المنطقة, التي يتعامى عنها رؤساؤنا وزعماؤنا الكرتونيون, ســواء من هذه السلطات العربية (قــشــة ــ لــفــة)... أو من هذه المعارضات الكاريكاتورية, مثل مأساة فلسطين وشعب فلسطين...
وعلى شعوبنا أن تستيقظ.. ولا تنسى كل هذا...
بــــالانــــتــــظــــار...
للقارئات والقراء الأحبة كل مودتي وصداقتي ومحبتي وولائي واحترامي... وأصدق تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟