أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الجيلاني شرادة - من أدب الشباب إلى أدب الصحراء ؛ رواية (( مراهق في الصحراء))















المزيد.....

من أدب الشباب إلى أدب الصحراء ؛ رواية (( مراهق في الصحراء))


الجيلاني شرادة

الحوار المتمدن-العدد: 4351 - 2014 / 1 / 31 - 01:45
المحور: الادب والفن
    


تمهيـد:
يُصنَّف الكاتب والباحث الدكتور "حسان الجيلاني" كمبدع من جيل السبعينات من القرن الماضي ، عرف بكتابته لفن القصة القصيرة ، كما عرف كمحرر صحفي بجريدة "النصر" في مطلع الثمانينات من القرن العشرين، وأستاذ جامعي بجامعة قسنطينة تخصص علم اجتماع . وأول ما ظهر من مصنفاته ؛ قصة طويلة بعنوان : "لقاء في الريف"، طبعت سنة:(1980) والتي تعد أولى مؤلفاته التي تقارب- حاليا- العشرين كتابا، تتوزع بين البحوث العلمية الاجتماعية ؛ وهي التي تشغل نصف عدد مؤلفاته على وجه التقريب ، إضافة إلى إبداعاته الفنية والأدبية والموزعة أيضا بين: ثلاث مصنفات في أدب الرحلة، وكتاب مذكراته في جزأين والذي يحمل عنوان:"قصة العودة" وفي فن السرد فللكاتب مجموعة قصصية بعنوان : "الطالب الذي فقد ظله"، وفي فن الرواية له ثلاث روايات إضافة إلى قصة :"لقاء في الريف"، وباستثناء القصة المذكورة فإن تاريخ طباعة مؤلفاته السردية قد تأخر إلى سنة:(2007) بما فيهم المجموعة القصصية . وهو ما يفسر غيابه النسبي عن الساحة الأدبية ونقص حظوظه من الدراسات النقدية لفترة عقدين من الزمن ، وهي الفترة التي انشغل فيها الكاتب بالوظيفة الجامعية داخل الوطن أو خارجه ، مع العلم بان الكاتب كان قد التحق بجامعة طرابلس- ليبيا- كأستاذ في فترة معينة من تسعينات القرن الماضي.
أما عن روايته الأخيرة والتي تحمل عنوان : "مراهق في الصحراء" فهي رواية من الحجم المتوسط تقع في:(104) صفحات طبعت سنة(2012). ويمكن تصنيف هذه الرواية على أنها من أدب الشباب ، لا لكونها موجهة للشباب فحسب بل لكونها تحمل هموم الشباب وأحلامهم، وتعالج يومياتهم وانشغالاتهم في فترة تاريخية ما، تؤطرها زمنيا فترة ما بعد الاستقلال، ومكانيا مدينة "الوادي" بالصحراء الجزائرية.
عرض الرواية: قسم الكاتب "حسان الجيلاني" روايته إلى عشرة فصول ، كما قسم كل فصل منها إلى مشاهد سردية مرقمة ؛ يختلف عددها من فصل إلى آخر.
تدور أحداث رواية "مراهق في الصحراء" في مدينة"وادي سوف" بالجنوب الشرقي؛ وهي من الواحات الصحراوية المعروفة بكثبانها الرملية المتحركة بفعل رياحها الموسمية، كما تعرف باشتداد حرارتها في فصل الصيف . يعتمد سكانها المعروفين بتسمية السوافة ( جمع مفرد سوفي) في حياتهم على زراعة النخيل ، وكذا التبادل التجاري بحكم موقعها الجغرافي الذي يتوسط ثلاث دول مغاربية، أما المحيط الزمني للرواية فقد حددته أحداثها السردية بنهاية الستينات أو بداية سبعينات القرن الماضي . وفي هذا الفضاء الجغرافي والزمني تدور أحلام شباب "سوف" الشباب المتطلع إلى حلم تغيير واقعه الاجتماعي والمادي؛ في هذه البيئة المعزولة عن الحياة والجرداء من المرافق الضرورية إلا ما نزر. حلم الشباب – هنا- هو الانطلاق نحو فضاء أرحب وحياة أفضل ، هذا الشباب المكبل بالعادات والتقاليد، المحاصر بالممنوعات والمحرمات، وكل ما يعيق حريته في ممارسة رغباته المكبوتة، في وسط اجتماعي محافظ؛ تمنع فيه المرأة من مغادرة البيت دون مراقب محرم، وعند الضرورة القصوى، ناهيك عن محادثتها للأغراب والتي تعتبر فضيحة كبرى، أما الشباب من الذكور والمُزاول معظمه الدراسة – عكس الفتيات -، فهو حر في تنقله حاملا عواطفه ورغباته ، باحثا عمن يشاطره أحلامه ويحقق مكبوتاته، فهو دؤوب في مسعاه حتى وإن كانت جُل محاولاته فاشلة، هكذا كانت حياة ومغامرات : "خليفة" و"الهاشمي" ومن معهما؛ من أبطال هذه الرواية؛ وهم من الشباب المراهق كما قدمهم لنا الكاتب ، فمغامراتهم محدودة وساذجة، في محيط اجتماعي مغلق، ولعل الأمل – لديهم – يكمن في الفتيات الوافدات من بيئات أخرى، البيئات الأكثر تفتحا، كالوافدات من" تونس" مثلا(ص10) أو من مدينة "عنابة"(ص18) ولقد كانت للبطلين تجربة مع شقيقتين وافدتين من "عنابة" إلا أن نتيجة هذه التجربة كانت وخيمة عليهما، حيث انتهت العلاقة الغرامية الموهومة (من طرف واحد) بلكمات على الوجه وتمزيق للثياب وبعثرة للمحفظة والدفاتر المدرسية ، وهي الصدمة التي صحا عليها المراهقان لينتبها إلى واقعهم الاجتماعي ، وليبدأ الأمل من جديد بإعادة جمع الدفاتر الممزقة وكتابة الدروس والانطلاق نحو الامتحان المدرسي بهمم عالية لتحقيق الأحلام الممكنة. وبها يسدل ستار رواية "مراهق في الصحراء".
هذه الأحداث السردية البسيطة والتي جمع الكاتب أغلبها من واقعه الاجتماعي إذ نجد فيها جوانب كثيرة من سيرته الذاتية ، فبالإضافة إلى أن الكاتب هو ابن مدينة "الوادي"، فهو كذلك ابن زمن أحداث الرواية، فقد عاش الكاتب بالأحياء التي ورد ذكرها، ودرس بالمدارس المذكورة في الرواية كدراسته بـ"المعهد الإسلامي" بالإضافة إلى أن الكاتب وهو يؤثث للرواية؛ كان يستطرد كل مرة للحديث عن الواقع الاجتماعي والثقافي الفعلي للمدينة، حيث وصف الأحياء وحركيتها، والمعالم الثقافية والاقتصادية، إلى جانب العادات والتقاليد، وكانت كلها جزء من الديكور الاجتماعي والاقتصادي لهذه الواحة الصحراوية غداة الاستقلال ..
فنية الأحداث : يبدو الكاتب في المراحل الأولى للرواية كما لو كان يبحث عن رأس الخيط لحبك أحداث روايته، لذا فقد شد خيطها السردي في البداية، بعلاقات أبطاله العاطفية العابرة حتى وإن كانت فاشلة ، تلك العلاقات التي لم تكن مؤسسة، تم ما لبث أن ربط عواطف بطليه (خليفة والهاشمي) بالعائلة (السوفية) القادمة من مدينة "عنابة"، وهي عائلة صغيرة متكونة من أم (مُقعَد) وفتاتين بالغتين اقتسمهما البطلين مناصفة، وتبدأ الرحلة نحو تحقيق المرغوب، وتتصاعد عواطف شبابية بريئة ببساطتها ، وصادقة رغم سذاجتها ، وبرومانسية بسيطة؛ بساطة هؤلاء الشباب . وإذا استثنينا المحاولات الأولى (الفاشلة) فإن الكاتب قد نجح في شد ذهن القارئ إلى هذه الأحداث الاجتماعية والعاطفية ، إذ استطاع أن يجذب انتباه قارئه وتعاطفه مع البطلين، بفنية جميلة ولطيفة -أحيانا- ليتابع القارئ هذه المغامرة إلى نهايتها. ولعل النهاية الصادمة لمشاعر المراهقين سيختلف حولها القراء،خاصة عندما يكون هدف الرواية معاكسا لأماني ورغبة القراء من الشباب.
تأثيث الرواية: مال أسلوب الكاتب إلى المباشرة، والاستطراد أحيانا، خاصة عندما يتعرض لتأثيث روايته، وهو ما يعكس حرص الكاتب على تحقيق هدف آخر،ألا وهو التأريخ لهذه المدينة الصحراوية المُتشبِّثة بالعرق الشرقي، الضاربة بأصالتها في عمق التاريخ ، ولعل التركيز على الحي الشعبي الذي يحمل تسمية" تِكْسبت" هذه التسمية الأمازيغية القديمة فيها ما يوحي بذلك، أما الواقع الاجتماعي فقد توسع الكاتب في توصيفه، بداية بوصف المرأة الصحراوية وما يحيط بها من أغلال اجتماعية، إلى عادات أهل المنطقة كأُسَر ومجتمع، إلى جانب مَسْحِ الكاتب لحركية الأحياء الشعبية بالمدينة،وبما يمتاز به كل حي؛ فعلى سبيل المثال، حي:"شقيقة النجار" بأهاليه وزواره والشباب الملازم لكثيبه الرملي الذي كان يعج بالسياح الأجانب. وحي "القواطين" بخيامه التي نصبها الجيش–غداة الاستقلال- للأهالي وحركية سكانه المهاجرين الوافدين من "دولة تونس" . إلى حي:"أولاد أحمد" وحائط الجبانة بحركية رُوَّاده ، بما فيهم أصحاب المواعيد غير البريئة. أما الجانب الاقتصادي فلا يتوانى الكاتب في التطويف بنا في سوق المدينة، بكل ما فيه من حراك تجاري، وهو السوق الكبير لكل منطقة "وادي سوف" ؛ فهذه بضائع ومعروضات مختلفة،وهؤلاء مدَّاحون وبرَّاحون تجتمع حولهم المارة والزبائن، ولم يغفل الكاتب، في معرض تأثيثه للرواية،عن الحياة التعليمية ومرافقها، على الرغم من بساطتها ومحدوديتها، فبالإضافة إلى المساجد ودورها التربوي والتعليمي، فهناك بعض المدارس الابتدائية،مع التركيز عن "معهد التعليم الإسلامي" الذي ينتمي إليه أبطال الرواية، أما التعليم الثانوي فلم يكن متوفرا؛إذ كان طلبته يتوجهون إلى مدينة "تقرت" أو "الأغواط". ومن العادات التي حرص الكاتب على تسجيلها ؛ كوثيقة تراثية في تاريخ المنطقة؛ هي الاحتفال السنوي الذي يُحْييه البدو والرحل الذين ينزلون إلى المدينة في فصل الخريف لإحياء: (( وعدة الحاج أحمد)) حيث يضربون خِيَامهم على الكثيب الرملي قرب "جبانة أولاد أحمد" ويقومون بزيارة الأولياء مُتضرِّعين ومُتوسِّلين، ذابحين الشياه ومجذوبين في (حضْرتهم). أما الشباب المراهق فله نزوات أخرى، خاصة عندما يبدأ جولاته من خلف أستار الخيام ، لما تُضرب دفوف ( الحضرة) ليلا..
لغـة الروايـة: المتتبع للغة الرواية عموما سيدرك مدى تحكم الكاتب في أسلوبه السردي، وكيف يُطوّعه بمرونة وخفة تُحسب للكاتب ، فلغة الكاتب مرنة وموحية، خفيفة مداعبة أحيانا ، فهي لغة واصفة لمحيط الأحداث، ماسحة لمظاهر الحياة بدقة وجمالية ، فكان وصفها الخارجي أفضل من الداخلي إذا قصدنا به الجانب النفسي؛ إذ قدم لنا الكاتب أبطاله بطريقة نمطية ، لا نكاد نلمس الخصوصية النفسية للأبطال ، خاصة بين البطلين الرئيسيين ، وفي كل الحالات فقد نزل الكاتب بلغته إلى مستوى لغة الصحافة في مباشرتها ، مستعملا ألفاظا فصيحة وموحية في اغلبها، مع توظيف محدود لبعض الألفاظ العامية المحلية بقصد الإيحاء أو الرمز أو لتكثيف المعنى، مثلما وظف الكاتب الشعر العربي القديم، كما وردت بعض الأمثال سواء منها الشعبية كقوله:(( ..يأكل الغلَّة ويسُب الملَّة.(ص10))أو الأمثال العربية كقوله: ((مُغني الحي لا يُطرب.(ص14)) وقد ورد هذا المثل أكثر من مرة ، وعلى العموم فإن كل هذا التوظيف قد خدم أسلوب الرواية، وجعله أكثر تنوعا وإيحاءا، إضافة إلى تخصيب المعنى وتقريبه من ذهن المتلقي، بل وإخراجه مجسدا في صور أجميل. أما لغة الحوار فقد جاءت فصيحة في أغلبها، مرنة وواقعية،عكست عفوية الشباب في التعبير عن تصوراته وأحلامه، وما يمكن أن يقال عن لغة الرواية عموما هو أنها : حتى وإن لم تكن شاعرية جميلة مثلما هو مطلوب في الرواية المعاصرة ؛ فإنها جاءت مرنة مُيسَّرة بعيدة عن التعقيد والجمود؛ كما لو كانت مُراعية لأذواق ومستويات الشباب الموجهة إليهم ،على اعتبار أن لغة أدب الشباب أرقى من لغة أدب الطفل في المستوى، وأقل مستوى من لغة الرواية العادية . وإن كان لابد من ملاحظة في هذا المجال، فإنها ستكون موجهة إلى ضمير الحاكي، فالحاكي هنا كان الكاتب الذي سرد لنا أغلب أحداث الرواية ، فكنا نُحبِّذ لغة المتكلم بدل لغة الغائب ،حتى يكون القارئ أقرب إلى نفسية هؤلاء الشباب ، فالوصف بلغة الحاكي (الكاتب) كان متعاليا محافظا عن وقاره ، وكأني بالكاتب يريد أن يوضح الفارق في المستوى الفكري، خاصة وإن هناك العديد من المواقف الساخرة من تصرفات أبطال الرواية، قد تصل إلى درجة الاستخفاف بغرورهم أو تسرعهم –مثلا- وهو الأمر الذي قد يستثقله القارئ.
ومن باب التجريب؛ وظف الكاتب أسلوب "المقامة" ، ففي الكثير من المقاطع نقرأ أسلوبا مسجوعا مترادفا كأنه فصل من مقامة ، فحتى وإن جاء خفيفا وملحا؛ إلا أن طابع التكلف فيه قد أضر بلغة الأسلوب، وأحيانا بالمعنى أيضا كمثل قوله:(( فثورة البنات المراهقات لا شك أنها بركان..وما يريد الشباب إلا أن يثور البركان وتتحرر النسوان..- إلى أن يقول- لعلهن يفرغن المكبوتات ..ويعشن في ثبات ونبات..(ص 39)) فإننا نلاحظ أيضا كيف أن الكاتب يستنجد بلهجات أخرى لإنقاذ جُمَله المسجوعة، وهو الأسلوب الموظف في عدة مواضع من الرواية. ويجدر التذكير هنا بان الجمل المسجوعة؛ ميزة أساسية تميز فن المقامة كنوع أدبي سردي قائم بذاته . ومادمنا قد أتينا على ذكر ألفاظ اللهجات الأخرى، فهناك عديد الألفاظ من هذا النوع سعى الكاتب إلى توظيفها، ولا ندري ما الذي يهدف الكاتب من وراء ذلك، وعلى سبيل التمثيل لها نورد بعض التراكيب أو الألفاظ الوافدة من لهجات أخرى ،نلاحظ مثلا قوله: ((..مش بطَّالة..ص58))-((..ساعة المغربية..ص12))ومن الألفاظ:(( الحرميات.ص104—النسوان.ص39-إلخ))..
أما التراكيب فقد جاءت سليمة سلسة ومؤدية للمعاني فيها كثيرا من الرشاقة والخفة الهادفة، وقلَّ ما نسجل بعض الهنَّات ، كالقلقة المتأتي من اهتزاز المعنى في قوله – يصف جمال فتاة وافدة: ((.وفدت فتاة جميلة سافرة من تونس العاصمة..(ص10))فالكاتب يصف الفتاة بالجمال (وهو ثناء جميل)ثم بالسفور(عدم التقيد بالحجاب؛كذمٍّ أخلاقي)، ثم نلاحظ استعمال الضمير الغائب في قوله:((...وإذا هو يحتضن هي،،، في ساعة.....(ص12))وكذا في قوله:((..وقد عنفوها وطردوها إلى بيتهم ..ص10)) ويقصد الكاتب:.. إلى "بيتها" ..وقد يكون للطباعة أخطاؤها أيضا خاصة وأننا لاحظنا بعض الأخطاء والتي لا يمكن إلا أن تكون مطبعية كما في الألفاظ التالية:- بدئوا (ص8)- يبدءون(ص8)- لخافهم من(ص101)بدل:لخوفهم من.إلخ
وما يمكن ملاحظته عن لغة الرواية؛ وفي عرضها لبعض المواقف التعليلية؛ هو توظيف الأسلوب العلمي، وأحيانا التحليل الاجتماعي والنفسي؛ تماشيا وثقافة الكاتب؛ كمتخصص في علم الاجتماع، ومن ذلك تحليله العلمي العميق لواقع المرأة السوفية ومحيطها الاجتماعي، وإبرازه للعلاقة بين النمو الجسمي والنمو النفسي في سن المراهقة ، والربط بين شدة الحرارة والمراهقة (ص08) وما إلى ذلك من المواقف العلمية التحليلية.
وأخيرا فقد يلفت انتباه القارئ مجانية عنوان الرواية (مراهق في الصحراء) وكان يمكن أن يكون أكثر إيحاءا وعمقا ، خاصة وانه لم يكن دقيقا في عَنْونته للرواية؛ إذا علمنا بأن هناك بطلين متلازمين (مراهقين لا مراهق واحد) هما اللذان حركا أحداث الرواية إلى نهايتها ، فهما : ((مراهقان في الصحراء)) أما إذا حسبنا كل الأصدقاء، فهم:(( مراهقون في الصحراء)) كما كان على الكاتب أن يبتعد عن العناوين الجاهزة؛ إلى ما هو أكثر ظلالا وإيحاءا بأحداث الرواية،خاصة وأن الكاتب قد ابتعد عن توظيف الأسلوب الشاعري الذي أصبح من متطلبات الرواية الحديثة...
الخـاتمــة: نؤكد في آخر قراءتنا هذه؛ بأن ما سجلناه من ملاحظات، وما خرجنا به من أحكام؛ هي وليدة وجهة نظرنا؛ من الزاوية التي نظرنا بها لهذه الرواية الشبابية المتميزة، وما قمنا به من جهد، هو من باب الاجتهاد النقدي، والحكم - في نهايته - متروك للقارئ الحصيف، خاصة وأن في الرواية الكثير من مصادر القوة ومن الجاذبية الفنية، كما أنها من الروايات القليلة –في الوقت الراهن- التي تشدك من بدايتها إلى نهايتها، إضافة إلى كون فضاءاتها وعوالمها شبابية حالمة وجذابة؛ يطرق بها الكاتب باب"أدب الشباب" كتجربة أولى مؤسسة لهذا الفن الأدبي، والذي لازال انتشاره محدودا، ويحتاج إلى شيء من الوقت حتى تحدد معالمه، وترصد خصائصه الأدبية ومميزاته الفنية، كنوع أدبي قائم بذاته يضاف إلى آداب أخرى؛ كأدب الطفل والأدب العام والأدب النسوي هذا الأخير الذي لازال هو الآخر يتحسس طريقه . كما أنها رواية صحراوية تشد القارئ بذهبية رمالها، وبنعومة كثبانها وبطيبة أهلها،وسط واحة نخيل وارفة وجميلة، نوجه كلامنا هذا إلى بعض النقاد والدارسين الذين ما فتئوا يتداولون مصطلح نقدي جديد أصبح يعرف بـ:(أدب الصحراء). وعلى ضوء ما ذكر؛ خاصة وأن فنيات الرواية وخصائصها تكون قد جمعت بين الأدبين المذكورين (أدب الشباب وأدب الصحراء) . لذا نجد أنفسنا مترددين إلى حد ما؛ ونحن نطرح التساؤل النقدي التالي:
أولا: هل قصد الكاتب حسان الجيلاني من روائيته هذه؛ تجربة الخوض في أدب الشباب عُنوةً؟
ثانيا: هل كاتبنا متابع لنشاط بعض الملتقيات الجنوبية والتي أصبحت تطرح النص الروائي الصحراوي
كنص له خصوصياته الفنية ؟.
وتعقيبا على ذلك ، فأنه يمكن أن نتوقع الإجابة عن السؤال الأول بالإيجاب ، نظرا لكون أدب الشباب قد أصبح واقعا ممارسا، حتى وإن لم تكتمل صورته الفنية ، مما يرجح نية الكاتب في تجريبه لهذا الفن الأدبي أولا ثم بتوظيف أبطاله من شباب الصحراء ثانية ؛ خاصة وأن معين الكاتب جاهز للأخذ من السيرة الذاتية . أما الجواب عن السؤال الثاني فإننا نعتقد بان الأمر يحتاج إلى تدقيق وتأني، كما يجدر التذكير بأن ميلاد أي مصطلح(نقدي) قد يكون في متناول الكثير من الباحثين، إلا أن الإلمام بتعريف هذا المصطلح وخصوصياته قد لا يكون من الأمر المُيسَّر، وإن كنا نشجع الإبداع والإضافات الأدبية والنقدية مهما كان نوعها ومصدره؛ إلا أن هذا لا يتعارض مع الدعوة إلى التدقيق في الأمر، والتأني فيه، والسعي إلى إيجاد البيئة الملائمة، والتأثيث الفني الملازم؛ حتى لا يأتي المولود الأدبي الجديد بطريقة قيصرية ....



#الجيلاني_شرادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالات الثقافة وكينونة الهوية من خلال كتاب:-مؤانسات ثقافية- ...
- تلازم الأدب ونقده


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الجيلاني شرادة - من أدب الشباب إلى أدب الصحراء ؛ رواية (( مراهق في الصحراء))