أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري هاشم - مِن المتن إلى الهامش















المزيد.....

مِن المتن إلى الهامش


صبري هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 4350 - 2014 / 1 / 30 - 21:26
المحور: الادب والفن
    


1 ـ الأصنام الثقافية
***
هل عَملت الجَمَاهيرُ " الدهماء " علَى صِناعةِ الأصْنَامِ الثقافيةِ ؟ الجوابُ: نعم. وقَدْ تَلَبَسَتها الخِفّةُ حِين خَلَقَتْها وصارت تُلَمِعُها وتُباركُها وَظلّتْ تتعبدُها وتسجدُ لها مُتَوهِمةً أنّها خُلِقَت هكذا حتى إذا ما تَضَخَمَتْ وبَصَقتْ في وجهِها ـ وجه الجماهير ـ ذات يومٍ صارتْ تَرجمُها أو تَغْرِسُ أنصالَ أَفؤسِها في أحجارِها أو معدنِها .. هذا هو دَيْدَنُ البَشَريّةِ في صِناعةِ الآلهةِ مُنْذُ الأزلِ .. كُلُّ الذين اشْتَهروا كانوا مِن صِناعَةِ الدّهماء .. هُم اسْتَطاعوا بِذكائِهم أَوْ بِوِصولِيَتِهم أن يُوهِموها أو "يَرْكَبوها" بِشِكْلٍ أَدَق ، فجَعَلوها مَطَيّةً لمآرِبِهم وَتَحقيقِ طموحاتِهم .. استَغَلّوا طيبةً فيها وتَعاطُفاً ثقافيّاً مِنْها .. استَغَلّوا جِهْلَها أو هشاشةَ وعْيَها .. هكذا فعَلوا مع المؤسسةِ ـ حزبية ورسمية ـ إحْتَذَتْهم مُقابلَ ثمنِ الشّهرةِ حتى إذا ما حَققوا تَطَلُعاتِهم تَرَكوها مُطلقينَ النارَ في الهواء .. وهكذا قَامتْ فَوقَنا أسماءُ لَم تُقَدِّم أعمالاً فَذّةً أَو أعْمالاً كبيرةً تَتَناسبُ مع ما أُسْبِغَ عَليها مِن شِهْرَةٍ .. كَيفَ تُصْبِحُ كاتِباً أَو شَاعِراً كَبيراً دون أَنْ تكونَ فاعلاً ومُنغَمِساً في خُضّمِ الأحداثِ الوَطَنيةِ الكُبْرى ؟ لم تَصْرَخْ بِوجهِ دكتاتورٍ ظالمٍ ولم تَعتَرض عَلى احتلالِ بلادِكَ ولم تَدْخُلْ مُعْتَرَكاً مَصِيرياً ؟ كُلُّ العُظماء كانتْ لَهم مواقفُ وطنيةٌ عظيمةٌ مثلهم وكانت لَهم مآثرُ بطوليةٌ ولَم يَكونوا شياطينَ خرساء ولم يتَذرعوا بالأدبِ وعَدمِ التدخلِ في السياسةِ أَوْ يَلوذوا بالزوايا مُرْتَجفين .. فإطلاقُ صوت الحقِّ بِوجهِ الباطلِ لا علاقة له بالسياسةِ ورفضُ الإحتلالِ لا علاقة له بالسياسةِ والدّفاعُ عن الأرضِ ليس له علاقة بالسّياسة .. إنها مِن الأمورِ العظيمةِ وهي أعظمُ مِن كتابةِ روايةٍ أو قصّةٍ أو ديوانِ شِعْرٍ . ما الذي قَدّمتهُ الأسماءُ " الكبيرةُ " الشّهيرةُ غيرَ قصصٍ غايةٍ في التعقيدِ مُسْتَفيدة ـ أحياناً ـ مِن قَصصِ الخَيَالِ العِلْمي ورواياتٍ لا تَرقى إلى مصافِ الرّوايةِ وقصائدَ على مُستوٍ كبيرٍ مِن التّواضعِ ، في الوقتِ نَفْسِهِ نَجدُ أسماءَ أنْتَجتْ أعمالاً كبيرةً وعلى قدرٍ مِن الأهميةِ وقالتْ قولاً فصلاً في الأمورِ العظيمةِ لم يَلتفتْ نحوها ناقدٌ مُتخصصٌ أو دارسٌ أو حتى قارئ جيد . وقبلَ التَّرجُلِ لابُد مِن أَنْ أَتحاشى الوِقُوعَ في مُنْزَلقِ الحَيْرَةِ وأقولُ : عجيبٌ أمرُ هذه البَشَريّةِ فهي تَصْنَعُ أَصْنامَها ، تُمَجِدُها ثُمَّ بها تَهْوي إلى الحَضِيضِ .
***
2 ـ حظوة
***
ما الذي أفدْنا نحن الذين اتّبَعْنا الحزبَ الشيوعي وَخَرَجْنا في إثرِهِ إلى بلدانِ الشتاتِ ؟ أجْزِمُ أننا ضَيّعنا أعمارَنا فصارت هباءً ولم تُقتصر الحالُ علينا بل على أولادِنا الذين ظلّوا يرطنون بلغاتٍ أخرى ولم يتعلّموا ، بحكم الظروف ، حتى لغتهم الأم ثم ضلّوا جذورَهم وصاروا يَنْتَمون إلى الشّتاتِ .. لم نُؤسِس لأنفسِنا على الصّعيدِ الثّقافي ولا على أيِّ صعيدٍ آخر وكنّا في حَالٍ إلى الضّياعِ أَقْرب بعكس أولئك الذين آثروا البقاءَ في العراق فَقَد ادْعوا أنّ تَجاربَهم صَقَلتها الحُروبُ وعَرَكتْها شدّةُ الحصارِ ، وكأننا خَرَجْنا " مُضطَرين " في نُزهةٍ ولم نعانِ مِن فقرٍ وجوعٍ وحزنٍ وألمٍ واعتقالِ أو لَم نَمْتشقِ السلاحَ في مواقعَ نضاليةٍ وقتاليةٍ كثيرةٍ ، أما البعثيون منهم فَقد أَفادوا مِن احْتِضانِ مُؤسسةِ النَّظامِ ومِن رعايتِهِ لهم وفيما بعد مِن حُكوماتِ الاحْتلالِ التي تَلَت سُقوطَ النظامِ بعد انقلابِهم على ماضيهم .. كما أننا لم نَلْحقْ بالذين عَمَلوا في صحافةٍ يسيطرُ عليها شخصٌ امتلكَ المالَ والجاه والتنظيمَ فهؤلاء سُلّطت عليهم الأضواءُ مِن خلالِ المؤسسةِ الحزبيةِ الصارمةِ التي كانت تُمجدُ مُثقفيها وتُطلقُ عليهم شتّى الصفات وتأخذُهم تحت جناحِها كما أَطْلَقت لهم عنانَ الشّهرة . أما نحن الذين أعْطينا ظهورَنا للنظامِ فَلقد فَقَدنا الوطنَ والمنفى بل وتشوّهت بسببِ الحزبيةِ المقيتة علاقاتُنا الإنسانية ولم نجنِ غيرَ عداواتِ رفاقِ الأمسِ.. ضِعْنا ولَفَظَنا الوطنَ والمنفى معاً ولم يُؤسس أيٌّ منّا مكانةً ثقافيةً إلاّ أولئك الذين اجتهدوا في الوصولِ بأيِّ ثمنٍ أو لحقوا بِرَكبِ الاحتلال وأعوانِهِ وهم على العمومِ كثرٌ .
***
3 ـ استغراب
***
أتفهّمُ سرَّ استمالةِ النظامِ السابقِ لبعضِ المُثقفين الشيوعيين ومحاولة طلب وَدِّهم وربما كسبهم و" تسقيطهم " سياسياً ، وحاشاهم من السقوطِ ـ وأنا هنا لا أنزعُ للجارحِ من الطرحِ ولكن الأمرَ كان قد حصل ولو بنسبةٍ ضئيلةٍ ـ إنما الذي لا أفهمه هو الشيء المُعاكس أي أنْ يسترضيَ الشيوعيون بعضَ البعثيين ويتبنوهم أحياناً ثم القيام بتزكيتهم أمام القارئ. هذا التواطؤ ـ غير المُعلَن ـ الذي ظلَّ قائماً منذ عقود ما سرّهُ ؟
***
4 ـ
***
مشتركات
قبلَ أعوامٍ التقيتُ شاعراً مشهوراً وكنتُ كلما ذكرتُ أمامهُ اسمَ شاعرٍ أو كاتبٍ ينبري غاضباً : هذا سخيفٌ وقصائدهُ تافهة وذاكَ سخيفٌ وكتاباتُهُ لا قيمة لها ، حتى أنني خرجتُ بنتيجةٍ أنَّ كلَّ الكتّابِ والشعراء سخفاءُ وأنَّ كتاباتِهم تافهةٌ مِن وجهةِ نظرهِ ، فكانت الفائدةُ التي جنيتُها مِن اللقاء هي دهشتي مِن سلوكٍ كهذا .. قبل أيّامٍ تكرر الأمرُ معي حيث جمعتني المصادفةُ بشاعرٍ متضخمٍ آخر وكان على قدرٍ كبيرٍ مِن الكراهيةِ لمُجايليه فهذا لا يُحبُّ أحداً ولا يرى نصّاً مُهماً غير نصوصهِ التي هي على درجةٍ كبيرةٍ مِن التواضعِ .. هذا المتضخّم هو الأكثر غرابة بحيث لا تنزل المفردتان عن لسانهِ لحظةً فكلُّ شيءٍ في نظرهِ تافهٌ وكلّ مبدعٍ سخيفٌ حتى ظننتُ أنَّهُ وحيد زمانِهِ .. ولغرابةِ الموقفِ صرتُ أُكثرُ أمامَهُ مِن الأسماءِ لعليّ أحظى مِن بينها بما يستحقُّ الإستثناء لكنها ظلّت تتهاوى مِن على لسانِهِ ما بين تافهة وسخيفة بلا رحمةٍ أو إنصافٍ عندئذٍ استوقفتُهُ مُحتَجّاً . فمَن وضعَ هاتين المُفردتين على ألسنةِ هؤلاء ؟ أيها السادةُ أنَّ مَن يُقرر قيمةَ النصِّ وجمالَهُ هي الذائقةُ وهي ـ كما تعلمون ـ متفاوتةٌ عند البشرِ بل هي تتغيرُ عند الإنسانِ الفرد تبعاً لمزاجِهِ ووضعهِ النفسي ولحظةِ تلقيهِ وتبعاً للظروف التي تُحيطُ بهِ ؟ أيها السادةُ لستم أوصياءَ على البشرِ ولستم مَن ينثر الصفاتِ على القومِ ويُقرر فيما إذا كان هذا الشاعرُ سخيفاً وهذا الكاتبُ تافهاً ؟ الموقفُ الشخصي لا يُقرر ذلك .. ولا يجزمُ به .. ومِن الغريبِ أنني أكتشفُ غَيْرَةَ هؤلاء مِن المبدعين وخوفَهم منهم فكنتُ كلما ذكرتُ اسماً مُبدعاً ونصوصه على درجةٍ مِن الأهميةِ يزدادُ نباحُهم عليه وحين أذكر اسمَ مُنطفئٍ أو متعطّلٍ عن الإبداعِ ينهالُ عليه الثناءُ .. الأولُ يخيفُهم بالتأكيد والثاني جثةٌ لا تأتي فعلاً . فأيّ غرابةٍ نحن عليها ؟!
***
5 ـ زيارة
***
أعلمُ أنّ الذين تجشموا عناءَ السّفرِ إلى اسرائيل مِن المثقفين العربِ ومِن غيرِ العربِ مِن مواطني البلدان العربية ، لم يذهبوا إلاّ بعدَ أنْ استنفدوا كلَّ الوسائل التي توصلهم إلى الشّهرةِ .. هؤلاء أخفقوا ، فلا النّص الرديء أوصلَهم ولا السجالات المُصطنعة ، فطلبوا السبيلَ التي مِن خلالِها أنْ يهينوا الأمةَ وما علموا أنّهم أهانوا أنفسَهم . أرادوا أنْ تُسلّطَ عليهم الأضواءُ ويكسبوا شهرةً مزعومةً ليست مِن استحقاقِهم ، يطلبونها بأيِّ ثمنٍ ولو على حسابِ سمعتِهم وسمعةِ انتمائهم . هؤلاء لم يُحققوا ما نَشدوا فلفّهم النسيانُ لا لأننا نحتقرهم إنّما زيارةُ اسرائيل ستُصبحُ مثلَ زيارةِ المصريين إلى أهراماتِهم والفرنسيين إلى برجِهم " برج إيفل



#صبري_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن الرمال
- لا تَرْمِي كلَّ الأقمارِ
- مِن أجلِها لا تنمْ أيها الليل
- هذا الشاعر العظيم
- الضابط الصغير
- ذاكرة للمسافة
- امرأة الكوثر
- أنتِ مَن يقود البحر
- غيمةٌ في شرفة
- النَسْر
- خَيَالُ النَّجمة
- الحَفِيْد
- طه
- خلف الجدار رجاءُ
- غمام المعنى
- سقط البناء يا أبي
- وهمٌ سلجوقيٌّ
- هو البحر فلا تذهب بعيداً
- خسرتَ الرّهانَ
- العابر نحو الشام


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري هاشم - مِن المتن إلى الهامش