أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - عولمة عنف.. دمقراطية انحطاط (1)















المزيد.....

عولمة عنف.. دمقراطية انحطاط (1)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4350 - 2014 / 1 / 30 - 17:18
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


عولمة عنف.. دمقراطية انحطاط (1)
كلمة (عولمة) مفردة مجردة، جرى تحويرها – عربيا- من لفظة (عالم) الأكثر غموضا وتجريدا. فالعالم قد يكون الكون أو الجزء المرئي منه، أو الطبيعة أو الكرة الارضية، وقد تخضع لمنطوق شخصي يتحدد بما يعرفه الفرد من محيطه المادي وما يشتمل عليه من ظواهر ومظاهر. والكلمة الغربية الاصلية للعولمة هي [globalization]، وليست افضل من رديفها العربي في غموضها وتجريدها. فهي لا تنطوي على مضمون سياسي او اجتماعي أو اخلاقي واضح، ويمكن استخدامها في مجال الدين والاقتصاد أو الاجتماع والسياسة حسب مراد المتكلم. وقد اقترن ظهور المفردة مع تفرد الادارة الاميركية بمقاليد السياسة الدولية مع تنازل الاتحاد السوفياتي السابق عن نظامه السياسي الاشتراكي، وتخليه عن قيادة منظمات الكوميكون والكومنترن وحلف وارشو وما اليها، ليتحول الى دولة مفككة تستلم معونات وقروض الغرب الاوربي [مرحلة غورباتشوف حتى ظهور بوتين].
لكن العولمة كأفكار ومؤسسات وآليات تسبق ذلك بكثير، ويمكن تحديد نتائج الحرب العالمية الثانية تاريخا سياسيا لذلك، وهو يرتبط بوجود الرغبة والنزعة لدى الحكومة الاميركية لممارسة دور قيادي منفرد في السياسة العالمية ومصائر المجتمعات والدول على سطح الأرض. ويكفي الاشارة الى كون الولايات المتحدة وراء تأسيس عصبة الامم في الحرب العالمية الاولى، ورفعها شعارات السلم والامن الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها. وهي التي استبدلت المنظمة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية بالأمم المتحدة، وتتحمل الحصة الأكبر بين الاعضاء في تغطية تكاليفها مما يضمن لها الهيمنة على كل قراراتها ومؤسساتها.
ان الثابت الوحيد في الامر، هو المرجعية الاميركية لنظام العولمة، والذي يمكن تقسيمها تاريخيا الى مراحل، لتمييز اليات ونشاط كل مرحلة عن سابقتها. والاسم السابق لظهور المصطلح كان النظام العالمي الجديد، أو النظام الاقتصادي العالمي الجديد. ومن الشعارات الطوباوية التي اشيعت يومها [تحقيق السلام العالمي، العدالة الاقتصادية في العالم، المساواة والتكافؤ وحق تقرير المصير، تحويل العالم الى قرية صغيرة عبر ثقنية الاتصالات]، وكلها منتجات اعلامية اميركية، تنوسيت مع الوقت بفعل نظام الصدمة ودخول سيناريو (العولمة) المرحلة العلنية واللعبة المكشوفة، كاحتمال وحيد للبلدان الضعيفة.
شعارات العولمة ومن قبلها النظام الاقتصادي العالمي (العادل) الجديد، مثل الشعارات الدينية وعناوينها الرئيسة عن الاخوة والمؤاخاة والمحبة والتسامح والتعاون والتصورات المثالية الطوباوية للحلم البشري، خلاف الياتها وتطبيقاتها العملية على أرض الواقع، القائمة على العنف والحرب ونشر بذور الخلاف والشقاق والتباغض والنعرات من كل الانواع، وترك الناس والمجتمعات والبلدان تنقض على بعضها وتستهلك نفسها، بمباركة غربية ودعم مظاهر العنف تحت غطاء التعاطف وحقوق الانسان-. والكوميديا السوداء في سوريا اقرب نموذج، فهم تحت شعار تعاطفهم مع الشعب السوري شردوا الملايين وقتلوا الالوف ودمروا مرتكزات الحياة الانسانية والمادية وانتجوا اجيالات من اليتامى والارامل وو، وزرعوا اشجارا عالية للتنازع المذهبي والاهلي-. نفس السيناريو تم تطبيقه في اكثر من بلاد ومجتمع وقارة بين شرق اوربا وافريقيا وانحاء اسيا. وبلدان الشرق الاوسط تعيش هذا الفيلم بلدا بلدا [لا يخطر لأحد الاعتقاد: اليوم جاري، وبكرة انا] حتى يجعلوها تأتي على نهاية نفسها وأمرها وبأيدي أبنائها، والمثل العربي يقول [من ايدو، الله يزيدو]!
لماذا العنف..
اليات ومؤسسات ودول وميزانيات واحزاب سياسية ومليشيات دينية لتمويل وتنفيذ برامج العنف..
فضائيات ومواقع نت وصحف ومجلات وكتب ودور نشر ودعاية ومنظمات مجتمع مدني وحقوق انسان وامنستي وجماعات وجمعيات تبشيرية ودعوتية لنشر العنف والفرقة والفساد وتهييج الانسان على جاره واخيه وابن بلده وهلم جرا..
بفضل العولمة وخدامها انتشرت ثقافة الغوغاء والمعارضة الدموية وعقائد الحقد، فتقوضت مظاهر المدنية ومؤسسات القانون والقيم الاخلاقية السامية والعادات والتقاليد البناءة وتم مطاردة النخب واضطهاد الفكر الحر وتصفية المختلف. قتلوا فرج فودة من اجل كلمة، وقتلوا ناجي العلي بسبب نقده، واعتدوا على نجيب محفوظ لشكهم في رواية وقتلوا كثيرين وما زالوا يقتلون على الشبهة والشك والخوف والارتياب. انها ثورة الغريزة على العقل، وقيامة الحماقة على صوت الحكمة، ومظهر انتشار الأصول الوحشية للكائن البشري على حالة الرقي والسمو الانساني المتمثل بالعقل وثقافة العقل والعقل الاخلاقي.
معظم المنخرطين في جيوش العولمة وبرامجها هم من القطيع الديني، الرافض لفكرة التطور واصل الانواع الدارونية.. ولا ينسون انهم يسخرون انفسهم ويبذلون حياتهم وكل قدراتهم لاثبات صحة فرضياتها. مع فارق رئيس، تجاوز شرّ الانسان وظلمه لكلّ ما سبقه. فالحيوان لا يقتل لاجل القتل او بسبب الكره والغيرة والخوف.. انما يقتل بسبب الجوع. ولو توفر للحيوان الغذاء والامن والدفء كما في حدائق الحيوان، لما لجأ للقتل. ولكن الانسان يتوفر على شركات تصنع له طعامه وثيابه وسكنه وتؤمن له وسائل الاحترام والتنمية والترف، ومع ذلك ينشغل فكره بتوفير اسباب ومبررات لنشر الفوضى والتخريب والاعتداء على الناس والقتل، وتدمير اسس الحياة والمجتمع والمدنية. مثل اخر ايضا يقول [لما شبع اتجنن].
[مفارقة: بينما تزداد في العالم دعوات الغاء عقوبة الاعدام والعقاب الجسدي واصلاح السجون والبرامج الاجتماعية في معاملة السجناء واصلاح المجرمين، يتحول القتل والاعتداء والعنف الجسدي واللفظي الى ممارسة يومية تتطور وتنتشر بين المجتمعات والبلدان، فم العلاقة بين الظاهرتين!].
كيف يتأتى للأحمق الاعتقاد انه افضل الناس، شكله هو الاجمل، اراؤه هي الحق المطلق، معلوماتخ هي العلم اليقين.. وشخصه هو الارقى والانبل والاكثر عصمة التي تضاهي الاله او تتجاوزه!.. بالمقابل، يتواضع العلماء ويتضع المشتغلون بالعقل والعلم حتى يقول شخص مثل يسوع المسيح [أنا دودة لا انسان]. وقد رأيت في حياتي البسيطة تواضع نخب نادرة مثل العلامة محمد بهجت الاثري والانسان الكبير الدكتور كمال السامرائي والاستاذ العلامة روكس العزيزي والاستاذ الدكتور يوسف عزالدين، وكان يفحمني شدّة تواضعهم، ويعجزني تعفف شفاههم عن الاجابة عن اسئلة قد تمس احدا، رغم ما اوذوا فيه، وقبلوا باتضاع وشجاعة وصمت ظروفا صعبة دون ان يشكوا او يهنوا.
فالعقل كلما اتسع نبّه صاحبه لصغر وزنه في الكون، وتفاهة شخصه في الوجود. وما زال الانسان – على مدى التاريخ- جاهلا لماذا هو هنا، ولماذا يموت، فلا يعرف لماذا جاء، ولا لماذا يذهب. وقد أفحم السيد المسيح احد مجادليه بقوله: [ الريح تعرف من أين تأتي وإلى اين تذهب، أما انت فلا تعرف!]. كم من الناس الذين يجدون في انفسهم العظمة وحق التجاوز على الغير، سوف لا يجتمع (الدود) على جثثهم المتفسخة ويعيدهم الى تراب، وان هذا التراب الذي يداس عليه ويصنع منه الطوب وغيره، هو جماع تفسخ جثث الموتى الاقدمين.
يقول المعري.. خفف الوطء ما أظن أديم هذه الأرض إلا من هذه الأجساد.
ويقول سفر ايوب: الانسان مولود المرأة، قصير العمر ومفعم بالشقاء. يتفتح كالزهر ثم يزدهر، ويتوارى كالشبح، فلا يقى له أثر. (..) أن للشجرة أملا، إذا قطعت أن تفرخ من جديد، ولا تفنى براعمها. حتى لو شاخت أصولها في الأرض، ومات جذعها في التراب. فأنها حالما تستروح الماء تفرخ، وتنبت فروعا كالغرس. أما الانسان فيموت ويبلى، يلفظ آخر انفاسه، فأين هو؟ كما تنفد المياه من البحيرة، ويجفّ النهر. هكذا يرقد الانسان ولا يقوم، ولا يستيقظ من نومه، إلى أن تزول السموات.]/ (السفر 14: 1، 2، 7- 12).
جهل الانسان بنفسه ومصيره، مدعاة رثاء وشفقة، أكثر منه مدعاة تعظم وانتفاخ جاه. وهو ما أشار اليه السيد المسيح في آخر كلمة له : [الهي اغفر لهم، أنهم لا يعرفون ما يفعلون!]. ولو ادرك الانسان بعقله ما يفعله لانتهى عنه.
لقد عجز الكائن البشري عن اجابة سؤال: ماذا؟..
والانسان عامة يخاف من الاسئلة..
لكن السؤال الذي يحتاج المرء ان يحفظه ويكرره على نفسه بغير توقف هو لماذا.. لماذا..
قبل أي كلمة أو فكرة أو فعل عليه ان يجيب نفسه لماذا يفعل هذا، لماذا يقوله، لماذا يفكر فيه. لماذا يكذب، لماذا يسرق، لماذا يقتل، لماذا يطمع، لماذا يحسد، لماذا يريد ويريد أن يملك ويزيد، لماذا يعتدي ويتجاوز.. لماذا لماذا لماذا.. هذا السؤال.. إذا أدركه الفرد وتعامل معه بصدق وجدية مع نفسه، فأنه سوف يجعل من نفسه انسانا آخر.. ويستحصل المعنى الحقيقي للسلام الذاتي والمصالحة مع النفس والوجود..!.
*



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدارس الدينية وما وراءها..
- أزمة الوطنية.. لدى النخب الشيعية (2)
- أزمة الوطنية.. لدى النخب الشيعية.
- النخبة.. غياب أم تغييب..!
- في صراع العقل والغريزة..
- في علم الاجتماع القبلي (الكتاب كاملا)
- جدلية الوطن والمنفى في قصيدة أسعد البصري
- نحو علمنة الدين..! (الكتاب كاملا)
- في قصور الفلسفة..
- في رثاء الحضارة ..!
- شاكر النابلسي.. وعلم نقد الدين
- سعدي يوسف.. صورة في الثمانين (الكتاب كاملاً)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (18)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (17)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (16)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (15)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (14)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (13)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (12)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (11)


المزيد.....




- بالأسماء.. 48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل ...
- عم بايدن وأكلة لحوم البشر.. تصريح للرئيس الأمريكي يثير تفاعل ...
- افتتاح مخبأ موسوليني من زمن الحرب الثانية أمام الجمهور في رو ...
- حاولت الاحتيال على بنك.. برازيلية تصطحب عمها المتوفى إلى مصر ...
- قمة الاتحاد الأوروبي: قادة التكتل يتوعدون طهران بمزيد من الع ...
- الحرب في غزة| قصف مستمر على القطاع وانسحاب من النصيرات وتصعي ...
- قبل أيام فقط كانت الأجواء صيفية... والآن عادت الثلوج لتغطي أ ...
- النزاع بين إيران وإسرائيل - من الذي يمكنه أن يؤثر على موقف ط ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي يشيد بقرار الاتحاد الأوروبي فرض عقو ...
- فيضانات روسيا تغمر المزيد من الأراضي والمنازل (فيديو)


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - عولمة عنف.. دمقراطية انحطاط (1)