أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - جم حمام 3 ..( اوراق على رصيف الذاكرة)















المزيد.....

جم حمام 3 ..( اوراق على رصيف الذاكرة)


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 4343 - 2014 / 1 / 23 - 14:03
المحور: الادب والفن
    


لم يغفو لي جفن في تلك الليلة! راودتني أفكار متعددة .. وبخت نفسي وسخرت منها.. كانت صورة حبيب المالح تقف أمامي ذلك الكردي المسيحي كان هو المناضل الحقيقي.. ليس لأنه أعدم بل كان مناضلا مذ عرفته.. كان جريئا وصداميا ومقاتلا في سبيل شعبه وكان حاملا فكرا حقيقيا.. كان لا يتردد في تنفيذ أية مهمة توكل إليه .. أما أنا وأمثالي فقد كنا هواة!! كنا أنصاف مثقفين وحالمين وطوباويين.. جائني فلان وفلان الى مدينة الثورة حيث كان مسكني . قال فلان : لقد قرروا أن يصفونكم هذه المرة والان القرار لكم أما أن تهربوا كما فعل البعض أو تنتموا الى البعث !! ثم أضاف أو لديكم جلودا خشنة لتحمل الكيبلات وأكتافا تحمل التعليق .. ؟! ذهب فلان في اليوم التالي الى المنظمة البعثية ليدلي باعترافاته وتواريت أنا عن الأنظار حتى اصطادوني ... وسقطت لدى مشاهدة اعترافات الزملاء كاملة .. كتبت البراءة وخرجت .. قال ضابط الأمن وهو يشيعني .. انت رجل معروف ومحترم .. هذه المرة أوصوني بعدم ممارسة القسوة معك لكنني أنصحك بالإنتماء للبعث وإلا فإننا سوف نلتقي ثانية ولكن في ظروف أخرى وتعامل آخر..خرجت هكذا ، العن نفسي والعن اليوم الذي ولدت فيه ...وحده كان حبيب المالح مناضلا من بيننا.. كان يحمل سلاحه حين يرفض .. وقد فعل .. لكنه أخطأ حين عاد .. ولما حاول الصعود الى الجبل مرة أخري اصطادوه...
من هو الشجاع؟؟! سألت نفسي..
في تلك اللحظة انقشع الظلام واصطبغ الكون كله بلون أحمر !! رافقه دوي هائل ثم عم مايشبه الحريق معسكرنا أكثم تلاه دوي آخر أشد واهتزت الأرض من تحتنا وفجأة سمعت أصوات ارتطامات كثيرة في النهرمصحوبة بصراخ بشري محموم ... !! كان معظم جنود الفوج ومنتسبيه قد ألقوا بأجسادهم في النهر تفاديا لإنفجار نووي!! كما تصوروا ..تبين فيما بعد أن قوة صاروخية من جيشنا قد أطلقت من خلف الكتف المقابل للنهر صاروخي أرض أرض باتجاه العدو..!!
قال السيد الامر في الليلة الأخرى غداً سوف نقوم بجولة استطلاع للموضع الذي اختارته القيادة لتشكيلنا .. أضاف : وهو يرفع كتفيه بيأس ؛ سوف ينتقل اللواء الى ( جم حمام) !! عرض علي أن أرافقه فوافقت..
كان الطريق متعرجا وكثير الإلتوائات كأنه افعى .. تطلعت الى قمة جبل كوهينه ومن خلفها والى الشمال منها كانت عارضة جبل كولينه الحادة منتصبة كأنها الرمح.. هناك يربض جنود الفرقة السابعة وهو يشرفون على مدينة سربيل زوهاب ..
كان علينا الوصول الى جم حمام التي تواجه العدو مباشرة في قاطع إيلام.. كنت أتلفت يمينا ويسارا حيث المواقع الخلفية ثم مرابض المدافع البعيدة المدى ثم رعائل الدبابات التي كانت رابضة في نلاجئها وفوهات مدافعها مقولة نحو الشرق بزوايا حادة،،، بدا لي أن الجنود يتنقلون بلا حذر فقد تطبعوا على حياة الحرب .. يخاف المقاتل ويحذر في بداية الحرب لكنه حين يمضي الزمن وتكثر المعارك يبدأ بالإتقان ثم يأخذ يتصور أن الموت لا يخطئ أحدا غيره!! والرصاص والقذائف تقتل الجميع ما عداه!! هكذا .. هل هو اليأس ورخص الحياة أم هي نتيجة لعمق المعاناة وفقدان الإنسانية والشعور أم هي رغبة دفينة بمغادرة الواقع المر والحياة المسخ التي يعيشها.. 
أشعل السائق سيجارة حين قمنا بالتدخين ، امتعظ الآمر وصرخ من خلفه موبخا اياه .. رد الجندي وهو يسحب الدخان بعمق ولا مبالاة : سيدي سوف نصل الخط الأمامي وقد تكون هذه آخر سيجارة أدخنها فأرجو المعذرة .. ساد سكون عميق واستمرينا بالتدخين بنهم..وغلف الأنفس حزن أسود.. 
عرجت العربة الى اليمين تتبعها عربة أخري تظم المساعد وضابط الإستخبارات وخلفها عجلة أخرى تظم جنود الحماية.. نزلنا في شق عميق ممتد باتجاه الشرق وفيه زوايا حادة .. كان الشق يحمي نصف أجسادنا مما اضطرنا لأن نسير مدحلبين .. سرنا مسافة ليست قصيرة حتى وصلنا مقر الفوج الذي سوف نأخذ مكانه.. كانت تسمع رشقات الرصاص من بعيد يرافقها قصف مدفعي بين الحين والآخر...
كان الامر المضيف يناقش بهدوء وبرودة أعصاب من صقلته ظروف المعارك ومصائبها وتعقيداتها .. عكس آمرنا الذي كان يبدي المكابرة والإحساس بالمسؤولية لكن جهله بالقيادة ومعرفة ما هو مقدم عليه جعله يسأل كثيرا وينسى مكابرته التي تفرضها عليه درجته الحزبية الأعلى من درجة قائد الفرقة كما كان يصرح.. سأل بشكل مفاجئ عن مكان المرافق الصحية ثم قام مسرعا وقد قطع حديثه مع مضيفه! الذي ظل مشدوها وتوجه لي مستغربا ومستفيدا فبررت له بما يعاني من امراض القولون العصبي وتضخم البروستات..! 
كنت في أحد الصباحات منهمكا في المطالعة في ملجأي فلمحت الامر ينزل مسرعا من كتف النهر وهو منهمك بفتح سحاب سرواله بعد أن ترك ساحة العرضات راكضا .. اتجه الى المرافق الصحية وهو يأمر الخادم بأن يلحق به بالإبريق.. تعمدت أن أزوره بعد أن قضى حاجته ودلف الى البهو رأيته يجلس واجما وحزينا على كرسيه الميداني .. ما أن رآني حتى انفجر بسباب لم أسمعه منه من قبل .. قام بشتم الجميع ماعدا ( السيد الرئيس ) !! كما قال.. كان يردد : حتى الحيوان له من يعتني به في الخارج لأنهم بشر..! أما نحن ف: تفو....!!
بعد أن أكمل حديثه مع امر الفوج قاموا بجولة ميدانية في الممرات والمسالك الشقية حتى وصلوا الى السرايا المتقدمة ثم عادوا.. كان التعب والضجر والحيرة قد انعكس على وجه آمرنا.. ودعنا المضيف وعدنا الى عجلاتنا .. ما أن استقرينا داخل العربة حتى بدأت تتساقط الحمم على الموضع .. كان السائق يهم بتغيير وجهة العجلة وكان أكفنا قد تصلبت على مساند المقاعد الأمامية .. مر أزيز مزعج فوقنا وسمعت فرقعة معدنية تلاها انفجار مخيف خلفنا.. أحسست أن العجلة قد طارت بنا عاليا ثم سقطت وهي تتأرجح.. رافق ذلك تطاير الزجاج وتساقط الحصى وقطع الحجارة علينا كأنه المطر.. يمكن أن أكون قد فقدت الوعي لبرهة .. كان مكان الآمر خاليا وزجاج العربة محطما ومن خلال الغبار الذي كان يلفنا لمحت خيطا من الدم يرش بعنف على قطعة متبقية من زجاج العربة وسمعت شخيرا قويا يصدر من السائق!! الذي كان رأسه يتكئ على باب العجلة والدم ينطلق من رقبته التي انغرست فيها قطعة لعينة من الزجاج...بسرعة تناولت بيريته التي كانت لا زالت ملتصقة برأسه، حاولت أن أضغط على الجرح .. أحسست بحرارة الدم المتدفق كالينبوع ... كان ج.م محسن فاقد الوعي .. بحثت محموما عن شيء اخر يمكن أن يساعدني في إيقاف النزف لكنه انقطع فجأة .. توقف محسن عن الشخير .. دفعت باب العجلت الموصد برفسة بعد أن كان معاندا حاولت أن أفتح الباب الأمامي لكنه كان موصدا.. كنت قد لمحت الامر منبطحا على الأرض على وجهه وهو يشبك رأسه بكفيه .. كنت أحاول الوصول الى محسن بدون جدوى ...هرع عدد من الجنود إلينا . نهض الامر وهو يتفحص جسمه بشكل محموم .. لما وصلت الى محسن كان قد فارق الحياة....
يتبع



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جم حمام 2 ..(اوراق على رصيف الذاكرة )
- جم حمام 1..( اوراق على رصيف الذاكرة )
- يا نديمي
- ماذا اسميك
- رواتب البرلمانيين في العراق
- الجراد
- يوم القيامة
- بين سبيلك و ميركه سور 10
- مات اليسار
- بين سبيلك و ميركه سور 8 (اوراق على رصيف الذاكرة)
- بين سبيلك و ميركه سور 9 ( اوراق على رصيف الذاكره)
- اوراق على رصيف الذاكرة. بين سبيلك و ميركه سور 6
- بين سبيلك و ميركه سور 7
- بين سبيلك.. وميركه سور 4
- بين سبيلك .. و ميركه سور 5 ( اوراق على رصيف الذاكرة)
- بين سبيلك وميركه سور..3
- اوراق على رصيف الذاكرة .. بين سبيلك وميركه سور 2
- اوراق على رصيف الذاكرة ..بين سبيلك و ميركه سور 1
- الرفيق ابو عبد الله
- وطني


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - جم حمام 3 ..( اوراق على رصيف الذاكرة)