أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوس حسن - (( سأولد من حلمي قبل أن تقتلني ذبابة عابرة ))















المزيد.....

(( سأولد من حلمي قبل أن تقتلني ذبابة عابرة ))


أوس حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4342 - 2014 / 1 / 22 - 19:07
المحور: الادب والفن
    


(( سأولد من حلمي قبل أن تقتلني ذبابة عابرة ))
.....................................................................................................................
إلى أرواح الشهداء المناضلين الأحرار/ كاوه كرمياني وزردشت عثمان
أنبياء الله على الأرض يولدون فقط،أنبياء الله لايموتون

شعورك بالجوع،هو ليس شعورا ً نابعا ً من احتياج جسدي غريزي،وإنما شعور عميق يشبه سقوطك في بئر سحيقة مليئة بالظلام اللامتناهي،ليس شعورا ً غريزيا ً،وإنما امتهان حقيقي لكرامتك الإنسانية والبشرية التي ولدت معك.
قبل أن يغسل الندى وجه الصباحات الشتائية في مدينة السليمانية،سترى كيف يبدأ الباعة المتجولون يومهم،وكيف يبدأ العمال يومهم وسط المدينة،سترى المشردين واللاجئين والسكارى كيف تداعب ضفائر الشمس أهدابهم الحزينة،سترى المرضى والبائسين والحيارى والفقراء، كُلٌ قد بدأ يومه الجديد،بأمل جديد وأفق من الأحلام البعيدة.
وفي الطرف المقابل سترى دوائر الحكومة ،المنظمات الحزبية،الأعلام الملونة ،واللافتات الملصقة،سترى السيارات المصطفة على الركن سيارات المسؤولين أو أبنائهم،سيارات الأغنياء أصحاب الشركات ورؤوس الأموال،أو بالأحرى مصاصي الدماء هذا هو اللقب الوحيد والمناسب لتلك الكائنات الهلامية التي تعيش على دماء البسطاء والمهمشين.مصاصو دماء بكروش منتفخة ومؤخرات مستديرة،ترى متى أصبح للذباب كروش في بلادنا ؟؟،وهل تعاني الذبابة من وخزة في الضمير،أو ألم في القلب؟ بين هذا وذاك كنت أنا،أو بالأحرى ولدت من جديد،من صوت يصدح عاليا ً في دمي،من وهج في عتمة القلب كان ينير الوقت المتلاشي في سراب الأيام،لا أذكر تحديدا ً متى،لكني أذكر في ذلك اليوم أني كنت خارجا ً من مقر الحزب الشيوعي،وقد حصلت على نسختي من مجلة الثقافة الجديدة وقد نشرت لي المجلة قصيدة،كنت أتحدث فيها مع الله وعن أسئلتي الوجودية المحيرة،وعن خديعة حكمته القديمة،ترى هل كان الله يحبني؟ لا أدري وربما لن أدري أبدا ً،لكن الله في كل الأحوال هو صديق حقيقي للفقراء والبائسين والمظلومين،نصيرللثوار في الأرض،قد تراه وقد لا تراه أبدا ً،وأنا رأيت الله كثيرا ً،رأيته في دهاليز حزني وفي ملح دموعي،رأيته في انكساراتي،رأيته في قصائدي،رأيته في نبوءتي المؤجلة كان يبكي كثيرا ً،يتألم كثيرا ً، ويغيب كثيرا ً،لكن بين هذا وذاك عليك أن تخرج الله من حساباتك اليومية الصغيرة،لأنه أضعف من أن يقتل ذبابة،هل تذكرون الذبابة السمينة أيها السادة الأفاضل؟.
بدأ الشارع يعج بالسيارات والمارة،بدأ الضجيج يعلو،أصوات السيارات مع أصوات الباعة،خطب رنانة مجوفة لأحزاب لها تاريخ نضالي عريق،ههههههه حتى الذباب له تاريخ نضالي،أية معجزة من معجزاتك هذه يالله؟،بل أنها من أكبر المعجزات التي تدعونا للتصديق بوجودك،أنها أكبر من معجزات الأنبياء الخاسرين،الذين قتلتهم أممهم.
أصوات هنا..أصوات هناك،لكن في الزقاق البعيد هناك مظاهرة حمراء،حمراء كالقلب،حمراء كأحلامنا التي صلبوها على قصورهم الرخامية البائسة،قصورهم التي تشبه شواهد القبور،وبين القصور والقبور كلام كثير،لكنه باختصار هو ذباب أخضر سمين قد تناهش لحم أم شهد وأم كوثر وأم علي،بعد أن سرقوا أموالنا واستأجروا بيوتا ً فخمة لتلك الغانيات،إنهم يتاجرون بدمائنا،يتاجرون بدم ذلك الأعمى المريض على أرصفة الطرقات، بدم تلك الفتاة الشابة التي تبيع الحلوى في الصباحات الباردة،وهي تحلم كقريناتها، بأن تصفف شعرها المتناثر وترتدي ثيابا ً جميلة وأن يكون لها فارس موعود تشاركه أحلامها البسيطة الصغيرة ،إنهم يتاجرون بدم تلك الطفلة البريئة التي تمد لك يدها،وهي تبتسم أمامك كدمية، وبدم ذلك العجوز الذي يختصر وجع النهار ووجع المدينة بعكازه.
بدأت المظاهرة تقترب مني وأصوات الهتاف تعلو وتعلو..،كل شيء كان نقيا ً كالماء،طاهرا ً كالثلج، واضحا ً كالشمس اجتاحني ذلك الصوت البعيد، ..كلنا كاوه كرمياني، نعم ..نعم لقد قتلوا كاوه كرمياني، يا إلهي قتلوا نبيهم الموعود النبي المبتلى بحلمه الأحمر،النبي الفقير الذي ترك بابه مفتوحا ً للريح وللفقراء،النبي الذي ترك وراءه عدة أرغفة من الخبز،النبي الذي جعل من القمر قرص خبز كبير يأكل منه جياع العالم،والذي جعل من الشمس وردة حمراء كبيرة يستظل تحتها العاشقون،النبي الذي ترك وراءه أغنية المنجل والمطرقة،ودماء من صمت الفصول المستباحة،النبي الذي كان يحلم بالمرايا والأغنيات البعيدة،صار أغنية للعالم الجريح.
بالأمس القريب قتلوا نبيا ً آخر كان مبتلى بعشقه وجنونه،النبي الذي عشق بنت السلطان وتزوجها وسافر معها إلى قصور ألف ليلة وليلة،هناك حيث الخدم والحشم والجواري،هناك حيث طبيب القصر سيعالج أمه من أمراضها وينقذها من الموت،هناك حيث الأَسِرة المطرزة بالفضة والذهب، هناك حيث كؤوس الخمر وأناشيد الزبرجد،هناك حيث طبق واحد من الطعام يكفي لأحلام جياع الأرض.
في هذه البلاد لا تستطيع أن تحلم،وأنت تحت سيف الجلاد،لا تستطيع أن تحلم دون تنهي حلمك ذبابة مناضلة ..!!، فالحلم ثورة،والعشق ثورة، الثورة حلم والعشق حلم،وكلاهما لا يكتملان في بلاد اللعنة والخطيئة الأزلية.
بدأ الشارع يخلو رويدا ً..رويدا،اجتاحني سكون عميق،أطبق الصمت على شفتيَّ،لكني ما زلت هناك على الرصيف مشردا ً،جائعا ً،أرتجف برداً،والصقيع في دمي بارد ومعتم كقلوبكم، مازلت وحيدا ً..غريبا ً في هذا العالم، لكن بين هذا وذاك،بين الفتى الثائر المبتلى بحلمه الأحمر،وبين الفتى الأسمر المبتلى بعشقه وجنونه،وقبل أن تقتلني ذبابة عابرة،سأولد مرة أخرى،وفي دمي كلمات وكلمات،كلمات كالرصاص،كلمات حمراء تحرق الأصفر والأخضر من راياتكم،سأولد مرة أخرى وفي دمي حلم جديد ونبي جديد،سأولد مرة أخرى وفي دمي حكاية أخرى،أو بداية لنهاية قد تطول وتطول كثيرا ً.



#أوس_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني في السليمانية ينظم حملة توا ...
- الشعر بين نبوءة النفس وعتمة الاغتراب
- قصائد للبيع حضارة للإيجار
- (من مذكرات خمسون عاما ً من الرحيل بين المنافي ) للشاعر العرا ...
- صناعة العنف
- فجر النهايات
- صناعة الوهم عند العرب هل هي موهبة فطرية أم مهارة مكتسبة؟
- -رحلة إلى ملكوت الله-
- لوحات شتائية من ذاكرة مساء هرم
- قصائد لهاينرش هاينه ترجمها عن الألمانية رياض كاظم السماوي
- قصائد لهاينرش هاينه ترجمها عن الألمانية رياض كاظم السماوي
- بالأمس
- سنابل الوجع
- ناجي عطالله وفرقته الناجية /
- خديعة
- قناع الوالي
- قصائد قصيرة /2
- صوت من مقبرة الأحياء ...((نص))
- ليلك يا شام
- قصائد قصيرة..بقلم اوس حسن


المزيد.....




- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوس حسن - (( سأولد من حلمي قبل أن تقتلني ذبابة عابرة ))