أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - ... و«الائتلاف» المعارض يذهب وحيداً















المزيد.....

... و«الائتلاف» المعارض يذهب وحيداً


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 4342 - 2014 / 1 / 22 - 09:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يتساءل السوريون عن الهدف من الاكتفاء بوفد يمثل بقايا «الائتلاف» المعارض إلى جنيف، مقابل التخلي عن أطراف المعارضة الوطنية، وبشكل خاص هيئة التنسيق، التي أعلنت أخيراً رفضها المشاركة في المؤتمر تحت راية الائتلاف، ووفق المعطيات والشروط الراهنة. وهذا يدلل على أن الغائب الوحيد عن مؤتمر جنيف سيكون الأطراف القادرة على تمثيل الشعب السوري، والتي تتمتع بصدقية سياسية. وهذا لا ينفي أن المواطن السوري، وكذلك الأطراف الدولية الراعية للمؤتمر، والوفود المشاركة، تدرك أن الائتلاف يكاد لا يمثل ذاته، ذلك لأسباب متعددة؛ منها الارتهان السياسي لمصادر التمويل الدولية والإقليمية.

والائتلاف الذي كان يرفض دائماً الحوار مع أي من رموز النظام، في سياق دعواته العبثية إلى إسقاطه بكل السبل والأدوات، ومهما كانت التضحيات التي دفعها ويدفعها الشعب السوري، حتى لو استدعى ذلك تدخلاً عسكرياً خارجياً، وافق مكرهاً على الدخول في مفاوضات مباشرة مع وفد يمثل أركان النظام. وهذا يناقض بشكل واضح وثيقته التأسيسية، وكذلك توجهاته السياسية (المعلنة) التي كانت من أحد أسباب معاناة السوريين وأزماتهم الراهنة. وفيما كانت هيئة التنسيق تلتزم بشعار التغيير الوطني الديموقراطي السلمي، كان رموز الائتلاف والدول الداعمة له تحاربها بكل الوسائل والآليات، وكان هذا يتم في سياق الضغوط السياسية التي تهدف إلى زجّها في إطار التحالفات الدولية التي تدفع السوريين إلى حمل السلاح. لكن إصرار قيادات الهيئة على استقلالية قرارها السياسي ورفضها للعنف، كان يزعج الأطراف الدولية التي أوغلت في دماء السوريين، وبشكل خاص الولايات المتحدة والدول الخليجية ... فيما القيادة الروسية وكذلك الإيرانية والصينية التي كانت قيادات الهيئة تتواصل معهم في كل لحظات الأزمة السورية، يبدو أنهم تركوا الهيئة لمصيرها، في لحظة أقل ما نقول عنها إنها مصيرية.
فالأطراف الدولية وهيئة الأمم المتحدة وكذلك الدول الإقليمية، تدرك جيداً أن الائتلاف لا يمثل المعارضة السورية، والأهم أنه لا يمثل الشعب السوري. وأيضاً يدركون استحالة أن يقود الائتلاف وفد معارضة موحد. فكيف وافقت الدول الراعية للمؤتمر أن يشكّل الائتلاف وفد المعارضة ويقوده، بذات اللحظة التي يدركون فيها أنه منبوذ من السوريين؟
بتقديرنا أن الوسائل والآليات التي تم العمل عليها للوصول إلى لحظة انعقاد المؤتمر كان يشوبها الكثير من الغموض الذي بدأت تعج منه روائح الصفقات المشينة المناقضة لمصالح الشعب السوري. وهذا يضعنا أمام تساؤل على درجة من الأهمية: إذا كان الائتلاف لا يمثل المعارضة و«الثورة» والشعب، فهذا يعني أنه ليس مخوّلاً إلا في التعبير عن ذاته. وهذا يعني أيضاً أن أي نتائج يمكن أن تصدر عن المؤتمر، لن تعبّر عن هموم وهواجس وأهداف المواطن السوري. وهذا يشير إلى أن المؤتمر لن يحمل أية نتائج إيجابية، بل إن إمكانية انهياره نتيجة تشدد الوفدين المشاركين شبه محسومة. وحتى لو أننا لم نكن نعوّل سابقاً على المؤتمر ونتائجه، لكن هذا كان مرده عدم توافق المعارضة على وفد موحد نتيجة تشرذمها وتناقضها وتعدد ولاءاتها. لكن أن يتم حصر المشاركة في المؤتمر بوفد ائتلافي، فهذا يعني انتصاراً للسياسات الأميركية وللتسويات الدولية التي كان يشتغل على صياغتها بالتعاون مع رموز المعارضة الخارجية السفير الأميركي في سوريا روبرت فورد. من هذه الزاوية، ستكون مشاركة الائتلاف في المؤتمر إعلاناً لدفن الحل السياسي، وليس كما تدّعي قيادات الائتلاف بأنها ذاهبة لتشييع نظام الأسد، وتحقيق أهداف «الثورة».
وهذا لا يعني أن المؤتمر لن يعقد، لكن انعقاده يساوي دفن الحل السياسي الوطني الديموقراطي. إذ ماذا يعني حضور طرف لا يريد من المؤتمر إلا تسلّم السلطة، فيما الطرف الآخر يعلن أنه لن يذهب إلى المؤتمر لتسليم السلطة، مؤكداً على أن مهمته الأساس تكمن في «محاربة الإرهاب»، في وقت يتم فيه تحويل الشعب السوري إلى سلعة في أسواق النخاسة الدولية. إذاً، فإن نهاية المؤتمر، ولن نقول نتائجه، باتت واضحة، أو شبه محسومة. فبعد ومضات الكاميرات واللقاءات البروتوكولية، سيتم الإعلان عن وفاة مؤتمر «جنيف 2» عبر توصيات لا قيمة واقعية لها. وإن تمخّض عن نتائج، فإن قيمتها الواقعية تساوي الصفر. إذ إنها لن تجد لها حوامل اجتماعية وسياسية، ولن تجد لها طريقاً للتنفيذ. لأن من سيشارك في المؤتمر، إضافة إلى أنه يناقض إن لم نقل يعادي مصالح الشعب السوري، فإنه لا يتحكم بالقوى الميدانية. فكيف ستكون الحال إذاً في حضور شخصيات كانت على مدار الأزمة السورية تتسم بالتوتر والتهور والمغامرة. إذ إن ارتهانها للخارج وتمسكها بالحسم العسكري جعلاها تقف في صف المعاداة للشعب السوري وقواه السياسية الوطنية الديموقراطية.
وهذا يعني بالضرورة أن السوريين سيدخلون في مرحلة أشد خطورة. فالمجموعات التكفيرية باتت تطغى على المشهد، والأمل بانعقاد مؤتمر آخر لن يكون في المدى المنظور. بينما القوى السياسية الوطنية الديموقراطية يتم إجهاضها وإقصاؤها عن المشهد السياسي، في وقت يتم فيه تقطيع علاقاتها السياسية مع حواضنها الاجتماعية، وقمعها وسد مجالات وآفاق تحركاتها السياسية، فيما القوى الدولية تعمل على إحكام قبضتها على مصير السوريين.
إن اشتغال الأطراف الدولية المهيمنة والإقليمية الفاعلة على اختصار المعارضة السورية في بعض الشخصيات الائتلافية يساهم في تكريس الانشقاقات العمودية والأفقية ضمن مكونات الائتلاف المتناقضة، والتي لا تعكس أياً من أهداف السوريين في التغيير الديموقراطي. بذلك لم يكونوا أكثر من ظاهرة صوتية تعبّر عن مصالح قوى دولية تشتغل على تدمير بنية المجتمع السوري ونسيجه الاجتماعي.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الضغط على قيادات الائتلاف للمشاركة في حوار مباشر مع رموز يمثلون النظام، من قبل قوى دولية أوصلت الائتلاف إلى العدمية السياسية، ودفعته إلى تبني أوهام إسقاط النظام، في وقت كانت فيه الأطراف الدولية تدير أدوات الصراع من أجل إسقاط الدولة. وهذا يعني أن المؤتمر لن يكون أكثر من منبر لتبادل التهم انطلاقاً من التمسك بمواقف غير قابلة للتنفيذ. وقد يكون هذا ما تريده بعض الأطراف الدولية الضالعة في الأزمة السورية. بمعنى آخر، سيتم العمل على إيصال السوريين إلى طريق مسدود يكون فيه إفشال الحل السياسي العنوان الأساس. ولن تكون الأطراف المشاركة في هذا المؤتمر إلا أدوات وظيفية لتنفيذ أجندات توافقت عليها القوى الدولية العظمى، من دون النظر إلى ما يعانيه الشعب السوري. ومن المحتمل أن يكون من أهداف إشراك الائتلاف في المؤتمر، إيصاله إلى الإفلاس النهائي، في ذات اللحظة التي يتم فيها تحضير أدوات جديدة لأدوار وظيفية جديدة. وقد يكون رهانها على استغلال طرف مرتهن لإرادتها السياسية من الأسباب الأساسية، كونه يساهم في تحقيق أهدافها الاستراتيجية. وهذا يؤكد مجدداً أن حل الأزمة السورية لن يكون إلا عبر حوار سوري داخلي تعترف فيه جميع الأطراف برفض العنف كوسيلة للتغيير الديموقراطي، وتتفق على أن مقدمات الحل تبدأ من القضاء على المجموعات الجهادية التكفيرية.
ويعلم الجميع أن هيئة التنسيق الوطنية بشكل خاص هي من كان يسعى منذ إعلان جنيف الأول الى ضرورة عقد مؤتمر دولي يعالج الأزمة السورية. وهذا من منطلق اقتناعها بضرورة الحل السياسي. فكانت الهيئة على مدار أكثر من عام ونصف عام تعمل على تحضير المناخ المناسب لانعقاد مؤتمر «جنيف 2»، وهذا التوجه يعبّر بشكل كبير عن رأي المجتمع السوري الذي يرى أن الحل السياسي سيفتح الآفاق الضرورية لبناء مجتمع ديموقراطي يحقق العدالة الاجتماعية للمواطن السوري. لكن تمسّك الولايات المتحدة ودول الخليج بالائتلاف كممثل وحيد لقوى المعارضة وللشعب السوري، وتسليم الروس قضايا المعارضة للأميركيين، لا يعدو أن يكون إجهاضاً لأي حل سياسي وطني ديموقراطي، وكذلك إمعاناً في تدمير سوريا لتحقيق التسويات والصفقات الدولية. في وقت تعلم فيه هذه الأطراف أن الائتلاف لا يمثل إلا ذاته، ويعلمون أيضاً أن إقصاء معارضة الداخل عن الحل السياسي سوف يؤجج العداء والتنابذ والتناحر بين مكونات المعارضة السياسية الداخلية منها والخارجية، ويعزز التناقض داخل مكونات الشعب السوري، مع العلم بأن الفصائل المقاتلة على الأرض ترفض بشكل كامل أي حل سياسي، ولا تعترف بالقوى السياسية كممثل لها. وهذا لا ينفصل عن تمسّك الأطراف الدولية بضرورة مكافحة الإرهاب الذي توظّفه ظاهرياً لخدمة الشعب السوري. لكن الحقيقة تكمن في تحويل سوريا إلى ساحة للتدخلات الدولية المباشرة منها وغير المباشرة، وكذلك ساحة لتصفية الصراعات الدولية، ومدخلاً إلى إعادة رسم الخرائط الإقليمية من جديد. وهذا نتيجة تحويلها إلى ساحة جهاد يقصدها كل متقرب إلى الله كذباً. إن دروس التاريخ في هذا الجانب كثيرة، وجميعها تؤكد أن من يسلّم زمام نفسه لقوى الخارج لن يجني إلا الخيبة والفشل والهزائم وضياع المجتمعات. ومن هنا تكمن أهمية استقلالية القرار السياسي، والالتصاق بالشعب الذي يمثل التعبير عنه جوهر التغيير السياسي الديموقراطي. بينما نتائج التفريط بمصالحه والانفصال عنه لن تكون إلا الإفلاس السياسي والدمار الذاتي، والتأسيس لسلطة سياسية احتكارية مستبدة. ويتعزز هذا سورياً، في حال استفراد طرف سياسي بتمثيل «الثورة» والمعارضة، والشعب.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آفاق المستقبل القادم
- خريطة طريق لما بعد «جنيف 2»
- حتى لا تنكسر إرادة الشعب... السوري
- إشكالية الشباب السوري
- محطات في تطور الاقتصاد السوري
- ... وهل نحتاج إلى اقتصاد الحرب؟
- الفكر العلماني: مقاربة للواقع السوري
- السوريون وجهاً لوجه أمام مؤتمر «جنيف 2»
- بخصوص الدولة المأزومة
- وطنية السوريين في مواجهة قوى الاستكبار العالمي
- تحولات المشهد السوري
- الأزمة السورية وإشكالية الوعي الجديد
- مستنقع الاقتصاد الحر( النموذج السوري).
- إشكالية الهوية السورية في سياق الأزمة الراهنة
- المعارضة السورية من أجل ذاتها تدور حول ذاتها
- بحث في واقع المعارضة السورية
- المجتمع السوري على عتبة كارثة وطنية القسم الثاني(الأخير )
- المجتمع السوري على عتبة كارثة وطنية القسم الأول
- مساهمة في تحليل بنية وتجليات الصراع السوري
- العنف .... مدخل لانهيار الدولة والديمقراطية


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - ... و«الائتلاف» المعارض يذهب وحيداً