أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باسم السعيدي - الاسلام في الدستور















المزيد.....

الاسلام في الدستور


باسم السعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1235 - 2005 / 6 / 21 - 11:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تدور هذه الأيام رحى مطحنة الفكر التي ستنجب أول دستور عراقي يكتبه ابناء هذا الشعب ويصوت عليه ابناءه ليكون وثيقة المصير المشترك بين أبناء الوطن الواحد ، ولو نظرنا الى قانون الدولة المؤقت لوجدناه يتفوق على الكثير من الدساتير العربية والاسلامية في اثبات الحقوق المدنية وصيانة الحريات الشخصية ، وأيضاً كانت فيه اشارات قوية الى الشخصية الاسلامية للشعب العراقي ، وتمسك ابناء هذا الوطن بهويتهم الثقافية الاسلامية .
في المرحلة القادمة وبعد تجاوز العقبة الكأداء في اشراك بقية فرقاء الساحة والشركاء في الوطن (أقصد العراقيين السنة) وصلنا الى بيت القصيد كما يقولون ، وهو وضع الأطر العامة للدستور الجديد ، بدورنا كعراقيين قد نختلف أو نأتلف حول ماهية العلاقة بين التشريع الاسلامي وبين الدستور الذي ننوي كتابته ، لذا أرى لزاماً علينا أن نتحاور خارج نطاق اللجنة ، على أن نسمع صوتنا للجنة كتابة الدستور .
الفقرة الأكثر أهمية في تصوري تقع حول الاسلام ، فالاسلام كتشريع الهي يوجب علينا أن نتمسك به ، ولكن هل يزرع هذا المفهوم العام جداً الألغام أمام عجلة الديموقراطية وحقوق الانسان ؟
هل سيداوي جراحنا ؟ أم سيتوغل عميقاً في الجرح ليفرز قيحاً وصديداً بدلاً من أن يكون البلسم الشافي ؟
إطلعت على وثيقة كتبتها نخبة مثقفة عراقية وزعتها على بعض أعضاء الجمعية الوطنية ، وعلى ساسة وقادة عراقيين لكي يتم الفات نظرهم الى الأخذ بهذه النقاط عند الشروع بوضع الأطر العامة للدستور .
ما أثار استغرابي في الحقيقة هي الفقرة التالية
( ان يكون الاسلام هو المصدر الوحيد للتشريع) .
ولما كنت لا أنوي كـ (اسلامي) أن أقف الموقف المناهض للتشريع الاسلامي لكنني أرى من الخطورة بمكان اقتصار مصادر التشريع بالاسلام ، ليس انتقاصاً من الاسلام ولكن لان الاسلام في ظاهره محل اتفاق الاسلاميين ، وفي الباطن فيه من الاختلاف بل الاقصاء ، بل الاحتراب بين الشركاء الاسلاميين انفسهم فضلاً عن الليبراليين والعلمانيين والالحاديين.
ومن هنا ننطلق في توضيح المطب الذي قد نقع فيه اذا ما انسقنا وراء شعاراتية من أجل الابتعاد عن الالغام التي ستزرع في الطريق .
كأمثلة على نقاط الاختلاف أسوق ما يلي :-
• لو كان الاسلام هو مصدر التشريع الوحيد لتوجب علينا الالتزام بالاحكام الشرعية ، وبالتالي فمحرمات كل مذهب هي نقاط الزامية يلزمنا الدستور بعدم اباحتها ، والحكم بعدم دستورية أي تشريع يصدر من البرلمان يخالف أي نص تحريمي في أي من المذاهب المطروحة على الساحة الاسلامية ، ولو أخذنا بالحديث الشــــريف ( تفترق امتي الى ثلاث وسبعين فرقة) فسيكون امامنا ثلاث وسبعين رأياً علينا أن نحرم كل محرماتها .
• الشيء ذاته ينطبق على الواجبات الشرعية ، فما أوجبته احدى الفرق يجب ان يوجبه الدستور ولا يمكن التشريع بخلافه والا فسيتعارض مع الدستور كونه عليه أن يحكم بوجوب ما اوجبته الشريعة ويمنع ما منعته الشريعة الاسلامية .
• تعتقد بعض الفرق بأمور تحرمها بقية الفرق ، كزيارة القبور على سبيل المثال لا الحصر ، وترى بأن ذلك شرك يجب محاربته ، فستحاول حتماً اصدار تشريعات تحرم عمل كهذا ، بينما يعتقد آخرون أن ذلك من الحريات الدينية ويجب عدم المساس به ، بل انهم حملوا السلاح ضد النظام الديكتاتوري لاجل استرجاع حقوقهم العبادية وهذا الخلاف وان لم يكن دستورياً الا ان وضع الدستور سيفتح الباب على مصراعيه أمام خلافات حادة مستقبلاً .
• هنالك تشريعات اسلامية تحرم بعض المعاملات المصرفية كـ (القروض بفائدة ) بينما تعتبر عموداً فقرياً للاستثمار الأجنبي والمحلي لرؤوس الأموال في العراق ، والوقوف (التشريعي) ضدها يمثل نكسة في انماء الاقتصاد العراقي الذي يعاني أصلاً من تدهور جراء المغامرات الصبيانية للنظام المنحرف البائد .
• قضايا الارث التي تتناولها التشريعات الاسلامية على اختلاف مذاهبها لا تلقى قبولاً لدى الكثير من أبناء الشعب العراقي ، وخصوصاً النساء ، لذلك ستشعر هذه الشريحة التي تمثل أكثر من نصف المجتمع بالغبن .
• ان حصر التشريع (دستورياً) بالشريعة الاسلامية يحرم العراقيين من التطور الحضاري الكبير في مجال تقنين حقوق الانسان والعقوبات بشكل خاص ، وبالتالي سيصطدم القانون العراقي بمؤسسات صيانة حقوق الانسان الدولية ، ومع القانون الدولي ، وستكون تلك المصادمات عقبة كبيرة في وجه مساعدة المجتمع الدولي للعراق في الوقت الذي نحن أحوج ما نكون فيه الى تأييد المجتمع الدولي سياسياً.
• يوجد نزاع فكري هائل بين نظرية ولاية الفقيه وبين الديموقراطية ، فاذا زرعنا فكرة حصر التشريع بالدين الاسلامي سمحنا لفئة تؤمن بهذه النظرية ان تطالب بتطبيق هذه النظرية باعتبارها الطريق الأصوب (من وجهة نظرهم) الى تطبيق الشريعة الاسلامية .
• تفترض غالبية المذاهب الاسلامية أن تنحصر إمامة الأمة في قريش ، وعليه فلا يجوز دستوريا انتخاب رئيس او رئيس وزراء الا اذا كان من قريش .
• في فقه بعض الفرق تنحصر الحاكمية الشرعية بالفقيه الجامع للشرائط ، ولو أفتى بأمر ولو لعارض معين فعلى مقلديه الاستجابة لفتواه ، ولا يجوز اصدار تشريع أن يتعارض مع الفقيه (وفق الشريعة الاسلامية لأنه يمثل أعلى سلطة تشريعية اسلامية ) ، والمرجع عادة يكون منصباً أممياً لا ينحصر في رقعة جغرافية بعينها ، كما لا يختص بجنسية بعينها وقد يتفق أن تكون جنسية المرجع عائدة لدولة في حالة حرب مع العراق (لا أقصد التجريح بمقام المرجعية اطلاقاً ولكن كل الاحتمالات يجب ان ترد في ذهن من يكتب الدستور) والأمر المهم ..هو أن شخصاً ذو سلطة أعلى من الدستور ومن جنسية غير عراقية في العراق أمر لا يمكن اقراره دستورياً تحت أي ظرف من الظروف ، ولو أننا نحمد الله تعالى أن يكون اليوم على رأس المرجعية شخص كالسيد السيستاني الذي يعد بحق صمام أمان دون الانفجار الكبير في العراق ، والرجل لا يمكن لعاقل أن يغمطه حقه ودوره الريادي في حفظ الامور دون أن تصل حد الاحتقان ، ولكن هذا لا يمنع من أن يكون بعد عشرة أو عشرين سنة من سيلعب دوراً غير مستساغ في العراق ، فعلى الدستور معالجة القضية لا زرع عبوة ناسفة قد يأتي زمن نتأسف على عدم حسبان النتائج الوخيمة .
• يوجد قانون اسلامي تجمع عليه المذاهب وهو منع تداول كتب الضلالة ، وعليه يمكن تصنيف أي نشاط فكري وثقافي يتعارض مع اداء الحكومة على أنه كتاب ضلالة ، وعليه دستوريا سيتم التعارض مع حرية تداول المعلومات وحرية النقد ومعارضة السلطة ، وبالتالي سيتم احتكار الاعلام من قبل السلطة ، مما يتناقض مع الحرية الفكرية والثقافية والدينية التي يفترض بالدستور أن يكفلها للمواطن .
• الشريعة الاسلامية توجب على الجميع (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وذلك وفق الترتيب التالي – بيده – بلسانه – بقلبه – وحسب الاتاحة ، وعليه سينصب المتدين نفسه حاكماً في الامور التي يفرضها الدين وسيحاول تطبيق الذي يراه صحيحاً ، ولا يمكن تشريع قانون يحصر التنفيذ بيد الشرطة والاجهزة الأمنية ، وأي قانون أو تشريع بهذا الخصوص سيتعارض دستورياً مع الثوابت الاسلامية .
• على الدولة العراقية أن تحمي مصالحها ، ولو بالقوة أحياناً ، وقد تلجأ الى الخيار المسلح ، ولو تأسلم الدستور فعلى رأس السلطة أن يأخذ آراء علماء الدين في شرعية الحرب من عدمها ، مما يعرض مصالح البلد العليا للخطر ، وفي خضم التأخير قد تكون المبادأة بيد العدو .

في الحقيقة موارد التعارض لا يمكن حصرها ، ولكن سقنا بعض الموارد المتوقعة للاشارة الى جدية الموضوع وخطورته ، ولو كنت فقيها ، أو فقيها دستورياً ربما وجدت موارداً أخطر من هذه ، ولكن يمكن أن نعتبر هذه الموارد كتحذير الى محتملات التصادم بين المذاهب ، وبين الاسلام من جهة وبين الحقوق المدنية التي تقر بها الشرائع الدولية ومواثيق حقوق الانسان .
مهمة كتابة الدستور يجب ان لا تعني بحال من الاحوال استغلال جهة ما تمثلت اليوم بأغلبية في البرلمان للوضع غير القياسي القائم اليوم ، بل على الجهة المنتخبة التي كلفت بالمهمة أن تكتب للشعب العراقي غير متناسية مستقبل هذا الشعب واستيعاب التنوع الثقافي والديني والطائفي والعرقي ، وهضم كل ذلك في عملية دستورية كفوءة تستطيع التغلب على المشاكل المتوقعة وعدم الانجرار الى المزايدات الشعاراتية او الانتمائية الى الحد الذي قد يلغم المستقبل بقنابل قابلة للانفجار في أية لحظة ، ويلاحظ على المرحلة الحالية وبسبب تدهور الوضع الأمني الذي أعقب انهيار المنظومة الشمولية يلاحظ كثرة عدد الخنادق الفرعية داخل خندق الوطن الواحد ، وبسبب نشوء ظاهرة التطرف المسلح برزت الى الساحة ظاهرة رد الفعل (التخندقي) المقابل فضاعت الهوية الوطنية أو قل ذابت ضمن حالة المد والجزر ، حالة التطرف والتطرف المضاد ، فكان لا بد من إظهار الانجذاب نحو الخنادق الفرعية مما عزز الرؤية (للمراقب الخارجي) على أن المنظور العام للشعب العراقي هو التطرف الاسلامي (من شتى التوجهات) الا أن ذلك غير صحيح بالمرَّة ، ولو هدأت حالة العنف والتهديد الطائفي أو المناطقي لوجدت الحالة عادت الى ما هي عليه ، واستطاع صوت الليبرالية والاعتدال أن يملأ الفراغ في الساحة .. ذلك الفراغ الذي يسببه العنف الايديولوجي المتطرف ، ويعتاش عليه بالمقابل الفكر الايديولوجي الفرعي الذي لن يجد له ذات المساحة من التأييد لو استقرت الساحة .
هذا مع تمنياتنا للاخوة في لجنة كتابة الدستور بالموفقية في انجاز مسودة التوافق الوطني ، وعهد الشراكة بالوطن الواحد الذي سيكفل للاجيال كافة حقوقهم بلا افراط ولا تفريط .




#باسم_السعيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدعوى الجزائية لمدينة الزرقاء الأردنية ضد - الله
- يا شيخ القتلة .. لا تستعجل رزقك !!
- الى رجال المقاومة .. رحم الله إمرءاً ..أراح واستراح
- الشارع المصري .. بضاعته ردت اليه
- حول بيان حزب مصر الفتاة
- ديمقراطية الذئاب .. حول أحداث البصرة
- احداث البصرة ... نذير الشؤم
- رقصة السلط
- حملة للتضامن مع تيسير علوني
- الـ 169 .. رؤية للخطوة القادمة
- مشروع السلفية الإنمائية ... بدلاً من السلفية الجهادية –الحلق ...
- دموع كافكا
- تطور الجريمة المنظمة .. ناقوس الخطر يدق
- بين أصابع القدر ... الملف الأمني
- انما الأمم الأخلاق ما بقيت ..
- سيناريو طرد الاحتلال .. قصة قصيرة
- تقييم الساسة غير الحكوميين في العالم العربي
- فرية كامل السعدون ... حول الإسلام
- الى وزير التجارة العراقي ... تحذير
- الجيش الاسلامي .. والمطالبة بالفتوى


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باسم السعيدي - الاسلام في الدستور