أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حُسام كصّاي - العلمانية هي الحل















المزيد.....

العلمانية هي الحل


حُسام كصّاي

الحوار المتمدن-العدد: 4340 - 2014 / 1 / 20 - 11:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل العلمانية هي الحل؟
يشهد الوضع السياسي والامني بشكل عام انتكاسة خطيرة لها من العواقب الوخيمة _ على مجمل الأوضاع _ قد تفوق نظرية الأحتواء او السيطرة عليها من الفلتان, .. فالبلاد تسير نحو هاوية وكارثة بشرية لا يحمد عُقباها, وليس بالساسة اليوم قادرين على علاجها او تفكيك خطابها المُتشنج, .. او تعرية حقيقتها ذلك لغياب الاطر المعرفية لفقهم السياسي, وتنامي رقعة المنافع الشخصية لهم كونهم شخصيات واحزاب تعتاش على الأزمات, وتتربح بالمال العام وتسترزق على قوت الفساد, وبدون تلك الأزمات "المُفتعلة" يضحوا خوالي الوفاض, تنتفي الحاجة لوجودهم ولدور احزابهم في تسيير دفة البلاد الى مزيد من الارهاب والعنف والتطرف.
ان صعود ما يسمى حركات الإسلام السياسي في عراق ما بعد نيسان 2003 وتأسيسها لأحزاب سياسية ذات صبغة دينية, وبعضها بمجرد إعادة ترميم تلك الحركات الدينية, غَيّب نظرية الدولة القائمة حينذاك _ النظرية القومية _ التي كانت اشبة بالمُغيبة عن المشهد الحركي للسلطة, .. فجاءت حركات الإسلام السياسي العراقي وهي مُثقلة بعناء غياب نظرية للدولة وفشلها في تجاوز تحديات الحقب السابقة, .. لتُبقي على الموروث المُتَراكم من الترَّدي والتدَّني الثقافي والسياسي, وعجزت في ترشيق الوضع على اقل تقدير, بقدر ما زادت من تفاقم الأزمة, كون (الأسلمة) هي مشكلة فكرية كبيرة يعاني منها الكيان العربي لغياب اولئك الإسلاميين الديناميكيين والقادرين على التعامل وفق معطيات الحاضر وسياسة الأمر الواقع نتيجة ولعهم وانبهارهم وحنينهم الى الماضي التليد بكل نزعة راديكالية, دون إماكنية دمجه مع الحاضر او صبه في قوالب عصرية مدنية تليق بمكانته الفكرية والحضارية.
فبعد مرور عشر سنوات على احتلال العراق بكل مقاييس الحرب, لم يتغير الوضع في العراق إلا نحو المزيد من التردي والانحطاط والتراجع, وتكريس للتمزق والانشقاق الحاد بين مكونات المجتمع, فظَلت الديمقراطية التي حلت محل الاستبداد على مدخل العقل مالم تنفذ الى واقعنا, بل غابت كل اطر الديمقراطية السليمة, .. وان الإسلاميون الذي جاؤا من اجل تغيير الواقع هم فعلا غيروه .. لكن الى مزيد من الخراب والتردي والفوضى, .. الى المزيد من تعميق الجراح لا مداواتها, وترسيخ نموذج الطائفية كمبدأ عام ونظام سياسي نشط وفعال تُمارسه النخبة من اقصى السلطة الى اقصى المعارضة هو مأزق كبير يفوق كل حسابات القائمين على الحراك السياسي, وهو الذي اودى بالعلمية السياسية الى الفشل المتواصل بطريقة متمرحلة على شكل خطوات متواصلة.
وان ترسيخ نظرية الطائفية على مجمل شكل الدولة ونظامها وعمليتها السياسية عزز فكرة عجز الاحزاب السياسية _ الدينية من تحقيق التقدم بل على العكس تماما كانت الطائفية هي الوباء القاتل الذي يعتاش على رصيد المواطنة واللحمة الوطنية, وينخر كاهل بُنية الدولة والمجتمع, .. بل وهي بمثابة الدعوة للفتنة والتقسيم, كونها تنطوي على مبدأ الأخوة الدينية التي تتعارض مع مبدأ المواطنة الذي هو اساس الدولة المدنية الحديثة والمعاصرة, وهو قوام الفكرة الديمقراطية الفعلية, ومن هنا ينبغي الوقوف في وجه الطائفية وتفكيك خطابها وتعرية حقيقتها ووضعها على المحك, من أجل زرع بذور السلام بدل بذور الفتنة والخراب,. رغم اننا ندرك ان العلمانية بما هيتجربة عاشتها الأمة العربية من خلال حكم القوميين والماركسيين انها تصور جعل السلوك العلماني العربي"الليبرالية" كلمة مكروهه ومشوهه تحتقرها الجماهير الصارخة بآلامها لأنها تشاهد بأم عينها خيانة النخب العلمانية العربية وأمالها ولا تجد فيها إلا تحالفاً وتبريراً للدكتاتور مع ان هذه النخب المتخمة بالعلمنة تصيح صباح مساء قائله : قدسوا الحرية كي لا يدوسكم الطغاة, والسلوك العلمانية لمرحلة سبقت حكم الإسلاميين في الحكم بعقود هي تحالف العلمانيين مع قوى الاستبداد والدكتاتورية, إلا إن من الضروري ان نتجاوز التعميم والإطلاق, فالنسبية مطلب حضاري وانساني ومعرفي, ومن الضروري ايضاً ألا نعقل بأن كل سلوك علماني جديد هو سلوك خائن ومتحالف مع الدكتاتورية, وكذلك الحال بالنسبة للسلوك الإسلاموي, .. ومن الضروري جداً ان نجد آليات جديدة تضمن لنا ترسيخ فكرة العلمنة للوضع العراقي الراهن الذي يزيد كل يوم بؤس وضحالة وتردي وانحطاط, ففشل الحركات الإسلامية من الخروج والخلاص العربي من ربقة الطائفية وتجلياتها هو الدافع القوي لطرح البدائل ويجب ان تكون بدائل نقيضة على التمام للإسلاموية ألا وهي "العلمانية المتصالحة مع الدين" .. العلمانية المحترمة لقيم الدين, فأيهما أفضل دولة إسلاموية (دولة العَمّائم) تهدم فيها المساجد وتباح حرمة المسلمين ويحرق فيها القرآن ويُداس بأقدام وبساطيل المسلحين, .. أم دولة علمانية تُصان فيها حُرمة المساجد والأرواح ويحُفظ فيها القرآن ويُحترم فيها الرموز الدينية من السب والشتم والطعن, ويؤمم فيه فقة التكفير ويتم ترميم العقل الإسلام على الوسطية الإسلامية الأعتدالية وبث روح الأخوة والتسامح ؟
ونحن هنا لا نريد علمانية ملحدة وكافرة على النمط الغربي, كما لا نُريد دينية (ثيوقراطية) على النمط الكنسي الغربي, فالإسلام دين الوسطية, والإسلام دين المحبة والسلام, والإسلام دين الانسانية .. لكن الخلل في اولئك الذين يركبون موجة الإسلام والتظاهر به والتمثيل والنطق باسمه كوكلاء في الأرض عن السماء والرب والمقدس, .. لكننا طرحنا العلمانية كأجتهاد لما تعانية الامة العربية, وكدعوة لنهضة الأمة من كبوتها وخلاصها من بؤسها, لأن العلمانية المتصالحة مع الدين ليس إلا معركة سياسية من أجل الظفر بمكتسبات الدين والعرق والتاريخ, وهي حركة لفض الأشتباك بين السلطانين الروحي والزمني, فالدمج بين السلطانين أفضى الى الطائفية والحرب الاهلية والتمزق الاجتماعي والترهل وانسداد افق الحوار الوطني في العراق والوطن العربي على وجه العموم, فكان لا بد من فض ذلك الإشتباك شرط ألا يكون فضاً غربياً اوروبيانياً, .. بل أن "العَلمَّنة" ستساعد على فض الاشتباك بين اطراف النزاع الاجتماعي وتحييد بعض المجالات أو انقاذها منه وخلق ارضية مشتركة للتعامل السلمي بعيدا عن منطق العنف والقوة والإرغام, واستخدام الوسائل الديمقراطية التي تضمن الحق للجميع وتساوي بينهم, كمواطنين من درجة واحدة.
وان آلية حل الأزمة في العراق تكمن بثمة خطوات, أولها: هيكلة كافة الأحزاب السياسية (الدينية واللا دينية), وإعادة بناء احزاب ونقابات على اسس وطنية وبشروط ديمقراطية محضة, ثانياً: أغلاق الحدود الخارجية للبلاد ومنع تام للأشخاص, وإقرار قانون ينظم حركة دخولهم وخروجهم, (أي إقرار مبدأ العزلة التي اتخذه جيمس مونرو في الولايات المتحدة), ثالثاً: تجريم العنف والطائفية بشكل قطعي, والقيام بسياسات وطنية لا انتقائية, ومحاسبة المُقصر او المجرم أينما يكون, كبادرة لُحسن النية من جهة النظام ومن جهة المعارضة, رابعاً: إعلان "العلمنة" هي الحل بكل ما تعنيه من مدنية ومعاصرة ومواكبة للواقع, دون التجاوز على قيم الدين وخصوصياته ومكانته, وهو دعوة بأن العلمانية اصبحت هي الحل ليس تجافياً لقيم الدين ومكانته الحضارية, وإنما نتيجة غياب اولئك الإسلاميين القائميين على تبويب قيم الإسلام وتحويلها الى شريعة ونظام حكم, فأغلب الحركات الاسلامية متهمة بالتحايل على الدين والعمل على التوظيف السلبي بقيمة في السياسة, وان الإسلاميين يفتقدون لشخص (كاريزما) يتحلى بصفات الإسلام, وهو دليل دامغ للمطالبة بالعلمانية التي هي عبارة عن برنامج يضبط وينظم ألية الصراع مع الدين, لا التحايل عليه.
فنحن هنا ندعو للعلمانية "المتصالحة مع الدين", والعلمانية "المتخاصمة مع الطائفية والتمذهب", .. العلمانية بما هي نظام سياسي .. وبما هي عقيدة لتحرير الإنسان من الاستلاب الروحي الذي حول الناس الى اشخاص معبودين مُلثَّمين مُحجبين من التفكير المنطقي, وفك الاشتباك بين السلطتين الدينية والدنيوية وتنظيم ألية تكوين دولة مزيجية توفيقية من الدين والدنيا تحافظ على السلم الأهلي والوحدة الوطنية التي أصبحت حلم صعب المنال في ظل تفاقم النظام الطائفي والتجزئة الحزبية التي عانت منها البلاد زهاء اكثر من عشرة اعوام.
فالإسلام هو الحل حينما يكون هناك اسلاميين يدركون قيمة ومعنى وثقافة الإسلامية بماهو دين التسامح والتصالح والحوار والمحبة والخير والإسلام .. لا دين التعصب والتطرف والارهاب والاستبداد الذي يُمارسه افراد وحركات محسوبين على الإسلامجُزافاً, اُناس يدعون الإسلام وهم ابعد مايكون, وفي ظل اولئك الشخصيات (الإسلاميين الحقيقيين) عندئذ لا نجد إلا العلمانية هي الحل شرط ألا تتجاوز على قيم الدين الإسلامي, وتحترم خصوصيات العرب والمسلمين.

حُسام ﮔ-;---;--صاي
صحفي وباحث سياسي عراقي مقيم في القاهرة



#حُسام_كصّاي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات العنف الطائفي في العراق


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حُسام كصّاي - العلمانية هي الحل