أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - مثقفون مع الأصولية الإسلامية (12) د. قاسم عبده قاسم















المزيد.....

مثقفون مع الأصولية الإسلامية (12) د. قاسم عبده قاسم


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4338 - 2014 / 1 / 18 - 23:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مثقفون مع الأصولية الإسلامية (12) د. قاسم عبده قاسم
طلعت رضوان
الدكتور قاسم عبده قاسم من مواليد عام 1942وتخصّص فى التاريخ العربى الإسلامى فترة العصور الوسطى . وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية. وعضو لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة. وعضوية عدد من الجمعيات فى مجال التاريخ والفولكلور. ورأس لجنة الترقيات بالكويت .
ولأنه تخصّص فى الكتابة عن التاريخ العربى/ الإسلامى وأصدر العديد من الكتب فى هذا المجال مثل كتابه (فكرة التاريخ عند المسلمين- قراءة فى التاريخ العربى) وبسبب ذاك التخصص قرأ ما كتبه المؤرخون (العرب) عن الغزو/ الفتح العربى للشام والمغرب ومصر إلخ . وتلك المراجع (وأنا أستبعد المستشرقين الذين يحلو للإسلاميين التشكيك فى كتاباتهم ولكن لو خرج مستشرق ومدح فى العروبة والإسلام فيستشهدون به) المهم أنّ المؤرخين العرب والمؤرخين غير العرب واعتنقوا الإسلام ، كتبوا عن جرائم الغزاة العرب ضد الشعوب التى تم احتلال أراضيها ونهب مواردها تحت مسمى (الجزية والخراج) كما فعل- ويفعل- كل الغزاة. ومن بين هؤلاء المؤرخين ابن عبد الحكم ، ابن إياس، المقريزى، ابن تغرى بردى والواقدى ، ناهيك عن كتب السيرة وما فيها من تعصب مارسه مسلمون موحدون ضد مسلمين موحدين مثلهم ، الأمر الذى انتهى بالدسائس والحرب بينهم ، ولم يسلم من تلك الآفة حتى بعض الصحابة الذين بشـّرهم محمد بالجنة. رغم كل تلك المراجع التى قرأها د. قاسم – بداهة- فإنه يتجاهل ما فيها من جرائم ضد شعبنا ويُردّد مقولات الأصوليين الإسلاميين عن الغزو العربى فكتب ((حين دخل عمرو بن العاص مصر كان المصريون الأقباط (هنا خطأ علمى لأنّ كل المصريين أقباط) يعانون الكثير من جرّاء اضطهاد البيزنطيين بسبب الخلافات المذهبية بين الطرفيْن)) (أهل الذمة فى العصور الوسطى- ص21) وما ذكره د. قاسم حقيقة لا خلاف حولها. ولكنه تجاوزها ولم يُعلق بكلمة واحدة عن خطورة المرجعية الدينية فى أى دين ، خاصة وأنه أضاف (رغم أنّ المسيحية كانت الديانة التى اعتنقها البيزنطيون والمصريون جميعًا)
وكما تغافل التعصب المذهبى ، فقد تغافل التعليق على الموقف المزرى الذى اتخذه بطريرك المسيحيين المصريين (بنيامين) بسبب هروبه فى الصحراء ثم ترحيبه بالغزاة الجـُدد وأنه وفق نص التراث العربى والذى تطابق معه د. قاسم ((فلما علم بنيامين بقدوم المسلمين استبشر بزوال الحكم البيزنطى)) فإذا كان هذا موقف بنيامين الذى لم ير أى فرق بين غزاة وغزاة ، فلماذا يتم الاستشهاد بموقفه النقيض لأبسط قواعد التفكير الحر؟ وما ينطبق على (بنيامين) ينطبق على الواقعة التى ذكرها كثيرون من المؤرخين القدامى واستشهد بها د. قاسم وهى أنّ القساوسة ساعدوا الجيش الإسلامى بقيادة عمر بن العاص عند دخول منطقة (الفرما) ومساعدته فى قتال الروم . فهذا الموقف المُتخاذل من القساوسة يُدينه العقل الحر الذى لا يعترف بأى فرق بين غزاة وغزاة. ومحتل ومحتل . وهذا الموقف أكبر دليل على أنّ كارثة شعبنا تمثلتْ فى المتعلمين المصريين ، الذين هم وفق العلوم الإنسانية (طليعة روحية لشعبهم) بينما المتعلمون المصريون كانوا ضد شعبنا ، مثلما حدث عندما استقبل الكهنة الاسكندر الأكبر(356- 323 ق.م) بالترحاب من أجل تخليص مصر من الفرس ، فعل الكهنة ذلك رغم أنّ سيرته سبقته ، إذْ بدأ مشروعه فى محاربة الفرس وهو المشروع الذى ورثه عن أبيه. وأحرز الاسكندر عند نهر جرانيكوس نصرًا ثم أحرز نصريْن آخريْن فى موقعة أسوس وبعد ذلك قضى قرابة العام لاخضاع غزة وصور. وفى عام 332ق.م توجه إلى مصر لغزوها فاستسلم واليها الفارسى بعد أنْ وقف الكهنة المصريون مع الغازى الجديد ، ليس هذا فقط وإنما نسّبوه للآلهة المصرية فى معبد الوحى بسيوه. أى أننا إزاء نفس السيناريو الذى حدث عند الغزو العربى وترحيب القساوسة بالغزاة الجـُدد . والدونية القومية عند المتعلمين المصريين (التى لم تتوقف الثقافة السائدة أمامها) تكرّرتْ عندما كتب مانيتون تاريخ الأسرات المصرية باللغة اليونانية ، وكان يجب عليه أنْ يكتبه باللغة المصرية ، وما فعله مانيتون ابن سمنود كرّره ساويرس ابن المقفع عندما كتب تاريخ البطاركة باللغة العربية (وبها أخطاء تصلح لمرضى القلب كى يضحكوا لأنها ليست لغته القومية) وكان يجب عليه الكتابة باللغة القبطية. وما فعله مانيتون وساويرس والكهنة الذين رحّبوا بالغازى الاسكندر والقساوسة الذين رحّبوا بالغازى عمرو بن العاص ، أحد أهم كوارث شعبنا ، لأنّ الأميين خاضوا حروب الدفاع عن الوطن وحدهم بعيدًا عن الإنتيليجنسيا المصرية غالبًا (الانتقاضات والثورات ضد اليونان والرومان وثورة البشموريين ضد الخليفة المأمون نموذجًا) والأميون- أيضًا- هم الذين دافعوا عن خصائص شعبنا الثقافية (من منظور الثقافة القومية) ثقافة النهر والزرع فى مواجهة ثقافة الصحراء والقحط ، لذلك فإنّ د. قاسم عندما كتب أنّ عمرو بن العاص سمح ببناء ((الأديرة والكنائس التى هـُدمت قبل الفتح الإسلامى)) فإنّ كتب التاريخ تـُحدثنا عن الكنائس التى تم تحويلها لمساجد والكنائس التى تم هدمها من ذلك ما ذكره ابن تغرى بردى الذى كتب ((رسم السلطان الناصر محمد بغلـْق الكنائس بمصر والقاهرة ، فضـُرب على كل باب منها دفوف ومسامير. ولبس اليهود عمائم صفراء والنصارى عمائم زرقاء. وإذا ركب أحد منهم بهيمة يكف إحدى رجليه. وأسلم لذلك جماعة كثيرة من النصارى . أما أهل الاسكندرية فسارعوا إلى خراب كنيستيْن وذكروا أنهما مستجدتان فى عهد الإسلام . وهدّموا دور أهل الذمة إذا كانت أعلى من دور المسلمين . وكتب الشيخ علاء الدين شعرًا قال فيه : لقد ألزموا الكفار شاشات ذلة/ تزيدهم من لعنة الله تشويشًا / فقلتُ لهم ما ألبسوكم عمائمًا / ولكنهم قد ألبسوكم براطيشًا)) (النجوم الزاهرة ج8- ص134، 135) وكتب ابن إياس ((لما تولى المعز على مصر، منع القبط مما كان يُعمل فى يوم النيروز. وهدّد من يفعل ذلك بالشنق)) (بدائع الزهور فى وقائع الدهور- ص190، 213) وكتبت د. سيده إسماعيل كاشف ((نقل العرب من المعابد والكنائس القديمة كثيرًا من الأعمدة والتيجان ، استخدموها فى مساجدهم وبيوتهم كما يتجلى وجود الأعمدة القبطية فى جامع عمرو. ونجد كثيرًا من أعمدة الكنائس الرخامية فى معظم المساجد . وقد اتخذ العرب كثيرًا من الكنائس مساجد لهم)) وهو ما حدث فى عهد الرومان ، إذ حوّل المسيحيون المعابد إلى كنائس)) (مصر فى عهد الولاة- من الفتح العربى على قيام الدولة الطولونية- ص159، 160) أى أنّ التعصب واحد لدى كل المؤمنين بدين معين . وفى كتاب آخر كتبت د. سيدة أنّ ((الإخشيد أرسل قائدًا على رأس جماعة من الجند وقبض على البطريرك وعلى الأسقف تاوفيلس وختمتْ الكنيسة ومـُنع الناس من الصلاة فيها وحـُمل ما فى خزائنها من الأموال والتحف على الإخشيد)) (مصر فى عصر الإخشيديين- ص 242) والمستنصر بالله ((أرسل إلى كنيسة القيامة بالقدس من أخذ مما فيها من تحف وأثاث وذخائر. وأخرج البطريرك منها وأغلق أبواب الكنائس فى الشام ومصر. وطالب الرهبان بالجزية لأربع سنين . كما زاد على النصارى فى الجزية. ومنع دخول الحجاج المسيحيين إلى بيت المقدس)) أما الحاكم بأمر الله فأمر بمصادرة كل ما (محبس) على الكنائس من أملاك وعقارات وجعله فى الديوان وأحرق العديد من الصلبان على باب الجامع العتيق بالفسفاط (المقريزى- الخطط – ج1- ص263، 286) وكان أخطر مرسوم أصدره الحاكم بأمر الله هو هدم كنيسة القيامة ببيت المقدس وأخذ محتوياتها وأباح للمسلمين نهبها ومحو آثارها. وتلى ذلك قرار آخر من الحاكم بأمر الله بهدم جميع كنائس القنطرة وكنائس حارة الروم ونهب جميع ما فيها ثم أمر بهدم جميع الكنائس فى جميع أقاليم الدولة. وفى العام التالى أمر بهدم كنيسة العجوز بدمياط وكانت واحدة من أعظم كنائس الملكانية. وتم نبش مدافن بالكنيسة كانت لنصارى دمياط وأخذتْ محتوياتها وما بها من آنية الذهب والفضة. وصودرتْ أملاك الكنيسة وبـُنى فى موضعها مسجدًا للمسلمين . وفى ربيع الأول سنة 403هـ أمر الحاكم بأمر الله بهدم جميع الكنائس فى الديار المصرية (المقريزى- اتعاظ الحنفا- ج2ص94) ولمن يود المزيد وليس لديه أصول المراجع عليه قراءة كتاب د. سلام شافعى محمود- هيئة الكتاب المصرية- تاريخ المصريين- رقم 75- عام 95 وهذا الباحث ليس من أعداء الإسلام لأنه كتب فى المقدمة ((وتحت مظلة التسامح الدينى قام أهل الذمة بدور هام فى الحياة الاقتصادية فى مصر)) ولأنه يحترم لغة العلم كتب عن (الشروط العمرية) التى فرضها عمر بن الخطاب ثم أضاف أنّ خلفاء العصر الفاطمى الأول هيـّـأوا لأهل الذمة قترة من التسامح الدينى فاقتْ كل ما سبقها من عهود فتساهلوا فى تطبيق شروط عمر بن الخطاب) ثم كتب ((وإنْ كان الحاكم بأمر الله تشدد فى تطبيقها))
ذكر ابن عبد الحكم فى كتابه (فتوح مصر وأخبارها) خطابات عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص فى كيفية معاملة شعبنا بعد الاحتلال مثل ((لا تجعلوهم يتشبّهون بالمسلمين)) والاستضافة الجبرية فى بيوت المصريين لمدة ثلاثة أيام وإرسال كل خيرات مصر إلى مقر الخلافة حيث يجلس عمر ومن معه من العرب ، فبدلا من السعى لتوفير الغذاء كتب عمر إلى عمرو((ما تبالى يا عمرو إذا شبعتَ أنت ومن معك أنْ أهلك أنا ومن معى)) فردّ عليه عمرو بالرسالة الشهيرة ((قد بعثتُ إليك بعير أولها عندك وآخرها عندى)) ووصل طغيان عمر لدرجة أنْ يكتب لعمرو منبهـًا عليه بأنْ ((يختم رقاب أهل الذمة بالرصاص)) (ص105، 112) رغم كل المعلومات التى ذكرها مؤرخون (عرب/ مسلمون/ موحدون) فإنّ د. قاسم يصف عمر بن الخطاب ب ((الخليفة العظيم)) فهل هناك سبب غير النزعة الأصولية الإسلامية ليقول هذا الكلام ؟ وإذا استبعدنا موقف عمر من مصر، فهو مع غيره من (العرب) شديد القسوة ، مثال ذلك ما حدث عندما اختار عمر ستة ليخلفوه قبل وفاته بعد طعنه فقال ((من يُخالف من هؤلاء الستة رأى الباقين يشدخ رأسه بالسيف)) (خليل عبدالكريم- الإسلام بين الدولة الدينية والدولة المدنية- سينا للنشر- عام 95- ص115) مع ملاحظة أنّ الستة عرب/ مسلمون/ موحدون ومن قريش . وكان تعقيب أ. خليل عبد الكريم أنّ وصية عمر((إحدى روافد العرف الذى استقر طوال التاريخ الإسلامى بقتل المعارضين لرأى الحاكم بالسيف)) بل إنّ عمر(الخليفة العظيم)) يقول لمحمد ((لئن أمرتنى بضرب عنق حفصة لضربتُ عنقها)) (التسهيل للكلبى ج4ص12) وفى مسألة أسرى غزوة بدر سأل محمد أبا بكر فقال ((الرأفة بهم مع أخذ الفدية)) وسأل عمر فقال ((اقتلهم)) فأنزلتْ السماء آية ((ما كان لنبى أنْ يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض)) وذكر الفخر الرازى ((فقام عمر وقال (لمحمد) كذبوك (أى الأسرى) وأخرجوك فاضرب أعناقهم فإنّ هؤلاء أئمة الكفر والله أغناك عن الفدية. فمَكــّن عليًا من عقيل وحمزة من العباس فنضرب أعناقهم)) (التفسير الكبير- الفخر الرازى- مجلد 7 ج14ص538، 539) وذكر القرطبى نفس الحديث وذكر النيسابورى أنّ عمر قال ((كان الاثخان فى القتل أحب إلىّ)) (غرائب القرآن- القمى النيسابورى- نقلا عن خليل عبد الكريم- النص المؤسس ومجتمعه- السِفر الأول- دار المحروسة- عام 2002- ص 237) وعندما رأى سيد الخزرج سعد بن عباده أنه أولى بالخلافة بعد وفاة محمد قال عمر((أقتلوا سعدًا قاتل الله سعدًا)) (تاريخ اليعقوبى- ج2ص124) وبعد قتله قال العرب أنّ ((الجن قتلته)) وسأل رجل يقال له (صُبيغ) عن (متشابه القرآن) فأرسل إليه عمر وقد أعد له (عرجين النخل) فقال له من أنت ؟ فقال : أنا عبد الله صُبيغ فأخذ عمر عرجونــًا من العراجين فضربه حتى دمى رأسه. ثم عاد له ثم تركه حتى بُرىء فدعا به ليعود فقال لعمر: إنْ كنتَ تريد قتلى فاقتلنى قتلا جميلا ، فأذن له إلى أرضه وكتب إلى أبى موسى الأشعرى ألاّ يُجالسه أحد من المسلمين وفى رواية أخرى أنّ عمر كتب إلى أهل البصرة ألاّ يُجالسوا صُبيغـًا ولا يبايعوه وإنْ مرض فلا يعودوه وإنْ مات فلا يشهدوه)) (خليل عبدالكريم- الإسلام بين الدولة الدينية والدولة المدنية- مصدر سابق- ص 114)
هذا هو تعامل عمر بن الخطاب مع العرب/ المسلمين أمثاله، أما تعامله مع غير العرب ، فلم يختلف فى قسوته ، مثال ذلك ((كتب عمر بن العاص إلى عمر يسأله عن رجل أسلم ثم كفر ثم أسلم ثم كفر. فعل ذلك مرارًا ، أيقبل منه الإسلام؟ فردّ عليه : اعرض عليه الإسلام فإنْ قبل وإلاّ ضرب عنقه)) وحكى ابن قدامه ((إجماع الصحابة على ذلك ومنهم عمر)) (من موسوعة فقه عمر بن الخطاب – تجميع د. محمد روّاس- نقلا عن خليل عبدالكريم- المصدرالسابق- ص119)
وفى تبريره لأداء الجزية فإنّ د. قاسم ردّد ما يكتبه ويقوله الأصوليون الإسلاميون بما فيهم المشايخ أمثال الشيخ كشك والشيخ الشعراوى فكتب أنّ الجزية ((ليست فى الواقع سوى ضريبة دفاع على حد تعبيرنا المعاصر، فهى مقابل مادى لما يتمتـّع به أهل الذمة من حماية فى دار الإسلام إلخ)) (د. قاسم- المصدر السابق) وهذا الكلام يدعو العقل الحر لطرح الملاحظات التالية (1) أليستْ (الجزية) هى الاسم الحركى للجباية والاستغلال وكل أشكال القهر التى فرضها كل الغزاة فى كل العصور تحت مختلف المسميات؟ (2) أى عقل حر يقبل ذاك الواقع الكابوسى/ الفانتازى/ المأساوى الذى يمنع أهالى أى وطن من حق الدفاع عن أنفسهم؟ وأليست هذه الحجة كانت حجج كل الغزاة الذين احتلوا مصر عندما قرّروا منع المصريين من الاشتراك فى الجيش الوطنى؟ وأى عقل حر يقبل مصطلح (ضريبة دفاع) كما كتب د. قاسم؟ أوليس كلامه معناه بصريح العبارة أنّ المصريين المسيحيين ليس لهم حق الانضمام إلى جيش مصر؟ ولماذا تجاهل د. قاسم أنّ الغزاة العرب وضعوا أمام شعبنا وأمام كل الشعوب التى تم غزوها واحتلال أراضيها ثلاثة خيارات : الإسلام أو الجزية أو القتال كما كتب المؤرخون العرب أنفسهم ومنهم ابن عبد الحكم كمثال (مصدر سابق- ص 53)
وبينما د. قاسم وصف عمر بن الخطاب ب ((الخليفة العظيم)) الذى تم غزو مصر فى عهده وهو من حرّض عمر بن العاص على قتال شعبنا (ابن عبدالحكم – ص 60) فإنّ الراحل الجليل خليل عبد الكريم امتلك شجاعة العقل الحر فكتب ((من استقراء المعالم التاريخية والأنساق الاجتماعية نـُدرك أنه لدى عرب شبه الجزيرة العربية الميمونة ، فإنّ الغارات ومداهمة (العدو) وغزوه وتصبيحه أى كبسه (الهجوم عليه) وحياطته فى عماية الصبح وهو مستغرق فى نوم عميق، يُشكل شطرًا وسيعًا من تكوينهم النفسى ومساحة عريضة من بنيتهم الوجدانية ومكانـًا رحبًا من سمتهم الشعورية. فضلا عن أنّ ما تدره هذه الهجمات من عائد يتمثل فى الأسلاب والغنائم ، هو مصدر دخل على درجة من الأهمية والاستمرارية معًا حتى أنه من المتعذر أو المستحيل تصور وجود مجتمعهم إذا صَفـَرَ من الغارات أو خلا من الغزوات أو تجرد من المنهوب أو خوى من المغصوب، وهو مَعـْلم متوافق تمامًا مع أوديتهم غير ذات الزرع وجهالتهم التى تحول دونهم ومعرفة استخراج المعادن التى بدونها لا تقوم صناعة)) وكتب عن العرب ((إنّ الأخذ بالثأر عـُرف مستقر لديهم وعادة مركوزة فى نفوسهم وتقليد راسخ فى وجدانهم حتى أنهم عندما دعسوا أرض الكنانة بخيولهم المبروكة وغزوها واستعمروها ونهبوها بقيادة عمر بن العاص - ذلك الذى فعل الأفاعيل فى مصر هو وجنوده- جلبوا معهم (عادة الثأر) بعد أنْ استوطنوا مصر بحد السيف)) رغم أنّ ((هؤلاء العرب الأجلاف يخبرنا تاريخهم (المجيد) بل يؤكد أنّ الجبن طبيعة فيهم والخسة غائرة فى حنايا نفوسهم والنذالة من مقومات تكوينهم ولا تردعهم إلإّ القوة ولا يعملون حسابًا إلا للغلبة فهم لا يستأسدون إلاّ على النحيف الأعجف المهزول. أما إذا لاحت لهم أى بارقة منعة فإنهم يولون الأدبار)) (مصدر سابق- من ص 91- 93) وفى كل كتب أ. خليل عبد الكريم (رغم تخصصه فى التاريخ العربى/ الإسلامى ، فإنّ بصره وبصيرته على مصر، ويستخدم المصطلح العلمى (غزو) العرب سواء للشام والمغرب ومصر، ويشرح حجم النهب الذى نهبوه تحت راية (الإسلام) وفى عام 97رحـّبت الثقافة المصرية السائدة والبائسة بالاحتفال بمرور14قرنـًا على (فتح) العرب لمصر، فكتب أ. خليل عبد الكريم مقاله الشهير بعنوان (نعم للاحتفال بدخول الإسلام مصر- ولا للاحتفال بالغزو العربى) ووصف هذا الغزو بأنه ((استيطانى استنزافى)) وكتب ((نحن نؤكد أنّ (الفتوحات) المباركة لم تكن بقصد نشر الإسلام . لقد كان الهم الأكبر والأوحد لأصحابها هو قضم ثروات البلاد الموطوءة وهبشها ونقلها إلى موطنهم الشـّرِق وأسر رجالها ليصيروا عبيدًا وخولا لهم وسبى نسائها الوضيئات وشاباتها الحسناوات ليُمتعوا بهن أنفسهم . وفرض الضرائب المتنوعة على أهلها ليعيشوا هم سادة مُنعمين على حساب عَرَق العلوج ، وفق تسمية العرب لأهالى البلاد (المفتوحة) وأنّ من يمارى فى أنّ أولئك العرب ارتكبوا من الأعمال ما يشيب له رأس الوليد – فى سبيل تحقيق تلك المقاصد التى تغيّوها من الغزو- فإنّ بيننا وبينه أمهات كتب التاريخ العربى/ الإسلامى التى تلقتها أمة لا إله إلاّ الله بالتجلة والقبول وفى مقدمتها مؤلفات : الطبرى ، اليعقوبى ، ابن كثير، البلاذرى ، المسعودى ، الواقدى ، ابن قتيبة الدينورى ، أبو حنيفة الدينورى ، المقريزى ، الكلاعى وغيرهم وغيرهم)) (مجلة اليسار- عدد اكتوبر97)
الراحل الجليل خليل عبدالكريم ليس وحده الذى امتلك شجاعة العقل الحر، إذْ اتفق معه آخرون أمثال المستشار محمد سعيد العشماوى وأ. سليمان فياض ود. سيده إسماعيل كاشف ود. زبيدة عطا والمرحوم بيومى قنديل إلخ ، فلماذا اختلفوا عن الأصوليين الإسلاميين- ومن بينهم د. قاسم؟ رغم أنّ المادة التاريخية واحدة ؟ فهل يوجد سبب غير العاطفة الدينية والأيديولوجيا السياسية التى مشتْ مع رياح المنظومة السياسية الناصرية ، وبالتالى استسلم أصحابها ورفضوا مقاومة كل ما يستنكره العقل الحر؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (11) رجاء النقاش
- رد على الأستاذ أحمد المصرى
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (10) الدكتور جلال أمين
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (9) فاروق عبد القادر
- رد على الأستاذة ساره
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (8) صلاح عبد الصبور
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (7) أحمد بهاء الدين
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (6) نعمان عاشور
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (5) د. محمد عماره
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (4) محمد سيد أحمد
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (3) نجيب محفوظ
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (2) د. مصطفى محمود
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (1) د. حسن حنفى
- المؤسسة الإعلامية والأصولية الدينية
- وزارة الشئون الاجتماعية والأصولية الإسلامية
- المؤسسة التعليمية والأصولية الإسلامية
- مؤسسة الأوقاف
- نماذج من مؤسسات دولة البكباشية الدينية
- الضحية والجلاد : علاقة مُلتبسة
- تحويل الأزهر من جامع إلى جامعة (ضمن توابع يوليو1952)


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - مثقفون مع الأصولية الإسلامية (12) د. قاسم عبده قاسم