أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - العشاء الأخير














المزيد.....

العشاء الأخير


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4337 - 2014 / 1 / 17 - 20:02
المحور: الادب والفن
    


العشاء الأخير
سأدعوك اليوم إلى العشاء .
قررت أن أدعوك اليوم إلى مائدة العشاء , لنهجر قليلاً أحاديث الموت , وطقوس ما قبلَ الموت , وما بعده , ولنتوقف قليلاً عن إحصاء خسائرنا , وعن التفتيش في هزائمنا السابقة , واللاحقة , والتي طرحت على موائد الجوار , ولندَعَ في هذه اللحظة كل الخلق للخالق , ونتناول العشاء الأخير !
ربما أنتَ لهذه اللحظة لا تعرف بعد أنني كنتُ ممن يجيدون فن " النكتة " , طبعاً هذا كان فيما مضى , قبل أن ألتقيك بألف عام , كنتُ لا أعرف إلا السخرية من هذا الواقع الساقط , وكنتُ أتقن جيداً فن التندر بالمصائب , إلى الحد الذي تصبح فيه لينة على الهضم , فيتناولها من كُتِبَ عليهم الشقاء والشتات , قبل رحلة الهمِّ أو بعدها , لتجلب إليهم المسرات والفرح .
هذا لا يعني أنك ثقيل الدم إلى هذا الحد !
لا , لكنك بحالٍ من الأحوال أخذتني إلى طرفك , فبدأنا بالتباري أنا وأنت أيُّنا سيصبح دَمُه أثقل , ونسيتُ في خِضَّم النِزال أنني خُلقت للسعادة , وللمرح , وللسخرية التي تجرُّ في أذيالها
مواسمَ الفرح .
أنتَ ساخرٌ , وجداً , لكنك تعبثُ بجدائل الموت !
لا أدري لماذا ترافق الموت في كل تحركاته ؟
كم قلتُ لك : دع الموت ممدداً على سريره , ودعنا نقطف عناقيد العنب قبل أن يغيب الصيف , ويغيب معه كل أثر للعنب والسهر .
عصرت إليك العنب , وخبأته في قوارير العسل , ووضعته على رفٍ ليس ببعيدٍ عنك , مسافة أصبع أو أكثر .
تجمد العنب فوق الشهد , وأصبح يحتاج فصولاً من الحرَّ الشديد حتى يسيل شهد العنب على شفتيك , فتلعق منه مذاقاً لا يشبه مذاق الموت الذي تتناوله بانتظام , كل مساء قبيل النوم , وكل صباح قبيل الضحى !
لا أقرأ الطالع , أخبرتك بذلك , لكنِّي أقرأ العيون جيداً , وأنا قرأت عينيك في أول لقاء , وجدتها تبحث عن اسمي في كل الأسماء , وجدتها تنتظر حضوري قبل أن ألج هذه الحياة , قبل أن يُدرج اسمي مع المواليد الجدد , وقبل أن يُقبِّل جبيني أيلول ويقول : أهلا بك في حدائق الدنيا المشرعة الأبواب .
نعم قرأتُ كل هذا في عينيك , ولكنِّي لم أخبرك , تركتك لفراستك , ولحدسك القوي كي يحدثاك عني طويلاً , وعمن تكون الغازية الجديدة لعناقيد العنب , قبل أن تجف عروقها في قلبك , ويلفظها على أبواب الخريف !
أنا لا أستخدم عصا القصص السحرية فأضربك على رأسك مرة فتراني السندريلا الهاربة بعد الثانية عشرة ليلاً , وأضربك مرة أخرى فتراني فتاة الغابة اليتيمة التي يهبط إليها أمير الأمراء من سابع قصر ,
أو " سنو وايت " في بلاد العجائب .
لا , لا , لا .
أنا أحبُّ جداً أن أراك وأنتَ تذوب في داخلك إلى أن تتحول إلى كرة من الشهد , فأقوم بتشكيلك كما أشتهي , ولا يهمُّ فيما بعد إن سال من بين يدي كل الشهد ! فأنا ما زلت أحتفظ ببعض القطرات التي علقت في أطراف أصابع يدي اليمين , وعلى وسائد كفيَّ , وبين سطور هذا الورق , وأنتَ لا تدري !
أنتَ الذي يدري .
ألم تكن بانتظاري قبل الميلاد بألف عام , وجاءتك البشرى , وهبَطتُ إليك , قبل أن تهبط من قصرك السابع خلف المحيطات , في قارة تكاد الشمس لا تزورها , و يكاد البشر لا يعرفون لها أي عنوان .
ومع ذلك , فأنا قرأت في عينيك , ومنذ أول لقاء , أنك كنتَ في انتظاري !
ولن يطول بك الانتظار , لن يطول بك الانتظار .
أنا على موعدي الآن , أعددت إليك العشاء الأخير , وموسيقى تنساب من بين الأهداب , وشموعاً تعزف لحن اللحظة , وخاصرة طال بها أمد الانتظار لرقصة يحلم بها المساء !
لا بدَّ أن تثبت أناملك جيداً على خاصرة الرقص ,
وإلا فقد تفلت منك الأميرة , وتفرُّ من ساحة الرقص , وقد تدُق الساعة الثانية عشرة ليلاً , وتهيمُ الفتاة على وجهها في غابة الذئاب , ويذوب الثلج عن أميرته فتلعقه ألسنة ونصال .
وتصحو أنتَ , لتجد نفسك ما زلت تحلم برقصة المساء , في عشاء كان هو الأخير , لأنك ما استطعت تثبيت أناملك الهاربة , على خاصرة الرقص !
فكان عشاؤك الأخير ,
كان هذا هو العشاء الأخير .



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوراق أيلولية .. الورقة الثامنة عشر .
- الجغرافيا الجديدة
- لمن يرد أن يستمع !
- فقط .. لمن يرد أن يستمع !
- سلسلة أوراق أيلولية .. الورقة السابعة عشرة .
- للشمس سلام
- سلسلة أوراق أيلولية .. الورقة السادسة عشرة .
- أوراق للنعي
- ليَّ كل الغيم
- أجبني عن .. أسئلتي المشروعة ...
- أوراق أيلولية .. الورقة الخامسة عشر .
- في غرفة الإنعاش
- رقصة المطر
- أوراق أيلولية .. الورقة الرابعة عشر
- أوراق أيلولية .. الورقة الثالثة عشر .
- أوراق أيلولية .. الورقة الحادية عشر .. والورقة الثانية عشر
- من امرأة
- ميساء البشيتي
- همسة في أذن أبي
- طفل في السبعين .


المزيد.....




- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - العشاء الأخير